3- من حديث (شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَخَّرَ الْقِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ..)

1283- وَعَنْ مَعْقِلٍ: أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ قَالَ: "شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَخَّرَ الْقِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَتَهُبَّ الرِّيَاحُ، وَيَنْزِلَ النَّصْرُ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالثَّلَاثَةُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ.

1284- وَعَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَن أهل الدَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ، فَيُصِيبُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيهِمْ، فَقَالَ: هُمْ مِنْهُمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1285- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِرَجُلٍ تَبِعَهُ في يَوْم بَدْرٍ: ارْجِعْ؛ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذا حديث النعمان بن مقرن: أنه شهد أنَّ النبي ﷺ إذا لم يُقاتل أول النهار أخَّر القتال حتى تزول الشمسُ، وتهب الرياح، وينزل النصر، هذا يدل على شرعية تأخير القتال بعد الزوال، إذا لم يُقاتل أول النهار يُؤخر إلى أن تزول الشمسُ؛ تأسيًا بالنبي ﷺ، ولأن هذا أنشط للناس، فالقائلة يستريحون فيها قبل الظهر، إذا لم يحصل لهم قتالٌ في أول النهار استجمُّوا حتى تزول الشمس، ثم يُقاتلون عدوهم في استقبال الليل بقية النهار، هذا هو الأفضل؛ تأسيًا به عليه الصلاة والسلام، إلا إذا كان القتالُ مُلتحمًا؛ فإنَّ الأمر لا حرج فيه في مُواصلة الجهاد حتى يفتح الله على أوليائه، لكن إذا تيسر هذا: أن يستجمُّوا حتى تزول الشمس ثم يبدؤون القتال فهذا أفضل.

وفي الحديث الثاني -حديث الصعب بن جثامة- أنَّ النبي ﷺ سُئل عن الدار من المشركين يُبَيَّتون، فيُصاب من نسائهم وذراريهم، فقال: هم منهم، وهكذا حديث أنَّ النبي ﷺ أرادهم وهم غارُّون، فقتل مُقاتلتهم، وسبى ذُريتهم.

فكل هذا يدل على جواز الإغارة على العدو وهو غارٌّ إذا كان قد دُعي قبل ذلك.

وحديث بُريدة يدل على وجوب الدَّعوة قبل القتال، كما تقدَّم حديث سليمان بن بُريدة بن الحصيب، وهذا يدل على أنه لا بأس أن يُغار عليهم وهم غارون، إذا كانوا قد دُعوا وأصرُّوا، قد دُعوا قبل ذلك إلى الإسلام وأصرُّوا فلا بأس أن يهجم عليهم المسلمون وهم غارُّون؛ لأنَّ هذا أمكن للمسلمين في قتالهم، وأعون لهم على قتالهم.

والحديث الثالث: أنَّ الرسول ﷺ يوم بدرٍ تبعه مشركٌ، فقال: لِمَ جئتَ؟ قال: لأجل، ليُعين، ليُقاتل معه، قال: أسلمتَ؟ قال: لا، قال: ارجع؛ فلن أستعين بمشركٍ، وفي روايةٍ: ثم إنه جاءه مرةً أخرى، بعدما مشى بعض الشيء جاءه، فقال: أسلمتَ؟ قال: لا، قال: ارجع؛ فإني لا أستعين بمُشركٍ، ثم جاء بعد ذلك فقال: أسلمتُ، فرخَّص له حينئذٍ أن يُقاتل.

فهذا يدل على أن المسلمين لا يستعينوا بالمشركين؛ لأنهم لا يُؤْمَنون أن يكونوا حربًا لهم، لا يُؤْمَنون أن يخونوهم، فإذا جاءوا يُريدون أن يُعينوا المسلمين يُقال لهم: أسلمتُم؟ فإن قالوا: نعم، وإلا يُقال لهم: لا حاجةَ لنا فيكم حتى تُسلموا، وهذا عند الخوف من شرِّهم، أما عند الأمن من شرِّهم وعند الحاجة إليهم فلا بأس، كما استعان النبيُّ ﷺ باليهود في خيبر بالنصف من زروعهم وثمارهم لما صالح أهل خيبر، فإذا رأى ولي الأمر أن يُصالحهم، وأن يستعين بهم في بعض المسائل التي يأمنهم فيها فلا بأس، وكما جاء في الحديث أن المسلمين في آخر الزمان يستعينون بجندٍ من النصارى على عدوٍّ آخر، يستعينون بجندٍ من الروم على عدوٍّ لهم آخر، يُساعدونهم في قتالهم.

