النصيحة لكتاب الله عز وجل

ومن ذلك النصح في قراءة القرآن كما سمعتم، فيقرأه قراءة المتدبر المتعقل المحب لكتاب الله؛ لأنه كلام الله ، فهو كلامه أنزله رحمة للعالمين؛ ليفقهه الناس، ليعملوا به، ليبلغوه الناس، فينصح في عباداته لله غاية النصح، ومن ذلك في القراءة، وبذلك يعمر القلب ويستقيم، ويقوى الإيمان، وينشط العبد في أداء أعماله، ويسهل عليه كل ما قد يصعب على غيره؛ بسبب صدقه في إخلاصه، وصدقه في إيمانه، وبذلك يفتح الله عليه من العلوم النافعة ما يجعله على بصيرة في دينه، وعلى بينة فيما يأتي ويذر.

وسمعتم ما يتعلق بالنصح للرسول ﷺ ولأئمة المسلمين وعامتهم.

ومما يتعلق بالنصح لكتاب الله الإيمان بأنه كلام الله سبحانه، وأنه منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وأنه كلام الله حروفه ومعانيه، ليس كلام حروف دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف، بل هو كلام الله معنى وحرف، تكلم به ، ونزل به الروح الأمين على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، فهو كلام الله حقًا كما تناقلته الأمة وأئمتها وأجمع عليه السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم، فهو كلام الله سبحانه لا كلام غيره. وقد شن سلف الأمة الغارة وبدعوا وضللوا وكفروا من زعم خلاف ذلك من أهل البدع.

ومن النصح لكتاب الله التدبر للمعاني والتعقل للمعاني كما تقدم كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ [ص:29] أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24] إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، فلا يستفيد منه العلوم النافعة، ولا يحصل له من الطمأنينة والخشوع والعلم النافع والنشاط في أعماله الطيبة وفي ترك ما حرم الله عليه إلا من تدبر وتعقل.