02 من حديث: (نزل الحجر الأسود من الجنة)

49- بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الحَجَرِ الأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ وَالمَقَامِ

877- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: أخبرنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: نَزَلَ الحَجَرُ الأَسْوَدُ مِنَ الجَنَّةِ، وَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ.

وَفِي البَابِ عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبِي هُرَيْرَةَ .

قال أبو عيسى: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

878- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: أخبرنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَجَاءٍ أَبِي يَحْيَى قَالَ: سَمِعْتُ مُسَافِعًا الحَاجِبَ يقول: سَمِعْتُ عَبْدَاللهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: إِنَّ الرُّكْنَ وَالمَقَامَ يَاقُوتَتَانِ مِنْ يَاقُوتِ الجَنَّةِ، طَمَسَ اللَّهُ نُورَهُمَا، وَلَوْ لَمْ يَطْمِسْ نُورَهُمَا لأَضَاءَتَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ.

قال أبو عيسى: هَذَا يُرْوَى عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرٍو مَوْقُوفًا قَوْلهُ. وَفِيهِ عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا، وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

الشيخ: هذا من أخبار بني إسرائيل، لكن الأول في سنده جرير بن حازم، وهو ممن سمع من عطاء بعد الاختلاط، في سنده ضعف، كونه نزل أشدّ بياضًا من الثلج وسوَّدته خطايا أهل الشرك في سنده ضعف، أيش قال المؤلفُ: وفي الباب؟

الطالب: قوله: "وفي الباب عن عبدالله بن عمرو" أخرجه الترمذي في هذا الباب، وأخرجه أحمد، وصححه ابن حبان، وسيجيء الكلامُ عليه.

قوله: "وأبي هريرة" أخرجه ابن ماجه قال: قال رسولُ الله ﷺ: مَن فاوض الحجر الأسود فكأنما يُفاوض يد الرحمن، وفي "فضائل مكة" للجندي من حديث ابن جريج، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن ابن عباسٍ: إنَّ هذا الركن الأسود هو يمين الله في الأرض، يُصافح به عباده مصافحةَ الرجل أخاه.

ومن حديث الحكم بن أبان، عن عكرمة عنه زيادة: فمَن لم يُدرك بيعة رسول الله ﷺ ثم استلم الحجر فقد بايع الله ورسوله.

وقال المحبُّ الطبري: والمعنى كونه يمين الله والله أعلم: كل مَلِكٍ إذا قُدِم عليه قُبِّلَتْ يمينه، ولما كان الحاجُّ والمعتمر أول ما يقدمان يُسنُّ لهما تقبيله نزل منزلة يمين الملك يده، ولله المثل الأعلى؛ ولذلك مَن صافحه كان عند الله عهدٌ، كما أنَّ الملك يُعطي العهد بالمصافحة. كذا في "عمدة القاري".

واعلم أنَّ لابن عباس حديثًا آخر في فضل الحجر الأسود عند الترمذي، رواه في أواخر كتاب الحجِّ مرفوعًا بلفظ: والله ليبعثنَّه الله يوم القيامة له عينان .. إلى آخره.

قوله: "حديث ابن عباسٍ حديث حسن صحيح" قال الحافظ في "الفتح": وفيه عطاء بن السائب، وهو صدوق، لكنه اختلط، وجرير ممن سمع منه بعد اختلاطه، لكن له طريق أخرى في "صحيح ابن خزيمة"، فيقوى بها.

وقد رواه النَّسائي من طريق حماد بن سلمة، عن عطاءٍ مُختصرًا، ولفظه: الحجر الأسود من الجنة، وحماد ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط.

وفي "صحيح ابن خزيمة" أيضًا عن ابن عباسٍ مرفوعًا: إنَّ لهذا الحجر لسانًا وشفتين يشهدان لمن استلمه يوم القيامة بحقٍّ، وصحَّحه أيضًا ابنُ حبان والحاكم، وله شاهد من حديث أنسٍ عند الحاكم أيضًا. انتهى ما في "الفتح".

الشيخ: يكفي، لا بأس به؛ لأنَّ له شواهد، ويكفي كون النبيِّ ﷺ قبَّله واستلمه، ثم قبَّله عمر وقال: رأيتُ النبيَّ قبَّلك. واستلمه، فهو سنة مُؤكدة، فكأنما صافح الله وقبَّل يمينه، نعم.

