07 من قوله: (.. وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ)

وقيل في قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَرَوَى الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ قَالَ يَقُولُ: أَعْلَمُ السِّرَّ كَمَا أَعْلَمُ الْعَلَانِيَةَ يَعْنِي مَا كَتَمَ إِبْلِيسُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْكِبْرِ وَالِاغْتِرَارِ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ نَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ: قَوْلُهُمْ أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ الآية، فَهَذَا الَّذِي أَبْدَوْا وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ يَعْنِي مَا أَسَرَّ إِبْلِيسُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْكِبْرِ. وَكَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ وَالثَّوْرِيُّ، وَاخْتَارَ ذَلِكَ ابْنُ جَرِيرٍ.
الشيخ: والآية عامة تعم كل شيء مما أبداه الملائكة وما كتموه فهو لا تخفى عليه خافية يعلم السر وأخفى يعلم ما في نفوسهم مما لم يبدوا، ويعلم ما أبدوا من باب أولى وهكذا إبليس؛ فإنه إن كان من الملائكة فهو داخل في هذه الآية ويعلم ما في نفسه وما أسره في نفسه من الكبر والتعاظم على آدم وعزمه على الامتناع عن السجود وهكذا إذا كان من غيرهم من الجن الذين هم جنس آخر، وثقل آخر، فهو يعلم هذا وهذا فالآية عامة، يعلم سبحانه ما يبديه العباد وما يخفيه العباد ومنهم الملائكة ومنهم إبليس وكلهم عبيد لكنهم قسمان، قسم أطاعوا الله وعظموه وانقادوا لشرعه فهم عباده صالحون وهم أولياؤه، وقسم عصوا أمره وعبدوا معه سواه وهم عباده من جهة الربوبية وإن كانوا أعداءه من جهة عدم أدائهم حقه .
قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: هُوَ قَوْلُهُمْ: لَمْ يَخْلُقْ رَبُّنَا خَلْقًا إِلَّا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فكان الذي أبدوا هو قَوْلُهُمْ: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدماء، وكان الذي كتموا بينهم هو قَوْلَهُمْ: لَنْ يَخْلُقَ رَبُّنَا خَلْقًا إِلَّا كُنَّا نحن أَعْلَمَ مِنْهُ وَأَكْرَمَ، فَعَرَفُوا أَنَّ اللَّهَ فَضَّلَ عَلَيْهِمْ آدَمَ فِي الْعِلْمِ وَالْكَرَمِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا يُونُسَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عبدالرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قِصَّةِ الْمَلَائِكَةِ وَآدَمَ، فَقَالَ اللَّهُ لِلْمَلَائِكَةِ: كَمَا لَمْ تَعْلَمُوا هَذِهِ الْأَسْمَاءَ فَلَيْسَ لَكُمْ عِلْمٌ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَجْعَلَهُمْ لِيُفْسِدُوا فِيهَا، هَذَا عِنْدِي قَدْ عَلِمْتُهُ وَلِذَلِكَ أَخْفَيْتُ عَنْكُمْ أَنِّي أَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يَعْصِينِي وَمَنْ يُطِيعُنِي، قَالَ: وقد سبق مِنَ اللَّهِ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [هُودٍ:119] قَالَ: وَلَمْ تَعْلَمِ الْمَلَائِكَةُ ذَلِكَ وَلَمْ يَدْرُوهُ، فقال: فلما رَأَوْا مَا أَعْطَى اللَّهُ آدَمَ مِنَ الْعِلْمِ أَقَرُّوا لَهُ بِالْفَضْلِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَعْلَمُ، مَا تُبْدُونَ وأعلم مع علمي غيب السموات وَالْأَرْضِ، مَا تُظْهِرُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تُخْفُونَ في أنفسكم، فلا يخفى علي أي شَيْءٌ سَوَاءٌ عِنْدِي سَرَائِرُكُمْ وَعَلَانِيَتُكُمْ. وَالَّذِي أَظْهَرُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ قَوْلُهُمْ: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا، وَالَّذِي كَانُوا يَكْتُمُونَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مُنْطَوِيًا إِبْلِيسُ مِنَ الْخِلَافِ عَلَى اللَّهِ فِي أَوَامِرِهِ وَالتَّكَبُّرِ عَنْ طَاعَتِهِ، قَالَ: وَصَحَّ ذَلِكَ كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ: قُتِلَ الْجَيْشُ وَهُزِمُوا، وَإِنَّمَا قُتِلَ الْوَاحِدُ أَوِ الْبَعْضُ وَهُزِمَ الْوَاحِدُ أَوِ الْبَعْضُ، فَيَخْرُجُ الْخَبَرُ عَنِ الْمَهْزُومِ مِنْهُ وَالْمَقْتُولِ مَخْرَجَ الْخَبَرِ عَنْ جَمِيعِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ [الْحُجُرَاتِ: 4] ذُكِرَ أَنَّ الَّذِي نَادَى إِنَّمَا كَانَ وَاحِدًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ .
الشيخ: تقدم أن العبرة بالعموم وأن الآية تعم ما ذكرهم المفسرون وغيرهم، وأن هذه الأشياء مما ينقل عن بني إسرائيل فلا يعول على شيء منهم بعينه بل الآية تعم هذا وتعم هذا، وتعم ما لم يذكروه أيضاً؛ لأن التفسير ليس (......) معصوم، بل كل واحد اجتهد فيما بلغه وذكره من التفسير، والآية في هذا وأمثاله تعم وتشمل.
وقوله تعالى: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ
وَهَذِهِ كَرَامَةٌ عَظِيمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِآدَمَ امْتَنَّ بِهَا عَلَى ذُرِّيَّتِهِ حَيْثُ أَخْبَرَ أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَحَادِيثُ أَيْضًا كَثِيرَةٌ مِنْهَا حَدِيثُ الشَّفَاعَةِ الْمُتَقَدِّمِ.
الشيخ: حديث الشفاعة يقول المؤمنون يوم القيامة يا آدم خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته، ونفخ فيك من روحه وأسجد  لك ملائكته هذا من نص الحديث، المؤمنين يوم القيامة يقولون هذا لأبيهم آدم .
وَحَدِيثُ مُوسَى رَبِّ أَرِنِي آدَمَ الَّذِي أَخْرَجَنَا وَنَفْسَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ بِهِ قَالَ: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَأَسْجَدَ له ملائكته وقال وذكر الحديث كما سيأتي إن شاء الله.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عِمَارَةَ عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ إِبْلِيسُ مِنْ حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ،
.............