فالحاصل أن المشركين لا يُستعان بهم إذا خِيف شرّهم، أو رُجي إسلامهم، فأما إذا لم يُخف شرّهم واحتيج إليهم فلا بأس إذن أن يُستعان بهم في أمور المسلمين التي ليس فيها خطرٌ على المسلمين، بل فيها مصلحة للمسلمين.

وفَّق الله الجميع.

تقدَّم حديث سليمان بن بُريدة، عن أبيه، عن عائشة، تقدَّم أن زيادة عائشة وهمٌ، وبمُراجعة مسلم اتَّضح ذلك؛ أن الرواية عن سليمان عن بُريدة فقط، فما وقع في المتن غلط من بعض النُّساخ، وعن عائشة غلط، وإنما هو عن سليمان عن أبيه فقط، هكذا جاء في مسلم رحمه الله.

 

الأسئلة:

س: كيف التوفيق بين أنَّ النبي ﷺ استعان بالمشركين، ثم ينهى أيضًا عن عدم الاستعانة بهم؟ ما الضابط؟ وكيف التوفيق بين الحديثين؟

ج: هذا ينظر فيه وليُّ الأمر، هذا يرجع إلى ولي الأمر، إذا رأى الحاجة إليهم استعان بهم، وإذا رأى عدم الحاجة إليهم لم يستعن بهم؛ جمعًا بين النصوص.

س: الحديث الذي ذكرت: جنود النصارى على عدو، على عدو يكون ..؟

ج: عدو كافر، عدو للجميع.

س: رواه مَن؟

ج: مسلم وغيره، رواه مسلم وغيره، وكتبنا في هذا كتابًا سابقًا يوم حرب العراق وما جرى في العراق، وحاكم العراق كافر شيوعي علماني، ولهذا استعانت الدولةُ بالكفار عليهم، وهزمهم الله، وكفى الله شرَّهم.

س: لكن الشعب كافر؟

ج: لا، الدولة كافرة، دولة العراق كافرة.

س: المقياس الشعب أم الدولة؟

ج: الحكم على الدولة التي تُقاتل المسلمين وهي كافرة.

س: هل يأثم المسلمُ بأن يُقاتل تحت شعار دولة كافرة؟

ج: نعم يأثم.

س: لو تترس العدو بالأسارى من المسلمين؟

ج: يُرمى العدو، ولا يُقصد الترس، وإذا أُصيبوا فلا حرج؛ دفعًا عن المسلمين.

س: كذلك لو تترسوا بصبيانهم من باب أولى؟

ج: هذا إذا دعت الحاجةُ، مثلما قال النبيُّ ﷺ: هم منهم، إذا لم يكن قتالهم إلا بقتال نسائهم وصبيانهم فهم منهم، لكن إذا أمكن فصل النساء عنهم والأولاد فلا بأس.

س: هل للمُقاتلين تأخير الصلاة عن أوقاتها، أو يُصلون على حسب حالهم؟

ج: لهم التأخير، إذا رأوا المصلحة لهم التأخير، يوم الأحزاب تأخَّر النبيُّ ﷺ عن صلاة العصر حتى صلَّاها بعد المغرب، والصحابة في قتال تستر لما حاصروا تستر أخَّروا الفجر إلى الضُّحى، لما اشتبك القتالُ وقت الفجر أخَّروها، وقال أنس: "فما أحبّ أنَّ لي بها كذا وكذا" رضي الله عنه.

س: ما نُسخ هذا بصلاة الخوف؟

ج: لا، ما نُسخ، الصواب أنه غير منسوخٍ.

س: رجلٌ عنده زكاة، يقول: هل أُخرج من الزكاة تفطيرًا للصوَّام؟

ج: لا، لا، يُعطيها الفقراء، الصوام فيهم الغني، وفيهم الفقير، يُعطيها الفقراء، لا يُعطيها الصوام.

س: الذي ثبت عن رسول الله ﷺ في الاستعانة، يعني: يهود خيبر فقط؟

ج: في يهود خيبر وفي غيرهم، وفي الحديث كما قلنا: سوف تُقاتلون عدوًّا أنتم وعدو غيركم.

س: استعانته بصفوان بن أمية ثابت يوم حنين؟

ج: كذلك استعان بدروع منه، عندكم في الكتاب مطبوع، كل هذه مكتوبة.

