الأدلة على حرمة المعاملات الربوية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وصفوته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولاها أصحاب الفضيلة: الشيخ محمد بن .......، والشيخ عبدالله اللحيدان، والشيخ حمد....... في موضوع عظيم خطير جدير بالعناية وهو موضوع الربا، وما حصل من فشوه بين الناس، وتهاون الكثير من الناس في شأنه، ووجود من قد يفتي في ذلك من الفتاوى الباطلة التي لا أساس لها في الشرع المطهر. وقد أجاد المشايخ وأفادوا وأوضحوا ما ينبغي إيضاحه في أعمال المصارف وأعمال الربا، فجزاهم الله خيرًا، وضاعف مثوبتهم، وزادنا وإياكم وإياهم علمًا وهدى وتوفيقًا.

لا ريب أن الربا موضوع جدير بالحذر، وجدير بالمحاربة من المسلمين؛ لأن الله جل وعلا آذن أهله بالحرب، فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ۝ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ [البقرة:278-279]، وقال فيه : الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275]، هذا وعيد عظيم، يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة:276].

وثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في صحيح البخاري عن أبي جحيفة عن النبي ﷺ أنه لعن آكل الربا وموكله، وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله تعالى عنه عن النبي ﷺ أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء، وثبت عنه في هذا أحاديث كثيرة تحذر من الربا، يقول ﷺ: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز، متفق على صحته.

ويقول ﷺ: الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد فهو ربا، وفي اللفظ الآخر: فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي في ذلك سواء، والأحاديث في هذا كثيرة جدًا، وقد سمعتم من المشايخ بعضها، فالواجب على أهل الإسلام أن يتقوا الله، وأن يحذروا المعاملات الربوية.

وقد ذكر أهل العلم أن هذه العمل الموجودة حكمها حكم الذهب والفضة؛ لأنها حلت محلها، الدولار والريال السعودي والدينار والجنيه الاسترليني والجنيه المصري إلى غير ذلك هذه العمل حلت محل الذهب والفضة، وأخذت حكمها؛ لأنها قيم الأشياء وثمن المبيعات، حلت محل الذهب والفضة وصارت في حكمها في وجوب التماثل في الجنس الواحد، وفي وجوب عدم النسيئة في الجميع، فلا بد من التماثل في الجنس الواحد، ولا بد من القبض يدًا بيد دولار بدولار، لا بد يدًا بيد مثلًا بمثل، ريال سعودي بريال سعودي كذلك يدًا بيد مثلا بمثل، فإذا اختلفت هذه الأصناف بيع هذا بهذا يدًا بيد، ولا يباع غائب بناجز، فلا يباع دينار بدولار إلى أجل، بل لا بد أن يكون يدًا بيد.