43- باب احترام أسماء الله تعالى وتغيير الاسم لأجل ذلك

باب احترام أسماء الله تعالى وتغيير الاسم لأجل ذلك
عن أبي شريح أنه كان يكنى أبا الحكم، فقال له النبي ﷺ: إن الله هو الحكم، وإليه الحكم. فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني، فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين. فقال: ما أحسن هذا فما لك من الولد؟ قال: قلت: شريح ومسلم وعبدالله. قال: فمن أكبرهم؟ قلت: شريح. قال: فأنت أبو شريح رواه أبو داود وغيره.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الباب في احترام أسماء الله وتعظيمها وتغيير الاسم من أجل ذلك، يعني من أجل احترام أسماء الله، النبي ﷺ غير أسماء لا تناسب في حكم الشرع غيرها كما غير حزن بسهل، وأشباه ذلك مما جرى له عليه الصلاة والسلام من تغيير بعض الأسماء، فهذا أبو شريح كان يكنى أبا الحكم فقال له النبي ﷺ: إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني، فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين، فقال: ما أحسن هذا! يعني الصلح بينهم حتى يرضوا شيء مطلوب، فما لك من الولد؟ قلت: شريح، ومسلم، وعبدالله، قال: فمن أكبرهم؟ قال: شريح، قال: فأنت أبو شريح، هذا يدل على أن الكنية تكون بأكبر الأولاد الذكور، ولهذا ما سأله عن البنات بل كناه بأبي شريح، فيدل على أن الشخص يكنى بأكبر أولاده وأن كنية أبا الحكم ينبغي تركها، ولكن هذا يشكل عليه أحاديث كثيرة صحيحة أصح منه وهي أنه ﷺ أقر أسماء كاسم الحكم واسم حكيم ولم يغيرها حكيم بن حزام في الصحيحين وله أحاديث كثيرة، والحكم بن حزن له أحاديث، ولم يغيرها عليه الصلاة والسلام فيدل هذا على أن مثل هذا لا حرج فيه أن يسمى الحكم والحكيم ويكون هذا معارضًا لما جاء في الحديث المذكور هذا، والجمع بينهما على تقدير سلامة هذا الحديث من العلة أن هذا هو الأفضل ألا يكنى بأبي الحكم ويكنى بكنية أخرى، وأما الجواز فيجوز؛ لأن الرسول ﷺ أقر حكيمًا وأقر الحكم ولم يغير أسماءهما فيكون هذا هو الصواب، وإذا غير أبو الحكم بأبي شريح أو بأبي عبدالله أو بأبي فلان كان هذا حسنًا من باب الاحتياط، وإلا فأحاديث الحكم والحكيم أصح في الصحيحين حكيم بن حزام له أحاديث كثيرة في الصحيحين، وحكم بن حزن وأسماء كثيرة باسم الحكم والحكيم، كلها دالة على الجواز وأن الرسول عليه الصلاة والسلام أقرها.
ومعنى حكيم اسم جامد، قد يكون سمي حكيم لأنه جيد في أعماله، عنده حكمة وعنده نظر وعنده بصيرة، وقد يكون الحكم اسم جامد، مثل حكيم بن حزام أسماء جامدة، والله سبحانه هو الحكيم ويسمى عبده الحكيم وليس الحكيم كالحكيم، كما أن الله سبحانه عليم ويسمى عبده عليمًا ويسمى عبده بصيرًا وهو يسمى بصيرًا وليس البصير كالبصير، وليس السميع كالسميع، وليس الحكيم كالحكيم: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11] وهكذا بقية الأسماء التي يشترك فيها المخلوق كالسميع والبصير والحكيم والقدير وأشباهه، فهي مشتركة في الألفاظ ولكن الحقائق تختلف، فليس الحكيم كالحكيم وليس المجيد كالمجيد، وليس العزيز كالعزيز، وليس السميع كالسميع، وليس البصير كالبصير: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11] وهناك أسماء لا يسمى بها إلا هو كالخلاق والرزاق  وخالق الخلق وعالم الغيب والشهادة هذه أسماء تختص بالله لا يسمى بها غيره سبحانه وتعالى.
وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: هل يجوز أن أسأل بحق نبيي؟
الجواب: ما ينبغي السؤال بهذا، وإن كان تأويل بأن حق الأنبياء وحق الدعاة حقهم أن يثيبهم والإثابة وصف من أوصافه كما في حديث: بحق السائلين وحق ممشاي هذا، وهو حديث ضعيف، لكن معناه حقهم الإثابة وهي وصف من أوصافه جل وعلا، توسل بصفاته سبحانه وتعالى، وحق السائلين الإجابة وصف من صفاته جل وعلا، ترك التوسل بهذا أولى، يتوسل بأسمائه الصريحة وصفاته الواضحة، اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى كما قال تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف: 180]، أسألك بأنك السميع بأنك العليم بأنك الحكيم أسألك بعلمك الذي وسعت به كل شيء أسألك بحكمتك ما فيه بأس.
س: يقول في سؤاله أنه ينشرح صدره إذا قلت بحق أوليائك ويقصد أولياءه القبور التي تطاف عليها في بلده؟
الشيخ: يقول اللهم إني أسألك؟
س: نعم بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى.
الشيخ: بس، يقتصر على هذا. حتى لا يوهم الناس العامة أنهم على حق في شركهم.