حقيقة الربا والتحذير منه

أما الموضوع الذي فيه الندوة فهو موضوع الربا، وقد سمعتم فيه بحمد الله الخير الكثير في بيان حقيقة الربا ونوعيه: ربا الفضل، وربا النسيئة، وعرفتم حكم الله في ذلك، وأن الله حرم الربا تحريمًا عظيمًا، وأنزل فيه مالم ينزل في غيره، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ۝ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278-279]، لا نعلم حكمًا من الأحكام وكبيرة من الكبائر جاء فيها هذا الوعيد، فدل ذلك على أن هذا الوعيد في الربا يدل على عظم خطره وعظم إثمه وبشاعته، وذلك لما يترتب عليه من أضرار على المسلمين، وتعطيل مشاريعهم ومصالحهم، وتحملهم الديون الكثيرة، وغير هذا مما يترتب على الربا من الشرور الكثيرة، وسمعتم قول الرسول ﷺ صح عنه عليه السلام أنه لعن آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء، فالأمر لا شك عظيم، فنسأل الله للجميع التوفيق والهداية، وهذه البنوك التي بلي الناس بها فتحت أبواب الربا على مصراعيه، وصار الناس يلجؤون إليهم في أخذ الربا وتعاطي الربا ولا يبالون، لا تهمه إلا حاجته وشهوته التي يريد، فيأخذ بعض الناس الربا ولا يبالي، المائة فيها خمسة، المائة فيها عشرة، وهكذا يضع الأموال الجزيلة بهذه الفائدة الحقيرة الخبيثة ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وعرفتم مما سمعتم أن شراء الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدًا بيد، نص عليها النبي ﷺ، هذه الست قال: الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء، والفضة بالفضة ربا إلا هاء وهاء، وقال: الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، فإذا اختلفت هذه الأصنام فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيد، فإذا باع الذهب بالفضة فلا بأس لكن يدًا بيد، أو باع برًا بشعير فلا بأس يدًا بيد، أو شعيرًا ببر فلا بأس يدًا بيد، فإذا باع مثلًا صاعًا من البر بصاعين من الشعير فلا بأس يدًا بيد؛ لأن الجنس غير الجنس، باع صاعًا من التمر بصاعين من الملح أو بصاع من البر فلا بأس، ولكن يدًا بيد، وهكذا أشباه ذلك، وهذه العمل التي في أيدي الناس اليوم تنزل منزلة الذهب والفضة؛ لأنها هي قيم السلع، وهي ثمن المبيعات، فإذا باع عشرة من العملة السعودية بأحد عشر صار ربًا، وإذا باع عشرة بعشرة إلى أجل صار ربًا، وإذا باع عشرة بعشرة يدًا بيد فلا بأس عشرة مفرقة بعشرة مجتمعة يدًا بيد فلا بأس؛ لأنه قد يحتاج إلى العشرة المفرقة، قد يحتاج إلى ذلك، فإذا باع عشرة بعشرة يدًا بيد فلا بأس، أما أن يبيع عشرة بأحد عشرة أو عشرة بتسعة هذا ربًا.

وكذلك العمل الأخرى إذا باع عملة سعودية بعملة مصرية بعملة الدولار فلا بأس لكن يدًا بيد، إذا باع مثلًا عشرة دولارات بثلاثين ريال سعودي أو بأكثر من ذلك بأقل لا بأس لكن يدًا بيد قبل أن يتفرقا، أو باع عملة سعودية بعملة الأردن بعملة العراق بعملة أخرى يدًا بيد فلا بأس كالذهب والفضة.

رزق الله الجميع البصيرة والهداية والفقه في الدين.