دعوة الرسل إلى التوحيد ونبذ الشرك

وكان كل رسول يبعث إلى قومه وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36]، كل أمة يبعث إليها رسول يقول لهم: اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت، اعبدوا الله يعني بطاعة الأوامر التي جاء بها الرسول، وترك النواهي، ومنها اجتناب عبادة الطاغوت، والطاغوت: كل ما عبد من دون الله، والرسل تأمرهم بأن يعبدوا الله ويطيعوا أوامره، وينتهوا عن نواهيه، وأعظم الأوامر توحيده والإخلاص له وتخصيصه بالعبادة جل وعلا، وأعظم النواهي الشرك به سبحانه والكفر به عز وجل، ثم بعد ذلك أوامر وشرائع من صلاة وصوم وصدقات وجهاد وغير ذلك، وبعد الشرك نواهي حرمها الله على عباده من الزنا والظلم وسائر المعاصي التي حرمها على عباده.

فالرسل تدعوا الناس إلى امتثال الأوامر عن إخلاص لله وعن محبة له وعن رغبة فيما عنده سبحانه، وتنهى الناس عما نهى الله عنه طاعة لله وتعظيمًا له وطلبًا لمرضاته وثوابه ، فمن قبل وامتثل الأوامر عن طاعة الله ومحبة له وإخلاص له وترك النواهي تعظيمًا لله ومحبة له وتقديرًا له سبحانه وتعظيمًا وطلبًا لمرضاته فهو السعيد الناجي في الدنيا والآخرة، ومن تابع الهوى وأطاع الشيطان فهو مع الهالكين، نسأل الله العافية.

وعرفتم حقيقة الدعوة وأنها دعوة الناس إلى توحيد الله، والإخلاص له، وألا يعبد إلا الله وحده كما في قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]، وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25]، وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36]، وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23]، هذه دعوة الرسل دعوة الناس إلى أن يخصوا الله بالعبادة بدعائهم وخوفهم ورجائهم وصلاتهم وصومهم ونذرهم وذبحهم وغير ذلك، فالله هو المعبود الحق ، وما سواه معبود بالباطل، ولهذا قال : فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ۝ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:2-3].