11 من قوله: (باب ذكر سنة تاسعة تثبت يد الله جل وعلا)

بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ تَاسِعَةٍ تُثْبِتُ يَدَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا، وَهِيَ إِعْلَامُ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ اللَّهَ غَرَسَ كَرَامَةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِيَدِهِ وَخَتَمَ عَلَيْهَا.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ لَمْ تَرَ عَيْنَاكَ مِثْلَهُ. ثُمَّ حَدَّثَنَا مُرَّةُ فَقَالَ: حدَّثنا الْأَبْرَارُ. قُلْنَا: مَنْ؟ قَالَ: عَبْدُالْمَلِكِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبْجَرَ، وَمُطَرِّفُ بْنُ طَرِيفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ عَلَى مِنْبَرِهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ مُوسَى سَأَلَ رَبَّهُ فَقَالَ: يَا رَبِّ، أَخْبِرْنِي بِأَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً، قَالَ: هُوَ عَبْدٌ يَأْتِي بَعْدَمَا يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلْ، فَيَقُولُ: كَيْفَ أَدْخُلُ وَقَدْ سَكَنَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَخَذُوا مَنَازِلَهُمْ، وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ؟! فَيُقَالُ لَهُ: أَمَا تَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مَا كَانَ لِمَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ قَالَ: فَيَقُولُ: نَعَمْ، قَالَ: أَفَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مَا كَانَ لِمَلِكَيْنِ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مَا كَانَ لِثَلَاثَةِ مُلُوكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ قَالَ: رَبِّ، رَضِيتُ، قَالَ: لَكَ مِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَعَشَرَةُ أَضْعَافِهِ.

س: يكون ثلاثين مرةً يعني؟ يقول ثلاث مرات: وعشرة أضعافه، يعني: أربعين مرةً تقريبًا: لك مثله ومثله وعشرة أضعافه خمسين مرةً يعني؟

ج: لك مثله ومثله وعشرة أضعافه.

س: نعم، ومن قبل ثلاث؟

ج: لك مثله عشر مرات، هذا المعنى: لك مثله عشر مرات.

س: قبله ثلاث ملوك من ملوك الدنيا، ومثله، ومثله، وعشرة أضعافه؟

ج: يُعطى مثله ومثله ومثله حتى يبلغ عشر مرات.

وَلَكَ فِيهَا مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ، وَلَذَّة عَيْنُكَ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، فَأَخْبِرْنِي بِأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً، قَالَ: هَذَا أَرَدْتُ، فَسَوْفَ أُخْبِرُكَ، قَالَ: غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا، لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ ذَلِكَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. وَمِصْدَاقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ : فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:17].

الشيخ: اللهم اجعلنا منهم، الله اجعلنا وإياكم منهم، الله المستعان، الله أكبر، مَن دخل الجنةَ قرَّت عينه، الله أكبر، هي النهاية، الله المستعان: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [الحجر:45]، الله المستعان.

بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ عَاشِرَةٍ تُثْبِتُ يَدَ اللَّهِ، وَهُوَ إِعْلَامُ النَّبِيِّ ﷺ أُمَّتَهُ قَبْضَ اللَّهِ الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَطَيَّهُ جَلَّ وَعَلَا سَمَاوَاتِهِ بِيَمِينِهِ، مِثْلُ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ مَسْطُورٌ فِي الْمَصَاحِفِ، مَتْلُوٌّ فِي الْمَحَارِيبِ وَالْكَتَاتِيبِ وَالْجُدُورِ.

الشيخ: جدور جمع جدار.

س: المحاريب هي المعروفة الآن؟

ج: نعم.

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، فَأَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ؟.

الشيخ: سبحانه، هذا نصّ القرآن: وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر:67].

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حدَّثنا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: حدَّثنا شُعَيْبٌ -وَهُوَ ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ- عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ، وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، فَأَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ؟.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حدَّثنا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ -وَهُوَ ابْنُ مُسَافِرٍ- عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وَحدَّثنا مُحَمَّدٌ أَيْضًا قَالَ: حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلَاءِ قَالَ: حدَّثنا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِمِثْلِهِ يَقُولُ.

قَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: الْحَدِيثَانِ عِنْدَنَا مَحْفُوظَانِ -يَعْنِي: عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ- حَدَّثَنَا حَمَّادٌ بِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: حدَّثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: حدَّثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا قُلْتُ فِي تَرْجَمَتِهِ: الْبَابَ، بِمِثْلِ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ مَسْطُورٌ فِي الْمَصَاحِفِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ: وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر:67].

بَابُ تَمْجِيدِ الرَّبِّ نَفْسَهُ عِنْدَ قَبْضَتِهِ الْأَرْضَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ، وَطَيِّهِ السَّمَاءَ بِالْأُخْرَى، وَهُمَا يَمِينَانِ لِرَبِّنَا، لَا شِمَالَ لَهُ، تَعَالَى رَبُّنَا عَنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، وَهِيَ السُّنَّةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ فِي تَثْبِيتِ يَدَيْ خَالِقِنَا .

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حدَّثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حدَّثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ -يَعْنِي ابْنَ أَبِي طَلْحَةَ- عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَاتِ يَوْمًا عَلَى الْمِنْبَرِ: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ الْآيَةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ هَكَذَا بِأَصَابِعِهِ؛ يُحَرِّكُهَا: يُمَجِّدُ الرَّبُّ نَفْسَهُ: أَنَا الْجَبَّارُ، أَنَا الْمُتَكَبِّرُ، أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْعَزِيزُ، أَنَا الْكَرِيمُ، فَرَجَفَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْمِنْبَرُ حَتَّى قُلْنَا: لَيَخِرَّنَّ بِهِ.

حَدَّثَنَاهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: حدَّثنا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حدَّثنا حَمَّادُ -وَهُوَ ابْنُ سَلَمَةَ- عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَرَأَ النَّبِيُّ ﷺ هَذِهِ الْآيَةَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ، قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ: أَنَا الْجَبَّارُ، أَنَا الْمُتَكَبِّرُ، أَنَا الْمَلِكُ. يُمَجِّدُ نَفْسَهُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يُرَدِّدُهَا حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَخِرُّ بِهِ.

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حدَّثنا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ: أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما كَيْفَ يَحْكِي رَسُول اللَّهِ ﷺ قَالَ: يَأْخُذُ الرَّبُّ جَلَّ وَعَلَا سَمَاوَاتِهِ وَأَرَاضِيهِ بِيَدَيْهِ، وَجَعَلَ يَقْبِضُ بيَدَيْهِ وَيَبْسُطُهُمَا، يَقُولُ اللَّهُ: أَنَا الرَّحْمَنُ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حدَّثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ -وَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ- عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر:67]، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا اللَّهُ، أَنَا الرَّحْمَنُ، أَنَا الْجَبَّارُ، أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ حَتَّى إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْقُطَ بِهِ الْمِنْبَرُ. هَكَذَا حدثنا يُونُسُ، لَيْسَ بَيْنَ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ وَبَيْنَ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ أَحَدٌ.

22- بَابُ ذِكْرِ السُّنَّةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ فِي إِثْبَاتِ يَدَيْ رَبِّنَا ، وَهِيَ الْبَيَانُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا يَقْبِضُ الْأَرْضَ بِيَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَعْدَمَا يَبْدِلُهَا، فَتَصِيرُ الْأَرْضُ خُبْزَةً لِأَهْلِ الْجَنَّةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَقْبِضُهَا وَهِيَ طِينٌ، وَحِجَارَةٌ، وَرَضْرَضٌ، وحَمْأَةٌ، وَرَملٌ، وَتُرَابٌ.

الطالب: في نسخةٍ: ورضرض ورصاص.

الشيخ: ورضرض، نعم.

الطالب: وفي نسخةٍ: ورصاص.

الشيخ: لا، ورضرض: قِطَع الحصى الصِّغار.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حدَّثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنَّه قَالَ: تَكُونُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً، يَكْفَؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَكْفَأُ أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ، نُزُلًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، فَأَتَى رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ: بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، أَلَا أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: تَكُونُ الْأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَيْنَا ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكم بإدَامِهِمْ؟ قَالوا: بَلَى، قَالَ: لَامٌ وَنُونٌ، وَمَا هَذَا؟ قَالَ: ثَوْرٌ وَنُونٌ، يَأْكُلُ مِنْ زِيَادَةِ كَبِدِها سَبْعُونَ أَلْفًا.

