06 من كتاب موطأ مالك، باب ما جاء في الصيام في السفر

بَابُ مَا جَاءَ فِي الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ

21- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ، ثُمَّ أَفْطَرَ، فَأَفْطَرَ النَّاسُ. وَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ.

22- وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَ النَّاسَ فِي سَفَرِهِ عَامَ الْفَتْحِ بِالْفِطْرِ، وَقَالَ: تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ، وَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ الَّذِي حَدَّثَنِي: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِالْعَرْجِ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ مِنَ الْعَطَشِ، أَوْ مِنَ الْحَرِّ.

ثُمَّ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ قَدْ صَامُوا حِينَ صُمْتَ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْكَدِيدِ دَعَا بِقَدَحٍ فَشَرِبَ، فَأَفْطَرَ النَّاسُ.

23- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي رَمَضَانَ، فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ.

الشيخ: هذا السنة، لا حرج أن يصوم في السفر، إن شاء صام، وإن شاء أفطر، إلا إذا شقَّ عليه الصوم فالأفضل الفطر؛ ولهذا قال ﷺ: ليس من البرِّ الصومُ في السفر يعني: في حقِّ مَن يشقُّ عليه، والنبي ﷺ لما شقَّ عليهم الصوم وأخبروه أنه شقَّ عليهم أخذ قدحًا وشرب والناس ينظرون حتى يُفطروا؛ لئلا يشقَّ عليهم، أما في الوقت المناسب: ما فيه حرٌّ، ولا بردٌ، ولا مشقَّة، مَن شاء صام، ومَن شاء أفطر، كما فعله النبيُّ فعله الصَّحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.

س: الأفضل مطلقًا في السَّفر الفطر؟

ج: الأفضل الفطر، ولكن مَن صام فلا حرج، ولا كراهة، إلا إذا شقَّ عليه كُره له الصيام، أو صار الصومُ يُضعفه عن بعض الواجبات، أو عند قرب الجهاد ما يجوز إذا كان يُضعفه عن الجهاد، النبي لما قربوا من مكة يوم الفتح أمرهم بالإفطار وقال: إنه أقوى لكم في قتال عدوكم، فلما بلغه أنَّ البعض قد صام قال: أولئك العُصاة، فإذا كان قرب الجهاد وجب عليهم أن يُفطروا؛ حتى يتقووا على قتال الأعداء.

س: النهي للتحريم؟

ج: لا، يُكره، يُكره، ليس من البرِّ الكامل يعني.

س: حديث أنس: كان أحدنا يضع رأسَه من شدة الحرِّ، وما فينا صائم إلا رسول الله ﷺ؟

ج: نعم، يدل على الجواز، لكن تركه أفضل؛ لأنه ﷺ أعلمهم أن تركه أفضل، قال: ليس من البرِّ الصوم في السَّفر، لما رأى شخصًا قد ظُلل عليه من شدة الحرِّ.

س: مبني على الجواز الحديث هذا؟

ج: يدل على الجواز، والترك أفضل.

س: قول بعض الفقهاء: مع عدم المشقة الصيام أفضل؟

ج: لا، غلط، في السفر الفطر أفضل.

س: وإذا لم تكن مشقة؟

ج: لا بأس، لكن الفطر أفضل.

س: إذا كان تفضيلُ الفطر مبنيًّا على حديث: ليس من البرِّ الصيامُ في السفر، وعلى حديث المظلل عليه، فمن أي وجهٍ يكون الفطرُ أفضل؟

ج: لأنَّ الرسول ﷺ ترك الصومَ، صار يُفطر في السفر؛ ولأنها رخصة، والله يُحب أن ُتؤتى رخصه سبحانه.

24- وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ أَصُومُ، أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ.

الشيخ: وهذا حديث صحيح دلَّ على أنه مُخير: إن شاء صام، وإن شاء أفطر، وفي الرواية الأخرى قال: هي رخصة من الله، فمَن أخذ بها فحسن، ومَن أحبَّ أن يصوم فلا جناح عليه، دلَّ على أن الفطر أفضل.

س: رجل أراد السفر في رمضان وعلَّق النية، قال: لو سافرتُ اليوم أفطر، وإن لم أُسافر سأصوم؟

ج: ما في شيء، ما دام ما سافر ما عليه شيء.

25- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَصُومُ فِي السَّفَرِ.

26- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ فِي رَمَضَانَ، وَنُسَافِرُ مَعَهُ، فَيَصُومُ عُرْوَةُ وَنُفْطِرُ نَحْنُ، فَلَا يَأْمُرُنَا بِالصِّيَامِ.

بَابُ مَا يَفْعَلُ مَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَوْ أَرَادَهُ فِي رَمَضَانَ

27- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فِي رَمَضَانَ، فَعَلِمَ أَنَّهُ دَاخِلٌ الْمَدِينَةَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِهِ دَخَلَ وَهُوَ صَائِمٌ.

قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ، فَعَلِمَ أَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِهِ، وَطَلَعَ لَهُ الْفَجْرُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ، دَخَلَ وَهُوَ صَائِمٌ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ فِي رَمَضَانَ، فَطَلَعَ لَهُ الْفَجْرُ وَهُوَ بِأَرْضِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ، فَإِنَّهُ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ.

قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقْدَمُ مِنْ سَفَرِهِ وَهُوَ مُفْطِرٌ، وَامْرَأَتُهُ مُفْطِرَةٌ حِينَ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا فِي رَمَضَانَ: أَنَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يُصِيبَهَا إِنْ شَاءَ.

الشيخ: وهذا كله واضح؛ إذا أراد القدوم من السفر صام حتى لا يقضي اليوم، وإذا أراد أن يُسافر ولم يُسافر إلا بعد طلوع الفجر أصبح صائمًا، ثم إذا سافر إن شاء أفطر، وإن شاء كمل صومه، وإذا كانا مُفطرين جميعًا في السفر فله أن يتصل بها، تحلّ له، إن كانا جميعًا مُفطرين في السفر، أو أرادا ذلك فلا حرج؛ لأنَّ لهما رخصةً.

س: ما الدليل على أنه لا يجب أن يُفطر المسافر حتى يظهر ويبرز عن مباني البلد؟

ج: النبي ﷺ ما كان يفعل هذا؛ ولأنَّ الأصل وجوب الصوم على المقيم، هذا الأصل، فليس له الإفطار حتى يُغادر البلد، حتى يكون له حكم السَّفر.

س: مَن ألزم القادم من سفرٍ إذا وصل البلد أن يُمسك؟

ج: هذا الواجب، هذا الصواب: أنه زال عذره، زال عذره يُمسِك، مثل: لو قامت البينةُ الضُّحى أنه دخل رمضان وجب عليهم أن يُمسكوا ويقضوا.

س: حديث أبي بصرة عندما أفطر في السَّفينة؟

ج: وهو ماشٍ في الطريق، في السفر مُسافر.

س: ولو يرى البلد؟

ج: ولو رآها، ما دام في السَّفر سافر.

س: قول الإمام مالك: أنَّ مَن قدم من سفرٍ وهو مُفطر له أن يُصيب امرأته إذا طهرت من الحيض؟

ج: لا، في السفر، هذا قصده: في السَّفر.

س: قال: يقدم من سفرٍ؟

ج: أيش عندك؟

الطالب: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقْدَمُ مِنْ سَفَرِهِ وَهُوَ مُفْطِرٌ، وَامْرَأَتُهُ مُفْطِرَةٌ حِينَ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا فِي رَمَضَانَ: أَنَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يُصِيبَهَا إِنْ شَاءَ.

الشيخ: لا، هذا غلط، قول مالك هذا ضعيف، ليس بشيءٍ، بعدما قدم يلزمه الإمساك، ويلزمها الإمساك هي؛ لحُرمة الزمن، فليس له أن يقربها.

س: لو قدم إلى بلدٍ غير بلده؟

ج: ليس له أن يقربها؛ لأنها لما طهرت وجب عليها الإمساك، ووجب عليه الإمساك لما قدم هو، هذا هو الصواب.

س: ما يُذكر عن ابن مسعودٍ أنه قال: مَن أفطر أول النهار فليُفطر آخره؟

ج: ولو، إن صحَّ فهو اجتهاد منه، ما عليه دليل إن صحَّ، الواجب على مَن دخل في البلد وهو مُفطر أن يصوم -دخل بلده- وكذلك لو طهرت الحائضُ أو النفساءُ وجب عليها أن تُمسك؛ لأنَّ العذر زال، كما لو قامت البينةُ نهارًا في يوم الثلاثين من شعبان أنَّ الهلال قد هلَّ البارحة؛ وجب عليهم أن يُمسكوا ويقضوا هذا اليوم.