س: عندما خرج النبيُّ من مكة مُتَّجهًا إلى المدينة، الذي كان معه مُشركٌ أو مسلمٌ؟

ج: مشرك، الدليل مشرك، هو الدليل، يعني: إذا كان مأمونًا، فاستعان به النبيُّ، دليلًا خريتًا.

س: قول أنس: إنَّ أكثر انصراف النبي ﷺ عن يمينه، وقول ابن مسعود: أكثر انصراف النبي عن شماله؟

ج: الأمر واسع، الأمر واسع.

س: ما المقصود بالانصراف؟

ج: الانصراف: إذا انصرف يُعطيهم وجهه.

س: يعني: يلتفت بجملة ...؟

ج: كله، الأمر واسع.

س: كتابكم مُستقل أو في مُجلد؟

ج: في كتاب الفتاوى، في أحد عشر مجلدًا.

س: حديث: مَن فطَّر صائمًا فله مثل أجره؟

ج: صحيح، لا بأس به.

 

1286- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النبيَّ ﷺ رَأَى امْرَأَةً مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَأَنْكَرَ قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1287- وَعَنْ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اقْتُلُوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ، وَاسْتَبْقُوا شَرْخَهُمْ.

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

1288- وَعَنْ عَلِيٍّ : أَنَّهُمْ تَبَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ.

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وأخرجه أبو داود مُطولًا.

1289- وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، يَعْنِي: قوله تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195]، قَالَهُ رَدًّا عَلَى مَنْ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ حَمَلَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِمْ.

رَوَاهُ الثَّلَاثَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهُداه.

أما بعد: هذه الأحاديث الأربعة كلها تتعلق بالجهاد:

الحديث الأول: يقول ابنُ عمر رضي الله عنهما: أن الرسول ﷺ رأى امرأةً مقتولةً في بعض مغازيه، فأنكر قتل النساء والصبيان، هذا يدل على أنه لا يجوز في الجهاد قتل الصبيان دون البلوغ ولا النساء؛ لأنهم ليسوا من أهل القتال، هذا هو الغالب عليهم، ليسوا من أهل القتال، فعلى المجاهدين أن يتجنَّبوا قتل النساء والصبيان، إلا إذا قاتلوا، إذا قاتلت النساءُ مع الناس أو الصبيان قُتلوا، وهكذا إذا أغار المسلمون على البلد، أو على الجماعة، فأُصيب من نسائهم أو ذُرياتهم فلا حرج؛ لأنهم تبعٌ لهم كما تقدم في الحديث ..... قال: هم منهم، وكما في حديث الصَّعب بن جثَّامة: أن النبي ﷺ أغار ..... فقتل مُقاتلتهم، وسبى ذريتهم.

فالمقصود أنَّ النساء والصبيان لا يجوز قتلهم، تقدَّم في حديث بُريدة: ولا تقتلوا وليدًا، ومرَّ على امرأةٍ مقتولةٍ فقال: ما كانت هذه لتُقاتل -يقول ﷺ- لكن متى قاتلت أو قاتل الصبي أو قاتل الشيخُ الكبير قُتل مع جماعته.

كذلك حديث: اقتلوا شيوخ المشركين، واستبقوا شرخَهم، شيوخهم يعني: الشيبان، يعني: إذا كانوا هم من أهل القتال، الشرخ يعني: الصغار الذين ما بلغوا، لا يُقتلون كما تقدَّم، أما الشيوخ إذا كانوا يُقاتلون أو يُشيرون بالرأي يُقتلون، أما إذا كانوا لا: شيخ هرم ما هو من أهل القتال، ولا يُقاتل، ولا يُشير؛ فلا يُتعرض له بالقتل: كالصبي الصَّغير.