بَابُ السُّنَّةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ فِي إِثْبَاتِ يَدَيِ اللَّهِ ، وَهِيَ إِعْلَامُ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ يَدَيِ اللَّهِ يُبْسَطَانِ لِمُسِيءِ اللَّيْلِ لِيَتُوبَ بِالنَّهَارِ، وَلِمُسِيءِ النَّهَارِ لِيَتُوبَ بِاللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا.

الشيخ: وإنما جاء بهذا الكلام لتأثره بالجهمية والمعتزلة؛ لتأثره رحمه التأثر العظيم؛ ولهذا بسط الكلام، والأمر بحمد الله أوضح من الشمس في رابعة النهار، لكن أراد بهذا مزيد الرد على أعداء الله.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الْمُبَارَكُ.

 

الطالب: يقول في نسخةٍ: محمد بن عبدالله. وفي نسخةٍ: ومحمد بن عبد المبارك. وما أثبته أصح. واسمه محمد بن عبدالله المبارك المخرمي، أبو جعفر البغدادي، ثقة حافظ، روى له البخاري وأبو داود والنَّسائي.

الشيخ: يمكن أنه يُلقب: المبارك، يمكن، انظر "التقريب".

الطالب: محمد بن عبدالله بن المبارك المخرمي -بمعجمة وتثقيل- أبو جعفر البغدادي، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة بضع وخمسين. (خ د س)

الشيخ: والذي عندك كذا؟

الطالب: لا، عندي المبارك فقط.

الشيخ: محمد أيش؟

الطالب: محمد بن عبدالله المبارك.

الشيخ: أيش بعده في الحاشية؟

الطالب: في الحاشية يقول: في نسخةٍ: محمد بن عبدالله. وفي نسخةٍ: محمد بن عبد المبارك. وما أثبته أصح، واسمه محمد بن عبدالله المبارك المخرمي.

الشيخ: على ما في "التقريب": ابن المبارك، صار ما هو بلقبٍ له، جده.

الطالب: نحط زيادة: ابن؟

الشيخ: زيادة "ابن" نعم.

س: ..............؟

ج: جاء في حديثٍ فيه كلام، جاء في حديثٍ ذكره الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في الباب الأخير من كتاب "التوحيد" من حديث ابن عمر: ثم يأخذ الأرض بشماله، لكن في سنده بعض المقال اليسير، والمؤلف خفي عليه هذا، كأنه ما بلغه.

س: لا يصح إطلاق ..........؟

ج: لا، لا بأس به، الصواب لا بأس به، لكن كلتا يديه يمين مباركة، وإن سُميت: شمالًا، لكنها في الفضل يمين، كلتا يديه يمين مباركة وإن سُميت إحداهما: شمالًا.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بن الْمُبَارَك، قَالَ: حدَّثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ -يَعْنِي بِالنَّهَارِ- لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يَقُلِ الْمَخْزُومِيُّ: بِالنَّهَارِ، قَدْ أَمْلَيْتُ هَذَا الْبَابَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ "التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ"، فَاسْمَعِ الدَّلِيلَ عَلَى مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْسُطُ يَدَهُ عَلَى لَفْظِ الْخَبَرِ؛ لِيُعْلَمَ وَيُتَيَقَّنَ أَنَّ عَمَلَ اللَّيْلِ يُرْفَعُ إِلَى اللَّهِ قَبْلَ النَّهَارِ، وَعَمَلَ النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الْمُخَرِّمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، قَالَ: حدَّثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، وَلَكِنْ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ.

الشيخ: لو كشفه، الحجاب.

الطالب: عندي: لو كشفها، وقال في الحاشية: في روايةٍ: لو كشفه.

الشيخ: كشفه أظهر؛ لأنَّ الحجاب مُذكر.

الطالب: في مسلم: لو كشفه.

الشيخ: لو كشفه، نعم.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، قال: حدَّثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِأَرْبَعٍ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ, وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَرْفَعُ الْقِسْطَ وَيَخْفِضُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ.