س: مَن قدم من سفرٍ مُفطرًا وجوبًا عليه أن يُمسك بقية يومه؟

ج: نعم، ويقضي.

س: لو أصابها، طهرت في وسط النهار وقدم وسط النهار فأصابها؟

ج: يُكفِّر ويتوب، عليه التوبة والقضاء والكفَّارة؛ لأنه أصابها في نهار رمضان، هتك حُرمة الشهر، وهو ليس من أهل السفر، ولا مريض.

س: وعليه كفَّارة الوطء في نهار رمضان؟

ج: نعم.

س: ما يكون في هذا زيادة عن القدر الواجب، سيقضي هذا اليوم؟

ج: يقضي اليوم الذي أفسده؛ لأنه لم يصمه المسلمون، إذا صاموا يوم الثلاثين من شعبان ما يقضون؟ إذا قامت البينةُ الضُّحى يوم الثلاثين من شعبان وجب عليهم الصوم، ألا يقضون هذا اليوم؟

س: لأنه من رمضان؟

ج: يقضونه من رمضان، وهذا من رمضان.

س: لكن لو صام الناسُ ثلاثين يومًا، وهو أفطر هذا اليوم، وألزمناه بالقضاء، فلما قدم إلى بلده قلنا: يجب عليه أن يُمسك، فيكون صام ثلاثين يومًا ونصف يومٍ؟

ج: لا، عليه قضاء هذا اليوم؛ لأنه ما صامه، هذا إمساكٌ لحرمة الزمن.

س: والمرأة إذا لم تُكره على ذلك هل عليها كفَّارة؟

ج: نعم، مثل الرجل.

بَابُ كَفَّارَةِ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ

28- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ، أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، أَوْ إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا، فَقَالَ: لَا أَجِدُ. فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِعَرَقِ تَمْرٍ، فَقَالَ: خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحَدٌ أَحْوَج مِنِّي، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: كُلْهُ.

الشيخ: ومعنى أفطر يعني: أفطر بالجماع، وهذا يدل على أنه عجز، لا كفَّارة عليه، تسقط لأنه قال: كله، وأطعمه أهلك، ولم يأمره بالقضاء، دلَّ على أنَّ العاجز تسقط عنه الكفَّارة في رمضان، بخلاف كفَّارة الظِّهار والقتل، لا تسقط، نعم.

س: وإن عجز في كفَّارة الظِّهار؟

ج: تبقى في ذمَّته حتى يستطيع، أما كفَّارة الوطء فظاهر الحديث أنها تسقط عنه إذا عجز؛ لأنه قال: أطعمه أهلك، ولم يأمره بالقضاء إذا أيسر.

س: وعلى هذا إذا كان فقيرًا هو وأهله يُطعم نفسه؟

ج: ما عليه شيء، إذا كان فقيرًا ما عليه شيء، عليه التوبة وقضاء اليوم.

س: لكن لو وجد؟

ج: ما عليه شيء؛ لأنَّ الله ما أمره بالقضاء، ما قال: أطعمه أهلك ثم إذا وجدتَ فأخرج.

س: الإطعام لستين مسكينًا مختلفين؟

ج: ستون مسكينًا، ستون فقيرًا.

س: مختلفون أو واحد؟

ج: ستون فقيرًا، ما هو بواحدٍ.

س: لو عدل عن الصيام إلى الإطعام لا للعجز، لكن للمشقة؟

ج: المشقة تختلف؛ إذا كانت المشقةُ كبيرةً النبي لما قال له الرجلُ: ما أستطيع؟ قال: أطعم، ما استفسره إذا كانت مشقةً كبيرةً يُطعم.

س: بعضهم تقول له: صم ستين يومًا، يقول: لو استطعتُ الصيامَ ما وقعتُ فيما وقعتُ

ج: إذا كان ما يستطيع لشدة شهوته يُطعم ستين مسكينًا والحمد لله.

س: مَن قال أنَّ الزوجة ليس عليها كفَّارة؛ لأنَّ النبي ﷺ ما سألها؟

ج: الحكم واحد، أحكام الشرع تعمّ الرجال والنساء، إذا صدر حكمٌ لواحدٍ فهو يعمّ الجميع: الرجال والنساء.

س: في كفَّارة الظِّهار إذا كان العجزُ -عجزه عن الكفَّارة- عجزًا بسبب مرضٍ لا يُرجى برؤه، فهل له أن يُؤخره في هذه الحالة؟

ج: يُطعم ستين مسكينًا.

