37- باب قول الله تعالى: {يعرفون نعمة الله}

باب قول الله تعالى: {يعرفون نعمة الله}
قال مجاهد ما معناه: "هو قول الرجل: هذا مالي ورثته عن آبائي".
وقال عون بن عبدالله: لولا فلان لم يكن كذا". وقال قتيبة: " "يقولون: هذا بشفاعة آلهتنا".
وقال أبو العباس بعد حديث زيد بن خالد الذي فيه: أن الله تعالى قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر - الحديث وقد تقدم - وهذا كثير في الكتاب والسنة، يذم سبحانه من يضيف إنعامه إلى غيره ويشرك به.
قال بعض السلف: هو كقولهم: كانت الريح طيبة، والملاح حاذقا، ونحو ذلك مما هو جار على ألسنة كثير.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الباب أراد به المؤلف رحمه الله بيان وجوب شكر نعم الله، وأن الواجب على المؤمن الاعتراف بنعم الله وشكر الله عليها جل وعلا وعدم نسبتها إلى آبائه وأجداده ونحو ذلك كحال المشركين قال فيهم جل وعلا: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ [النحل: 83] يعرفون أن الله أنعم عليهم وأعطاهم ويقول: هذا مالي ورثته عن آبائي، أو هذا بسبب كذا وسبب كذا، ينسى نعمة الله عليه، والواجب أن يعترف بنعم الله وأن يشكر الله ولا بأس أن يذكر الأسباب مثل البيع والشراء الزراعة المساقاة لا بأس، لكن ينسب النعم إلى  الله وأنها من فضل الله وكرمه لا بجهده وعمله فقط ولا بجهد آبائه وأسلافه ولا بشفاعة آلهته كما يقول بعض المشركين، وكما قال الأبرص والأعمى لما امتحنوا إنما ورثت هذا المال كابرًا عن كابر ونسيا فضل الله عليهما، ومنه حديث زيد: وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب، والواجب أن يقول مطرنا بفضل الله ورحمته؛ ومنه قول بعضهم إذا سئل عن تسهيل سيره في البحر قال: كان الملاح حاذقًا والريح طيبة، وينسى نعمة الله الذي سخر الريح ويسر له الملاح الطيب، والمقصود من هذا أن الإنسان لا يكل الرزق أو العافية أو الصحة أو ما حصل له من الخير إلى الأسباب وينسى المنعم، بل يشكر الله ولا بأس أن يذكر الأسباب، لكن يشكر الله ويقول إنه سبحانه أنعم علينا، يسر لنا كذا، جعل الله الريح طيبة، من تيسير الله أن الملاح كان جيدًا وفاهمًا وهكذا في سائر أحواله، كانت التجارة بحمد لله مربحة ربحنا كذا، الزراعة سلمت بحمد الله، لا ينسى فضل الله، لا ينسبها إلى أسبابه وآبائه وينسى المنعم جل وعلا، كل شيء منه بفضله كما قال سبحانه: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النحل: 53] فالواجب شكر الله وعدم نسيانه ولا مانع من ذكر الأسباب.
وفق الله الجميع.