6- من حديث (من غشنا فليس منا)

1019- وعَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْعَالِيَةَ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ، ووَضَعَتْ ثِيَابَهَا، رَأَى بِكَشْحِهَا بَيَاضًا، فَقَالَ النبيُّ ﷺ: الْبَسِي ثِيَابَكِ، والْحَقِي بِأَهْلِكِ، وأَمَرَ لَهَا بِالصَّدَاقِ.

رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وفِي إِسْنَادِهِ جَمِيلُ بْنُ زَيْدٍ، وهُوَ مَجْهُولٌ، واخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي شَيْخِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا.

1020- وعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ  قَالَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَدَخَلَ بِهَا، فَوَجَدَهَا بَرْصَاءَ، أو مَجْنُونَةً، أو مَجْذُومَةً، فَلَهَا الصَّدَاقُ بِمَسِيسِهِ إِيَّاهَا، وهُوَ لَهُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ مِنْهَا".

أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ومَالِكٌ، وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ورِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

1021- ورَوَى سَعِيدٌ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ، وزَادَ: "وبِهَا قَرَنٌ، فَزَوْجُهَا بِالْخِيَارِ، فَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا".

1022- ومِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَيْضًا قَالَ: قَضَى عُمَرُ فِي الْعِنِّينِ أَنْ يُؤَجَّلَ سَنَةً. ورِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث والآثار كلها تتعلق بالعيب في النكاح، وهو يُوجِب الخيار، وسبق من ذلك بعضه.

وحديث زيد بن كعب بن عُجرة حديثٌ لا يصحّ عن النبي ﷺ، لا من جهة السند، ولا من جهة المتن، ولكن معناه صحيح؛ إذا غُرَّ الزوجُ بامرأةٍ، وتبين أنَّ بها برصًا فهو عيبٌ؛ لأنَّ البرص مُنَفِّر.

كذلك حديث سعيد بن المسيب في المعنى كذلك؛ إذا وجد بها برصًا، أو جذامًا، أو جنونًا، أو ما أشبه ذلك، كل هذه العيوب تُوجب الخيار، وليس لها حصرٌ كما قال ابنُ القيم رحمه الله، أو ضابط، كل شيءٍ يُنَفِّر أحد الزوجين من الآخر يُعتبر عيبًا في العُرْف، وتحصل به النُّفرة؛ فهو يُوجب الخيار، ويُعتبر مَن دلَّس غارمًا: إن كانت زوجةً فلا مهر لها، وإن كان وليّها فعليه الغرامة، وإن كان شخصًا آخر فعليه الغرامة؛ لأنَّ المؤمنين على النُّصح، يقول النبيُّ ﷺ: مَن غشَّنا فليس منا، فالمؤمنون واجبهم النُّصح فيما بينهم: في النكاح، وفي غير النكاح.

فإذا زوَّجه امرأةً بها عيبٌ يُنَفِّر زوجَها منها: من برصٍ، أو جذامٍ، أو جنونٍ، أو يُصيبها جنون بعض الأحيان، تُصرع بعض الأحيان، أو بها لحمٌ يسدّ الفرج، أو ما أشبه ذلك؛ فهذا يُوجب الخيار، وهكذا التي معها الدم دائمًا، وهي المستحاضة الدائمة، فهذا عيبٌ، وما أشبه ذلك مما يُنَفِّر: كالمرض الذي يُنَفِّر فيها، ولم يُبَيِّنوه، فهو عيبٌ يُوجب الخيار، فإن رضي بها وإلا فله الطلاق، وله المهر على مَن غرَّه إذا كان أصابها، وإن كان ما أصابها فالحمد لله.

بالنسبة للنكاح يستحق الفسخ، فيكون لها النصفُ كالمطلَّقة قبل الدخول والخلوة، المقصود أنه يرجع بالمهر، أو نصفه على مَن غرَّه، ويكون لها بما استحلَّ من فرجها مهرًا كاملًا في هذه المسائل التي فيها عيوب، ومبنى الشريعة على النصح، والاعتماد، والتعاون، وعدم الغشّ، فإذا وجد الغشَّ فالشريعة لا تسمح بذلك، وتُوجب الضمان على مَن غشَّ: مَن غشنا فليس منا، ويقول ﷺ: ما من عبدٍ يسترعيه الله رعيةً فيموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرَّم الله عليه الجنة، ويقول ﷺ: المرء على دين خليله، ويقول ﷺ: مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسد بالسهر والحمى، ويقول ﷺ: لا يؤمن أحدُكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه.