 خُلِقُوا مِنْ نَارِ السَّمُومِ مِنْ بَيْنِ الْمَلَائِكَةِ، وَكَانَ اسْمُهُ الْحَارِثُ، وَكَانَ خَازِنًا مِنْ خُزَّانِ الْجَنَّةِ، قَالَ: وَخُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ مِنْ نُورٍ غَيْرَ هَذَا الْحَيِّ، قَالَ: وَخُلِقَتِ الْجِنُّ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْقُرْآنِ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ وَهُوَ لِسَانُ النَّارِ الَّذِي يَكُونُ فيه طرفها إذا ألهبت. قَالَ: وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ طِينٍ، فَأَوَّلُ مَنْ سَكَنَ الْأَرْضَ الْجِنُّ فَأَفْسَدُوا فِيهَا، وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ، وَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، قَالَ: فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ إِبْلِيسَ فِي جُنْدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَهُمْ هَذَا الْحَيُّ الَّذِي يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ فَقَتَلَهُمْ إِبْلِيسُ وَمَنْ مَعَهُ حَتَّى أَلْحَقَهُمْ بِجَزَائِرِ الْبُحُورِ وَأَطْرَافِ الْجِبَالِ فَلَمَّا فَعَلَ إِبْلِيسُ ذَلِكَ اغْتَرَّ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ: قَدْ صَنَعْتُ شَيْئًا لَمْ يَصْنَعْهُ أَحَدٌ، قَالَ: فَاطَّلَعَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قلبه ولم تطلع عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فَقَالَ اللَّهُ للملائكة الذين كانوا مَعَهُ: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً. فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةِ مجيبين له: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ كَمَا أَفْسَدَتِ الْجِنُّ وَسَفَكَتِ الدِّمَاءَ، وَإِنَّمَا بعثتنا عليهم لذلك؟ فقال الله تعالى: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ يَقُولُ: إِنِّي قد اطَّلَعْتُ مِنْ قَلْبِ إِبْلِيسَ عَلَى مَا لَمْ تَطَّلِعُوا عَلَيْهِ، مِنْ كِبْرِهِ وَاغْتِرَارِهِ، قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِتُرْبَةِ آدَمَ فَرُفِعَتْ، فَخَلَقَ اللَّهُ آدَمَ من طين لازب، واللازب اللزج الصَّلْبُ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ مُنْتِنٍ، وَإِنَّمَا كَانَ حَمَأً مَسْنُونًا بَعْدَ التُّرَابِ، فَخَلَقَ مِنْهُ آدَمَ بِيَدِهِ، قَالَ: فَمَكَثَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً جَسَدًا مُلْقًى، وكان إِبْلِيسُ يَأْتِيهِ فَيَضْرِبُهُ بِرِجْلِهِ فَيُصَلْصِلُ أَيْ فَيُصَوِّتُ، فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ يَقُولُ كَالشَّيْءِ الْمُنْفَرِجِ الَّذِي لَيْسَ بِمُصْمَتٍ، قَالَ: ثُمَّ يَدْخُلُ فِي فِيهِ وَيَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ،  ويدخل من دبره وَيَخْرُجُ مِنْ فِيهِ، ثُمَّ يَقُولُ: لَسْتَ شَيْئًا لِلصَّلْصَلَةِ وَلِشَيْءٍ مَا خُلِقْتَ، وَلَئِنْ سُلِّطْتُ عَلَيْكَ لَأُهْلِكَنَّكَ، وَلَئِنْ سُلِّطْتَ عَلَيَّ لِأَعْصِيَنَّكَ، قَالَ: فَلَمَّا نفخ الله فيه من رُوحِهِ أَتَتِ النَّفْخَةُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فَجَعْلَ لَا يَجْرِي شَيْءٌ مِنْهَا فِي جَسَدِهِ إِلَّا صَارَ لَحْمًا وَدَمًا، فَلَمَّا انْتَهَتِ النَّفْخَةُ إِلَى سُرَّتِهِ نَظَرَ إِلَى جَسَدِهِ فَأَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ جَسَدِهِ فَذَهَبَ لِيَنْهَضَ فَلَمْ يَقْدِرْ، فَهُوَ قول الله تعالى وخلق الإنسان عجولا [الإسراء:11]قال: ضجرا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى سَرَّاءَ وَلَا ضَرَّاءَ قَالَ: فَلَمَّا تَمَّتِ النَّفْخَةُ فِي جَسَدِهِ عَطَسَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ بِإِلْهَامِ اللَّهِ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا آدَمَ قال: ثم قال تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْلِيسَ خَاصَّةً دون الملائكة الذين في السموات: اسجدوا لآدم فسجدوا كلهم أجمعون إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ لِمَا كَانَ حَدَّثَ نَفْسَهُ مِنَ الْكِبْرِ وَالِاغْتِرَارِ، فَقَالَ: لَا أَسْجُدُ لَهُ وَأَنَا خَيْرٌ مِنْهُ وَأَكْبَرُ سِنًّا وَأَقْوَى خَلْقًا، خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ، يَقُولُ: إِنَّ النَّارَ أَقْوَى مِنَ الطِّينِ، قَالَ: فَلَمَّا أَبَى إِبْلِيسُ أَنْ يَسْجُدَ أَبْلَسَهُ اللَّهُ، أَيْ آيَسَهُ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ وَجَعَلَهُ شَيْطَانًا رَجِيمًا عُقُوبَةً لِمَعْصِيَتِهِ، ثُمَّ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا وَهِيَ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ الَّتِي يَتَعَارَفُ بِهَا النَّاسُ: إِنْسَانٌ وَدَابَّةٌ وَأَرْضٌ وَسَهْلٌ وَبَحْرٌ وَجَبَلٌ وَحِمَارٌ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِنَ الْأُمَمِ وَغَيْرِهَا. ثُمَّ عَرَضَ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ عَلَى أُولَئِكَ الْمَلَائِكَةِ يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْلِيسَ الَّذِينَ خُلِقُوا مِنْ نَارِ السَّمُومِ، وَقَالَ لَهُمْ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ أي يقول أَخْبِرُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ إِنْ كنتم تعلمون لما أجعل في الأرض خليفة، قَالَ: فَلَمَّا عَلِمَتِ الْمَلَائِكَةُ مَوْجِدَةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَكَلَّمُوا بِهِ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ الَّذِي لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ قالُوا سُبْحانَكَ تَنْزِيهًا لِلَّهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ يَعْلَمُ الْغَيْبَ غَيْرَهُ وَتُبْنَا إِلَيْكَ لَا عِلْمَ لَنا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنا تَبَرِّيًا مِنْهُمْ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا كَمَا عَلَّمْتَ آدَمَ فَقَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ يقول: أخبرهم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ، قالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ أَيُّهَا الْمَلَائِكَةُ خَاصَّةً إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَا يَعْلَمُ غَيْرِي وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ يَقُولُ مَا تُظْهِرُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ يَقُولُ: أَعْلَمُ السِّرَّ كَمَا أَعْلَمُ الْعَلَانِيَةَ، يَعْنِي مَا كَتَمَ إِبْلِيسُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْكِبْرِ وَالِاغْتِرَارِ. هَذَا سِيَاقٌ غَرِيبٌ وَفِيهِ أَشْيَاءُ فِيهَا نَظَرٌ يَطُولُ مُنَاقَشَتُهَا. وَهَذَا الْإِسْنَادُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يُرْوَى بِهِ تَفْسِيرٌ مَشْهُورٌ.
الشيخ: في سنده ضعف فالضحاك قيل أنه لم يسمع من ابن عباس.
