11 من بداية: كتاب الصلاة

[كتاب الصلاة]

[الصلاة] في اللغة: الدعاء. قال الله تعالى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ [التوبة:103] أي: ادع لهم.

وفي الشرع: أقوال وأفعال مخصوصة، مُفتتحة بالتكبير، مُختتمة بالتسليم، سُميت "صلاة" لاشتمالها على الدعاء، مشتقة من الصّلوين، وهما عرقان من جانبي الذنب، وقيل: عظمان ينحنيان في الركوع والسجود، وفُرضت ليلة الإسراء.

الشيخ: هذا كتاب الصلاة، والصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين؛ ولهذا بدأ بها الفقهاء في كتبهم والمحدثون بعد الإيمان، فأول واجبٍ هو الإيمان بالله ورسوله؛ هو الشهادتان: شهادة أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، هذا أول واجبٍ على المكلَّفين؛ الشهادة بأنه لا معبودَ حقّ إلا الله، والشهادة بأنَّ محمدًا عبد الله ورسوله، هذا أول واجبٍ وأعظم واجبٍ: أن تشهد عن علمٍ ويقينٍ أنه لا إله إلا الله، أي: لا معبود حقّ إلا الله، وأنَّ جميع ما يعبده الناس من دون الله من أصنامٍ أو قبورٍ أو أمواتٍ أو نجومٍ أو ملائكةٍ أو جنٍّ أو غير ذلك كله باطل كما قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62]، لا بدَّ من هذه الشهادة وهذا اليقين؛ أن تعلم يقينًا، وتشهد يقينًا أنه لا معبود حقّ إلا الله، وأنَّ ما يعبده الناس من أصحاب القبور أو الملائكة أو الأنبياء أو الجنّ أو النجوم أو الشمس أو القمر أو غير ذلك كله باطل: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ.

ثم تلي هاتين الشهادتين: الصلاة، فلا صلاةَ إلا بعد التوحيد، بعد الإيمان، بعد الإسلام، بعد الدخول في ذلك، بعد الشهادة بأنه لا إله إلا الله، وبعد الشهادة بأنَّ محمدًا عبد الله ورسوله، أرسله الله إلى جميع الثَّقلين: الجن والإنس، وهو خاتم الأنبياء، بعد هاتين الشهادتين الصلاة، فمَن لم يأتِ بهما على هذا الوجه فلا إسلامَ له، لا بدَّ أن يشهد أنه لا إله إلا الله، أي: لا معبود حقّ إلا الله، ولا بد أن يشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله إلى جميع الثَّقلين: الجن والإنس، وأنه خاتم الأنبياء، ثم الركن الثاني: الصلاة، وهي عمود الإسلام كما في الحديث الصحيح: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة.

ومعنى الصلاة: الدعاء، قال تعالى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ [التوبة:103] ادع لهم، وسُميت "صلاة" لاشتمالها على الدعاء؛ لأنها دعاء: فيها دعاء في السجود، وبين السجدتين، وفي التحيات، وقد يقع الدعاء أيضًا في القراءة، قد يدعو إذا مرَّ بآية رحمةٍ أو آية وعيدٍ، وكذلك في التحيات قبل أن يُسلم، فيها دعاء كثير، ونفس الأركان: دعاء ركوعه دعاء عبادة، وسجوده دعاء عبادة، وقراءته دعاء عبادة، فهي كلها دعاء، ما بين دعاء مسألةٍ: "كربِّ اغفر لي" وغيره من الدَّعوات، وبين دعاء عبادة: كالركوع والسجود والقيام، كله دعاء عبادة؛ فلهذا قيل لها: صلاة.

أما اشتقاقها من "الصّلوين" فهو محل نظرٍ، وإنما سُميت "صلاة" لاشتمالها على العبادة؛ لأنها كلها عبادة، كلها دعاء، كلها ضراعة إلى الله، كلها طلب لمغفرته ورحمته، يقول ﷺ: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، ويقول ﷺ: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمَن تركها فقد كفر.

وقد اختلف العلماء في تركها تهاونًا: هل يكفر بذلك أم لا؟ على قولين، والصواب والأرجح أنه يكفر بذلك ولو تهاونًا، أما إذا جحد وجوبها كفر عند الجميع، أما إذا تركها تهاونًا كما يأتي فإنه يكفر على الراجح، وقال الجمهور: لا يكفر، وأن الكفر في حقِّه كفر أصغر، كذا حكى "المغني" عن الجمهور؛ أنه لا يكفر بذلك إذا كان قد أقرَّ بوجوبها، ولكن يكون كفرًا أصغر وشركًا أصغر، والصواب أنه كفر أكبر.

س: يقول: اشتقاقها من الدعاء؟

ج: نعم، ما في شك؛ لأنها دعاء، كلها دعاء، سُميت "صلاة" لأنها دعاء.

(تجب) الخمس في كل يومٍ وليلةٍ (على كل مسلمٍ مُكلَّفٍ) أي بالغ، عاقل، ذكر أو أنثى أو خنثى، حرّ أو عبد أو مُبعض (إلا حائضًا ونفساء) فلا تجب عليهما.

الشيخ: تجب الخمس على كل مكلفٍ: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر على جميع المكلفين من الرجال والنساء، والأحرار والعبيد والخناثى أيضًا، تجب على كل مكلفٍ، ذكر أو أنثى أو خنثى، حرّ أو عبد، في اليوم والليلة بإجماع المسلمين، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، إلا الحائض والنفساء فلا صلاةَ عليهما، جاء النص بأنَّ الحائض تدع الصلاةَ ولا تقضي، والنفساء تدع الصلاةَ ولا تقضي.

(ويقضي من زال عقله بنومٍ أو إغماءٍ أو سكرٍ) طوعًا أو كرهًا.

الشيخ: إذا زال عقله بنومٍ يقضي، يقول النبي ﷺ: مَن نام عن الصلاة أو نسيها فليُصلها إذا ذكرها، لا كفَّارة لها إلا ذلك، وهكذا بسكرٍ، شرب مُسكرًا فإنه يُؤمر بقضاء الصلاة، لا خلاف في ذلك. 

أما الإغماء ففيه تفصيل: إن كان الإغماء قليلًا فإنه يقضي، وأحسن ما قيل في ذلك: ثلاثة أيام فأقل، قال بعضهم: لا بدَّ أن يفيق في الوقت. كما قال مالك والشافعي رحمهما الله، وقال أبو حنيفة: إذا كان خمس صلوات فأقل، ومذهب الحنابلة أنه يقضي ما دامت المدة غير طويلة إذا أفاق، وأحسن ما قيل في هذا: ثلاثة أيام، كما يُروى عن عمار أنه أُغمي عليه ثلاثة أيام ثم قضى، ويُروى عن عمران بن حصين، وعن سمرة بن جندب، فأحسن ما قيل في هذا: ثلاثة أيام، إذا طال لا قضاء؛ لأنه أشبه بالمجانين، مزاييل العقول، كما قد وقع الآن لأناسٍ كثيرين طالت بهم مدة الإغماء شهور وسنين، فلا قضاء عليه إذا أفاق.

س: فوق ثلاثة أيام؟

ج: لا قضاء عليه؛ لأنه فارق مُشابهة النوم.

س: مذهب أبي حنيفة خمسة أوقات؟

ج: خمسة أوقات، نعم.

س: وأيش وجه هذا؟

ج: لعله لأنَّ اليوم يتبع بعضه بعضًا.

س: مَن يُصلي أحيانًا ويترك أحيانًا؟

ج: حكمه حكم التارك.

س: قول بعض أهل العلم أنَّ مَن ترك الصلاة تعمدًا لا يقضيها؛ لقول الرسول ﷺ: مَن عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ، فتعمد تركها ترد عليه، لا يُصلي؟

ج: هذا إن قلنا: كفر، فلا قضاء عليه، وإن قلنا: لم يكفر، يقضي؛ لأنَّه من باب إن كان يقضي مَن نام فالذي يتركها عمدًا من باب أولى أن يقضي، عند الجمهور يقضي.

س: لو ترك حتى فرضًا واحدًا؟

ج: ظاهر الحديث عام، إذا تعمَّده حتى خرج الوقت.

س: التحديد بثلاثة أيام ثابت عن الرسول ﷺ؟

ج: لا، هذا يُروى عن عمار لما أُغمي عليه، وعن سمرة بن جندب، وعن عمران، ولم أقف على أسانيدها، لكن ذكروها عن الثلاثة، حتى الآن لم أقف على أسانيدها عنهم، لكنه قريب، قول قريب؛ لأنَّ ثلاثة أيام علّق بها أحكام، مثل: الخيار ثلاثة أيام، ومثل أشياء كثيرة علّق بها ثلاثة أيام، فالقول بها قريب؛ لأنَّ النوم قد يغلب على الإنسان، قد ينام يومًا أو يومين، قد ينام ثلاثة أيام.

س: يُلحق بها الصيام إذا أُغمي عليه أكثر من ثلاثة أيام؟

ج: نعم، لا قضاءَ عليه.

س: مَن فرَّق بين المُغمى عليه وبين النَّائم؛ هذا باختياره، وهذا بغير اختياره؟

ج: ما في شكّ، لكن يُشبهه بثلاثة أيام فأقلّ، يُشبه به.

س: إذا لم يقضِ الصلاة للإغماء فكذلك الصيام؟

ج: لا يقضي صيامًا ولا صلاةً.

س: ما رُوي عن عمار .....؟

ج: ما أتذكر، أنا طلبتُ من بعض الإخوان التماسه، ولا بعد، ما أذكر شيئًا، إن كان أحدٌ منكم عنده فيه شيء جمع.

طالب: ذكر هنا أثرًا عن سمرة بن جندب أنه قال: "المُغمى عليه يترك الصلاة، يُصلي مع كل صلاةٍ مثلها حتى يقضيها"، قال عمران بن حصين: "ليصليهن جميعًا" رواه ابن أبي شيبة وابن المنذر، وقالوا أيضًا أنَّ الصلاة لا تسقط بالإغماء كسائر العبادات.

الشيخ: هذا فيه تفصيل: إن كان ثلاثة أيام فأقلّ فلا بأس، أما إذا طال لا؛ لأنه زال عقله: رُفع القلم عن ثلاثةٍ، يُراجع ابن أبي شيبة.

الطالب: في الحاشية: في "الموطأ" بشرح الزرقاني: عن مالك، عن نافع: أنَّ ابن عمر أُغمي عليه فذهب عقله، فلم يقضِ الصلاة.