والحديث الثالث حديث علي : أنهم تبارزوا يوم بدر، علي رضي الله عنه، وحمزة عمّه، وعبيدة بن الحارث المطلبي، بارزوا يوم بدر: عثمان بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وذلك أنه لما صفَّ الناسُ يوم بدر -صفَّ المشركون، وصفَّ المسلمون للقتال- تقدَّم عتبةُ بن ربيعة -وكان من كبار قريش، ومن شُيوخهم، ومن أهل الرأي فيهم- وتقدَّم معه شيبةُ أخوه، وتقدَّم معهما ولد عتبة الوليد بن عتبة، ثلاثة، فقالوا: مَن يُبارز؟ يُخاطبون جماعة المسلمين، صفّ المسلمين، مَن يُبارز؟ فتقدم لهم ثلاثةٌ من الأنصار، قالوا: مَن أنتم؟ فقالوا: نحن من الأنصار، فقال لهم عتبةُ وصاحباه: أكفاء كرام، نُريد من قومنا، نريد من قريش، ما نريد منكم أنتم، فبلَّغوا النبي ﷺ قولهم، فقال النبيُّ ﷺ: قم يا علي، وقم يا عُبيدة، وقم يا حمزة إلى القوم بارزوهم، فقام عليٌّ وحمزة وعُبيدة بن الحارث المطلبي وبارزوهم بين الصَّفين، فتقدم عُبيدة بن الحارث إلى عتبة بن ربيعة، وتقدم حمزة لشيبة بن ربيعة، وتقدم عليٌّ للوليد بن عتبة، فأما حمزة فقضى على صاحبه في الحال، قتل شيبة، وهكذا علي قتل الوليد حالًا، أعانهما الله عليهما وقتلاهما، أما عتبة بن ربيعة وعبيدة بن الحارث فاختلفا ضربتين، كل واحدٍ ضرب صاحبه، فسقط عتبة وسقط عبيدة، كل واحد سقط، فأتى علي وحمزة إلى عُتبة فتمَّما عليه وقتلاه، ونقلا عبيدة إلى صفِّ المسلمين وهو جريحٌ، وبعد مُضي ثلاثة أيام توفي عبيدة شهيدًا.

وهذا يدل على جواز المبارزة، وأنه لا حرج فيها؛ لأنَّ الرسول ﷺ أذن فيها، فإذا تقدم بعضُ الكفار يقول: مَن يُبارز؟ فلا بأس أن يتقدم إليه من المسلمين مَن يرى في نفسه الكفاءة، يتقدم للمبارزة، ويسأل ربَّه العون، ولا حرج في ذلك.

أما الحديث الرابع: حديث أبي أيوب الأنصاري، خالد بن زيد الأنصاري: كانوا في غزو الروم، فسمع شخصًا يستنكر على مَن يُبارز -مَن يدخل في صفِّ الروم- وقال: إنَّ هذا ألقى بنفسه إلى التَّهلُكة والله يقول: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195] يعني: معناها إنكاره أنك لا تتقدم إلى صفِّ الروم، ولا تُبارز، ولا تُخاطر، فأنكر عليه أبو أيوب، قال: هذا ما هو مخاطرة، كونه يتقدم للقتال أو يُبارز ليس من قبيل التَّهلكة، إنما نزلت فينا الآية، وهي قوله جلَّ وعلا: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ، قد نزلت فينا معشر الأنصار، لما فتح الله الفتوح، واتَّسع الإسلامُ، تحدثنا فيما بيننا أننا ندع القتال، ونبقى في مزارعنا وأهلينا، لما فتح الله مكة ودخل الناسُ في دين الله أفواجًا تحدَّثوا، فأنزل الله الآية: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ، فمعناه: أن ترك القتال هو التَّهلكة، فكون الإنسان يبقى في الزراعة ونحوها ويدع القتالَ هذا هو التهلكة، أما التقدم في القتال والمبارزة والخروج في سبيل الله فهذا هو النَّجاة، هو السعادة، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ۝ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف:10- 11]، هذا هو الخير، وهذا هو التقدم إلى الخير، وليس إلقاء بأيديكم إلى التَّهلكة، وإنما التهلكة: الرضا بالأموال والشهوات، والتَّخلف عن القتال.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: مَن جاهد ليستشهد؟

ج: هو في سبيل الله.

س: المُبارزة هل يُشترط لها إذن الأمير؟

ج: ما أعلم في هذا شرطًا، أقول: ما أعلم لها شرطًا، إذا وجد من نفسه الكفاءة فلا بأس.

س: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195] هذا السبب الذي ذكر يمنع العموم وإلا ما يمنع؟

ج: كل ما كانت فيه تهلكة، كونه يطب من السطح، يقول: أنا جيد أطب من السطح، أو أطب من الجبل، أو أطب في البئر؛ هذا تهلكة.

س: مُحرَّمات؟

ج: كذلك الوقوع في المعاصي والشُّرور هذا منه.

س: ............؟

ج: يعني: الذين هم من أهل القتال، الشيوخ الذين من أهل القتال.

س: إذا شاركوا في القتال؟

ج: إذا كانوا أهل قوةٍ، ليسوا هرمين ..... لا يُتعرض لهم إلا إذا شاركوا الناس وقاتلوا، أو أشاروا يُقتلون، أما أن يدوروا في محلاتهم وهم شيوخ هرمون لا.