وَقَالَ السُّدِّيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ: لَمَّا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِ مَا أَحَبَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ. فَجَعَلَ إِبْلِيسَ عَلَى مُلْكِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَكَانَ مِنْ قَبِيلَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ، وَإِنَّمَا سُمُّوا الْجِنَّ لِأَنَّهُمْ خُزَّانُ الْجَنَّةِ، وَكَانَ إِبْلِيسُ مَعَ مُلْكِهِ خَازِنًا فَوَقَعَ فِي صَدْرِهِ الكبر وقال: ما أعطاني الله هذا إلا لميزة لِي عَلَى الْمَلَائِكَةِ، فَلَمَّا وَقَعَ ذَلِكَ الْكِبْرُ فِي نَفْسِهِ اطَّلَعَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ، فَقَالَ اللَّهُ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فقالوا: رَبَّنَا وَمَا يَكُونُ ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ؟ قَالَ: يَكُونُ لَهُ ذُرِّيَّةٌ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَيَتَحَاسَدُونَ وَيَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، قَالُوا: رَبَّنَا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها، وَيَسْفِكُ الدِّماءَ، وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ؟ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ يَعْنِي مِنْ شَأْنِ إِبْلِيسَ. فَبَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ إِلَى الْأَرْضِ لِيَأْتِيَهُ بِطِينٍ مِنْهَا، فَقَالَتِ الأرض: إني أعوذ بالله منك أن تقبض مِنِّي أَوْ تَشِينَنِي، فَرَجَعَ وَلَمْ يَأْخُذْ، وَقَالَ: يا رب إنها عَاذَتْ بِكَ فَأَعَذْتُهَا، فَبَعَثَ مِيكَائِيلُ فَعَاذَتْ مِنْهُ فَأَعَاذَهَا، فَرَجَعَ فَقَالَ كَمَا قَالَ جِبْرِيلُ، فَبَعَثَ مَلَكَ الْمَوْتِ فَعَاذَتْ مِنْهُ فَقَالَ: وَأَنَا أَعُوذُ بالله أن أَرْجِعَ وَلَمْ أُنَفِّذْ أَمْرَهُ، فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَخَلَطَ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ وَأَخَذَ مِنْ تُرْبَةٍ حَمْرَاءَ وَبَيْضَاءَ وَسَوْدَاءَ فَلِذَلِكَ خَرَجَ بَنُو آدَمَ مُخْتَلِفِينَ فَصَعِدَ بِهِ فَبَلَّ التُّرَابَ حَتَّى عَادَ طِينًا لَازِبًا، وَاللَّازِبُ هُوَ الَّذِي يَلْتَزِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، ثُمَّ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ. فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ [ص:71- 72] فخلفه اللَّهُ بِيَدِهِ لِئَلَّا يَتَكَبَّرَ إِبْلِيسُ عَنْهُ لِيَقُولَ لَهُ: تَتَكَبَّرُ عَمَّا عَمِلْتُ بِيَدِي وَلَمْ أَتَكَبَّرْ أَنَا عَنْهُ؟ فَخَلَقَهُ بَشَرًا، فَكَانَ جَسَدًا مِنْ طِينٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ مِقْدَارِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَمَرَّتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ فَفَزِعُوا مِنْهُ لَمَّا رَأَوْهُ، وكان أَشَدُّهُمْ فَزَعًا مِنْهُ إِبْلِيسُ فَكَانَ يَمُرُّ بِهِ فَيَضْرِبُهُ فَيُصَوِّتُ الْجَسَدُ كَمَا يُصَوِّتُ الْفَخَّارُ وَتَكُونُ له صَلْصَلَةٌ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّار [الرحمن:14] يقول: لأمر ما خلقت، ودخل من فيه وخرج مِنْ دُبُرِهِ وَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: لَا تَرْهَبُوا مِنْ هَذَا فَإِنَّ رَبَّكُمْ صَمَدٌ وَهَذَا أَجْوَفُ، لَئِنْ سُلِّطْتُ عَلَيْهِ لَأُهْلِكَنَّهُ، فَلَمَّا بَلَغَ الْحِينَ الَّذِي يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يَنْفُخَ فِيهِ الروح، قال الملائكة: إِذَا نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَاسْجُدُوا لَهُ، فَلَمَّا نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ فَدَخَلَ الرُّوحُ فِي رَأْسِهِ عَطَسَ فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ لَهُ الرب رَحِمَكَ رَبُّكَ فَلَمَّا دَخَلَتِ الرُّوحُ فِي عَيْنَيْهِ نَظَرَ إلى ثمار الجنة، فلما دخل الروح في جَوْفِهِ اشْتَهَى الطَّعَامَ فَوَثَبَ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ الرُّوحُ رِجْلَيْهِ عَجْلَانَ إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ فَذَلِكَ حين يقول الله تَعَالَى خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ [الْأَنْبِيَاءِ:37] فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يكون مع الساجدين، أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ، قَالَ اللَّهُ لَهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدِي؟ قَالَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ لم أكن لأسجد لبشر خلقته من طين. قال الله له: اخرج مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ يَعْنِي مَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ [الْأَعْرَافِ: 13] وَالصَّغَارُ هُوَ الذُّلُّ، قَالَ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَ الْخَلْقَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أَنَّ بَنِي آدَمَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَيَسْفِكُونَ الدِّمَاءَ، فَقَالُوا: سُبْحانَكَ لَا عِلْمَ لَنا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ اللَّهُ: يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ قَالَ: قَوْلُهُمْ أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها فَهَذَا الَّذِي أَبْدَوْا وَأَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ يَعْنِي مَا أَسَرَّ إِبْلِيسُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْكِبْرِ، فَهَذَا الْإِسْنَادُ إِلَى هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ مَشْهُورٌ فِي تَفْسِيرِ السُّدِّيِّ وَيَقَعُ فِيهِ إِسْرَائِيلِيَّاتُ كَثِيرَةٌ، فَلَعَلَّ بَعْضَهَا مُدْرَجٌ  لَيْسَ مِنْ كلام الصحابة، أو أنهم أخذوه مِنْ بَعْضِ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.الشيخ: مثل ما قال المؤلف عن السند المشهور السدي عن مرة عن أبي صالح عن ابن عباس لكنه مما يستقيه من بعض أخبار بني إسرائيل فلا تقوم به الحجة، والحجة إنما تثبت وتقوم بما قاله الله ورسوله، أما أخبار بني إسرائيل فمثل ما قال النبي ﷺ فيها الكذب والصدق حتى قال: فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فالحاصل أن أخبار بني إسرائيل ليس مما يعتمد عليه لا في التفسير ولا في غيره وإلا فهي تحكى وتذكر للعبرة حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ويكفي ما دل عليه كتاب الله والحمد لله.
وَالْحَاكِمُ يروي في مستدركه بهذا الإسناد بعينه ويقول أشياء ويقول عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.
وَالْغَرَضُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ، دَخَلَ إِبْلِيسُ فِي خِطَابِهِمْ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عُنْصُرِهِمْ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَشَبَّهَ بِهِمْ وَتَوَسَّمَ بِأَفْعَالِهِمْ، فَلِهَذَا دَخَلَ فِي الْخِطَابِ لَهُمْ وَذُمَّ فِي مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ، وَسَنَبْسُطُ الْمَسْأَلَةَ إِنَّ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ قَوْلِهِ: إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ [الكهف:50] ولهذا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ خَلَّادٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ إِبْلِيسُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ الْمَعْصِيَةَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ اسْمُهُ عَزَازِيلُ وَكَانَ مِنْ سُكَّانِ الْأَرْضِ وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ الْمَلَائِكَةِ اجْتِهَادًا، وَأَكْثَرِهِمْ عِلْمًا، فَذَلِكَ دَعَاهُ إِلَى الْكِبْرِ، وَكَانَ مِنْ حَيٍّ يسمونه جِنًّا.
 وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ خَلَّادٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ طَاوُسٍ أَوْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْ غَيْرِهِ بِنَحْوِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ يَعْنِي ابْنَ الْعَوَّامِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قال: كان إبليس اسمه عزازيل، وكان من أشرف الْمَلَائِكَةِ مِنْ ذَوِي الْأَجْنِحَةِ الْأَرْبَعَةِ، ثُمَّ أَبْلَسَ بَعْدُ.
وَقَالَ سُنَيْدٌ، عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ إِبْلِيسُ مِنْ أَشْرَافِ الْمَلَائِكَةِ وَأَكْرَمُهُمْ قَبِيلَةً، وَكَانَ خَازِنًا عَلَى الْجِنَانِ، وَكَانَ لَهُ سُلْطَانُ سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَكَانَ لَهُ سُلْطَانُ الْأَرْضِ.
وَهَكَذَا رَوَى الضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَوَاءً. وَقَالَ صَالِحٌ مولى التوأمة  عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ: وَكَانَ إِبْلِيسُ مِنْهُمْ، وَكَانَ يَسُوسُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَعَصَى، فَمَسَخَهُ اللَّهُ شَيْطَانًا رَجِيمًا، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ قتادة عن سعد بْنِ الْمُسَيَّبِ: كَانَ إِبْلِيسُ رَئِيسَ مَلَائِكَةِ سَمَاءِ الدُّنْيَا.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ عَوْفٍ عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: مَا كَانَ إِبْلِيسُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ طَرْفَةَ عَيْنٍ قَطُّ، وَإِنَّهُ لَأَصْلُ الْجِنِّ كَمَا أَنَّ آدَمَ أَصْلُ الْإِنْسِ. وَهَذَا الإسناد صَحِيحٌ عَنِ الْحَسَنِ. وَهَكَذَا قَالَ عبدالرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ سَوَاءً.
وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ: كَانَ إِبْلِيسُ مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ طَرَدَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ فَأَسَرَهُ بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ فَذَهَبَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ سُنَيْدُ بْنُ دَاوُدَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا عبدالرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُوسَى بْنِ نُمَيْرٍ وَعُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَامِلٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تُقَاتِلُ الْجِنَّ فَسُبِيَ إبليس وكان صغيرا فكان مع الملائكة يتعبد مَعَهَا فَلَمَّا أُمِرُوا بِالسُّجُودِ لِآدَمَ سَجَدُوا، فَأَبَى إِبْلِيسُ، فَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ.
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن الْقَزَّازُ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقًا فَقَالَ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَقَالُوا: لَا نَفْعَلُ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَارًا فَأَحْرَقَتْهُمْ، ثُمَّ خَلَقَ خَلْقًا آخَرَ فَقَالَ: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ اسْجُدُوا لِآدَمَ قَالَ: فأبوا فبعث الله عليهم نارا فَأَحْرَقَتْهُمْ، ثُمَّ خَلَقَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ: اسْجُدُوا لِآدَمَ، قَالُوا: نَعَمْ، وَكَانَ إِبْلِيسُ مِنْ هؤلاء الَّذِينَ أَبَوْا أَنْ يَسْجُدُوا لِآدَمَ  - وَهَذَا غَرِيبٌ وَلَا يَكَادُ يَصِحُّ إِسْنَادُهُ فَإِنَّ فِيهِ رَجُلًا مُبْهَمًا  وَمِثْلُهُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الطالب: محمد بن سنان بن يزيد القزاز أبو بكر البصري نزيل بغداد ضعيف من الحادية عشرة مات سنة 271 تمييز.
محمد بن سنان الباهلي أبو بكر البصري العوقي بفتح المهملة والواو بعدها قاف ثقة ثبت من كبار العاشرة مات سنة ثلاث وعشرين البخاري، وأبو داود وابن ماجه والترمذي.
....... 
وقال قتادة في قوله تعالى: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَكَانَتِ الطَّاعَةُ لله والسجدة لآدم، أكرم الله آدم  بها أن أسجد له ملائكته. وقال فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ حَسَدَ عَدُوُّ اللَّهِ إبليس آدم ما أعطاه مِنَ الْكَرَامَةِ، وَقَالَ: أَنَا نَارِيٌّ وَهَذَا طِينِيٌّ، وَكَانَ بَدْءُ الذُّنُوبِ الْكِبْرَ، اسْتَكْبَرَ عَدُوُّ اللَّهِ أن يسجد لآدم .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا عبداللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ في  قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ مِنَ الَّذِينَ أَبَوْا فَأَحْرَقَتْهُمُ النار.
وقال أبو جعفر عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ يَعْنِي مِنَ الْعَاصِينَ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ الَّذِينَ لَمْ يَخْلُقْهُمُ اللَّهُ يَوْمَئِذٍ يكونون بعد.
الشيخ: المقصود من هذا كله أن الله جل وعلا أمر الملائكة بالسجود لآدم إظهارًا لفضله وتقدمه في هذا العلم العظيم فامتثل الملائكة وسجدوا إلا هذا حمله الكبر والبغي والخيلاء على الامتناع وصارت هذه السجدة إكرامًا لآدم واحترامًا له وبيانًا لفضله ومنزلته وكان هذا من الله وهو سبحانه يأمر بما يشاء ويحكم بما يشاء ويخلق ما يشاء ، وكان هذا جاهلاً في حكمه ذلك الوقت بآدم كما أجاز سبحانه لأبوي يوسف وإخوته أن يسجدوا ليوسف تحية وإكرامًا وتعظيمًا وتقديرًا وكان هذا جائزًا في شرع الأنبياء في وقت يوسف لأن يوسف وأباه وجده وكذلك أبو جده إبراهيم كلهم أنبياء عليهم الصلاة والسلام.