س: ................؟

الشيخ: ضعيف هذا، نعم.

س: ...............؟

الشيخ: سنة، سنة، ما يضرّ، التَّقبيل سنة، إذا تيسر تقبيله ووضع اليمين عليه هذا سنة مستحبة، فإن لم يتيسر أشار إليه وكبَّر.

س: هل يُقبل بدون طوافٍ؟

الشيخ: ما هو بمشروع، لا، إلا بعد الطواف، النبي لما طاف طواف القدوم مرَّ عليه واستلمه فقط من غير تقبيلٍ، إذا تيسر بعد طواف القدوم، أما مجرد أن يأتيه دائمًا لا، ما له أصل هذا.

50- بَابُ مَا جَاءَ فِي الخُرُوجِ إِلَى مِنًى وَالمُقَامِ بِهَا

879- حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ: أخبرنا عَبْدُاللهِ بْنُ الأَجْلَحِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِمِنًى الظُّهْرَ، وَالعَصْرَ، وَالمَغْرِبَ، وَالعِشَاءَ، وَالفَجْرَ، ثُمَّ غَدَا إِلَى عَرَفَاتٍ.

قال أبو عيسى: وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ قَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ.

الشيخ: ولكن هذا ثابت من حديث جابرٍ: صلَّى النبي ﷺ في منًى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، في اليوم الثامن وليلة التاسع، ثم غدا صباح التاسع إلى عرفات، كما رواه مسلم في "الصحيح" من حديث جابرٍ.

880- حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ: أخبرنا عَبْدُاللهِ بْنُ الأَجْلَحِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى بِمِنًى الظُّهْرَ وَالفَجْرَ، ثُمَّ غَدَا إِلَى عَرَفَاتٍ.

الشيخ: هذا مجمل، الفجر في منى، والظهر في نمرة قبل أن يدخل عرفة، كما جاء في حديث جابرٍ تفصيل ذلك: صلَّى الفجر في منى، ثم سار بعد طلوع الشمس فصلَّى الظهر في وادي عُرنة، كان نزل بنمرة فصلَّى بوادي عرنة، ثم بعد الصلاة دخل عرفة عليه الصلاة والسلام.

وَفِي البَابِ عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنَسٍ .

قال أبو عيسى: حَدِيثُ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: قَالَ يَحْيَى: قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَعِ الحَكَمُ مِنْ مِقْسَمٍ إِلَّا خَمْسَةَ أَشياء. وَعَدَّهَا، وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيثُ فِيمَا عَدَّ شُعْبَةُ.

 

51- بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ

881- حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، قَالَا: أخبرنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ أُمِّهِ مُسَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نَبْنِي لَكَ بِنَاءً يُظِلُّكَ بِمِنًى؟ قَالَ: لا، مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ.

قال أبو عيسى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.

الشيخ: أيش قال الشارح؟

الطالب: قوله: "يوسف بن ماهك" بفتح هاء وبكاف، تُرِك صرفه، وعند الأصيلي مصروف، كذا في "المغني"، ثقة، من الثالثة.

قوله: "عن أمه مُسيكة" بالتَّصغير، المكية، لا يُعرف حالها، من الثالثة. كذا في "التقريب"، ذكرها الذهبي في "الميزان" في المجهولات.

قوله: "ألا نبني لك بناءً"، وفي روايةٍ لابن ماجه: "بيتًا".

قوله: قال: لا أي: لا تبنوا لي بناءً بمنى؛ لأنه ليس مُختصًّا بأحدٍ، إنما هو موضع العبادة: من الرمي وذبح الهدي والحلق ونحوها، فلو أُجيز البناء فيه لكثرت الأبنية وتضيق المكان، وهذا مثل الشَّوارع ومقاعد الأسواق، وعند أبي حنيفة أرض الحرم موقوفة، فلا يجوز أن يملكها أحدٌ.

قوله: منى مبتدأ، قوله: مناخ مَن سبق خبر مبتدأ، والمناخ بضم الميم موضع إناخة الإبل.

قوله: "هذا حديث حسن"، وأخرجه ابن ماجه والحاكم أيضًا، ومدار هذا الحديث على مسيكة، وهي مجهولة كما عرفت. انتهى.