10 من قوله: (وحق أن نشرع في التعصيب)

باب التَّعصيب

وحُقَّ أن نشرع في التَّعصيب بكل قولٍ مُوجزٍ مُصيبِ
فكل مَن أحرز كل المال من القرابات أو الموالي
أو كان ما يفضل بعد الفرض له فهو أخو العصوبة المُفضلة
كالأب والجد وجد الجد والابن عند قُربه والبُعد
والأخ وابن الأخ والأعمام والسيد المُعتِق ذي الإنعام
وهكذا بنوهم جميعا فكن لما أذكره سميعا
وما لذي البُعدى مع القريب في الإرث من حظٍّ ولا نصيبِ
والأخ والعم لأمٍّ وأب أولى من المُدلي بشطر النَّسب
والابن والأخ مع الإناث يُعصبانهن في الميراث
والأخوات إن تكن بنات فهن معهن مُعصبات
وليس في النساء طرًّا عصبه إلا التي منَّت بعتق الرَّقبة

الشيخ: فلما فرغ المؤلفُ رحمه الله من ذكر أصحاب الفروض، ذكر هنا التَّعصيب وأهله، تقدم لكم أن الإرث نوعان: فرض وتعصيب، على ما جاء في الكتاب والسنة، واصطلح علماء المواريث على هذا التقسيم: فما قُدّر سمَّوه: فرضًا، وما لم يُقدر سمَّوه: تعصيبًا، فصار الإرث بذلك نوعين: نوع يُسمَّى: فرضًا، ونوع يُسمَّى: تعصيبًا، وتقدم ما يتعلق بالفروض الستة: النصف، والربع، والثمن، والثلثان، والثلث، والسدس، تقدم أهلها بشروطهم، والسابع ثبت بالاجتهاد، وهو ثلث الباقي في العُمريتين كما تقدم.

ثم ذكر المؤلفُ هنا: التَّعصيب، والتَّعصيب في اللغة: الشدّ والتَّقوية والإحاطة.

لغةً: الشدّ والتَّقوية والإحاطة، يُقال له: تعصيب، إذا شدَّ الشيء في الشيء يُقال له: عصبه، ومنه: تعصيب الجرح: شدّه، ومنه: عصابة العمامة: تشدّ الرأس، وتُحيط به.

أما في اصطلاح الفرضيين: فهو الإرث بغير تقديرٍ، هذا التَّعصيب في اصطلاح علماء الفرائض: الإرث بغير تقديرٍ يُسمونه: تعصيبًا.

قال المؤلف رحمه الله:

وحُقَّ أن نشرع في التَّعصيب بكل قولٍ مُوجزٍ مُصيبِ

يعني: حُقَّ علينا لما أنهينا الكلامَ في الفرائض، حقَّ علينا يعني: استحق علينا للطلبة، ويجوز بالفتح: وحَقَّ يعني: وجب علينا لما بيَّنَّا الفرائضَ أن نُبين التَّعصيب، كما تقدم أنَّ الإرث نوعان، وهذا من تمام الفائدة، ومن النصح للأمة: أن يذكر هذا وهذا؛ لأنَّ الورثة قسمان: قسم يرث بالفرض، وقسم يرث بالتَّعصيب، وقسم يجمعون بينهما، كما تقدم التفصيل في ذلك.

(وحُقَّ أن نشرع في التَّعصيب) يعني: في بيان التَّعصيب وأهله (بكل قولٍ مُوجزٍ) الموجز: المختصر الذي قلَّ لفظه وتمَّت فائدته، (بكل قول موجز مصيب) مع إيجاز المصيب للصَّواب: للحق، ثم بدأ يُعرف العصبة فقال:

فكل مَن أحرز كل المال من القرابات أو الموالي
أو كان ما يفضل بعد الفرض له فهو أخو العصوبة المُفضلة

يعني: الشخص الذي إذا انفرد حاز المال، أو أخذ ما أبقته الفروض يُسمَّى: معصب، (فكل مَن أحرز كل المال * من القرابات) كالأب والابن ونحو ذلك، (أو الموالي) كالمعتق وابن المعتق، (أو كان ما يفضل بعد الفرض له) كذلك، (فهو أخو العصوبة المفضلة) أخوها يعني: صاحبها، العصوبة: الإرث بغير تقدير، (المفضلة) على الفرض؛ لأنَّ صاحب الفرض محجوز في فرضه، أما العاصب فقد يأخذ المالَ كلَّه، قد يأخذ شيئًا كثيرًا، صاحب الفرض مُقدَّر له إرثه، أما العاصب فقد يحوز الشيء الكثير، وقد يحوز المال كله.