الشيخ: هذا سند صحيح، وهذا ما يُؤيد ما قاله مالك والشافعي، يقولون: إذا أُغمي عليه ولو وقتًا واحدًا لا قضاءَ؛ لأنه زال عقله.

س: يقول: صلاة الجماعة واجبة؟

ج: نعم، يجب أن يُصلي مع المسلمين.

س: على هذا السند الذي ذُكر عن ابن عمر: إذا فاته وقت صلاةٍ واحدةٍ لا يقضيها؟

ج: على قول ابن عمر، على رأيه واجتهاده، ولكن إذا قضى أوقاتًا قليلةً، إذا قضى احتياطًا حسن إن شاء الله؛ إلحاقًا له بالنوم.

س: وإذا لم يقضِها؟

ج: محل نظرٍ، محل اجتهادٍ.

س: ما يُفرق بين الصيام والصلاة في حالة الإغماء مدة ثلاثة أيام؟

ج: الصلاة أعظم.

ويقضي مَن زال عقله بنومٍ أو إغماءٍ أو سكرٍ طوعًا أو كرهًا أو (نحوه) كشرب دواءٍ؛ لحديث: مَن نام عن صلاةٍ أو نسيها فليُصلها إذا ذكرها رواه مسلم، وغُشي على عمارٍ ثلاثًا ثم أفاق وتوضأ وقضى تلك الثلاث.

الشيخ: مثلما تقدم، نعم.

ويقضي مَن شرب مُحرَّمًا حتى زمن جنونٍ طرأ متَّصلًا به؛ تغليظًا عليه.

الشيخ: مَن شرب مُحرَّمًا حتى يغيب عقله يقضي إذا أفاق؛ لأنه ملحق بالسكران والنائم، فلو شرب شيئًا فغيَّب عقله إذا أفاق يقضي؛ إلحاقًا له بالنوم، وشبيهًا بالسّكران.

س: إلحاق زمن الجنون الطارئ بعد هذا؟

ج: لا، ما له محل الجنون، إذا ثبت الجنون رُفع عنه التَّكليف.

س: الإغماء بسبب البنج: وقت العملية قد يُغمى عليه أكثر من ثلاثة أيام بسبب البنج؟

ج: نعم، إذا كان ثلاثة أيام فأقلّ يقضي.

س: مَن شرب مُحرَّمًا وزال عقله أكثر من ثلاثة أيام؟

ج: يقضي؛ لأنه المتسبب.

س: قوله: حتى زمن جنون طرأ متَّصلًا به؟

ج: لا، هذا إذا ثبت الجنون لا يقضي: رُفع القلم عن ثلاثةٍ.

(ولا تصح) الصلاة (من مجنونٍ) وغير مُميزٍ؛ لأنه لا يعقل النية.

الشيخ: لا تصح الصلاةُ من المجنون لعدم العقل؛ لأنَّ الصلاة لا بدَّ لها من نيةٍ، والمجنون لا نيةَ له، وهكذا الصبي الصغير دون التمييز لا صلاةَ له.

(ولا) تصح من (كافرٍ) لعدم صحة النية منه.

الشيخ: كذلك الكافر؛ لأنه ليس من أهل الصلاة، شرطها الإسلام، لكن يُؤاخذ عليها في الآخرة؛ قال تعالى: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ۝ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر:42، 43]، فيُعاقب على شركه وعلى معاصيه.

ولا تجب عليه بمعنى أنه لا يجب عليه القضاء إذا أسلم، ويُعاقب عليها وعلى سائر فروع الإسلام.

الشيخ: لا تجب عليه حتى يُسلم، لكنه يستحق العقاب عليها في الآخرة، ولكن لا يُطالب بالصلاة حتى يُسلم، يُؤمر بالإسلام –بالشهادتين- ثم يُؤمر بالصلاة.

س: الكافر يُعاقب على كل أركان الإسلام؟

ج: يُعاقب على المعاصي كلها.

(فإن صلَّى) الكافر على اختلاف أنواعه في دار الإسلام أو الحرب جماعةً أو مُنفردًا بمسجدٍ أو غيره (فمسلم حكمًا).

الشيخ: إذا صلَّى يُحكم بإسلامه؛ لما فيها من الشهادة؛ ولأنها شعار المسلم، الرسول يقول: نُهيتُ عن قتل المصلين، فإذا صلَّى حُكم بإسلامه، فإذا قال: إني أستهزئ، أو كذا، يكون مُرتدًّا، إذا قال: "ما قصدتُ الإسلام" يُعاقب بأنه يكون مُرتدًّا، حكمه حكم المرتدين، فإن تاب وإلا قُتل.

فلو مات عقب الصلاة فتركته لأقاربه المسلمين، ويُغسل ويُصلَّى عليه ويُدفن في مقابرنا.

الشيخ: لأنَّ الظاهر أنه مسلم، إذا مات في الحال بعد صلاته حكمه حكم المسلمين، يرثه المسلمون.

س: مطلقًا في دار الإسلام أو في دار الحرب؟

ج: مطلقًا نعم؛ لأنها شعار المسلمين، الصلاة شعار المسلمين.

س: إذا ما نطق بالشهادة تكفي الصلاة؟

ج: الصلاة فيها الشهادة.

وإن أراد البقاء على الكفر وقال: إنما أردتُ التَّهزء، لم يُقبل.

الشيخ: إذا قال: "إني أردتُ الاستهزاء" فهذا يُعامل معاملة المرتدين، يكون مُرتدًّا، نسأل الله العافية، ومثله لو قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنَّ محمدًا رسول الله، ولا يقولها أولًا، ثم قال: "ما قلتُها إلا مُستهزئًا" يُعامل معاملة المرتدين، نسأل الله العافية.

وكذا لو أذن ولو في غير وقته.

الشيخ: كذلك أذن أو أقام.

(ويُؤمر بها صغير لسبعٍ) أي: يلزم وليه أن يأمره بالصلاة لتمام سبع سنين، وتعليمه إياها، والطهارة ليعتادها، ذكرًا كان أو أنثى، وأن يكفَّه عن المفاسد، (و) أن (يُضرب عليها لعشر) سنين؛ لحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده يرفعه: مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها لعشرٍ، وفرِّقوا بينهم في المضاجع رواه أحمد وغيره.

الشيخ: هذا هو الواجب، الواجب أن يُؤمر بها الأولاد لسبعٍ، وأن يُضربوا عليها لعشرٍ؛ للأحاديث الواردة في ذلك، فعلى ولي الولد -أبيه أو جده أو أخيه الكبير- أن يأمره بالصلاة لسبعٍ، وهكذا يأمره بما فيه مصلحته، ويُعلِّمه، ويُوجهه إلى الآداب الشرعية، وإذا تعدَّى على إخوته الصغار أو على غيرهم يُؤدَّب حتى يتأدَّب، أما ابن العشر فيُضرب على الصلاة إذا بلغ عشرًا، ذكرًا كان أو أنثى أو خنثى؛ حتى يعتادها ويتمرن عليها؛ لقوله ﷺ: مروا أولادكم بالصلاة لسبعٍ، واضربوهم عليها لعشرٍ، وفرِّقوا بينهم في المضاجع، لا ينام الولدُ مع البنت، ولا مع أخيه في مضجعٍ واحدٍ، يُفرَّق بينهم؛ حذرًا من الفتنة، وهكذا يُعلِّمه أبوه أو جده أو أخوه مصالحه الأخرى: كبرِّه بأمه، وعدم تعديه على إخوته الصغار، وعدم عبثه الذي يضرُّ البيت، يُوجهه إلى الأشياء الصالحة أبوه أو جده أو أخوه الكبير؛ حتى يتمرن على الخير، ذكرًا كان أو أنثى، ابن سبع فأكثر، وهكذا ما يتعلق بالطعام: كيف يأكل؟ مثلما قال النبيُّ ﷺ لعمر بن أبي سلمة: سمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكل مما يليك.

س: جاءت والدة الصبي بعد العشاء وهو قد نام، هل تُوقظه؟ ابن سبع سنين، يعني: لم يبلغ العاشرة؟

ج: ظاهر الأحاديث أنه يعمُّه ذلك.

س: كل واحدٍ في غرفة؟

ج: لا، فقط في المضجع، ما يكون في مرقدٍ واحدٍ، ما يكون فراشًا واحدًا متلاصقين، كل واحدٍ له فراش مستقلّ، ولو في غرفةٍ واحدةٍ، كل واحدٍ له فراش ولو في غرفةٍ واحدةٍ.

س: يأمره بالجماعة؟

ج: الظاهر حتى يتمرن عليها يُؤمر بالصلاة في الجماعة.

س: إذا فاتت الصبي ابن سبعٍ؟

ج: ما في قضاء، الظاهر ما عليه قضاء، وإذا أمره بالقضاء حتى يتمرن طيب، حسن، قد يُقال: يعمّه الأمر، لكن ظاهر الحديث أنه يأمره في أوقاتها يعني.

س: يُضرب على الجماعة أم على الأداء -ابن سبع؟

ج: لا، يُضرب عليها إذا بلغ عشرًا.

س: هل يُضرب على الأداء؟

ج: هو الظاهر، الأداء في الجماعة حتى يتمرن.

س: بعض الإخوة يقول: قرر الجماعة في مسجدٍ حينًا وضع جوائز تشجيعية لمَن يُواظب على صلاة الفجر في كل شهرٍ لمَن دون الخامسة عشرة سنة، فما حكم ذلك؟ وإذا كان جائزًا فهل يجوز أيضًا للبالغين؟

ج: ما أعرف لهذا أصلًا.

س: الذي أقلّ من سبعٍ وهو يعبث يُطرد من المسجد؟

ج: نعم، يُمنع من المسجد إذا كان دون السبع، والذي بلغ سبعًا كذلك يُؤدَّب، لا يعبث، يُصلي، ولكن لا يعبث، وهكذا ابن عشرٍ يُصلي ولا يعبث.

س: ............؟

ج: يُجيبه أبوه وإلا أخوه.

س: ............؟

ج: إذا كان ما يستطيع يُصلي في البيت.

س: إذا كان أقلّ من سبعٍ يُشرع أن يُؤمر بالصلاة؟

ج: لا، ما يُؤمر.

س: حديث أمامة يُحتج به؟

ج: هذه ما جاءت تُصلي، جاءت تعبث، هذا إذا كان ما يعبث يُترك، النبي حمل أمامة ولم يتركها تعبث.

س: حديث النبي ﷺ: أسمع بكاء الصبي فأتجوز؟

ج: كذلك الذي ما يعبث ما يضرّ.