أما العنين: فهو الذي يُحبس عن الزوجة، وما يستطيع الجماع، والعنّة مرض يعتري الإنسان يمنعه من الجماع: إما بالكلية، وإلا يرتخي لا يستطيع أن يُجامع، أو بالكلية لا شهوةَ له، فهذا يُمْهَلُ سنةً -كما قال عمرُ- لعله يتغيَّر حاله: قد يكون من جهة البرد، قد يكون من جهة الحرِّ، قد يكون من حائلٍ بينهما، فإذا مضت السنةُ ولم يتغير صار عيبًا واضحًا، فلها الخيار حينئذٍ، ولها المهر بما استحلَّ من فرجها من جهة المباشرة والخلوة.

وما قضى به عمرُ قضاء في محلِّه رحمه الله، ووجيه؛ لأنَّ الإنسان قد تعتريه العلَّة، وتزول في أحد الفصول: في فصل الشتاء، أو في الصيف، أو ما بينهما، فإذا مضت الفصولُ الأربعة ولم تزل العلَّة عُلم أنها علَّة مُستقرة، وأنه عيبٌ مُستقرٌّ، فيكون لها الخيار، إلا أن تسمح أن تبقى معه، فلا بأس إذا سمحت بالبقاء، ولا حرج، والحقُّ لها.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: كذلك العُقْم؟

ج: العقم إذا ثبت نعم له الخيار، الصواب له الخيار، والعكس.

س: أقول ذلك بالنسبة للمرأة؟

ج: نعم إذا ثبت.

س: في المرأة المعيبة هل يجب المهرُ كاملًا أو نصفه؟

ج: المهر كاملًا، ويرجع بها على مَن غرَّه.

س: الصداق قبل الدُّخول؟

ج: النصف .....؛ لأنَّ الفسخ كالطلاق.

س: شخصٌ يقول: قرأتُ في كتابٍ أنَّ مَن تزوَّج حديثًا يُصلي في البيت مدة ثلاثة أيام، ما رأيكم سماحة الشيخ؟

ج: هذا غلط، هذا ما له أصلٌ، أقول: ما له أصل، لكن يُقيم عندها ثلاثًا إذا كانت ثيبًا ولها جارة، وإن كانت بكرًا أقام عندها سبعًا، يعني: يقسم لها سبعًا، ثم يقسم لجارتها، هو ما له رخصة شرعية في الصلاة، ويرجع يُقيمها في البيت، لا، معناه: أنه يخرج يُصلي؛ لما جرت به العادة من أصلٍ، إن كانت ثيبًا لها ثلاثة زيادة أول ما يتزوج، ثم يقسم، وإن كانت بكرًا قسم لها سبعًا، إذا استمرَّ سبع ليالٍ؛ لأنها غريبة وجديدة وبكر، ثم يقسم، إذا كانت الثانية ذهب عند جارتها.

س: إذا كان العيبُ مثل العرج، وما علم به؟

ج: كذلك، نعم، أو العرج إذا كان .......

س: لو أدَّى لها ذهبًا مع المهر؟

ج: أهداه بعد أو قبل؟

س: لا، قبل.

ج: تبع المهر؛ لأنه وسيلةٌ للنكاح.

س: إذا اكتشف العيبَ عند الدخول، ولم يدخل بها، هل له المهر كاملًا؟

ج: له المهر كاملًا، نعم.

س: أيش الفائدة؟

ج: نعم، ما لها مهر، المهر له؛ لأنه مغرور، إذا ما غرَّته هي له النصف على طائفة ..... إذا دخل بها لها المهر، ويرجع به على مَن غرَّه.