بَابُ ذِكْرِ إِمْسَاكِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض وَمَا عَلَيْهَا عَلَى أَصَابِعِهِ، جَلَّ رَبُّنَا عَنْ أَنْ تَكُونَ أَصَابِعُهُ كَأَصَابِعِ خَلْقِهِ، وَعَنْ أَنْ يُشْبِهَ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ صِفَاتِ خَلْقِهِ، وَقَدْ أَجَلَّ اللَّهُ قَدْرَ نَبِيِّهِ ﷺ عَنْ أَنْ يُوصَفَ الْخَالِقُ الْبَارِئُ بِحَضْرَتِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ صِفَاتِهِ، فَيَسْمَعُهُ فَيَضْحَكُ عِنْدَهُ، وَيَجْعَلُ بَدَلَ وجُوبِ النَّكِيرِ وَالْغَضَبِ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ بِهِ ضَحِكًا تَبْدُوَ نَوَاجِذُهُ؛ تَصْدِيقًا وَتَعَجُّبًا لِقَائِلِهِ، لَا يَصِفُ النَّبِيَّ ﷺ بِهَذِهِ الصِّفَةِ مُؤْمِنٌ مُصَدِّقٌ بِرِسَالَتِهِ.

س: يعني: مَن يجعل التَّعجب بدل النَّكير؟

ج: لما ضحك تصديقًا له، نعم.

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حدَّثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حدَّثنا الْأَعْمَشُ. وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حدَّثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَجَرِيرٌ، وَاللَّفْظُ لِجَرِيرٍ. وَحَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ قَالَ: حدَّثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، أَبَلَغَكَ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ الْخَلَائِقَ عَلَى أصْبُعٍ، والسَّمَاوَاتِ عَلَى أصْبُعٍ، وَالْأَرَضِينَ عَلَى أصْبُعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى أصْبُعٍ، وَالثَّرَى عَلَى أصْبُعٍ؟ قَالَ: فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ [الزمر:67].

وَحَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، قَالَ: حدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ –بُنْدَارٌ- قَالَ: حدَّثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ وَسُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ.

الشيخ: عَبيدة، عَبيدة بن عمرو السَّلماني.

عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ يَهُودِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْخَلَائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، وَقَالَ: «وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ».

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: حدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ وَسُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ.

حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ فِي عَقِيبِ خَبَرِهِ قَالَ: حدَّثنا يَحْيَى قَالَ: حدَّثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ قَالَ: فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ؛ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا.

فَقَالَ أَبُو مُوسَى فِي عَقِبِ خَبَرِهِ: قَالَ يَحْيَى: زَادَ فِيهِ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عبيدَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ : فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لَهُ.

الشيخ: ولهذا في الحديث الآخر يقول ﷺ: القلوب بين أصبعين من أصابع الله يُقلبها كيف يشاء .

س: ......... عدد الأصابع؟

ج: نعم، خمسة، نعم.

س: ورد في بعض الروايات: بأربع، وبعض الروايات .....؟

ج: لا، مدارها على خمسةٍ، نعم.

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى فِي عَقِبِ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: حدَّثنا أَبُو الْمُسَاوِرِ، قَالَ: حدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِنَحْوِهِ. كما حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو مُوسَى قَالَ: بِنَحْوِهِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْجَوَادُ قَدْ يَعْثُرُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَهِمَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي إِسْنَادِ خَبَرِ الْأَعْمَشِ، مَعَ حِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ وَعِلْمِهِ بِالْأَخْبَارِ، فَقَالَ: عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ. وَإِنَّمَا هُوَ: عَنْ عَلْقَمَةَ، وَأَمَّا خَبَرُ مَنْصُورٍ فَهُوَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبيدَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ.

وَالْإِسْنَادَانِ ثَابِتَانِ صَحِيحَانِ: مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبيدَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ. وَالْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ، غَيْرُ مُسْتَنْكرٍ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مَعَ عِلْمِهِ وَطُولِ مُجَالَسَتِهِ أَصْحَابَ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنْ يَرْوِي خَبَرًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْهُ.

