وجوب عناية الصحف وكتابها بنشر الكلمة الطيبة والحذر من المقالات الباطلة 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اطلعت على ما نشرته صحيفة الجزيرة الصادرة في 11/ 1/ 1419 هـ للأخ الكريم سمو الأمير عبدالعزيز بن فهد بن فيصل بن فرحان آل سعود المتضمنة إنكاره ما حصل من كثير من الكتاب في الشاعر نزار وبيانه سوء ما صنعوا، وشرحه بعض حال نزار المذكور. ولقد أحسن وأجاد وأدى الواجب في بيان الحق والتحذير من خلافه.
وإني لأشكره كثيرا على عمله الطيب ورده على دعاة الباطل ومروجيه.
ولا شك أن الشاعر المذكور -إذا كانت حاله كما قال سمو الأمير عبدالعزيز- جدير بالذم والتحذير من سيرته والفرح بموته؛ لما في أشعاره من الفساد الكبير والكفر الصريح وتشجيع دعاة الباطل ومروجي الرذيلة.
ولا شك أن الواجب على صحفنا وكتابنا أن يتقوا الله، وأن ينصروا الحق، وأن يدعوا إليه، وأن يعتنوا بنشر الكلمات الطيبة، وأن يحذروا نشر المقالات الباطلة، والكلمات التي تنصر الباطل وتمدح أهله؛ عملا بقول الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ [الصف:14]، وقوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7]، وقوله : وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ۝ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [الحج:40-41]، وقوله : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2]، وقوله سبحانه: وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3].
وقول النبي ﷺ: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان[1]، وقوله ﷺ: ما بعث الله من نبي في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوفا يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل[2].
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. فالواجب على المسلمين التواصي بها والعمل بها والحذر مما يخالفها، ومعلوم أن الإنكار باليد يكون لولاة الأمر وغيرهم ممن يستطيع ذلك؛ كالرجل مع أولاده وأهل بيته، ورئيس الحسبة فيما جعل إليه ونحوهما.
ونسأل الله أن يوفق جميع المسلمين وجميع ولاة أمرهم، وجميع الكتاب لكل خير، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن ينصر بهم الحق وأهله، وأن يخذل بهم الباطل وأهله إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه[3].
 
 عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
مفتي عام المملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
  1. أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان برقم 49.
  2. أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان برقم 50.
  3. نشرت في جريدة الجزيرة بتاريخ 11/ 1/ 1419 هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 28/ 244).