س: ............؟

ج: يبقى مُعلَّقًا حتى يستطيع، يبقى محرمًا، لا يُجامعها حتى يُكفِّر بأحد الكفَّارات.

س: .............؟

ج: الأفضل للمُسافر الفطر، هذا الأفضل، وإن صام فلا حرجَ، نعم.

29- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَضْرِبُ نَحْرَهُ، وَيَنْتِفُ شَعْرَهُ، وَيَقُولُ: هَلَكَ الْأَبْعَدُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَمَا ذَاكَ؟ فَقَالَ: أَصَبْتُ أَهْلِي وَأَنَا صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُهْدِيَ بَدَنَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَاجْلِسْ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِعَرَقِ تَمْرٍ، فَقَالَ: خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ، فَقَالَ: مَا أَحَدٌ أَحْوَجَ مِنِّي، فَقَالَ: كُلْهُ، وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَ مَا أَصَبْتَ.

قَالَ مَالِكٌ: قَالَ عَطَاءٌ: فَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ: كَمْ فِي ذَلِكَ الْعَرَقِ مِنَ التَّمْرِ؟ فَقَالَ: مَا بَيْنَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا إِلَى عِشْرِينَ.

قَالَ مَالِكٌ: سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: لَيْسَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ بِإِصَابَةِ أَهْلِهِ نَهَارًا أَوْ غَيْر ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيمَنْ أَصَابَ أَهْلَهُ نَهَارًا فِي رَمَضَانَ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْم.

قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ فِيهِ إِلَيَّ.

الشيخ: هذا مرسل، وذكر البدنة ضعيف، إنما هو العتق، ثم الصيام، ثم الإطعام، وذكر البدنة ضعيف.

س: آخر الكلام قوله: قَالَ مَالِكٌ: سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: لَيْسَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ بِإِصَابَةِ أَهْلِهِ نَهَارًا أَوْ غَيْر ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟

ج: ما في شكّ، الكفَّارة في الجماع فقط، إذا أفطر عليه التوبة والقضاء فقط، أما إذا جامع عليه الكفَّارة والتوبة والقضاء جميعًا، أما إن كان بغير الجماع عليه القضاء فقط مع التوبة، مقصوده أنَّ الكفارة إنما هي في الجماع، إذا أفطر بالجماع خاصةً.

س: بعض الناس لو جامع في نهار رمضان، ثم يقول: صيام شهرين يشقّ عليَّ؛ لأنني عسكري وعندي تدريبات كل صباحٍ، فهل يكون معذورًا؟

ج: يُطعم ستين مسكينًا مع التوبة.

س: إذا أنزل في نهار رمضان بسبب التَّفكر؟

ج: التفكير أمره سهل، لكن إذا تعاطى أسبابًا أخرى مثل: العادة السرية، فهذا عليه القضاء فقط، ما في كفَّارة، الكفَّارة في الجماع فقط.

س: قوله: قَالَ مَالِكٌ: سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: لَيْسَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ بِإِصَابَةِ أَهْلِهِ نَهَارًا أَوْ غَيْر ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيمَنْ أَصَابَ أَهْلَهُ نَهَارًا فِي رَمَضَانَ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْم. قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ فِيهِ إِلَيَّ.

ج: هذا هو الصواب: إذا كان الجماعُ في قضاءٍ ما فيه كفَّارة، القضاء فقط، وإنما الكفَّارة إذا أصابها في نفس رمضان.

س: .............؟

ج: ما في بأس، مسافر.

س: في هذا الحديث لم يذكر الصيام؟

ج: يقضي اليوم فقط، معروف في بعض الروايات: واقضِ يومًا مكانه، معروف القضاء؛ لأنه يوم من رمضان يلزمه قضاؤه، وفي بعض الروايات: واقضِ يومًا مكانه، مثلما جاء في الرواية، معروف، لا بدَّ من القضاء، يقضي اليوم الذي أفطره مع الكفَّارة في رمضان، إذا كان الجماعُ في رمضان عليه الكفَّارة وقضاء اليوم مع التَّوبة.

س: الإرسال من جهة سعيد بن المسيب؟

ج: نعم.

س: ...............؟

ج: هذه مُساعدة له، فلما قال: إني محتاجٌ له، سامحه، ضحك وسامحه، ولم يقل: إذا وجدتَ فأخرج.

س: هل تبقى في ذمَّته؟

ج: في رمضان لا.