(فإن بلغ في أثنائها) بأن تمَّت مدة بلوغه وهو في الصلاة (أو بعدها في وقتها أعاد) أي لزمه إعادتها؛ لأنها نافلة في حقِّه فلم تُجزئه عن الفريضة، ويُعيد التيمم لا الوضوء والإسلام.

الشيخ: إذا بلغ الصبي في أثناء الصلاة أو بعدها أعادها؛ لأنه صلَّاها نافلة، والصلاة فريضة، فيُعيدها بعد ذلك لو كان مضبوطًا زمن صلاته، وصادف أنه صلَّاها الظهر في أول الوقت، وأنه بعد أذان الظهر بكذا كمل خمس عشرة سنة في السنِّ، صارت فريضةً عليه، وهذا القول ضعيف، والصواب أنه لا يُعيد، صلَّاها والحمد لله، هذا القول ضعيف، فإذا بلغ بعد الصلاة وقد صلَّاها فقد وقعت في محلِّها والحمد لله، ولا يُؤمر بالإعادة.

ويُعيد التيمم.

الشيخ: كذلك لا يُعيد التيمم، التيمم كالماء، لو تيمم لنافلةٍ صلَّى به الفريضة، ولو تيمم لصلاة الضُّحى وجاء الظهر وهو على طهارته صلَّى به الظهر، ولو تيمم للعصر وجاء المغربُ صلَّى به المغرب، هذا الصواب، الرسول عليه الصلاة والسلام قال: جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وقال: الصعيد وضوء المسلم، فالصواب أن التيمم كالماء في كل شيءٍ، لكن متى وُجد الماء بطل التيمم، متى وجد الماء استعمل الماء، وأما ما دام لم يجد الماء، أو كان مريضًا وزال مرضه يتوضأ، فالحاصل أن التيمم طهور كالماء، يرفع الحدث.

ويُعيد التيمم لا الوضوء والإسلام.

(ويحرم) على مَن وجبت عليه (تأخيرها عن وقتها) المُختار أو تأخير بعضها (إلا لناوي الجمع) لعذرٍ فيُباح له التأخير؛ لأنَّ وقت الثانية يصير وقتًا لهما.

الشيخ: متى حضر الوقتُ وجب فعل الصلاة فيه، ولا يجوز التأخير، فإذا دخل وقتُ الظهر وجب فعلها فيه، وقت العصر وجب فعلها فيه، المغرب وجب فعلها فيه، لا يجوز التأخير؛ لأنَّ الله أمر بأدائها في وقتها: إنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103]، والنبي وقَّت الصلوات وبيَّن أوقاتها، فالواجب فعلها في وقتها، إلا لجامعٍ، إلا للذي نوى الجمع كالمريض والمسافر، لا بأس، إذا نوى الجمع أخَّر الظهر مع العصر، أو أخَّر المغرب مع العشاء؛ لمرضه أو لسفره لا بأس.

س: تُشترط نية الجمع قبلها؟

ج: نعم عند التأخير، إذا أراد التأخير بالنية.

لأنَّ وقت الثانية يصير وقتًا لهما.

الشيخ: بالنية يصير وقتًا لهما؛ لأنَّ المسافر والمريض وقت الظهر والعصر وقت واحد، ووقت المغرب والعشاء وقت واحد.

س: في أي وقتٍ أراد أن يُصلي؟

ج: سواء قدَّم أو أخَّر أو بينهما.

(و) إلا (لمُشتغل بشرطها الذي يحصله قريبًا) كانقطاع ثوبه الذي ليس عنده غيره، إذا لم يفرغ من خياطته حتى خرج الوقتُ.

الشيخ: وهكذا مَن كان مُشتغلًا بشرطها الذي يحصله قريبًا له التأخير: كمَن انشقَّ ثوبه وجلس يخيطه، أو يلتمس ثوبًا يستر به عورته، فله التأخير ولو بعد خروج الوقت إذا كان يسيرًا، وهذا القول ضعيف أيضًا، والصواب أنه يُصلي في الوقت ولا يُؤخر، إذا كان ما عنده ثوب يُصلي ولو عريانًا ولا يُؤخر الصلاة عن وقتها إلى طلوع الشمس، يصلي على حسب حاله، هذا الواجب.

فإن كان بعيدًا عُرفًا صلَّى.

الشيخ: التفصيل لا دليلَ عليه، الله أمر بالصلاة في وقتها: أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ [الإسراء:78]، وقال النبي ﷺ: صلِّ الصلاة لوقتها لأبي ذرٍّ، فالواجب أن تُصلَّى في الوقت على حسب حاله: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

س: إذا خشي خروج الوقت بالغسل؟

ج: إذا كان مُستيقظًا وفرَّط يُصلي، يغتسل ويُصلي، أما إذا كان نائمًا لا، ولو خرج الوقت؛ لأن الرسول ﷺ لما نام عن الصلاة أخَّرها حتى توضؤوا وصلّوا، معذور، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: مَن نام عن الصلاة فليُصلها إذا ذكرها، أما إنسان مُستيقظ ليس له التأخير، بل يُصلي على حسب حاله.

س: ............؟

ج: الذي ما وجب عليه ما عليه صلاة لو تركها بالكلية.

س: ...........؟

ج: ولو، يعني: لا مفهومَ له، لكن لأنَّ المهم هو مَن تجب عليه، وإلا فالذين بلغوا سبعًا أو عشرًا يُؤمرون بها بالوقت، ويمنعون من تأخيرها حتى يتمرَّنوا على وجهٍ شرعي، فلا مفهومَ له.

س: لو نوى تأخير الأولى؟

ج: لا حرج، الصواب لا حرج أن يُصليها مع الأخرى في السفر.

س: إذا كان مُستيقظًا وأخَّر؟

ج: لا يجوز له التأخير، المستيقظ يُصلي في الوقت.

س: إذا أخَّرها وخشي خروج الوقت إذا اغتسل؟

ج: الظاهر أنه يُصلي بالتيمم في هذه الحالة ولا يُؤخر، إذا كان طلبُ الوضوء أو طلبُ الغسل يُفوت الوقت، إلا إذا كان نائمًا، معذور ولو فات الوقت، مَن نام عن الصلاة أو نسيها، إذا كان نائمًا أو ناسيًا.

س: المُسافر إذا أذَّن عليه وهو داخل المدينة فأراد السفر، فهل له القصر؟

ج: له أن يُسافر ويُصليها في السفر، أذَّن الظهر وخرج وصلَّاها قصرًا في السفر، العبرة بوقت الفعل، أو دخل المدينة، دخل بلده ولم يُصلِّ يُصليها أربعًا، ولو كان الوقتُ حضر في السفر، جاء عليه وقتُ الظهر في السفر، ولكن دخل ما صلَّى يُصليها في بلده أربعًا، أو أذَّن وهو في البلد ثم خرج صلَّاها في السفر ثنتين.

س: يعني العبرة بوقت الأداء؟

ج: بوقت الفعل.

س: مَن ذكر صلاة السفر حضرًا؟

ج: يُصليها أربعًا، زال العذر.

س: بعض المرات يحصل؛ يكون الناس في البرِّ، إذا عدم الماء بعضهم يقول: نذهب إلى مسافةٍ بعيدةٍ أو قريبةٍ؟

ج: لا، يتيمَّمون ويُصلون، إذا كان الماء بعيدًا وفيه مشقة لا.

س: ضابط البُعد؟

ج: عُرفًا، الشيء الذي فيه مشقة عُرفًا في ظاهر الحال، ما في حدٍّ محدود، ما في كيلوات محدودة.

ولمَن لزمته التأخير في الوقت مع العزم عليه ما لم يظنّ مانعًا.

الشيخ: نعم ..... في الوقت مع العزم عليه، لكن لا يُؤخرها عن الوقت، السنة البدار، السنة البدار بالصلاة في أول وقتها؛ لما سُئل النبي: أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة في أول وقتها، فالبدار بها في أول وقتها إلا إذا كانت صلاة العشاء ولم يتجمَّعوا شُرع التأخير؛ كان النبي إذا اجتمعوا عجَّل، وإذا تأخَّروا أخَّر عليه الصلاة والسلام، وهكذا في شدة الحرِّ صلاة الظهر، يُستحب التأخير عند شدة الحرِّ في صلاة الظهر.

وتسقط بموته ولم يأثم.

الشيخ: إذا مات في الوقت سقطت ولا إثم عليه.

س: إذا مات وقد أخَّرها بنية العزم عليها؟

ج: نعم، لا إثم عليه، إذا مات في الوقت لا إثم عليه.

(ومَن جحد وجوبها كفر) إذا كان ممن لا يجهله وإن فعلها؛ لأنه مُكذِّب لله ورسوله وإجماع الأمة.

الشيخ: مَن جحد وجوبها -وجوب الصلاة- كفر بإجماع المسلمين؛ لأنه مكذب لله ولرسوله ولإجماع المسلمين، فمَن قال: الصلاة ما هي بواجبة، أو الظهر ما هي بواجبة، أو الفجر ما هي بواجبة؛ كفر عند جميع أهل العلم، نسأل الله العافية.

وإن ادَّعى الجهل كحديث الإسلام، عرف وجوبها، ولم يُحكم بكفره؛ لأنه معذور.

الشيخ: إن ادَّعى الجهل عُرف، يُبين له وجوبها، فإذا أصرَّ بعد التعريف كفر، وإن رجع إلى الصواب فالحمد لله.

فإن أصرَّ كفر، (وكذا تاركها تهاونًا) أو كسلًا لا جحودًا (ودعاه إمام أو نائبه) لفعلها (فأصرَّ وضاق وقتُ الثانية عنها) أي عن الثانية؛ لحديث: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون منه الصلاة. قال أحمد: كل شيء ذهب آخره لم يبقَ منه شيء.

الشيخ: وهكذا إذا تركها تهاونًا ودُعي إلى وجوبها وأصرَّ حتى خروج وقت الثانية، إذا لم تكن مجموعة لها يكفر بذلك، والصواب أنه يكفر مطلقًا؛ متى تركها عمدًا وهو يعلم وجوبها كفر؛ لقوله ﷺ: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، وقوله ﷺ: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمَن تركها فقد كفر، وحديث: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون منه الصلاة، قال أحمد رحمه الله: شيء فُقد آخره لم يبقَ منه شيء. وقال ﷺ: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، هذا هو القول الأرجح.

وقال الأكثرون: لا يكفر إذا لم يجحد وجوبها، وحملوا الأحاديث على أنه كفر أصغر وشرك أصغر، وإنما يكفر بجحد الوجوب، هذا قول الأكثر، والقول الصواب -وهو قول الأقل- أنه يكفر بتركها تكاسلًا وإن لم يجحد وجوبها؛ لظاهر الأحاديث الصحيحة في ذلك.