س: المرأة إذا قاتلت فقُتلت مع المسلمين يكون لها أجر الشهيد، إذا قاتلت مع المسلمين؟

ج: لا تُقاتل مع المسلمين، ليس عليها قتال، لكن إذا قاتلت الكافرةُ تُقتل، أما المرأة المسلمة فلا تُقاتل، تُمنع.

س: مَن رمى بنفسه على حصن العدو ..... وتشجيعهم على القتال وما أشبه ذلك ألا يُفرق بين غلبة الظنِّ وعدمها؟

ج: إذا رأى من نفسه أنه إن شاء الله يقوى على هذا الشيء، لا يُقدم إلا إذا رأى من نفسه القُدرة على هذا الشيء.

س: الرسول ﷺ عندما رأى المرأة مقتولة في أي غزوةٍ؟

ج: الله أعلم، ما أذكر.

س: هل تُقام الحُجَّة على شخصٍ بأن يكون له دليلٌ من الكتاب والسنة، مثل: إذا كان قبوريًّا، أو لا بد أنه يطمئن إلى علمه وثقته؟

ج: لا، إذا طرح الدليل أحسن؛ حتى يطمئن إذا ..... قال الله تعالى: فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، وقال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]، تتلو عليه الآيات.

س: يعني بمجرد أن يكون له -أي شخص- دليلٌ من الكتاب والسنة؟

ج: تتلو عليه آيات حتى يطمئن.

س: ..... على الاطمئنان أحسن الله إليك؟

ج: حتى تقوم عليه الحُجَّة، ولو ما اطمأنَّ تقوم عليه الحُجَّة.

س: الرجل إذا أُصيب بغيبوبةٍ لفترةٍ: هل له حدٌّ ضابط معين إذا تعدَّاه ما يُؤمر بقضاء الصلاة؟

ج: يعني: قصدك إذا أُغمي عليه؟

س: إذا تعدَّى هذا الحدّ ما يُؤمر بقضاء الصلاة.

ج: أحسن ما قيل: ثلاثة أيام، وقال بعضُ أهل العلم: يوم واحد يكفي، ولكن أحسن ما قيل: ثلاثة أيام، إذا أُغمي عليه ثلاثة أيام يقضي، وإن كان أكثر لا يقضي كالمجنون، وأما ثلاثة أيام فأقل يُشبه النوم، إذا وعى وعافاه الله يقضي.

س: إذا دخل والإمام في التشهد الأخير ينتظر حتى يُسلِّم ويُصلي مع أحد المسبوقين أو يدخل معه؟

ج: لا، الأحسن أن يدخل معه؛ لعموم قوله ﷺ: ما أدركتُم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا متَّفق على صحَّته.

س: هل يُعتبر له أجر الجماعة؟

ج: أما الأجر والجماعة تفوت، ما أدرك إلا ركعة، ما أدرك الصلاة إلا ركعة، يقول النبي ﷺ: مَن أدرك ركعةً من الصلاة فقد أدرك الصلاة.

س: وإن كان يعلم أنَّ هناك ناسًا يتوضَّؤون ويأتون يلحقونه؟

ج: لا، يدخل مع الناس مثلما قال ﷺ.

س: بعض كبار السن اعتاد أن يصوم رمضان ثلاثين يومًا؟

ج: لا، يصوم مع الناس، إن صاموا ثلاثين يصوم معهم، وإن صاموا تسعة وعشرين، إذا أفطروا يُفطر معهم، وإذا صاموا يصوم معهم، مثلما قال ﷺ: الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يُفطر الناس لا يشذّ عن الناس.

س: بعضهم يقول: يمكن أنه يصير بُكرة صيام ..... فقط يصوم على أنه مثلًا بُكرة صيام؟

ج: يُعَلَّم، ما يجوز، لا يتقدم ولا يتأخَّر، مع المسلمين، الفطر يوم يُفطر الناس، والصوم يوم يصوم الناس.

س: صحَّة حديث ..... أكثركم أجرًا أقلّكم ..؟

ج: ما بلغني، ما أعرف عنه شيئًا.

س: الأشجار التي تُسقى بمياه المجاري يخرج منها ثمار، هل هي طاهرة أم نجسة؟

ج: إذا كان ما فيها نجاسة: لا ريح، ولا طعم، ولا لون؛ لا بأس.