ثم شرع الله في شريعة محمد ﷺ الامتناع عن ذلك فكانت هذه الشريعة شريعة محمد أكمل الشرائع وأتمها وأكثرها عناية بتحقيق مقام التوحيد وسد ذرائع الشرك فحرم الله في الشريعة المحمدية السجود لغير الله مطلقًا لا تحية ولا عبادة فهي محرمة عبادة لا شك حتى في الأول، وإنما شرعت تحية وإكرامًا لآدم ويوسف، وحرمت في شريعة محمد ﷺ سدًا لأنواع الشرك وحماية لجناب التوحيد ولكن إبليس حمله الكبر والبغي والعنصر الخبيث الطيش على الامتناع والإيذاء ومن أخص صفات الكفار الكبر نعوذ بالله ولهذا جعلت جهنم دار المتكبرين فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ نعوذ بالله، فالكفرة لم يحملهم الجهل ولا الإعراض ولا الدنيا ولكن حملهم الكبر والتعاظم والعجب بالنفس حتى امتنعوا من الحق واستكبروا عن اتباعه نسأل الله العافية.
ومعنى: وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [البقرة:34] أي وصار من الكافرين كان بمعنى صار أي صار من الكافرين لامتناعه وتكبره عن طاعة الله.
وقال محمد بن كعب القرضي: ابْتَدَأَ اللَّهُ خَلْقَ إِبْلِيسَ عَلَى الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ وعمل بعمل الملائكة فصيره الله إلى ما أبدى عليه خلقه على الْكُفْرِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ.الشيخ: لعلها بدأ يعني سبق في علم الله أنه يكون كافرًا، يعني بعد الحدث هذا، كما سبق في علم الله ردة المرتدين.
....... 
وقال قتادة في قوله تعالى: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَكَانَتِ الطَّاعَةُ لله والسجدة لآدم، أكرم الله آدم أن أسجد له ملائكته.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: كَانَ هَذَا سُجُودُ تَحِيَّةٍ وَسَلَامٍ وَإِكْرَامٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً، وَقالَ يَا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا [يُوسُفَ:100] وَقَدْ كَانَ هَذَا مَشْرُوعًا فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَلَكِنَّهُ نُسِخَ فِي مِلَّتِنَا.
قَالَ مُعَاذٌ: قَدِمْتُ الشَّامَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ، فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُسْجَدَ لَكَ، فَقَالَ: لَا لَوْ كُنْتُ آمِرًا بَشَرًا أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا وَرَجَّحَهُ الرَّازِيُّ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ كَانَتِ السَّجْدَةُ لِلَّهِ وَآدَمُ قِبْلَةٌ فِيهَا، كما قال تعالى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ [الْإِسْرَاءِ:78] وَفِي هَذَا التَّنْظِيرِ نَظَرٌ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَوْلَى، وَالسَّجْدَةَ لِآدَمَ إِكْرَامًا وَاحْتِرَامًا وَسَلَامًا،
الشيخ: السجود لآدم فما نحتاج للتأويل.
.............
وَهِيَ طَاعَةٌ لِلَّهِ لِأَنَّهَا امْتِثَالٌ لِأَمْرِهِ تَعَالَى، وَقَدْ قَوَّاهُ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَضَعَّفَ مَا عَدَاهُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ الآخرين وَهمَا كَوْنُهُ جُعِلَ قِبْلَةً إِذْ لَا يَظْهَرُ فِيهِ شَرَفٌ وَالْآخَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّجُودِ الْخُضُوعُ لَا الِانْحِنَاءُ وَوَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا قال.
وقال قتادة فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ حَسَدَ عَدُوُّ اللَّهِ إبليس آدم على ما أعطاه مِنَ الْكَرَامَةِ، وَقَالَ: أَنَا نَارِيٌّ وَهَذَا طِينِيٌّ، وَكَانَ بَدْءُ الذُّنُوبِ الْكِبْرَ، اسْتَكْبَرَ عَدُوُّ اللَّهِ أن يسجد لآدم .
قُلْتُ: وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذرة من كبر وقد كان في قلب إِبْلِيسَ مِنَ الْكِبْرِ وَالْكُفْرِ وَالْعِنَادِ مَا اقْتَضَى طَرْدَهُ وَإِبْعَادَهُ عَنْ جَنَابِ الرَّحْمَةِ وَحَضْرَةِ الْقُدْسِ، قال بعض الْمُعْرِبِينَ: وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ أَيْ وَصَارَ مِنَ الْكَافِرِينَ بِسَبَبِ امْتِنَاعِهِ كَمَا قَالَ تعالى: فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ [هُودٍ:43] وَقَالَ: فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ [الْبَقَرَةِ:35] وقال الشاعر:
بِتَيْهَاءَ قَفْرٌ وَالْمَطِيُّ كَأَنَّهَا قَطَا الْحُزْنِ قَدْ كَانَتْ فِرَاخًا بُيُوضُهَا
أَيْ قَدْ صَارَتْ.
وَقَالَ ابن فورك: وَقَدْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ مِنَ الْكَافِرِينَ، وَرَجَّحَهُ الْقُرْطُبِيُّ.
الشيخ: لا منافاة كونه في علم الله من الكافرين لا منافاة، صار من الكافرين لأن الذي سبق علم الله بأنه يكون كذلك، فإن كل شيء بقدر، وصار من الكافرين بفعله القبيح فرجع إلى علم الله فيه أنه يكون من الكافرين.
 وَذَكَرَ هَاهُنَا مَسْأَلَةً فَقَالَ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا مَنْ أَظْهَرَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ مِمَّنْ لَيْسَ بِنَبِيٍّ كَرَامَاتٍ وَخَوَارِقَ لِلْعَادَاتِ فَلَيْسَ ذَلِكَ دَالًّا عَلَى وِلَايَتِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ الصُّوفِيَّةِ وَالرَّافِضَةِ، وهَذَا لَفْظُهُ. ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى مَا قال بقوله: ولما اتفقنا على أننا بِأَنَّا لَا نَقْطَعُ بِهَذَا الَّذِي جَرَى الْخَارِقُ على يديه أن يُوَافِي اللَّهَ بِالْإِيمَانِ وَهُوَ لَا يَقْطَعُ لِنَفْسِهِ بذلك يعني والولي الذي يقطع له بذلك في نفس الأمر.
قُلْتُ: وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الْخَارِقَ قَدْ يَكُونُ عَلَى يَدَيْ غَيْرِ الْوَلِيِّ بَلْ قَدْ يَكُونُ عَلَى يَدِ الْفَاجِرِ وَالْكَافِرِ أَيْضًا بِمَا ثَبَتَ عَنِ ابْنِ صَيَّادٍ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ الدُّخُّ حِينَ خَبَّأَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ وَبِمَا كَانَ يَصْدُرُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَمْلَأُ الطَّرِيقَ إِذَا غَضِبَ حَتَّى ضَرَبَهُ عبداللَّهِ بن عمر، وبما ثبت بِهِ الْأَحَادِيثُ عَنِ الدَّجَّالِ بِمَا يَكُونُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْخَوَارِقِ الْكَثِيرَةِ مِنْ أَنَّهُ يَأْمُرُ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرُ، وَالْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فَتُنْبِتُ، وَتَتْبَعُهُ كُنُوزُ الْأَرْضِ مِثْلَ الْيَعَاسِيبِ، وَأَنَّهُ يَقْتُلُ ذَلِكَ الشَّابَّ ثُمَّ يُحْيِيهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْمَهُولَةِ.
