التحذير من التعامل بالربا وبيان سوء عاقبته

الحمد لله، والصلاة والسلام على عبدالله ورسوله؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بلغني أن بعض الشركات تتعامل بالربا أخذًا وعطاءً، وكثر السائلون من المساهمين وغيرهم عن حكم الأرباح التي تحصل لهم نتيجة التعامل بالربا.
ونظرًا لما أوجب الله من النصيحة للمسلمين، ولوجوب التعاون على البر والتقوى، رأيت تنبيه من يفعل ذلك على أن ذلك محرم، ومن جملة كبائر الذنوب، كما قال الله : الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ۝ يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة:275، 276].
وقد جعل الله سبحانه ذلك محاربة له ولرسوله ﷺ حيث قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ۝ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ [البقرة:278، 279].
وثبت عن النبي ﷺ أنه: لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء[1].
والآيات والأحاديث في التحذير من الربا، وبيان عواقبه الوخيمة كثيرة جدًا.
فالواجب على كل من يتعاطى ذلك من الشركات وغيرها: التوبة إلى الله من ذلك، وترك المعاملة به مستقبلًا؛ طاعة لله ولرسوله ﷺ وحذرًا من العقوبات المترتبة على ذلك، وابتعادًا عن الوقوع فيما حرم الله؛ عملًا بقوله : وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، وقوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ [التحريم:8].
ومن صور الربا الفاشية بين الناس: الإقراض والاستقراض بالفائدة، ووضع الودائع بالفائدة؛ كخمسة في المائة وعشرة في المائة ونحو ذلك، وهذه المعاملات من جنس ربا الجاهلية المنوه عنه في الآيات المذكورة.
وأسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين للتوبة إليه من جميع الذنوب، وأن يعيذنا جميعًا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأن يصلح أحوالنا جميعًا؛ إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه[2].
 
الرئيس العام لإدارات البحوث
العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

 
  1. رواه مسلم في (المساقاة)، باب (لعن آكل الربا وموكله)، برقم: 1598.
  2. نشرت في (مجلة البحوث الإسلامية)، العدد: 20، عام 1408هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 19/ 183).