فإن لم يدع لفعلها لم يُحكم بكفره؛ لاحتمال أنه تركها لعذرٍ يعتقد سقوطها لمثله.

الشيخ: وهذا القول مرجوحٌ كما تقدم.

س: يعني المؤلف يرى بهذا الشرط؛ بشرط أن يُدعا؟

ج: أن يُدعا ويُصرُّ.

س: والأرجح أنه لا يُشترط؟

ج: الصواب لا يشترط، متى عرف الوجوب والأدلة، وهو ليس ممن يجهل الوجوب كفر، أما إذا كان حديث عهدٍ بإسلام يُبين له، فإذا أصرَّ على تركها كفر.

س: ............؟

ج: نعم، سمعت الكلام يا بني!

(ولا يُقتل حتى يُستتاب ثلاثًا فيهما) أي فيما إذا جحد وجوبها، وفيما إذا تركها تهاونًا، فإن تابا وإلا ضُربت عنقهما.

الشيخ: يعني: لا يُقتل حتى يُستتاب، هذا هو الراجح، فإن تاب وإلا قتل، كالجاحد والمتكاسل، لا بدَّ من استتابته، فإن تاب وإلا قُتل؛ لقوله ﷺ: مَن بدَّل دينه فاقتلوه.

س: هذا بالنسبة للقتل، وبالنسبة للحكم عليه بالكفر؟

ج: نعم يُقتل كافرًا على أحد الرأيين، وهو القول الأرجح، ويُقتل عاصيًا على القول الثاني، حدًّا على قول مَن قال بعدم كُفره.

س: وإذا لم يُستتب يُحكم بكفره؟

ج: إذا عرف الأدلة ولو لم يُستتب هو كافر، لكن لا يُقتل حتى يُستتاب؛ لأنه قد يرجع إلى لُبِّه، قد يرجع إلى الحقِّ، قد يتوب.

س: أما الحكم فيُحكم عليه؟

ج: الواجب الاستتابة، وبعض أهل العلم يقول: يكفر وإن لم يُستتب، وهذا هو الراجح إذا كان ممن يعرف الأدلة، ويعرف أنها واجبة عليه، معروف، وأما إذا كان لا، حديث عهدٍ بإسلام، لا بدَّ أن يُبين له، لا يُحكم بكفره حتى يُبين له حكم الصلاة.

س: التحديد بثلاثة أيام؟

ج: احتياطًا؛ لأنه قد تكون عنده شُبهة فتزول.

س: ما رُوي عن عمر أنه استتاب شخصًا ثلاثة أيام؟

ج: نعم، هذا من الأدلة.

س: الحدّ مبناه على الدليل، فكيف التارك يُقتل حدًّا؟!

ج: نعم مثل حدّ الزنا وحدّ الحرابة يُقتل حدًّا وهو مسلم، الزاني المحصن يُقتل حدًّا وهو مسلم.

والجمعة كغيرها، وكذا ترك ركنٍ أو شرطٍ.

الشيخ: نعم، ركن مُجمع عليه، أو شرط مُجمع عليه.

س: يُحكم بكفره؟

ج: نعم.

س: إذا ترك؟

ج: إذا أُقيمت عليه الحجّة.

وينبغي الإشاعة عن تاركها بتركها حتى يُصلي.

الشيخ: ينبغي الإشاعة عنه، والإنكار عليه، وتحذيره؛ لعله يتوب، لعله يرجع، لعله يستحي.

س: ترك الركن والشرط؟

ج: الركن المجمع عليه مثل: الركوع والسجود، والشرط: الطهارة، ما تُصلَّى بلا طهارةٍ.

س: يكفر يعني؟

ج: يكفر نعم.

س: هل له أن يطرد ابنه الذي لا يُصلي من البيت؟

ج: إذا لم يهتدِ له طرده.

س: مَن جعل الجماعة شرطًا؟

ج: لا، الصواب ليست بشرطٍ.

ولا ينبغي السلام عليه، ولا إجابة دعوته.

الشيخ: ينبغي هجره: لا يُسلَّم عليه، ولا تُجاب دعوته؛ لعلَّ الله يهديه.

قاله الشيخ تقي الدين، ويصير مسلمًا بالصلاة.

الشيخ: وإذا صلَّى رجع إلى الإسلام، إذا كفر بتركها، إذا صلَّى دخل في الإسلام.

ولا يكفر بترك غيرها من زكاةٍ وصومٍ وحجٍّ تهاونًا وبخلًا.

الشيخ: هذا هو الراجح، لو ترك الزكاة تهاونًا، أو الصوم تهاونًا، أو الحج تهاونًا لا يكفر، هذا هو الصحيح؛ لأنَّ النبي ﷺ قال في الذي منع الزكاة أنه يُعذَّب يوم القيامة بزكاته التي منعها، ثم يرى سبيله: إما إلى الجنة، وإما إلى النار، فدلَّ على أنه لم يكفر بذلك.

[باب الأذان]

هو في اللغة: الإعلام. قال تعالى: وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [التوبة:3] أي: إعلام.

وفي الشرع: إعلام بدخول وقت الصلاة أو قربه لفجرٍ بذكرٍ مخصوصٍ.

الشيخ: هذا الباب في الأذان، والأذان هو الإعلام في اللغة، قال تعالى: وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، وقال: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ [الحج:27] يعني: أعلم.

أما في الشرع: فهو الإعلام بوقت الصلاة، يقال له: أذان، الإعلام بوقت الصلاة بألفاظٍ مخصوصةٍ يُسمى: أذانًا، وهكذا الإعلام بقُربه: كأذان الفجر الأول، هو أذان بقرب الفجر.

(والإقامة) في الأصل مصدر أقام، وفي الشرع: إعلام بالقيام إلى الصلاة بذكرٍ مخصوصٍ.

الشيخ: وهكذا الإقامة مصدر: أقام إقامةً في اللغة، يعني: أقام الشيء من مكانٍ إلى مكانٍ، ولكن في الشرع الإقامة إذا أُطلقت فهي الدَّعوة إلى الدخول في الصلاة بألفاظٍ معلومةٍ يُقصد منها الدلالة على أن الصلاة حضرت، وأن الواجب الدخول فيها؛ ولهذا يُقال فيها: "قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة" يعني: قرب قيامها، وهي نداء في المعنى، وأذان في المعنى، لكن الأذان للناس الحاضرين، وإعلامًا للحاضرين.

وفي الحديث: المُؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة رواه مسلم.

الشيخ: وهذا فيه إشهار لهم، وبيان فضلهم، وأنهم أطول الناس أعناقًا يوم القيامة؛ لكونهم بلَّغوا الناس هذه العبادة العظيمة ودعوا إليها، هذا من فضلهم، فينبغي المنافسة فيه.

(هما فرضا كفايةٍ) لحديث: إذا حضرت الصلاةُ فليُؤذن لكم أحدُكم، وليؤمَّكم أكبركم متفق عليه.

الشيخ: الأذان والإقامة فرضا كفايةٍ، يعني: فرض يجب على أهل المسجد أن يكون لهم مؤذن، وأن يكون لهم مقيم، فرض عليهم، لكن على الكفاية؛ إذا قام به مَن يكفي سقط عن الباقين، إنما يقوم به واحدٌ منهم، ما هو كل واحدٍ يُؤذن، كل واحدٍ يُقيم، لا، واحد منهم يكفي؛ ولهذا يقول: فرض كفايةٍ، إذا قام به مَن يكفي سقط عن الباقين في الحضر والسفر كما يأتي.

س: فرض على كل مسجدٍ، أو يكفي البلد إذا أُدِّيَ في البلد؟

ج: في كل مسجدٍ، نعم.

س: وإذا تركوه اكتفاءً بالمُؤذنين الآخرين؟

ج: لا، الواجب في كل مسجدٍ؛ لأنَّ كل مسجدٍ له جماعة ينتظرون مُؤذنهم، بينهم تباعد في الغالب، قد لا يسمعون المؤذن الآخر.

س: أقام الصلاة بعد الأذان مباشرةً؟

ج: السنة أن تكون الإقامةُ بعد الأذان بوقتٍ حتى يتمكن الناسُ من أداء الراتبة في الفجر والظهر، وركعات قبل العصر، وركعتين قبل المغرب، لا يعجل، يكون بينهما فصلٌ حتى يتمكن الحاضرون من الصلاة: سنة الفجر، وسنة الظهر، وركعتين قبل المغرب، وركعتين قبل العشاء، فالسنة عدم العجلة.

س: تحديد الفصل؟

ج: ما في تحديد، تحديد قليل، القريب يكفي: ربع ساعة، ثلث ساعة، مُقارب.

س: إذا تأخَّر المُؤذن؟

ج: نعم إذا ما تيسر مؤذن يُؤذن أحدُ الحاضرين.

س: مَن أذَّن وهو جنب؟

ج: يصح، لكن الأفضل أن يكون على طهارةٍ كما يأتي، لكن لو أذَّن وهو جنب أو على غير طهارةٍ صحَّ، ما هو بشرطٍ الطهارة.

س: الجنب هل له أن يمكث في المسجد؟

ج: ليس له أن يمكث.

س: فكيف يصحّ الأذان؟

ج: هذا ما جلس.

س: أيّهما أفضل: الإمامة وإلا المُؤذن؟

ج: محل خلافٍ.

(على الرجال) الأحرار (المُقيمين) في القُرى والأمصار.

الشيخ: على الرجال الأحرار المقيمين في القرى والأمصار: يعني الأذان فرضٌ عليهم، والإقامة فرضٌ على الرجال دون النساء، الأحرار دون العبيد، المقيمين في الأمصار والقرى لا المسافرين، هذا معنى كلام الشارح، وهذا قول بعض أهل العلم، والصواب أنه فرض على الجميع، حتى على العبيد، وحتى على المسافرين، النبي أمر به المسافرين؛ قال لمالك بن الحُويرث: إذا حضرت الصلاةُ فليُؤذن لكم أحدُكم، وليؤمّكم أكبركم، وكان النبي ﷺ في السفر يُؤذن ويُقيم، وهكذا في حجة الوداع أذَّن وأقام. 

فالصواب أنه فرضٌ على الجميع، حتى على المسافرين، وحتى على العبيد، لو كانت قرية ما فيها إلا عبيد ومماليك فرضٌ عليهم، أو سافر العبيد والمماليك فرضٌ عليهم؛ لأنهم مُكلَّفون كالأحرار، ليس هذا متعلق بالمال، تصرُّفاتهم فيما يتعلق بالمال، هذا ليس له تعلّق بالمال.

