خطورة الربا على المجتمعات

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده رسوله وأمينه على وحيه وصفوته من خلقه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولاها أصحاب الفضيلة: الشيخ صالح بن علي الناصر، والشيخ عبدالعزيز المسند، والدكتور زاهر الألمعي، فيما يتعلق بموضوع عظيم وخطير الحاجة بل الضرورة ماسة إلى العناية به وإيضاح أحكامه وهو موضوع الربا، وقد أجاد المشايخ وأفادوا وأوضحوا الكثير من مقاصد هذا الموضوع، وبينوا خطورته، وسوء عاقبته على أهله، وعلى المسلمين، وأن الواجب على أهل الإسلام أن يحذروه، وأن يبتعدوا عن المعاملة الربوية بجميع أنواعها خوفًا من لعنة الله، وحذرًا من سوء العاقبة، وقد أحسن المشايخ جزاهم الله خيرًا، وزادنا وإياكم وإياهم علمًا وهدى وتوفيقًا، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وعلمنا.

لا شك أن موضوع الربا موضوع عظيم، سمعتم بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في هذا الموضوع الخطير، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه لعن آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء، فالموضوع خطير، وقال عليه الصلاة والسلام: اجتنبوا السبع الموبقات، في الصحيحين يقول ﷺ: اجتنبوا السبع الموبقات، قلنا: وما هن يا رسول الله! قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا جعله الرابع بعد القتل وأكل مال اليتيم هذا الخامس والتولي يوم الزحف عند لقاء الكفرة وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات.

فالربا من السبع الموبقات، والموبقة: المهلكة، نعوذ بالله، ولا شك أن الواجب على العلماء وعلى ولاة الأمور  .......، وإزالة ما يضر المسلمين من جهة البنوك الربوية، ومن جهة المعاملات الأخرى مع غير البنوك، وأن الربا يجب القضاء عليه حذرًا من غضب الله وعقابه، وحرصًا على أن يأكل المسلمون من كسب حلال، لا من كسب حرام، وقد جعل الله جل وعلا في دين كامل وشرع كامل يقول سبحانه: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ[المائدة:3]، فليس هناك بحمد الله حاجة إلى أي قانون وأي وضع من جهة الكفرة، بل في دين الله وفي شريعة رسول الله ﷺ التي هي عن ربه ما يكفي ويشفي، فالواجب على أهل العلم أن يطبقوها وأن يأخذوا بها، وأن يحذروا ما خالفها، وأن يرشدوا ولاة الأمور والمسلمين جميعًا إلى مقتضاها، وما بين الله فيها، والإسلام هو الحاكم على الناس، وليست قوانين الناس ولا أوضاعهم المخالفة هي الحاكمة، فالإسلام دين ودولة هو الحاكم على الجميع قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ[النساء:58]، والعدل: هو حكم الله، هو شرع الله وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ[المائدة:49]، فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65]، ويقول سبحانه: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50].