الشيخ: والقاعدة عند أهل السنة أن ظهور الخوارق على يد الإنسان لا تقتضي ولايته بل ينظر فيه فإن ظهر من حاله الاستقامة على دين الله والوقوف عند حدود الله كان وليًا لله وإن لم تظهر عليه الخوارق فالعبرة في أعماله وما هو عليه فمن استقام على الحق وهو من أولياء الله ومن المؤمنين سواء ظهرت عليه الخوارق أم لم تظهر عليه الخوارق ومن لم يستقم بل انحرف عن الهدى في أعماله أو أقواله أو فيهما جميعًا فهو ليس من أولياء الله بل من أولياء الشيطان وإن ظهر عليه من خوارقه كالسحرة والفجرة. ولهذا قال تعالى: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62، 63] وأفضل الأولياء وأعظمهم منزلة هم أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وأكثرهم ليس له خوارق فليست الخوارق علامة على الإيمان ولا عدم الإيمان ولكن العلامة الاستقامة على طاعة الله ورسوله فهذه علامة واضحة على الإيمان وعدمه.
وَقَدْ قَالَ يُونُسُ بْنُ عبدالْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ: قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: كَانَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ وَيَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ فَلَا تَغْتَرُّوا بِهِ حَتَّى تَعْرِضُوا أَمْرَهُ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَصَرَ اللَّيْثُ رَحِمَهُ اللَّهُ، بَلْ إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ وَيَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ فَلَا تَغْتَرُّوا بِهِ حَتَّى تَعْرِضُوا أَمْرَهُ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
.............
الشيخ: كأن الشافعي زاد كلمة لكن سقطت.
وَقَدْ حَكَى الرازي وَغَيْرُهُ قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ: هَلِ الْمَأْمُورُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ خاص بملائكة الأرض أو عام في ملائكة السموات والأرض، وَقَدْ رَجَّحَ كُلًّا مِنَ الْقَوْلَيْنِ طَائِفَةٌ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الْعُمُومُ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ.الشيخ: هذا هو الحق أن الأمر لجميع الملائكة ولهذا أكد سبحانه:  كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ [الحجر:30] تأكيدان كلهم، وأجمعون مع ظاهر الآية.
فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ مُقَوِّيَةٌ لِلْعُمُومِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.الشيخ: يعني إطلاق الملائكة هذا واحد، وكلهم اثنين، وأجمعون ثلاثة، ثم إلا إبليس استثناء فالاستثناء لا يؤيد العموم.
وقال تعالى: وَقُلْنا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ ۝ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ
يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَمَّا أَكْرَمَ بِهِ آدم: أنه أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لَهُ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ وأنه أباح له الْجَنَّةَ يَسْكُنُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ وَيَأْكُلُ مِنْهَا مَا شَاءَ رَغَدًا أَيْ هَنِيئًا وَاسِعًا طَيِّبًا.
وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الدَّامَغَانِيِّ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ مِيكَائِيلَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَيْتَ آدَمَ، أَنَبِيًّا كَانَ؟ قَالَ: نَعَمْ نَبِيًّا رَسُولًا كَلَّمَهُ الله قبلا فَقَالَ: اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْجَنَّةِ الَّتِي أُسْكِنَهَا آدَمُ أَهِيَ فِي السَّمَاءِ أَمْ فِي الْأَرْضِ؟ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا فِي الْأَرْضِ، وَسَيَأْتِي تَقْرِيرُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَسِيَاقُ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّ حَوَّاءَ خُلِقَتْ قَبْلَ دُخُولِ آدَمَ الْجَنَّةَ.
الشيخ: والصواب أنها في السماء وأنها جنة معلومة هذا الذي عليه جماهير أهل العلم وهو الحق.
وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَيْثُ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ مُعَاتَبَةِ إِبْلِيسَ أَقْبَلَ عَلَى آدَمَ وَقَدْ عَلَّمَهُ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا فَقَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ إِلَى قَوْلِهِ: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُالشيخ:....... 
ظاهر القرآن أنه نبي مرسل عليه الصلاة والسلام لكن سمي نوح أول رسول لأنه أرسل إلى أهل الأرض بعدما وقع الشرك فهو أول رسول إلى أهل الأرض بعدما وقع الشرك، أما آدم فكان قبل ذلك كان رسولاً إلى نفسه وإلى ذريته حتى بعث الله نوحًا.
...........
 قَالَ: ثُمَّ أُلْقِيَتِ السِنَةُ  عَلَى آدَمَ فِيمَا بَلَغَنَا عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ أَخَذَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ مِنْ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ وَلَأَمَ مَكَانَهُ لَحْمًا، وَآدَمُ نَائِمٌ لَمْ يَهُبَّ مِنْ نَوْمِهِ حَتَّى خَلَقَ اللَّهُ مِنْ ضِلْعِهِ تِلْكَ زَوْجَتَهُ حَوَّاءُ فَسَوَّاهَا امْرَأَةً لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا كُشِفَ عَنْهُ السِنَةُ وَهَبَّ مِنْ نَوْمِهِ رَآهَا إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ، فِيمَا يَزْعُمُونَ وَاللَّهُ أعلم: «لحمي ودمي وروحي» فَسَكَنَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا زَوَّجَهُ اللَّهُ وَجَعَلَ لَهُ سكنا من نفسه
.............
قال له قبلا: يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ.
وَيُقَالُ إِنَّ خَلْقَ حواء كان بعد دخوله الجنة كما قال السُّدِّيُّ فِي تفسيره ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ مُرَّةَ وعن ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ نَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ: أُخْرِجُ إِبْلِيسُ مِنَ الْجَنَّةِ وَأُسْكِنَ آدَمُ الْجَنَّةَ فَكَانَ يَمْشِي فِيهَا وَحْشًا لَيْسَ لَهُ زَوْجٌ يَسْكُنُ إِلَيْهِ فَنَامَ نَوْمَةً فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَ رَأْسِهِ امْرَأَةٌ قَاعِدَةٌ خَلَقَهَا اللَّهُ مِنْ ضِلْعِهِ، فَسَأَلَهَا: مَا أَنْتِ؟ قَالَتِ: امْرَأَةٌ، قَالَ: وَلِمَ خُلِقْتِ؟ قَالَتْ: لِتَسْكُنَ إِلَيَّ. قَالَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ يَنْظُرُونَ مَا بَلَغَ مِنْ عِلْمِهِ: مَا اسْمُهَا يَا آدَمُ، قَالَ: حَوَّاءُ، قَالُوا: وَلِمَ سُمِّيَتْ حَوَّاءَ؟ قَالَ: لأنها خُلِقَتْ مِنْ شَيْءٍ حَيٍّ. قَالَ اللَّهُ: يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما.