فالأذان والإقامة فرضٌ على الرجال، سواء كانوا أحرارًا أو عبيدًا، مُقيمين أو مُسافرين، هذا هو الصواب؛ خلافًا للذي ذكره الشارح.

س: والنساء؟

ج: النساء لا، النساء ما عليهن أذان ولا إقامة.

س: إذا صلَّى الفجر الساعة ستة، وما طلعت الشمس إلا الساعة الثامنة، يعني بعد ساعتين؟

ج: يعني الفجر؟

س: نعم.

ج: يُنظر فيه: إن كانت الصلاةُ قبل الوقت تكون باطلةً، يُنظر في هذا، في كل مكانٍ لا بدَّ أن الصلاة تكون بعد طلوع الفجر، في أوروبا، أو في غيرها، فمَن صلَّى قبل الفجر صلاته باطلة، في أوروبا، وإلا بين السماء والأرض.

س: ............؟

ج: نعم، نعم، ليس عليهم أذان ولا إقامة؛ لأنَّ الأذان والإقامة دعوة للحاضرين، دعوة الناس القائمين يحضرون، والمرأة في بيتها ما عليها أذان ولا إقامة، تُصلي والحمد لله متى سمعت الأذان، متى دخل الوقتُ تُصلي.

س: .............؟

ج: جاء في بعض الروايات، لكن في سنده نظر، لكن الواقع ليس عليهم أذان ولا إقامة؛ ليسوا من أهل الجماعة.

س: ............؟

ج: لا بأس، لا حرج، ولكن الأفضل أن يُقيم المؤذن، هذا هو الأفضل، كما كان في عهد النبي؛ كان بلال يُؤذن ويُقيم، وابن أم مكتوم يُؤذن ويُقيم، هذا هو الأفضل.

س: لو صلّوا بدون أذانٍ ولا إقامةٍ؟

ج: صحَّت صلاتهم، لكن يأثمون.

س: قوله: لا على الرجل الواحد؟

ج: الرجل الواحد ما يجب عليه، لكن يُشرع له؛ لأنه ما فيه أحد يدعوه، لكن يُشرع له للعموم، ولو واحد يُؤذن ويُقيم، لو كان مسافرًا واحد يُؤذن ويُقيم، وإن كان السفر لا ينبغي، لا يُسافر وحده، لكن لو وقع يُؤذن ويُقيم.

لا على الرجل الواحد، ولا على النساء، ولا على العبيد، ولا على المُسافرين.

الشيخ: هذا مرجوحٌ، قول ضعيف، والصواب أنه مشروع للجميع: للأحرار والعبيد، والمسافرين والمقيمين، هذا هو الصواب.

س: .............؟

ج: ما أتذكر شيئًا، لكن حديث أبي سعيد: إذا كنتَ في غنمك ..... فحضرت الصلاةُ فأذّن؛ فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن من جنٍّ ولا إنسٍ ولا شيء إلا شهد له، الإنسان يؤذن، لو كان في البرية ما عنده أحد وعنده غنمه يُؤذن، أو مسافر يُؤذن.

س: وجوبًا على الواحد؟

ج: ظاهر الأدلة العموم؛ لأنه شعار الصلاة، وقد يسمعه مَن يريد الله له الخير فيحضر ويُصلي معه.

س: يقول في الحاشية: وليس الأذان والإقامة فرض كفايةٍ على النساء ..... لما روى البخاري عن أسماء بنت يزيد مرفوعًا: ليس على النساء أذان ولا إقامة .....؟

ج: أظنه النّجاد، لعله صححه من النجاد، ما هو في البخاري.

س: لو صلّوا وما أذَّنوا ولا أقاموا؟

ج: الصلاة صحيحة، لكن يأثمون، وعليهم التوبة والاستغفار.

س: إذا دخلوا مسجدًا، ثم صلّوا في مسجدٍ قد صُلِّي فيه الصلاة الأولى -الجماعة الأولى؟

ج: يُقيمون فقط، أذان المسجد يكفي، لكن إن حضروا يُقيمون.

س: ..........؟

ج: يحتاج إلى تأمل، يُراجع.

(للصلوات) الخمس (المكتوبة) دون المنذورة، والمُؤداة دون المقضيات.

الشيخ: يعني: يجب للمُؤداة دون المقضيات والمنذورات، هذا ضعيف، قول ضعيف، والصواب: أن الأذان للحاضرة والمقضية، النبي ﷺ لما ناموا عن الصلاة صلَّاها ضُحًى بأذانٍ وإقامةٍ.

س: والمنذورة؟

ج: والمنذورة كذلك.

س: يُؤذن لها؟

ج: المنذورة محل نظر، المنذورة ما هي من الفرائض الخمس، المنذورة الأقرب والله أعلم أنه ليس لها أذان ولا إقامة، المنذورة مثل بقية النوافل، إذا نذر أن يُصلي ركعتين في الضحى، أو يُصلي ركعتين في الليل ليس عليه أذان ولا إقامة.

س: والصلاة التي نسيها؟

ج: إذا كانت من الفرائض الخمس يُؤذن لها ويُقيم لها.

س: الحديث هذا يقول في "كنز العمال": ليس على النساء أذان ولا إقامة، قال في "كنز العمال": رواه أبو الشيخ في الأذان عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، وفي "تلخيص الحديث": رواه البيهقي عن ابن عمر موقوفًا بسندٍ صحيحٍ، وقال ابن الجوزي: لا يُعرف مرفوعًا، ورواه ابن عدي والبيهقي من حديث أسماء مرفوعًا، وفي إسناده الحكم بن عبدالله الأيلي، وهو ضعيف جدًّا.

ج: نعم، يصير وهمًا، قال: رواه البخاري وهم، ولعله وجده في النّجاد.

س: صلاة الكسوف والخسوف والعيدين هل يُنادى لها بالصلاة جامعة؟

ج: الخسوف صلاة جامعة، الخسوف فقط، أما العيدين لا، لا إقامة ولا أذان لها، فقط الخسوف يُنادى لها: الصلاة جامعة، أما العيد ما لها نداء، لا الصلاة جامعة ولا غيره، كان النبي يُصلي بلا أذانٍ ولا إقامةٍ، صلاة العيد والاستسقاء معروفة ما تحتاج أذانًا.

س: إذا أقام للنافلة؟

ج: ما تحتاج إقامة، الإقامة لها بدعة، كونه يُقيم للنافلة بدعة، النافلة ما لها إقامة ولا أذان.

س: .............؟

ج: ما تيسر: مرتين، ثلاثًا حتى يبلغ الناس، ما في حدّ محدود.

س: ............؟

ج: السنة السر في النهار، وفي الليل الجهر، هذا الأفضل.

س: النية؟

ج: صليت يعني نويت؟ بدعة ما لها أصل، بدعة.

س: عند الإقامة يقولون: أقامها الله وأدامها، هل ثبت هذا؟

ج: لا، يقول: قد قامت، مثلما يقول المؤذن: قد قامت الصلاة، لا يقول: أقامها الله وأدامها.

س: في رواية في الترمذي؟

ج: ضعيفة.

س: قوله: "اللهم ربَّ هذه الدعوة التامة" بعد الإقامة؟

ج: طيب؛ لأنها أذان.

والجمعة من الخمس.

الشيخ: والجمعة يُؤذن لها من الخمس.

ويسنان لمنفردٍ وسفر أو لمقضية.

الشيخ: نعم، والصواب أنها تجب على الجميع في السفر والقضاء كما فعله النبي ﷺ للعموم، أما المنفرد فمحل نظر، والسنة له أن يُؤذن ويُقيم، لكن في وجوبها عليه نظر، والأقرب أنه لا يجوز له ترك ذلك ولو كان منفردًا إذا كان في مزرعةٍ.

س: المُنفرد يجب وإلا يُستحب؟

ج: الأقرب الوجوب.

س: في نسخة: وسفر أو سفرًا؟

ج: سفرًا نعم، بفتحتين.

(يُقاتَل أهل بلدٍ تركوهما) أي: الأذان والإقامة، فيُقاتلهم الإمام أو نائبه؛ لأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة.

الشيخ: يعني إن صمم أهلُ بلدٍ على تركهما وجب على إمام المسلمين قتالهم إذا لم يستجيبوا؛ لأنهما من الشعائر الظاهرة، فالواجب على كل بلدٍ أداء الأذان والإقامة، وعلى ولي الأمر أن يُلزمهم بذلك.

وإذا قام بهما مَن يحصل به الإعلام غالبًا أجزأ عن الكل، وإن كان واحدًا.

الشيخ: نعم، وإذا قام مَن يكفي سقط عن الباقين، وإن كان الإقامة واحدًا، إذا أذن واحد وأقام واحد كفى عن الباقين إذا كان يُسمعهم.

س: وإذا كان يُسمع أهل البلد كلهم؟

ج: إذا كان يُسمعهم كفى.

س: لكن عدة مساجد؟

ج: لكن كل مسجدٍ يُؤذن، هو الذي ينبغي، ويُقام فيه؛ لأنَّ له جماعة تخصّه، كما كان في عهد النبي يُقام في مسجد النبي، وفي قباء يُقام الأذان والإقامة.

س: وإن تأخَّر المُؤذن ولم يُؤذن يأثمون إن صلّوا بدون أذانٍ؟

ج: الذي يظهر لي أنهم يأثمون، ينبغي إذا تأخَّر المؤذن أن يقوم غيره، يؤذن غيره، ولا يتساهلون.

س: .............؟

ج: إذا دعت الحاجةُ لا بأس، أما اليوم ما له حاجة، لما جاءت المكبرات ما في حاجة، لكن لو كان في وقتٍ ما عندهم مُكبرات، والحاجة ماسّة، والمسجد كبير، وأذان في جانبه واحد، وفي جانبه واحد، ما في بأس.

س: الأذان بالعجمي؟

ج: يلتمس العربي، يلتمس الذي يعرف اللغة العربية.

س: .............؟

ج: لا، واحد يكفي، أذان واحد يكفي ويقضي، مثلما أذن النبي للظهر والعصر في عرفة والمغرب والعشاء أذان واحد، وفي مُزدلفة.

س: .............؟

ج: إذا دعت الحاجةُ إليها لا بأس حتى يبلغ المسجد.

س: خارج المسجد ما هو بداخل؟

ج: لا، ما لها حاجة، إذا كان الجماعة قليلين ما في حاجة للمُكبر، يُقيم من دون مكبر، ما في حاجة، وإذا أقام بالمكبر فالأمر سهل.

