بيان حرمة استقدام الكفرة إلى جزيرة العرب وما فيه من الأضرار

الحمد لله، والصلاة والسلام على عبده، ورسوله، وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه نبينا، وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

فقد سمعنا الندوة المباركة التي تولاها صاحبا الفضيلة: الشيخ عبدالله بن جبرين، والشيخ إبراهيم الريس، فيما يتعلق باستقدام العمال من الكفرة والخدم والخادمات، ولقد أجادا وأفادا ووفيا المقام ما يستحق من بيان وإيضاح، فجزاهما الله خيرًا، وزادنا وإياكم وإياهما من الهدى والتوفيق والعلم النافع والعمل الصالح.

ولا ريب أن استقدام الكفرة في هذه الجزيرة أمر ممنوع، وقد بين النبي ذلك عليه الصلاة والسلام، وأوضح أن هذه الجزيرة لا ينبغي أن يكون فيها دينان، فهي مهد الإسلام، ومنبع الإسلام، ومنها انطلق الدعاة والمجاهدون إلى أرجاء الأرض، فلا يليق أبدًا ولا يجوز أن يستقدم لها الكفرة، ولا أن يسكنوا بها، وقد ثبت عنه ﷺ أنه أوصى عند موته ﷺ بإخراج المشركين من هذه الجزيرة، وهذه الوصية العظيمة تدل على أن هناك خطرًا عظيمًا في وجودهم في هذه الجزيرة، ولهذا أوصى عليه الصلاة والسلام بإخراجهم منها، وقال عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه من حديث عمر لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلمًا، وقد كان اليهود موجودين في خيبر عمالًا في مزارع خيبر بعدما فتحها المسلمون أقرهم النبي ﷺ بخيبر عمالًا؛ لأن الصحابة مشغولون بالجهاد، فأقرهم النبي ﷺ أن يعمروها بالنصف، ثم أمر بإجلائهم وإبعاد بقية الكفرة من هذه الجزيرة، ونفذ ذلك عمر ، كان الصديق مشغولًا بأهل الردة ومدته قصيرة رضي الله عنه مشغولًا بأهل الردة وقتالهم، فلما جاء عمر صارت مدته أوسع، نفذ هذا الأمر، وأمر بإجلاء الكفرة من هذه الجزيرة.

ومن المصائب العظيمة استقدامهم واستخدامهم في كل مكان، وهم خطر على كل حال في سائر أرجاء الأرض، ولكن في هذه الجزيرة لا شك في تحريم استقدامهم واستخدامهم في هذه الجزيرة؛ لما سمعتم من الأحاديث الدالة على تحريم بقائهم فيها، وأنها لا يجتمع فيها دينان، وأنها أرض الإسلام، ومهد الإسلام، ومنبع الإسلام، ومنطلق المسلمين، فلا يجوز أن يبقى فيها دين آخر يلبس على المسلمين، ويشوش على المسلمين، ويفرق صفوفهم، ومعلوم أن اتخاذ الكفرة بطانة يسبب مشاكل كبيرة وأخطارًا عظيمة في أي بلاد الله كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا [آل عمران:118]، يعني لا يألونكم شرًا، وفسادًا، وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ [آل عمران:118]، يعني: ودوا عنتكم ومشقتكم، قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ [آل عمران:118]، بين سبحانه أن اتخاذهم بطانة فيه الفساد العظيم، وأنهم لا يألون المسلمين خبالًا، يعني: إفسادًا وتخريبًا في الظاهر والباطن، إن قدروا ظاهرًا فعلوا، وإلا ففي الباطن والسر والخيانات الكثيرة، ولا ينبغي لعاقل أن يغتر بما يتعاطاه بعضهم من إظهار الصدق والأمانة، فإن هذا يتعاطونه لمصلحتهم ....... إن استقدموا حتى ينفذوا شرورهم، وحتى يبتزوا أموال المسلمين مع إفساد العقيدة والأخلاق، فالواجب على المسلمين أينما كانوا أن ينتبهوا لهذا الأمر، وقد سمعتم من الشيخين ما فيه الكفاية من التحذير.