الشيخ: وظاهر القرآن الكريم أنها خلقت قبل دخوله الجنة فلهذا قيل: اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ [البقرة:35] وعندما أسجد الله له الملائكة خلق له زوجة يسكن إليها وأمرهما بسكنى الجنة.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَهُوَ اخْتِبَارٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَامْتِحَانٌ لِآدَمَ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الشَّجَرَةِ مَا هِيَ، فَقَالَ السُّدِّيُّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الشَّجَرَةُ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا آدَمُ هِيَ الْكَرْمُ. وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَجَعْدَةُ بْنُ هُبَيْرَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ أَيْضًا فِي خَبَرٍ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ نَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ هِيَ الْكَرْمُ. وَتَزْعُمُ يَهُودُ أَنَّهَا الْحِنْطَةُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ الْأَحْمَسِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَبُو عُمَرَ الْخَرَّازُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الشَّجَرَةُ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا آدَمُ هِيَ السُّنْبُلَةُ.
وَقَالَ عبدالرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عن المنهال بن عمر عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هِيَ السُّنْبُلَةُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هِيَ الْبُرُّ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَتَبَ إِلَى أَبِي الْجَلْدِ يَسْأَلُهُ عَنِ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَكَلَ مِنْهَا آدَمُ وَالشَّجَرَةِ الَّتِي تَابَ عِنْدَهَا آدَمُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو الْجَلْدِ: سَأَلْتَنِي عَنِ الشَّجَرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا آدَمُ وَهِيَ السُّنْبُلَةُ، وَسَأَلْتَنِي عَنِ الشَّجَرَةِ الَّتِي تَابَ عِنْدَهَا آدَمُ وَهِيَ الزَّيْتُونَةُ.
وَكَذَلِكَ فَسَّرَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَعَطِيَّةُ الْعَوفِيُّ وَأَبُو مَالِكٍ وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ وَعبدالرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ العلم عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: هِيَ الْبُرُّ، وَلَكِنَّ الْحَبَّةَ منها في الجنة ككلى البقر وألين مِنَ الزُّبْدِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ.
.......... 
الشيخ: على كل حال هذه الأقوال لا قيمة لها، أقوال كلها تتلقى من بني إسرائيل فالله جل وعلا لم يسمها لنا لعدم الحاجة إلى تسميتها المهم أنها شجرة نهيا عنها فأكلا منها وحصل ما حصل ولا يضرنا أن نجهلها.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَصِينٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ قَالَ النَّخْلَةُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ قال التينة. وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ جُرَيْجٍ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أبي العالية: كانت شجرة مَنْ أَكَلَ مِنْهَا أَحْدَثَ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْجَنَّةِ حَدَثٌ.
وَقَالَ عبدالرَّزَّاقِ: حدثنا عمر بن عبدالرحمن بن مهرن قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: لَمَّا أَسْكَنَ اللَّهُ آدَمَ وَزَوْجَتَهُ الْجَنَّةَ وَنَهَاهُ عَنْ أَكْلِ الشَّجَرَةِ، وَكَانَتْ شَجَرَةً غُصُونُهَا مُتَشَعبٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، وَكَانَ لَهَا ثَمَرٌ تَأْكُلُهُ الْمَلَائِكَةُ لخلدهم وهي الشَّجَرَةُ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا آدَمَ وَزَوْجَتَهُ.
فَهَذِهِ أَقْوَالٌ سِتَّةٌ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ.
الشيخ: يعني قيل إنها السنبلة وقيل إنها النخلة وقيل إنها العنب وقيل إنها التين وقيل شجرة لم يعرفوا اسمها.
قَالَ الْإِمَامُ العلامة أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ اللَّهَ ثَنَاؤُهُ: نَهَى آدَمَ وَزَوْجَتَهُ عَنْ أَكْلِ شَجَرَةٍ بِعَيْنِهَا مِنْ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ دُونَ سَائِرِ أَشْجَارِهَا فَأَكَلًا مِنْهَا وَلَا عِلْمَ عِنْدِنَا بِأَيِّ شَجَرَةٍ كَانَتْ عَلَى التَّعْيِينِ، لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ لِعِبَادِهِ دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا مِنَ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَقَدْ قِيلَ: كَانَتْ شَجَرَةَ الْبُرِّ وَقِيلَ كَانَتْ شَجَرَةَ الْعِنَبِ وَقِيلَ كَانَتْ شَجَرَةَ التِّينِ، وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً مِنْهَا، وذلك علم إذا علم لم يَنْفَعُ الْعَالِمَ بِهِ عِلْمُهُ، وَإِنْ جَهِلَهُ جَاهِلٌ لَمْ يَضُرَّهُ جَهْلُهُ بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَنْهَا عَائِدًا إِلَى الْجَنَّةِ فيكون معنى الكلام كما قرأ عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ وَهُوَ ابْنُ أَبِي النَّجُودِ: فأزلهما أي فنحاهما وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا عَلَى أَقْرَبِ الْمَذْكُورِينَ وَهُوَ الشَّجَرَةُ فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ كَمَا قَالَ الحسن وقتادة: فأزلهما أي من قبل الزَّلَلِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها أَيْ بِسَبَبِهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ [الذَّارِيَاتِ:9] أَيْ يُصْرَفُ بِسَبَبِهِ مَنْ هُوَ مَأْفُوكٌ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كَانَا فِيهِ أَيْ مِنَ اللِّبَاسِ وَالْمَنْزِلِ الرَّحْبِ وَالرِّزْقِ الْهَنِيءِ وَالرَّاحَةِ.
قوله: وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ أَيْ قَرَارٌ وَأَرْزَاقٌ وَآجَالٌ- إلى حين- أي إلى وقت مؤقت وَمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ تَقُومُ الْقِيَامَةُ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ مِنَ السَّلَفِ كَالسُّدِّيِّ بِأَسَانِيدِهِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَغَيْرِهِمْ هَاهُنَا أَخْبَارًا إِسْرَائِيلِيَّةً عَنْ قِصَّةِ الْحَيَّةِ وَإِبْلِيسَ، وَكَيْفَ جَرَى مِنْ دُخُولِ إِبْلِيسَ إِلَى الْجَنَّةِ وَوَسْوَسَتِهِ، وَسَنَبْسُطُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ فَهُنَاكَ الْقِصَّةُ أَبْسَطُ مِنْهَا هَاهُنَا، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ هَاهُنَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِشْكَابَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ رَجُلًا طِوَالًا كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ كَأَنَّهُ نَخْلَةٌ سَحُوقٌ  فَلَمَّا ذَاقَ الشَّجَرَةَ سَقَطَ عَنْهُ لِبَاسُهُ، فَأَوَّلُ مَا بَدَا مِنْهُ عَوْرَتُهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى عَوْرَتِهِ جَعَلَ يَشْتَدُّ فِي الْجَنَّةِ فَأَخَذَتْ شَعْرَهُ شَجَرَةٌ فَنَازَعَهَا فَنَادَاهُ الرَّحْمَنُ: يَا آدَمُ مِنِّي تَفِرُّ فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامَ الرَّحْمَنِ قَالَ: يَا رَبِّ لَا، وَلَكِنِ اسْتِحْيَاءً.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ أحمد بن الحكم القرشي سنة أربع وخمسين ومائتين، حدثنا سليمان بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَمَّا ذَاقَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ فَرَّ هَارِبًا فَتَعَلَّقَتْ شَجَرَةٌ بِشَعْرِهِ فَنُودِيَ: يَا آدَمُ أَفِرَارًا مِنِّي؟ قَالَ: بَلْ حَيَاءً مِنْكَ، قَالَ: يَا آدَمُ اخْرُجْ مِنْ جِوَارِي فَبِعِزَّتِي لَا يُسَاكِنُنِي فِيهَا مَنْ عَصَانِي، وَلَوْ خَلَقْتُ مِثْلَكَ مِلْءَ الْأَرْضِ خَلْقًا ثُمَّ عَصَوْنِي لَأَسْكَنْتُهُمْ دَارَ الْعَاصِينَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ بَلْ إِعْضَالٌ بَيْنَ قَتَادَةَ وَأُبَيِّ بْنِ كعب رضي الله عَنْهُمَا.
