البدع في الأمور الدنيوية

ومما يجب التنبيه عليه وينبغي التنبيه عليه ما نبه عليه الشيخان: وهو أن بعض الناس قد يظن أن ما وقع في الناس الآن من المراكب الجديدة والأسلحة الجديدة والمشارب والمآكل الجديدة أنه من البدع، فيقول أنتم معناه أنكم ما تعرفون أنكم متطرفون هذه بدع، معناه لا نركب الطيارة، ولا نركب السيارة، ولا نتكلم في الميكروفون، ولا نفعل، ولا نأكل الطعام الجديد اللذيذ، ولا نفعل هذا كذا، له من التشبيه والتلبيس هذا من الشيطان، من نزغات الشيطان ليس هذا من البدع، البدع ما يحدثه الناس في الدين في القرب في الطاعات هذه البدعة، البدع ما أحدث في الدين، النبي ﷺ قال: في أمرنا، يعني في ديننا، أحدثه الناس هذا هو البدع في الدين على وجه التقرب إلى الله ......

أما العوائد عوائد الناس ومراكبهم وملابسهم ومآكلهم ودورهم وغير ذلك فهذه ما فيها بدعة، الناس يتصرفون حسب ما يشاءون، وحسب ما يرون من المصلحة، فقد تطورت الأمور بالأسلحة، كان الناس سلاحهم الأول السيف والبندق النبل أولًا ثم البندق، كان من سلاحهم أيضًا الحراب والرماح، ثم تغيرت الأحوال وتطورت فتجد في ذلك ....... الكثيرة والثقيلة والخفيفة، وجدت أنواع البنادق المختلفة المتنوعة، جدت الطائرات، جدت السيارات والمركبات الفضائية، غير ذلك مما جد، ليس هذا من البدع، هذه أمور جدت في عوائد الناس سلاح الناس مراكب الناس السيارات والقطارات وغير ذلك، وهكذا ما جد في مساكنهم في البناء وما يقع في ملابسهم وفي مآكلهم وفي غير ذلك كل هذه ليست من البدع، ولا تعلق لها بالبدع، وإن سميت بدعًا من جهة أنها غير مثال سابق، فإن كل شيء يكون على غير مثال سابق يسمى بدعة، لكن هذا من حيث اللغة من حيث اللغة العربية مثل ما قال: بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [البقرة:117] يعني أنه أنشأها على غير مثال سابق ، ومنها قول الإنسان: بدعت هذه البئر بدعتها فطرتها، يعني: أنشأتها ما سبقني أحد، أنا الذي أحدثتها، هذا من حيث اللغة، أما من حيث الدين من حيث الشرع فلا يكون من البدع إلا ما كان في الدين في القربات في التشريع، هذا هو محل البدعة.

لو أن إنسانًا قال: الناس الآن في غفلة نحدث لهم صلاة سادسة نحطها في الضحى في الساعة عشر بالزوالي أو أربع بالتوقيت الغروبي أو ثلاث بالتوقيت الغروبي صباحًا، نجعل من يؤذن عند المساجد ونصلى صلاة سادسة حتى يرجع الناس عن الغفلة في الأسواق فيكون .......، وهذه بدعة أخرى، ولو ادعى أنه أراد الصلاح وأراد أن الناس ينتبهون من الغفلة هذه بدعة زائدة في الدين. أو قال: الجمعة في الأسبوع ما تكفي نجعل جمعة ثانية يوم الاثنين يوم الثلاثاء حتى نجتمع نسمع الخطبة نستفيد ندعو الناس إلى هذا، هذه بدعة أيضًا ولو فيها خير، لكن يكفينا ما شرع الله. أو قال: ما يكفي عيدان في الفطر والأضحى، ما يكفي عيدان نحط عيد ثالث عيد ربيع أول أو ربيع آخر أو في جمادى، أو نصوم شهرًا آخر غير رمضان، ما يكفي رمضان في السنة نحط رمضان آخر صيامًا آخر في ربيع أو في جمادى، كل هذه بدعة في الدين، كلها شر، ولو أراد صاحبها خيرًا.

المقصود من هذا كله أن البدع هي ما يحدثه الناس في الشرائع لا في عادات الناس ومآكلهم ومشاربهم سلاحهم وغير ذلك، فينبغي التنبه لهذا، وألا يغتروا بمن يشبه في هذه الأمور إذا كلمته في البدع في الموالد أو في بدع رجب أو في غيرها قال ...... الطيارات والسيارات ....... بدعة هذه؟ هذا شيء، وهذا شيء، هذا هو الجهل وعدم البصيرة.

رزق الله الجميع التوفيق والهداية، وجزى الله الشيخين على ندوتهما خيرًا.