س: المقصود يا شيخ العيب الذي يظهر عند الخلوة؟

ج: نعم، لكن قد يبلغه الخبر وهو ما خلي بها، قد يبلغه من بعيدٍ .....

س: إحدى الزوجات التي تزوَّج بها الرسول ﷺ ما تعوَّذت لما دخل بها، قال: لقد تعوَّذتِ بعظيمٍ؟

ج: بنت الجون، قيل: إنه قد عقد، وقيل: ما عقد، لكن المشهور أنه عقد عليها، قالت: أعوذ بالله منك، قال: لقد عُذْتِ بعظيم، الحقي بأهلك، هذا ما هو بعيبٍ، هذا جهلٌ منها، غرَّها بعضُ الناس.

س: عيال عمّها الذي غرَّها؟

ج: يُقال: غرَّتها بعضُ النساء، الله أعلم.

س: هل هذا الحديث ثابتٌ؟

ج: نعم، رواه البخاري في "الصحيح".

س: رواه عن شعبة؟

ج: الله أعلم.

س: امرأة لها طفلان، واحد له من العمر خمس سنوات، والثاني سنتان وثلاثة أشهر، وتأكل حبوبًا لمنع الحمل، ووالدها يحلف عليها ألا تأكل الحبوبَ هذه، ويُحرجها، وزوجها يأمرها بأكلها إلى أن يكبر طفلاها، وهي الآن أكلتها، وتريد التَّكفير عن حلف والدها، فكيف يكون التَّكفير؟

ج: والدها هو الذي يُكفِّر، والدها هو الذي يُكفِّر، كفَّر عن الحال، إذا أحبت تُساعده وتُعطيه فلوسًا ليُكفِّر، لا بأس، وإلا فالكفَّارة على والدها، وزوجها أولى بها، ما له سلطانٌ عليها، ولا على زوجها، الزوج له سلطانٌ عليها، إذا كان الحملُ يضرُّها ويضرُّ طفليها فلها أن تأكلها.

س: امرأة نذرت، والنذر عن ألف يمينٍ، وهي موظفة، وقالت: حلق على أذني أني ما أدفع ولا ريـال من راتبي؟

ج: مَن الذي يقول: النذر عن ألف يمين؟

س: الله أعلم.

ج: نذرت أيش؟

س: امرأة نذرت، والنذر عن ألف يمين، وهي موظفة، وقالت: حلق على أذني أني ما أدفع ولا ريـال من راتبي، ولا حتى من الجمعية التي تعملها مع المُدرسات الأُخريات لزوجها، ولكنَّها فعلت، ودفعت من راتبها لتسديد بعض المال عن زوجها؟

ج: تسأل بالتليفون إن شاء الله، وننظر في أمرها، هذا الكلام (مخبوط)، ما هو مضبوط.

س: الذين يقولون بوجوب الكشف قبل الزواج، لهم وجهٌ من الصحة؟

ج: له كشف الرأس، ووجهها، ينظر ما جرت به العادةُ من دون خلوةٍ.

س: الكشف الطبي؟

ج: لا، ما له أصل، هذا يفتح باب شرٍّ.

س: هذه كثيرة؟

ج: لا، لا، غلط، ما هو بشيءٍ، يفتح باب شرٍّ، ومصيبة على الناس، قد يغلط الطبيبُ وتتعطل المرأة، أو يتعطل الرجلُ.

 

1023- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا.

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، والنَّسَائِيُّ، واللَّفْظُ لَهُ، ورِجَالُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنْ أُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ.

1024- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلًا أو امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا.

رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، والنَّسَائِيُّ، وابْنُ حِبَّانَ، وأُعِلَّ بِالْوَقْفِ.

1025- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ، واسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمَهُ كَسَرْتَهُ، وإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، واللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.

وَلِمُسْلِمٍ: فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بها وبِهَا عِوَجٌ، وإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وكَسْرُهَا طَلَاقُهَا.