س: ...........؟

ج: الأمر سهل في هذا، والأحسن والله أعلم ترك ذلك، إذا كانت المساجد التي حوله أذَّنت ويسمع الناسُ المساجدَ، وهو صيف، فإذا جاء يُقيم والحمد لله؛ لأنَّ الناس قد اجتمعوا وحضروا والمساجد أذَّنوا، وعرف الناس الأذان، أما إذا جاء في وقت أذانٍ أو بعده بيسيرٍ –دقيقتين، ثلاث، خمس دقائق- وأذّن ما يُخالف، جزاه الله خيرًا.

س: لو أذّن داخل المسجد دون ميكرفون؟

ج: ما في حرج، من باب إحياء السنة.

س: التَّكلف بتقليد الأصوات في الأذان؟

ج: يجتهد في تحسين صوته ورفعه.

س: لكن إذا كان يُقلد شخصًا معينًا؟

ج: المقصود إذا كان قصده الخير.

س: في مدارس البنات في أذان وإقامة؟

ج: لا، إذا كانوا حريمًا ما لهم إقامة ولا أذان.

س: قول الرسول ﷺ: إذا أُقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ألا يدل ذلك على أنه كان يُؤذن في مكانٍ مُرتفع ويُسمع مَن كان خارج المسجد؟

ج: هذا السنة في المكان المرتفع حتى يُسمع الناس.

س: ............؟

ج: بلى، يكفي المكبرات، سدت الآن.

وإذا قام بهما مَن يحصل به الإعلام غالبًا أجزأ عن الكل، وإن كان واحدًا، وإلا زيد بقدر الحاجة.

الشيخ: إذا قام به مَن يكفي سقط عن الباقين، وأما إذا كان ما يكفي يُزاد.

وإلا زيد بقدر الحاجة، كل واحدٍ في جانبٍ، أو دفعة واحدة بمكانٍ واحدٍ.

الشيخ: مثلما تقدم؛ إذا كان المسجد كبيرًا يأتي في جانبه الأيمن واحد، وفي جانبه الأيسر واحد حتى يبلغ الجهات، أما إذا كان الأذان يبلغهم مثل اليوم بالمكبرات، أو مسجد صغير يبلغهم، أو الجيران كلهم قريبون منه يبلغهم الواحد الحمد لله.

س: دفعة واحدة يعني سواء يُؤذنون دفعة واحدة؟

ج: يعني إذا كان الجيران ..... والأذان الواحد يكفي، أما إذا كانوا كثيرين والمسجد كبير يُؤذن في هذا الجانب، وفي هذا الجانب، أو يكون مؤذنان: واحد في الجانب الأيمن، وواحد في الجانب الأيسر حتى يبلغ الناس.

س: ولو دفعة واحدة يعني: يُؤذنون في وقتٍ واحدٍ؟

ج: في وقتٍ واحدٍ، هذا من جهةٍ، وهذا من جهةٍ.

س: دُفعة أو دَفعة بضم الدال أو فتحها؟

ج: محل نظرٍ، لعلها باللغتين: دفعة ودفعة، الأقرب دُفعة واحدة، لعلها ...... فتح وضم: الدفعة الواحدة، والدفعة، لعلَّ الدفعة الواحدة ...... الأكلة اللقمة الشيء الواحد، ودفعة يعني: مرة واحدة، يحتمل بفتح الدال، وضم الدال، يحتمل.

س: المشهور الضم؟

ج: أمرها سهل: بالفتح أو الضم، الأمر سهل.

س: إذا كانوا في جوانب متعددة كلهم يُؤذنون في وقتٍ واحدٍ؟

ج: كلهم في وقتٍ واحدٍ، مثل: الحرم المكي، من أول قبل المكبرات يُؤذنون جميعًا، هذا في الغرب، وهذا في الشرق، وهذا في الجنوب، وهذا في الشمال.

س: لو تأخَّر أحدهم عن الآخر؟

ج: الأمر سهل، ما في تشويش.

(ويحرم أجرتهما) أي: يحرم أخذ الأجرة على الأذان والإقامة؛ لأنهما قربة لفاعلهما، و(لا) أخذ (رزق من بيت المال) من مال الفيء (لعدم متطوع) بالأذان والإقامة فلا يحرم: كأرزاق القُضاة والغُزاة.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله.

أما بعد: فهل تحرم الأجرة في الأذان والإقامة لقوله ﷺ لعثمان بن أبي العاص: واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا، فإذا تيسر ذلك فلا ينبغي أن يأخذ أجرةً، لكن من بيت المال أو من الأوقاف لا بأس بهذا، كما يُعطاه القُضاة والمجاهدون وغيرهم من بيت المال.

(و) يُسن أن (يكون المُؤذن صيتًا) أي: رفيع الصوت؛ لأنه أبلغ في الإعلام، زاد في "المغني" وغيره: وأن يكون حسن الصوت؛ لأنه أرقّ لسامعه.

الشيخ: يُستحب إذا تيسر، يُستحب أولًا أن يكون صيتًا، لا بدَّ أن يكون صيتًا، وإذا كان حسن الصوت كان أكمل؛ لأنه إذا كان صيتًا أبلغ الناس، وإذا كان ضعيفًا ما يُستعمل، يلتمس المؤذن الصيت الذي يُسمع الجيران، وإذا كان حسن الصوت كان أكمل.

س: ...........؟

ج: لا، لا، لا بأس أن يأخذ أن يحجَّ، لكن يكون قصده فعل القربة والمشاركة في الخير، ما هو مجرد المال فقط، إذا كان مجرد المال تركه أولى، ما ينبغي.

س: ............؟

ج: إذا كان قصده المال فالأولى ترك ذلك.

س: إمام مسجد .......؟

ج: ما في بأس، ما دام من بيت المال الحمد لله، الناس محتاجون، قد يحتاجه مسلم، قد يكون فقيرًا.

س: ..............؟

ج: ما أدري، الله أعلم.

(أمينًا) أي عدلًا، مُؤتمن، يُرجع إليه في الصلاة وغيرها.

الشيخ: يجب أن يكون أمينًا عدلًا معروفًا بالخير؛ لأنه مؤتمن على هذا الأمر العظيم، فلا بدَّ أن يكون المؤذن معروفًا بالعدالة والاستقامة حتى يؤمن على أمور المسلمين وعلى أوقاتهم.

(عالمًا بالوقت) ليتحراه فيُؤذن في أوله.

الشيخ: كذلك يكون بصيرًا بالوقت بنفسه أو بمن يُرشده، كما كان ابن أم مكتوم يُؤذن وهو أعمى إذا أرشدوه، يكون بصيرًا بالوقت، أو له مَن يُرشده كالأعمى.

س: ............؟

ج: نعم، ولو عبدًا يجوز.

س: .............؟

ج: نعم، يستأذن سيده؛ لأن هذا تصرف يضيع حاجات سيده، لا بدَّ أن يستأذنه.

س: قول الرسول ﷺ: المؤذن ..... يدخل في ذلك مكبرات الصوت؟

ج: يُرجى ذلك، يُرجى إن شاء الله.

س: .............؟

ج: ما أعلم، القُضاة والمؤذنون والأئمة والمجاهدون كلهم من بيت المال.

(فإن تشاحّ فيه اثنان) فأكثر (قدّم أفضلهما فيه) أي: فيما ذُكر من الخصال.

الشيخ: إذا تشاحّ اثنان أو ثلاثة قدّم أفضلهما في الخصال: في العدالة، وحسن الصوت، وارتفاع الصوت، فمَن كانت الصفات فيه أوفر قدّم، الصفات التي تتعلق بالأذان يعني.

س: إذا دخل اثنان كلهم يستوون في الصفات فقال أحدهما: نريد أن نقرع في وقتٍ واحدٍ؟

ج: هذا على ولي الأمر.

س: في مسجد بعيد ليس له راتب من قبل ولي الأمر؟

ج: ما في بأس، ما في بأس، أو أقرع بينهم الإمام أو المسؤول عن القرية أو عن البلد.

س: .............؟

ج: الأمر سهل في ذلك.

(ثم) إن استووا فيها قدّم (أفضلهما في دينه وعقله)؛ لحديث: ليُؤذن لكم خياركم رواه أبو داود وغيره.

الشيخ: هذا أمر معلوم، يقدّم الأفضل فالأفضل في هذه الصِّفات.

(ثم) إن استووا قدّم (مَن يختاره) أكثر (الجيران)؛ لأن الأذان لإعلامهم.

الشيخ: إذا كانوا جماعة واستووا في الصفات: إما أن يقدم مَن اختاره أكثر الجيران، أو بالقرعة كما هي معلومة من الشرع، والجيران قد يختلفون أيضًا، فإذا قدم مَن يختاره أكثر الجيران أو بالقرعة كله حسن إن شاء الله.

(ثم) إن تساووا في الكل فـ(قرعة) فأيهم خرجت له القرعة قدم.

الشيخ: القرعة لا شك أنها أمر شرعي وتفصل النزاع.

(وهو) أي الأذان المختار (خمس عشرة جملة)؛ لأنه أذان بلال من غير ترجيع الشهادتين.

الشيخ: هذا هو خمسة عشر جملة: الله أكبر أربع، والشهادتان أربع، والحيعلتان أربع، والله أكبر الله أكبر ولا إله إلا الله خمسة عشر جملة، ومع الترجيع تسعة عشر جملة، والأفضل عدم الترجيع؛ لأن الرسول ﷺ أقرَّ بلالًا على عدم الترجيع وهو يُؤذن بين يديه، ومَن رجَّع فلا بأس، لكن إذا كان المؤذنون لا يُرجعون لا يشذّ عنهم يشوش، يحصل تشويش، فالترجيع جائز، وأمر النبي به أبا محذورة، وتركه جائز، وفعله بلال بين يدي النبي ﷺ، وكلاهما جائز والحمد لله، وكلاهما سنة، والأفضل عدمه بالنسبة إلى الأفضلية؛ لأنَّ الرسول ﷺ أقرَّ بلالًا عليه، والله لا يختار له إلا الأفضل عليه الصلاة والسلام.

س: .............؟

ج: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله بصوتٍ منخفضٍ، ثم يرفع صوته بصوتٍ رفيعٍ بالشهادتين.

س: الله أكبر الله أكبر مع بعض؟

ج: الأفضل يقف: الله أكبر على السكون، يجزم عند كل تكبيرةٍ، هذا الأفضل.

من غير ترجيع الشهادتين، فإن رجَّعهما فلا بأس.

الشيخ: إن رجَّعهما فلا بأس.

(يُرتلها) أي: يُستحب أن يتمهل في ألفاظ الأذان، ويقف على كل جملةٍ.

