علاج أمراض القلوب

فينبغي للمؤمن أن يلاحظ الأدوية التي ذكرها المشايخ، مثل تلاوة القرآن، والعناية بتدبره، والاستفادة منه، فإنه الدواء الناجع، والشفاء العظيم العاجل، جعله الله شفاء عظيمًا ودواء ناجعًا عاجلًا، فينبغي للمؤمن التدبر بكتاب الله، والإكثار من تلاوته، وسماعه ممن يتلوه؛ بقصد حسن بقصد الفائدة والعلم، وعلاج أمراض قلبه، وقسوة قلبه، فالقرآن العظيم فيه الهدى والنور إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44]، فعليك يا عبد الله بالعناية بكتاب الله تلاوة وتدبرًا وتعقلًا واستماعًا للاستفادة لعلاج قلبك وأمراض قلبك وأمراض مجتمعك وأمراض شهواتك؛ لعلك تستفيد فترجع إلى الصواب والحق والهدى.

وهكذا الإنابة إلى الله بالتوبة النصوح مما سبق من أمراضك من سيئاتك، فإن التوبة علاج عاجل يمحو الله بها الخطايا والسيئات، ويطيب بها القلوب، ويصلح بها الأحوال سبحانه وتعالى.

وهكذا الإكثار من ذكر الله، والإكثار من الأعمال الصالحات: من الصلوات، والصيام، والصدقات، ومجالسة الأخيار، والبعد عن مجالسة الأشرار، إلى غير ذلك من أنواع الخير، فإن القلوب تصدأ ويصيبها من الصدأ والوسخ ما يصيبها، وطاعة الله ورسوله والإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن والعناية بالأعمال الصالحات من الصلوات والصدقات والتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار كل هذه أدوية، وأنواع من العلاج لما علق بقلبك من الصدأ والسواد والقسوة ونحو ذلك، وقد تشتد القسوة ويشتد المرض على الإنسان في قلبه حتى يطبع عليه، وحتى يموت، ويختم عليه، نعوذ بالله؛ بسبب عدم انصرافه عما هو فيه من الباطل، وبسبب إصراره على الباطل، فيختم على قلبه، ويطبع عليه ويموت، نسأل الله العافية، حتى لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، هذا هو الداء العظيم، والداء العضال، والشر المستطير، نسأل الله العافية، فعلى المؤمن وعلى المسلم أن يحذر ذلك كله، وأن يجتهد في الأدوية النافعة من كتاب ربه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وبكل ما يستطيع من أنواع الخير لعل الله جل وعلا يحي قلبه ويرده إلى السلامة، فالذي يحيي الأرض بعد موتها هو القادر سبحانه على أن يحيي قلبك ويرده إلى حاله الأولى من الاستقامة والطهارة والخضوع لله والشوق إليه والقيام بحقه سبحانه وتعالى، فلا تيأس من ذلك، قال الله جل وعلا عن نبيه يعقوب: وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف:87]، وقال : لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا [الزمر:53] ، فلا ينبغي للعبد بل لا يجوز له أبدًا أن يقنط ولا ييأس، بل لا يزال يطلب ربه التوفيق والهداية، ويرجوه سبحانه ويأخذ بالأسباب الطيبة بأسباب الهداية من الأعمال الصالحات، والتوبة النصوح، وحضور مجالس العلم وحلقات العلم، فإن فيها الخير العظيم، وحضور أيضًا الأخيار وصحبتهم، مع دعاء الله والضراعة إليه بطلب التوفيق والهداية، والمن بالتوبة الصادقة النصوح، والعافية من مضلات الفتن، ومن شرور النفس، ومن سيئات الأعمال.

رزق الله الجميع التوفيق والهداية.