1026- وعَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النبي ﷺ فِي غزوةٍ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ، فَقَالَ: أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلًا -يَعْنِي: عِشَاءً- لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وتَسْتَحِدَّ الْمَغِيبَةُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمُ الْغَيْبَةَ فَلَا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذا الباب يتعلق بعشرة النساء، يعني: معاشرة النساء، ..... المعاشرة، والواجب على الزوجين المعاشرة الطيبة، قال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وقال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]، فالمعاشرة معناها: المصاحبة والمعاملة، فالواجب على الزوج أن يصحبها بالمعروف، وأن يُعاملها بالمعروف، والواجب عليها هي كذلك أن تُعامله بالمعروف، وأن تصحبه بالمعروف، وكل واحدٍ يحرص على أن لا يُواجه إلا بالخلق الحسن؛ حتى تستمر العشرة، وتبقى المودة.

الحديث الأول: يقول ﷺ: ملعونٌ مَن أتى امرأةً في دبرها، هذا من سُوء العشرة، إتيانها في الدُّبر من سُوء العشرة، ولو رضيت، الذي يظاهر المعصية، لا، لا يسووا بذلك، فالواجب الحذر من ذلك؛ لأنه لواطٌ ومنكرٌ لا يجوز، ولهذا قال ﷺ: ملعونٌ مَن أتى امرأةً في دُبرها، وفي اللفظ الآخر: لا ينظر الله إلى رجلٍ أتى امرأةً في دبرها، فالواجب الحذر من ذلك؛ مع الرجل لواطٌ أكبر، ومع الأنثى لوطية صُغرى -نسأل الله العافية- فالواجب الحذر من ذلك.

وأُعلَّ الحديثُ الأول بالإرسال، وتعليله بالإرسال لا يقدح فيه؛ لأنَّ الواصل ثقة، والرافع ثقة، وإذا رفع الثِّقة فهو مُقدَّم على مَن أرسل، وهكذا مَن رفع مُقدَّم على مَن أوقف، والحديثان كلاهما صحيح.

وعلى فرض وقفه لا يُقال من جهة الرأي، بل هذا في حكم المرفوع: لا ينظر الله إلى رجلٍ أتى رجلًا أو امرأةً في دبرها، فيدل الحديثان على تحريم وطء المرأة في دبرها، ولو سمحت، ولو رضيت، الله جعل الوطء في القُبُل، محلّ الحرث: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة:223]، ويقول جلَّ وعلا: ويَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ولا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة:222] يعني: في محل الحيض، محل الحرث، وهو القُبُل.

والحديث الثاني: يقول ﷺ: استوصوا بالنساء خيرًا؛ فإنهنَّ خُلِقْنَ من ضلعٍ، والضلع معروفٌ ما فيه من الميل، وإنَّ أعوج ما في الضّلع أعلاه، فإذا ذهبتَ تُقيمه كسرته، وإن تركتَه لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا، وفي اللفظ الآخر: فإذا ذهبتَ تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها.

فالمشروع للمؤمن الصبر والإحسان إلى المرأة، والاستصاء بها خيرًا، وعدم التَّعنت والتَّكلف، وعدم العجلة في الطلاق.

وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً، إن سخط منها خلقًا، رضي منها خلقًا آخر، فالمؤمن يتحرى الأخلاق الفاضلة، يتحرى الرفق، يتحرى المعاملة الطيبة، ينصحها، ويُوصيها بالخير، كما قال تعالى: فَعِظُوهُنَّ واهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ [النساء:34].

فالتعجل في الأمور يُسبب الفرقة والاختلاف، والصبر، والحكمة، والوصية بالخير، والعظة، كل هذا من أسباب بقاء العقد، واستمرار النكاح، ومَن تتبع عثرات النساء وجد الكثير، وسبب ذلك الفِراق، ولكن لا بدّ من الصبر، والتَّحري، واستعمال ما أمكن من الألفاظ الطيبة، والتأويل الصالح؛ حتى تبقى المودة، وتبقى العشرة، ولهذا يقول جلَّ وعلا: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]، ويقول جلَّ وعلا: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أو إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا والصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128]، فلا بدّ من أشياء تعرض، فلا بدّ من التسامح والعفو، أو الصلح فهو مطلوبٌ منه ومنها، العفو منه، والعفو منها، والصلح منه ومنها، واستعمال الألفاظ الطيبة منه ومنها، كلٌّ منهما مطلوبٌ منه العلم الطيب، والخلق الكريم؛ حتى تبقى المودة، ويبقى الاجتماع، ولهذا قال جلَّ وعلا: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ۝ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا [النساء:34- 35]، الشارع يُرغِّب في بقاء حال الصلح والمودة، ويُحرِّم عكس ذلك، والله عزَّ وجل وهو العظيم الأعظم سبحانه وتعالى يُوصي بذلك.