الشيخ: هذا هو السنة، لا يعجل؛ لأنه نداء للبعيدين فلا يعجل: الله أكبر الله أكبر، وهكذا بعض الناس يمطط زيادةً، لا، وسط، لا تمطيط ولا عجلة، أما التمطيط الذي يفعله بعض الناس: أشهد أن لا إله إلا الله يمطها هذا مكروه، لكن يكون وسطًا، ليس فيه عجلة، وليس فيه تمطيط، لا في الحيعلتين، ولا في الشهادتين، ويكون جزمًا: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، ما يقول: إلا اللهُ، ولا يقول: الله أكبرُ، يُحرك الراء، الأفضل الجزم: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله .. إلى آخره، بالسكون، بالجزم.

س: بعض العوام الذين يُؤذنون يقول: أشهد أناااا محمدًا رسول الله؟

ج: هذا يُنبه عليه: أنَّ محمدًا رسول الله، يُنبه عليه.

س: الذي يُردد خلف المُؤذن إذا نسي المُؤذن جملةً هل يقولها؟

ج: يُنبه، ينبه.

س: لكن إذا كان بعيدًا عنه؟

ج: يقولها المتبع.

س: ...........؟

ج: إذا كان الوقت قريبًا يُعيد ما بعدها، يُعيد المتروكة وما بعدها، أما إذا طال الوقتُ يُعيده كله.

س: بعض جمل الأذان بعض المُؤذنين يُطيلها وبعضهم يقصرها، يُخالف جمل الأذان؟

ج: يجعلها كلها على السنة، الجزم والحدر وعدم التطويل.

س: مثلًا: أشهد أن لا إله إلا الله يقصرها، ثم الثانية يطولها؟

ج: يتأنَّى في الأذان، ويحدر في الإقامة.

س: بعضهم يمدّ: أكبار؟

ج: ما يصلح، ما يصلح، أكبر، أكبار جمع كبر، ما يصلح، يختل المعنى، يُنبه عليه، ولا يجوز.

س: .............؟

ج: ما يصلح، يُعيده.

س: جمع التكبيرتين؟

ج: لا بأس به: الله أكبر الله أكبر، لكن الأفضل عدم الجمع، يقف على الراء بالتسكين، هذا الأفضل.

س: .............؟

ج: هذا الأفضل، لكن إذا جمع التكبيرتين الأمر سهل، لكن كونه يفصلها أفضل: الله أكبر، الله أكبر.

س: إذا مدَّ في: الله أكبر، يقول: الله أكبار؟

ج: أكبار يتغير المعنى.

س: بدل أكبر يقول: أكثر؟

ج: أكثر؟! هذا أعظم في الفساد، يُغير المعنى، يُعلم المؤذنون، وإذا أخلَّ بالأذان يُعيده هو أو غيره على الوجه الصواب.

وأن يكون (مُتطهرًا) من الحدث الأصغر والأكبر.

الشيخ: هذا الأفضل، إذا كان على طهارةٍ يكون أفضل، وإن أذَّن وهو على غير طهارةٍ فلا بأس، لكن كونه متطهرًا أفضل.

ويُكره أذان جنب وإقامة مُحدِث.

الشيخ: يُكره أذان الجنب وإقامة المحدث؛ لأنه قريب من الصلاة –الإقامة- كونه يُقيم ويروح يتوضأ مكروه، هذا ينبغي له أن يتهيأ حتى إذا أقام كبَّر مع الإمام، كذلك الأذان ينبغي أن يكون على طهارةٍ؛ لأنه يدخل المسجد، ويُكره دخوله وهو على غير طهارةٍ.

س: ...........؟

ج: لا، ما يجوز، يُؤذن وينصرف للغسل؛ لأنه قد يغاوره الوقت، قد يفجأه الوقت وهو على الجنابة، فلا يُؤخر.

س: ...........؟

ج: لا، لا، أمره سهل، واقع.

س: من قال أنَّ المنارات التي في المساجد أنها من البدع التي أُحدثت؟

ج: لا، كلام ما هو بصحيح، النبي أمر بالأذان على المرتفعات، على سطح، على غيره؛ لأنَّ المقصود إبلاغ الناس، كلما كان أرفع أبلغ الناس.

س: المنابر يقولون: ما أكثر من ثلاث درج أنه بدعة؟

ج: الأمر واسع إن شاء الله، الأمر واسع.

س: إذا وصل الإقامة يُحركها؟

ج: يُحركها نعم: الله أكبرُ، الله أكبرُ، أشهد أن لا إله إلا الله .. إلى آخره، وإن سكن فلا بأس.

س: .............؟

ج: نعم، سنة مُستقرة.

س: مثل المحاريب كذلك؟

ج: لا بأس بها، فعلها السلف ولا بأس بها، فيها بيان المساجد، وتعريف المساجد، وإرشاد الإمام إلى محلِّ وقوفه.

س: ألم يقل النبيُّ أن عيسى ينزل على المنارة البيضاء؟

ج: بلى، جاء في الحديث الصحيح، هذا يدل على إقراره.

وفي "الرعاية": يُسن أن يُؤذن مُتطهرًا من نجاسة بدنه وثوبه.

الشيخ: وهذا أفضل إذا تيسر، هذا أفضل حتى لا يحتاج أن يرجع البيت.

(مستقبل القبلة) لأنها أشرف الجهات.

الشيخ: وهذا هو السنة، أن يُؤذن مستقبل القبلة؛ لأنها أفضل الجهات، وأشرف الجهات.

(جاعلًا أصبعيه) السبابتين (في أذنيه) لأنه أرفع للصوت.

الشيخ: كما كان يفعل بلال في الأذان؛ يجعل أصبعيه في أذنيه، هذا هو الأفضل، وأندى للصوت.

س: جعل الأصبعين في الأذنين ثابت؟

ج: اليوم مع المكبرات أمرها ......؛ لأنه قد يجعلها ولا يُؤثر، لكن إذا جعلهما اتباعًا للسنة حسن إن شاء الله، من باب إحياء السنة.

س: ثبت جعل الأصبعين في الأذنين؟

ج: نعم.

س: ............؟

ج: نعم.

(غير مستدير) فلا يُزيل قدميه في منارةٍ ولا غيرها.

الشيخ: لا يستدير، يستقبل القبلة ويُؤذن ولا يستدير، لكن يلتفت بوجهه عند الحيعلة يمينًا وشمالًا، عند الحيعلة: "حي على الصلاة" يمينًا، و"حي على الفلاح" يسارًا وهو واقف.

(مُلتفتًا في الحيعلة يمينًا وشمالًا).

الشيخ: مع المكبر ما في حاجة؛ لأنه قد يستدير ويضيع الصوت من جهة، والمكبر قد توصله.

س: لو فعلها تأسيًا؟

ج: فقط يُخشى أنه يخلّ بإسماع الجهات، وإن فعله فالأمر واسع إن شاء الله.

أي: يُسن أن يلتفت يمينًا لـ"حي على الصلاة"، وشمالًا لـ"حي على الفلاح"، ويرفع وجهه إلى السماء فيه كله؛ لأنه حقيقة التوحيد.

الشيخ: إشارة للعلو؛ أن الله جلَّ وعلا هو الواحد الأحد، الرفيع، فوق العرش جلَّ وعلا، .

س: يرفع الوجه وإلا يجعل وجهه مستقبل القبلة؟

ج: وجهه مستقبل القبلة، ويرفع رأسه قليلًا، وهذا أيضًا أندى للصوت، وأنفع للمسلمين.

س: ............؟

ج: كما فعل بلال.

س: في دليل على رفع الوجه؟

ج: ما أذكر شيئًا في هذا.

س: ............؟

ج: ما ورد من الأدلة من استقبالها، والحثّ على استقبالها وتعظيمها، وأنها قبلة المسلمين؛ أخذوه من العموم في مثل هذا، مثلما شاع بين الناس: "خير المجالس ما استقبلت به القبلة" وهو ليس بحديثٍ.

س: هذا الحديث رواه الطبراني وصححه الألباني؟

ج: المعروف أنه ما هو بحديث صحيح.

س: مؤذن يتخلَّف عن الأذان كثيرًا .......؟

ج: يُرفع أمره إلى الجهة المختصة، وهي تعمل ما يلزم، وهو لا ينبغي له، ينبغي له أن يُحافظ وإلا يستقيل، إما يُحافظ وإلا يستقيل؛ لأنَّ هذا أخذ المعاش وهو يتخلَّف كثيرًا؛ فيه شبهة، الله يهديه وأمثاله.

س: هل يشرع في الأذان أن يكون من قائم؟

ج: أفضل، أندى، وإلا ما أعلم أنه شرط، لكن من القائم أفضل وأقوى.

(قائلًا بعدهما) أي يُسن أن يقول بعد الحيعلتين (في أذان الصبح) ولو أذن قبل الفجر: (الصلاة خير من النوم مرتين).

الشيخ: "الصلاة خير من النوم"، والأفضل أن يكون في الأخير، هذا هو الأفضل؛ لأنه هو الذي يُنادى به للوقت، كما جاء في حديث عائشة أنه كان يقوله في الأخير: "الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم".

لحديث أبي محذورة، رواه أحمد وغيره؛ ولأنه وقت ينام الناس فيه غالبًا، ويُكره في غير أذان الفجر، وبين الأذان والإقامة.

الشيخ: يُكره أن يُقال في غير أذان الفجر، وبين الأذان والإقامة لا يقول ذلك، إنما يُقال في الأذان بعد الحيعلة وقبل التكبير الأخير، أما استعماله في الجيران لا، تركه أولى، لكن: صلّوا أيها الناس، يأمرهم، أقيموا الصلاة، توكلوا على الله .....، وأما في الأذان ما يجوز، بدعة، إلا في الفجر خاصة، كونه يستعمله في الظهر أو في العصر بدعة لا أصل له، إنما يستعمل في أذان الفجر خاصةً.

س: إذا كان يمر ببيوت الجيران ويقول: الصلاة خير من النوم؟

ج: أو يقول: صلوا، صلوا أحسن.

س: "الصلاة خير من النوم" الأفضل تكون في الأذان الأول أو في الأذان الأخير؟

ج: في الأذان الأخير، هذا هو الأفضل.

س: بعض العلماء يقول: في الأذان الأول؟

ج: الأمر سهل، لكن الأذان الأخير أفضل، جاء الحديث في الأذان الأخير في حديث عائشة، والأول يخلو من ذلك؛ لأن الأذان الأول لو نام لا بأس، "الصلاة خير من النوم" عند وجود الأذان الأخير عند الصبح يتعين حينئذٍ.