وَقَالَ الْحَاكِمُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَالُوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عمار بن أَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا أُسْكِنَ آدَمُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، ثُمَّ قَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.
وَقَالَ عبدبْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: لَبِثَ آدَمُ فِي الْجَنَّةِ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ تِلْكَ السَّاعَةُ ثَلَاثُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: خَرَجَ آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ لِلسَّاعَةِ التَّاسِعَةِ أَوِ الْعَاشِرَةِ فَأَخْرَجَ آدَمُ مَعَهُ غُصْنًا مِنْ شَجَرِ الْجَنَّةِ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ شَجَرِ الْجَنَّةِ وَهُوَ الْإِكْلِيلُ مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً [البقرة:38] فهبطوا ونزل آدَمُ بِالْهِنْدِ وَنَزَلَ مَعَهُ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ وَقَبْضَةٌ مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ، فَبَثَّهُ بِالْهِنْدِ فَنَبَتَتْ شَجَرَةُ الطِّيبِ فَإِنَّمَا أَصْلُ مَا يُجَاءُ بِهِ من الهند مِنَ الطيب مِنْ قَبْضَةِ الْوَرَقِ الَّتِي هَبَطَ بِهَا آدَمُ، وَإِنَّمَا قَبَضَهَا آدَمُ أَسَفًا عَلَى الْجَنَّةِ حِينَ أُخْرِجَ مِنْهَا.
وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أُهْبِطَ آدَمُ مِنَ الجنة بدحنا أرض بالهند.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُهْبِطَ آدَمُ إِلَى أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا دَحْنَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ.
وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: أُهْبِطَ آدَمُ بِالْهِنْدِ، وَحَوَّاءُ بِجُدَّةَ، وَإِبْلِيسُ بِدَسْتُمِيسَانَ مِنَ الْبَصْرَةِ عَلَى أَمْيَالٍ، وَأُهْبِطَتِ الْحَيَّةُ بِأَصْبَهَانَ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ الحارث حدثنا محمد بن سعيد بن سابق حدثنا عمر بن أبي قيس عن ابن بن عَدِيٍّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أُهْبِطَ آدَمُ بِالصَّفَا وَحَوَّاءُ بِالْمَرْوَةِ.
وَقَالَ رَجَاءُ بْنُ سَلَمَةَ: أُهْبِطَ آدَمُ يَدَاهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُطَأْطِئًا رَأْسَهُ، وَأُهْبِطَ إِبْلِيسُ مُشَبِّكًا بَيْنَ أَصَابِعِهِ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ.
وَقَالَ عبدالرَّزَّاقِ: قَالَ مَعْمَرٌ: أَخْبَرَنِي عَوْفٌ عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ حِينَ أَهْبَطَ آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى الْأَرْضِ عَلَّمَهُ صَنْعَةَ كُلِّ شَيْءٍ وَزَوَّدَهُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَثِمَارُكُمْ هَذِهِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ تَتَغَيَّرُ وَتِلْكَ لَا تَتَغَيَّرُ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عبدالرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا رَوَاهُ مسلم والنسائي.
وقال الرازي : أعلم أن في هذه الآية تَهْدِيدًا عَظِيمًا عَنْ كُلِّ الْمَعَاصِي مِنْ وُجُوهٍ [أحدها] أَنَّ مَنْ تَصَوَّرَ مَا جَرَى عَلَى آدَمَ بِسَبَبِ إِقْدَامِهِ عَلَى هَذِهِ الزَّلَّةِ الصَّغِيرَةِ كَانَ عَلَى وَجَلٍ شَدِيدٍ مِنَ الْمَعَاصِي، قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا نَاظِرًا يَرْنُو بِعَيْنَيْ رَاقِدٍ وَمُشَاهِدًا لِلْأَمْرِ غَيْرَ مُشَاهِدِ
تَصِلُ الذُّنُوبَ إِلَى الذُّنُوبِ وَتَرْتَجِي دَرَجَ الْجِنَانِ وَنَيْلَ فَوْزِ الْعَابِدِ
أَنَسِيتَ رَبَّكَ حِينَ أَخْرَجَ آدَمًا مِنْهَا إِلَى الدُّنْيَا بِذَنْبٍ واحد
وقال ابن القيم:
ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا ونسلم
قال الرازي عَنْ فَتْحٍ الْمَوْصِلِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَسَبَانَا إِبْلِيسُ إِلَى الدُّنْيَا، فَلَيْسَ لَنَا إِلَّا الْهَمُّ وَالْحُزْنُ حَتَّى نُرَدَّ إِلَى الدَّارِ الَّتِي أُخْرِجْنَا مِنْهَا.
فَإِنْ قِيلَ: فإذا كانت جنة آدم التي أخرج منها فِي السَّمَاءِ كَمَا يَقُولُهُ الْجُمْهُورُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، فكيف تمكن إِبْلِيسُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَقَدْ طُرِدَ مِنْ هُنَالِكَ طَرْدًا قَدَرِيًّا، وَالْقَدَرِيُّ لَا يُخَالَفُ وَلَا يُمَانَعُ؟
 فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا بِعَيْنِهِ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْجَنَّةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا آدم في الأرض لا في السماء، كما قد بَسَطْنَا هَذَا فِي أَوَّلِ كِتَابِنَا الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَجْوِبَةٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ مُنِعَ مِنْ دخول الجنة مكرما، فأما على وجه السرقة وَالْإِهَانَةِ، فَلَا يَمْتَنِعُ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ وَسْوَسَ لَهُمَا وَهُوَ فِي الْأَرْضِ، وَهُمَا فِي السَّمَاءِ، ذَكَرَهَا الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَدْ أَوْرَدَ الْقُرْطُبِيُّ هَاهُنَا أَحَادِيثَ فِي الْحَيَّاتِ وَقَتْلِهِنَّ وَبَيَانِ حُكْمِ ذَلِكَ، فَأَجَادَ وَأَفَادَ.
الشيخ: على كل حال مسألة الوسوسة الله جل وعلا على كل شيء قدير ممكن أن يتمكن من الوسوسة وهو بعيد كما هو الآن الشياطين قد تتمكن من الوسوسة في كل مكان. فهو سبحانه له القدرة التامة.