فالمشروع للزوجين تحري العشرة الطيبة، وتحري أسباب بقاء العشرة، وتحري أسباب إزالة الخلاف بطرقٍ مناسبةٍ: بالحلم، بالتحمل، بحمل الآثار على أحسن محاملها، وهي كذلك.

الحديث الرابع: يقول ﷺ: لا يطرق أحدُكم أهله ليلًا، كان النبيُّ ﷺ إذا أتى آخر النهار أمهل حتى لا يطرقهم طروقًا، ..... حتى يعلموا بالقدوم، وكان إذا قدم: إما قدم عشيةً، وإما صباحًا، ولا يطرقهم ليلًا، والمقصود أنَّ المرأة قد تحتاج إلى شيءٍ، فلا ينبغي أن يطرقها ليلًا، كما في الحديث الآخر: حتى تمتشط الشعثة، وتستحدَّ المغيبة، وفي اللَّفظ الآخر: لا يطرق أهله ليلًا يُخَوِّنهم يطلب عثراتهم، إذا أراد أن يطرق ليلًا يُخبرهم أنه واصلٌ في الليل، وإلا فليقدم نهارًا، وليُمْهِل حتى تتمكن المرأةُ من إصلاح نفسها، وهذا من العشرة الطيبة، ومن الآداب الشرعية، وهو عدم الطروق ليلًا إلا بعد الإعلام والإخبار.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: بالنسبة للحكمين بين الزوج والزوجة، هل لهم إلزام الزوج بالتَّراضي إذا رأوا ذلك؟

ج: الصحيح لهما هذا وهذا، لهما أن يُقررا الفراق، ولهما أن يُقررا الاجتماع.

س: ويلزم هذا؟

ج: حكام، حكمًا من أهله، وحكمًا من أهلها، ولكن مهما تحريا الإصلاح أولى مهما أمكن، إذا تيسر ذلك، والقاضي يحكم بمقتضى الحكم.

س: بالنسبة للمرأة التي يأتيها رجلُها في دُبرها، هل لها أن تطلب الطلاق؟

ج: نعم؛ هذا عذرٌ شرعي؛ لأنه منكر.

س: إذا كانت راضيةً، هل تدخل معه في اللَّعن؟

ج: نعم، شريكة له في المعصية.

س: طرق الرجل زوجته ليلًا على الوجوب، أو على الاستحباب؟

ج: على الوجوب، الرسول قال: لا يطرق...، والأصل النَّهي للتحريم.

س: لكن لو اتَّصل؟

ج: إذا أخبرهم لا بأس، مثلما يُخبرهم العصر، يُعطيهم مدةً ليستعدوا.

س: هل المقصود بالليلة آخر الليل، أم يكون من أول الليل؟

ج: المقصود في الليل، بعد غروب الشمس.

س: بالنسبة لـاستوصوا بالنساء خيرًا ورِفْقًا بالقوارير، هل المعنى واحد، أم فيه اختلافٌ بينهم؟

ج: لا، لكن هذا في عدم تعجيل الجيش، الإبل إذا حداها قد تعجل، وقد تطرح المرأة، تطيح من المطية، هذا نوعٌ من الوصية، نوعٌ منها يعني: جزء منها .....، لكن استوصوا بالنساء خيرًا أعم: في البيت، وفي السفر، وفي كل مكانٍ، استوصوا بالنساء خيرًا في جميع الأحوال.

س: هل إعلام الأهل محمولٌ على طول الغياب؟

ج: نعم ..... إذا صار يومًا، يومين، ما هي مشكلة؛ لأنها ما يمضيها، تتغير الأحوال، لكن إذا أطال في الفترة هذه ..... إذا أطال الغيبة، أما الغيبة القليلة .....

