التوحيد أصل دين الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولاها صاحبا الفضيلة: الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، والشيخ محمد بن بكري السميري، في موضوع عظيم ألا وهو موضوع التوحيد الذي هو أصل دين الإسلام وأساس الملة والدين، وقد أجادا وأفادا وأوضحا أقسام التوحيد، وبينا كل قسم، فجزاهما الله خيرًا، وضاعف مثوبتهما، وزادنا وإياكم وإياهما علمًا وهدى وتوفيقًا، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وعلمنا.

أيها الإخوة في الله: إن هذا الموضوع هو أهم موضوع في الإسلام، وهو أصل دين الإسلام، وهو الأساس الذي ترجع إليه أحكام الإسلام، من استقام عليه وأداه كما ينبغي واعتقده على الوجه الذي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام استقام له الأمر، فإن كمل أحكام الدين وابتعد عما حرم الله عليه ووقف عند حدود الله كانت له السعادة الأبدية، وفاز بالكرامة في الدنيا والآخرة إذا مات على ذلك، وإن انتقص من الأحكام شيئًا بأن ارتكب بعض المحارم أو ترك بعض الواجبات التي لا تنقض إسلامه ولا توجب ردته صار تحت المشيئة مشيئة الله ، وصار مصيره إلى الجنة، ولو بعد محن وبلايا، ولو بعد عذاب على قدر معاصيه التي مات عليها، لكن التوحيد هو الأصل الأصيل، ومن استقام عليه ومات عليه سالمًا من نواقض الإسلام فله الجنة، ومصيره إليها، وإن جرى عليه قبل ذلك ما يجري من ابتلاء وامتحان وعذاب وغير ذلك على قدر ما مات عليه من معاصي الله ، يقول الله : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].

والشرك ضد التوحيد، فمن مات عليه صار إلى النار -نعوذ بالله-، ولا مغفرة له، ولا نجاة، كما قال : إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة:72]، وقال تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، وقال سبحانه: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65]، وقال : مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ [التوبة:17]، نسأل الله العافية.

وقد سمعتم بيان التوحيد، وأصله هو معنى لا إله إلا الله، فإن هذه الكلمة هي أساس الملة، وهي أصل الدين، وهي كلمة التوحيد والعروة الوثقى، وهي أول كلمة دعت إليها الرسل عليهم الصلاة والسلام من أولهم إلى آخرهم، كلهم دعوا أممهم إلى توحيد الله والإيمان بمعنى هذه الكلمة لا إله إلا الله، كما قال : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36]، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25].