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حدَّثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ، وعَنْ عَبْدِاللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: إِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَعَلَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إصْبَعٍ، وَالْأَرضِينَ عَلَى إصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ وَالشَّجَرَ عَلَى إصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إصْبَعٍ، وَالْخَلَائِقَ كُلَّهَا عَلَى إصْبَعٍ، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْمَلِكُ. قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ؛ تَعَجُّبًا لَهُ، وَتَصْدِيقًا لَهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:  وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضَ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر:67].

حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ قَالَ: حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: حدَّثنا أَبُو كُدَيْنَةَ -وَهُوَ يَحْيَى بْنُ الْمُهَلَّبِ- عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: مَرَّ يَهُودِيٌّ بِالنَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، مَا تَقُولُ إِذَا وَضَعَ اللَّهُ السَّمَاءَ عَلَى ذِهِ، وَالْأَرَضِينَ عَلَى ذِهِ، وَالْمَاءَ عَلَى ذِهِ، وَالْجِبَالَ عَلَى ذِهِ، وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَى ذِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الزمر:67].

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَلَعَلَّ مُتَوَهِّمًا يَتَوَهَّمُ مِمَّنْ لَمْ يَتَحَرَّ الْعِلْمَ وَلَا يُحْسِنُ صِنَاعَتَنَا فِي التَّأْلِيفِ بَيْنَ الْأَخْبَارِ؛ فَيَتَوَهَّمُ أَنَّ خَبَرَ ابْنِ مَسْعُودٍ يُضَادُّ خَبَرَ ابْنِ عُمَرَ، وَخَبَرَ أَبِي سَعِيدٍ يُضَادُّ خَبَرَهُمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، هُوَ عِنْدَنَا بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ؛ أَمَّا خَبَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَمَعْنَاهُ: أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُمْسِكُ مَا ذُكِرَ فِي الْخَبَرِ عَلَى أَصَابِعِهِ، عَلَى مَا فِي الْخَبَرِ، سَوَاء قَبْلَ تَبْدِيلِ اللَّهِ الْأَرْضَ غَيْرَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ عَلَى الْأَصَابِعِ غَيْرُ الْقَبْضِ عَلَى الشَّيْءِ، وَهُوَ مَفْهُومٌ فِي اللُّغَةِ الَّتِي خُوطِبْنَا بِهَا؛ لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ عَلَى الشَّيْءِ بِالْأَصَابِعِ غَيْرُ الْقَبْضِ عَلَى الشَّيْءِ.

وَنَقُولُ: ثُمَّ يُبَدِّلُ اللَّهُ الْأَرْضَ غَيْرَ الْأَرْضِ، كَمَا أَخْبَرَنَا مُنَزِّلُ الْكِتَابِ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ فِي قَوْلِهِ: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ [إبراهيم:48]، وَبَيَّنَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى ﷺ صِفَةَ تَبْدِيلِ الْأَرْضِ غَيْرَ الْأَرْضِ، فَأَعْلَمَ ﷺ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبَدِّلُهَا، فَيَجْمَعُهَا خُبْزَةً وَاحِدَةً، فَيَقْبِضُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ كَمَا خَبَّرَ فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَانْكِفَاءَهَما كَمَا أَعْلَمَ فِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فَالأَخْبَارُ الثَّلَاثَةُ كُلُّهَا ثَابِتَةٌ صَحِيحَةُ الْمَعَانِي عَلَى مَا بَيَّنَّا.

قال أبو بكر: وَرَوَى نَمِرُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ: حدَّثنا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الْقَبْضَتَيْنِ: هَذِهِ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي، وَهَذِهِ فِي النَّارِ وَلَا أُبَالِي.

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى قَالَ: حدَّثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حدَّثنا النَّمِرُ بْنُ هِلَالٍ النَّمَرِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حدَّثنا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: حدَّثنا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَبَضَ قَبْضَةً فَقَالَ: إِلَى الْجَنَّةِ بِرَحْمَتِي، وَقَبَضَ قَبْضَةً فَقَالَ: إِلَى النَّارِ وَلَا أُبَالِي.

س: قول المُؤلف: الإمساك غير القبض على الشيء؟

ج: نعم؟

س: تعليق المؤلف على الحديث: يقول: الإمساك على الأصابع غير القبض على الشيء، جمع بين الأحاديث؟

ج: الله أعلم.