 س: هذا المطرق ليلًا أحسن الله إليك مُعلَّق بالإخبار، لو أخبرهم زال النَّهي؟

ج: نعم.

س: حتى لو كانوا ..؟

ج: إذا أخبرهم ساعة الليلة زال.

س: وإنَّ أعوج شيء في الضّلع أعلاه أيش المقصود؟

ج: الذي يلي الإبلة، الذي يلي اللحم.

س: قوله في الحديث: فإن استمتعتَ بها استمتعتَ بها على عوجٍ؟

ج: وبها عِوَجٌ يعني ..... مَن أرادها كاملةً ما تحصل كاملة، ولهذا في الحديث الصحيح: كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا خديجة، وآسية بنت مزاحم....

س: واحد كاتب في جريدة يقول: "يجوز للمرأة أن يكون لها الحكم"؟

ج: نعم؟

س: أن يكون للمرأة عصمة، لها حقّ الطلاق، ما رأيكم؟

ج: هذا فيه خلاف، يعني: يُعطيها الوكالة، إذا وكَّلها بالطلاق، لكن كونه يعقد على أن العصمة بيدها هذا محلُّ نظرٍ؛ لكن لو أعطاها الطلاقَ لمدةٍ معلومةٍ، يعني: أنتِ وكيلة لنفسك، لها أن تُطلِّق نفسها.

س: وخيَّرها بالطلاق، قال: الطلاق في يدك، متى شئتِ فأنت طالق؟

ج: يصير هذا وكالة، هذا معناه الوكالة، لكن ليس لها أن تُطلق إلا واحدة، إلا إذا أذن لها بالثلاث.

س: .............؟

ج: لا، لا، المقصود إذا وكَّلها بعد العقد.

س: في العقد تشترط هي، تشترط عليه أن يكون الطلاقُ بيدها؟

ج: لا، ما يصح؛ لأنَّ هذا ضد النِّكاح.

س: إذا اشترطت المرأةُ ألا يتزوَّج عليها؟

ج: الصواب أنَّ لها شرطها؛ لأنَّ فيه مصلحة، فإذا أراد أن يتزوج فهي بالخيار: إن شاءت صبرت، وإن شاءت فارقها، وصرَّح جمعٌ من أهل العلم أنَّ لها ذلك، لها أن تشترط ألا يتزوَّج عليها.

س: الفرق بين زواج المُتعة والزواج بنية الطلاق؟

ج: المتعة محددة، يُحددها بشهرٍ أو شهرين أو سنة، هذه هي المتعة، أما النية فهذه في نفسه، في قلبه، بينه وبين ربِّه، ما فيها شرط حسي، عند الجمهور تجوز النية، أما النكاح فحرامٌ عند الجميع... لكن ينبغي أن لا يُعلمهم، لا يُشددوا، لكن الشيء بقدرٍ، ما هو بشرطٍ، ليس بشرطٍ، ليس من الله في شيءٍ ..... لوقتٍ محددٍ بينهم.

س: ما يدخل هذا في الغش؟

ج: لا، عند الجمهور ليس بغشٍّ، عند الأكثرية.

س: هذه المرأة إذا كانت بعدما تم الزواج قالت لزوجها: لا تتزوج عليَّ امرأةً أخرى؟

ج: ما تلزم طاعتها.

س: الشرط قبل العقد؟

ج: لا بدّ من الشرط في العقد.

س: البعض يسافر إلى الهند أو الباكستان، فيتزوج بنية الطلاق؟

ج: تركه أولى خروجًا من الخلاف، الأوزاعي وجماعة يمنعون من هذا، الأوزاعي وجماعة يمنعون من الزواج بنية الطلاق مثلما ذكرت، والأحوط تركه.

س: لو سافر بهذا القصد: أنه يتزوج أسبوعين، أو في نيته كان يحصل هذا يُطلِّق ويرجع؟

ج: تركه أحوط خروجًا من الخلاف، أقول: تركه أحوط.

س: وإن فعله؟

ج: الأصل الصحة، لكن تركه أحوط خروجًا من الخلاف.