أصناف تاركي الصلاة وحكم كل منهم

وأما تركها بالكلية فسمعتهم شأنه، وأن شأنه عظيم، تركها بالكلية كفر وضلال ونفاق أكبر، نسأل الله العافية، ولهذا صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة رواه مسلم في الصحيح، والكفر إذا عُرِّف والشرك إذا عُرِّف بأل فهو كفر أكبر وشرك أكبر، وصح عنه أيضًا عليه الصلاة والسلام أنه قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر، والأصل في إطلاق الكفر هو الكفر الأكبر، ما لم يمنع مانع من ذلك، وليس هناك مانع، فهي عمود الصلاة، وهي الشعار الأعظم للصلاة، ولهذا جاء في الحديث أن من تركها كفر، نسأل الله العافية.

وقد قال عبد الله بن شقيق العقيلي رحمه الله التابعي الجليل: "لم يكن أصحاب رسول الله ﷺ يرون شيئًا تركه كفر إلا الصلاة"، فحكى عن الصحابة جميعًا أنهم يرون ترك الصلاة كفر، يعني: وإن لم يجحد وجوبها، أما إذا جحد وقال: ما هي بواجبة، هذا كفر عند الجميع، كفر بإجماع المسلمين، كفر أكبر بإجماع المسلمين، يقتل صاحبه مرتدًا عن الإسلام، نعوذ بالله، أما من تركها تهاونًا وكسلًا وهو يعلم أنها واجبة فهذا هو محل الخلاف: ذهب قوم إلى أنه يقتل حدًا كما يقتل الزاني المحصن، وكما يقتل اللائط الذي لا يستحل الزنا، ولا يستحل اللواط، ولكنه فعله معصية لله، واتباعًا لهواه، يقتل حدًا وهو مسلم، يرثه المسلمون ويصلى عليه، فهذا الذي ترك الصلاة تهاونًا قال بعض أهل العلم: إنه من جنس أولئك، يقتل حدًا ويغسل ويصلى عليه كما سمعتم هذا من المشايخ، وقال آخرون: لا، بل هو كفر أكبر وإن كان تهاونًا، وإن كان يعلم وجوبها ويقر بذلك، لكن تركه لها كاف في كفره، نسأل الله العافية؛ لأنه ترك هذا الشعار الأعظم فيكون تركه لها كافيًا في كفره وضلاله، وأن يكون مرتدًا، فيقتل مرتدًا؛ لأنه ترك هذا الركن الأعظم من الإسلام، هو عمودها هو عمود الإسلام، هو الصلاة، فيكون كافرًا لا يرثه المسلمون، ويكون ماله لبيت المال، ولا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه، بل يدفن في حفرة من الحفر اتقاء لشره وأذاه وجيفته، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب لما مات أبوه أبو طالب على الكفر، قال له عليه الصلاة والسلام: يا علي اذهب فواره يعني: اجعله في حفرة من الحفر، واستره عن الناس حتى لا يتأذى أحد من جيفته ورائحته.

فالمقصود أن الأمر عظيم فيجب على المسلمين ألا يتهاونوا بهذا، ولا سيما صلاة الفجر، فقد عظم الأمر في هذا الأمر، حتى أغلقت بعض المساجد في الفجر لقلة من يصلي في بعض الحارات، هذا من البلاء العظيم وأسبابه ما ذكره بعض المشايخ كما سمعتم أسبابه: السهر على المعاصي، على التلفاز، أو على الإذاعة، أو على غير هذا مما حرم الله، هذا بلاء عظيم يجب تداركه، ويجب علاجه على الدولة، وعلى أعيان المسلمين وعلى علمائهم، وعلى كل إنسان في محله، وفي حارته مع إخوانه، لا يتساهل فيه أبدًا، بل يجب أن يعتنى به قبل أن تحل بنا عقوبات لا طاقة لنا بها، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه، وقد سمعتم قول الله في بني إسرائيل:  كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة:79] لعنوا على هذا، لعن بسبب عصيانهم واعتدائهم، وعدم نهيهم عن المنكر. نسأل الله العافية.