س: نقل بعضُهم أنَّ هذه اللفظة تُقال في الأذان الثاني في رمضان فقط؛ امتثالًا لحديث: يوقظ نائمكم وينبه؟

ج: لا، عام، عام.

س: ما له وجه هذا؟

ج: لا، عام، "الصلاة خير من النوم" في الأذان الأخير مطلقًا.

(وهي) أي الإقامة (إحدى عشرة) جملة بلا تثنية، وتُباح تثنيتها، (يحدرها) أي: يُسرع فيها، ويقف على كل جملةٍ كالأذان.

الشيخ: هذا هو السنة، الإقامة إحدى عشر جملة، "يحدرها" يعني: لا يتمهل، يُسرع فيها، ليست كالأذان؛ لأنها دعوة للحاضرين، فلا حاجة إلى ترتيلها كالأذان والتأني فيها، بل يحدرها: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أنَّ محمدًا رسول الله .. إلى آخره، ويقف على كل جملةٍ: الله أكبر، الله أكبر، أما الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا، الله أكبر، الأفضل الجزم، والأذان كذلك الأفضل، وهي مفردة إلا في التكبير والإقامة في الصلاة يثني: الله أكبر الله أكبر، في أولها، وفي آخرها، وقد قامت الصلاة، أما الشهادة والحيعلة فهي مفردة، وإن ثنَّى كما في حديث أبي محذورة فلا بأس، النبي ﷺ أمر أبا محذورة أن يرجع، أن يُثني في الإقامة ويرجع في الأذان، وهذا سنة، ولكن الأفضل من ذلك ما في حديث بلال: عدم الترجيع، وعدم التثنية هو الأفضل، كلاهما سنة، والعمل بحديث بلال أفضل وأرجح.

(ويُقيم مَن أذّن) استحبابًا، فلو سبق المُؤذن بالأذان فأراد المُؤذن أن يُقيم، فقال أحمد: لو أعاد الأذان كما صنع أبو محذورة، فإن أقام من غير إعادةٍ فلا بأس، قاله في "المبدع".

الشيخ: يُقيم مَن أذَّن، هذا هو الأفضل، المؤذن هو الذي يُقيم، وإن أقام غيره فلا حرج، لكن إذا تولاه المؤذن فهو أفضل كما كان بلال يتولى هذا، وابن أم مكتوم، وإذا أذَّن غيره -سبقه غيره- كفى، وإن أعاد الأذان في الوقت إن كان حاضرًا في أول الوقت، وإلا بعد مضي وقتٍ فلا إعادةَ، تشوش الإعادة، لكن لو أعاده في الحال فلا بأس، لكن الاكتفاء بالأذان الذي أذَّن إذا كان فيه كفاية الحمد لله يكفي.

س: هل ينكر على مَن ثنَّى الإقامة؟

ج: لا، كلاهما سنة، لكن عدم التثنية: كونه يمشي مع الناس ومع أهل بلده أفضل، وهو فعل بلال، كان يُقيم بين يدي النبي ﷺ مفردة، مثلما قال أنس: "كان بلال يشفع الأذان، ويُوتر الإقامة بين يدي النبي ﷺ".

س: أثر أنسٍ لما دخل مسجدًا قد صُلِّي فيه ثم أذَّن هو وأقام؟

ج: لا بأس لصلاته هو، لا بأس، وإلا الصلاة الأولى انتهت، هذا أذان لما بين يديه خفيف، أذان خفيف لمن معه.

س: إذا أُقيمت الصلاة ثم مكث قليلًا: صلِّ يا فلان، يعني فاصل كثير؟

ج: لا، ما تُعاد الإقامة، يُنبهون ويأمرهم بإكمال الصفوف وسدِّ الخلل، ولا تُعاد الإقامة، ولو تذكر وراح يتوضأ وجاء ما يُعيد الإقامة، كما فعل النبي ﷺ.

س: يُعيد الأذان إذا أذَّن غيره؟

ج: لا حاجة إلى هذا، لكن لو أعاده لا بأس، لكن لا حاجة؛ لأنَّ بعض الناس قد ينتظرون: يظن هذا لاعبًا أو شيئًا، فإذا أعاده في الحال، أما إذا كان قد مضى ما في حاجة للإعادة.

(في مكانه) أي يُسن أن يُقيم في مكان أذانه (إن سهل)؛ لأنه أبلغ في الإعلام، فإن شقَّ كأن أذَّن في منارةٍ أو مكانٍ بعيدٍ عن المسجد أقام في المسجد؛ لئلا يفوته بعض الصلاة.

الشيخ: يُقيم في مكان الأذان إذا تيسر، فإذا كان مكان الأذان شاقّ -في منارةٍ أو غيرها- ما في حاجة، يُقيم في المسجد حتى لا يفوته شيء، يقيم في المسجد والحمد لله، أما إذا كان المكان قريبًا يمكن أن يسمع غيره فلا بأس أن يقيم حتى يسمع الناس الإقامة ويُسارعوا فيأتوا -الغافل ونحوه.

س: لكن حديث بلال: «لا تسبقوني بآمين»؟

ج: ضعيف، هذا حديث ضعيف.

س: وحديث: «مَن أذَّن فهو يُقيم»؟

ج: ضعيف أيضًا، لكن الأفضل من أذَّن فهو يُقيم كما كان بلال يُؤذن ويُقيم، هذا هو الأفضل.

س: قول الترمذي: والعمل عليه؟

ج: عند أكثر أهل العلم؛ لأن بلالًا كان يفعل هذا، ما هو لأجل الحديث: مَن أذَّن فهو يُقيم، من أجل فعل بلال بين يدي النبي ﷺ.

س: المُؤذن أملك للإقامة؟

ج: هذا ضعيف، لكن معناه صحيح؛ لأنَّ الإمام هو الذي يأمر بالصلاة، فالإقامة بيد الإمام، والأذان بيد المؤذن، يتحرى.

س: مَن أخذ بهذا الحديث؛ أنَّ المُؤذن أملك للإقامة؟

ج: هذا هو الأفضل، لكن لو أقام غيره لا بأس، وإلا ضعيف، الحديث ضعيف، لكن معناه صحيح.

س: إذا كان الإمام هو يُؤذن ويُقيم؟

ج: لا بأس، إذا أذَّن وأقام الحمد لله، لا بأس.

س: اتِّخاذ المؤذن المكان الذي هو خلف الإمام مباشرةً؟

ج: ما هو بلازمٍ، إن تيسر وإلا ما هو بلازمٍ.

س: في الحاشية قال: فإن مؤذن رسول الله ﷺ لم يكن ليسبقه بالأذان كالإمام، وجزم بتحريمه أبو المعالي؟

ج: ما أخبر في هذا، المؤذن أولى، لا يتقدم عليه أحد، هو الأولى، لكن قد يتأخر المؤذن فيُؤذن غيره، قد يتأخر هو بعض الشيء فيُؤذن غيره.

لكن لا يُقيم إلا بإذن الإمام.

الشيخ: ليس له الإقامة إلا بإذن الإمام.

(ولا يصح) الأذان (إلا مُرتَّبًا) كأركان الصلاة (مُتواليًا) عُرفًا؛ لأنه لا يحصل المقصود منه إلا بذلك.

الشيخ: يجب أن يكون مُرتَّبًا مُتواليًا يحصل المقصود، يرتب: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ثم الشهادة، ثم الحيعلة، يرتب، متوالي لأنه لا يحصل المقصود إلا بهذا: بالأذان والإقامة، يكون مُرتَّبًا ومُتواليًا.

فإن نكسه لم يعتد به.

الشيخ: أو نكسه: بدأ بالشهادة قبل التكبير، أو بالحيعلة قبل الشهادة، لم يعتد به، لا بدَّ أن يُرتِّبه كما شرعه الله: مَن عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ.

س: يكون آثمًا إذا ما رتَّب؟

ج: آثم ومردود، الجميع.

س: ............؟

ج: يقرؤون بلغتهم، يُؤذنون بلغتهم: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

ولا يُعتبر المُوالاة بين الإقامة والصلاة إذا أقام عند إرادة الدخول فيها.

الشيخ: لا تُعتبر الموالاة بين الإقامة والصلاة، لو أقام ثم تأخَّر الإمام لحاجةٍ أو ذهب يتوضأ لا يُعيد الإقامة، الحمد لله، قد تذكر النبيُّ ﷺ؛ أراد أن يُحرم ثم ذهب وتوضأ ثم عاد ولم تُعاد الإقامة، وقال ﷺ: إذا أُقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني، قد تُقام وهو ما خرج ولا تُعاد.

ويجوز الكلام بين الأذان وبعد الإقامة قبل الصلاة.

الشيخ: يجوز الكلام بين الأذان والإقامة، لا بأس لو أقام ثم أمر بكذا، وإلا نهى عن كذا، وإلا الإمام أمر بكذا، وإلا إنسان كلَّم صاحبه لا يضرّ، لكن يكون كلامًا يسيرًا لا يشغل عن الاستعداد للصلاة.

س: مؤذن ترك: حي على الصلاة؟

ج: يُعيد الأذان إلا إذا ذكره قريبًا فيأتي بالحيعلة وما بعدها، إذا ذكر قريبًا يأتي بالحيعلة وما بعدها، أما إذا طال الفصل يُعيده من أوله.

س: ما جاء أنَّ النبي ﷺ أقام الصلاة وجلس يُعلم رجلًا حتى تعب الصحابة من الوقوف؟

ج: هذا وأشباهه يدل على أنها لا تُعاد.

س: الفاصل طويل أو قصير؟

ج: طويل نعم.

س: ............؟

ج: بعض أهل العلم يرى أنها مستحبة، ما هي من شروط الأذان، مستحبة لأجل التنبيه، فلا يُعاد الأذان لأجلها، وإن أعادها وأعاد ما بعدها حسن، إذا ذكر قريبًا وأعادها وما بعدها يكون أكمل؛ لأنها من الأذان، النبي علَّمهم إياها في أذان الفجر، فإذا نسيها ثم انتبه يأتي بها، ويأتي بالتكبير بعدها ولا إله إلا الله، وإن طال الفصل يُعيدها أولى حتى ينتبه الناس.

س: ............؟

ج: يجوز إذا كان يسيرًا، اليسير يُعفى عنه: كلمة أو كلمتين، مثل: طفل أراد أن يسقط أو شيء قال: "انتبه، تأخّر" أو ما أشبهه يسير عارض لا بأس، لا طويل.

س: إذا سُلِّم عليه هل يرد السلام؟

ج: لو صبر حتى يكمل ثم ردَّ يكون أولى وأحوط، والرد لا يُبطل الأذان.