فكل مَن أحرز كل المال من القرابات أو الموالي
أو كان ما يفضل بعد الفرض له فهو أخو العصوبة المُفضلة

ثم شرع يُبينهم فقال: (كالأب والجد وجد الجد) أبي الميت، وأبي أبيه، وأبي أبي أبيه وإن علا بمحض الذكورة، كلهم عصبة.

(والابن عند قربه والبعد) الابن -ابن الميت- وابن ابنه وإن نزل، كلهم عصبة.

(والأخ وابن الأخ) يعني: الأخ الشقيق، والأخ لأب، كما هو معلوم مما تقدم، (وابن الأخ) يعني: ابن الأخ الشَّقيق، وابن الأخ لأب، كما تقدم، (والأعمام) يعني: الأشقاء، والذين لأب أطلقهم هنا؛ لأنه معروف كما تقدم.

(والسيد المعتِق ذي الإنعام) السيد: الشخص الذي أعتقه يرثه؛ لإنعامه عليه، كما تقدم في قوله ﷺ: إنما الولاء لمن أعتق.

(وهكذا بنوهم جميعًا) بنو من ذكر، (فكن لما أذكره سميعًا) بنو الأب وهم الإخوة، وبنو الأبناء وهم بني بنيهم، بنو العم، بنو بني الأخ، كلهم، بنو المعتِق، كلهم عصبة.

وهكذا بنوهم جميعا فكن لما أذكره سميعا

كن أيها الطالب (لما أذكره سميعا) يعني: سمعَ قبولٍ وفهمٍ، لا مجرد سمع أذنٍ، (كن لما أذكره سميعا) يعني: سمع قبول وفهم وعمل.

ثم قال رحمه الله:

(وما لذي البُعدى مع القريب) شرع يُبين تقريب بعضهم على بعض:

وما لذي البُعدى مع القريب في الإرث من حظٍّ ولا نصيبِ

يعني: الوارث القريب مُقدم على الوارث البعيد في العصبة.

(وما لذي البُعدى) يعني: الجهة البُعدى، أو الدَّرجة البُعدى، (مع القريب في الإرث من حظٍّ ولا نصيبِ) الحظ والنَّصيب بمعنى واحدٍ، مبالغة، فالمقدم في الجهة يحجب المؤخر، والمقدم في الدَّرجة يحجب المؤخر، كما قال الجعبري رحمه الله:

فبالجهة التقديم ثم بقربه وبعدهما التَّقديم بالقوة اجعلا

القوة أشار لها في قوله:

والأخ والعم لأمٍّ وأب أولى من المُدلي بشطر النَّسب

إذا اجتمع اثنان فأكثر، أحدهم أقرب من الآخر؛ قُدِّم الأقرب، وهو مقدم جهة أو درجة، فإن تساويا في الدَّرجة قُدِّم الأقوى الذي أدلى بالشطرين -وهو الشقيق- على الذي أدلى بالشطر الواحد، وهو الأخ لأب، والعم لأب، وابنهما.

والأخ والعم لأمٍّ وأب أولى من المُدلي بشطر النَّسب

فبين في هذا رحمه الله العصبةَ بالنفس، وبيَّن أحكامهم، وجهاتهم أشار إليها، وكيف يقدم بعضهم على بعضٍ، فأشار بقوله: (وما لذي البُعدى مع القريب) إلى الجهة والقرب.

وبقوله:

والأخ والعم لأم وأب أولى من المدلي بشرط النَّسب

هذا إلى القوة.

فالعصبة من هذا الكلام أربعة عشر: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأب، والجد أبو الأب بمحض الذكورة وإن علا، أربعة.

والأخ الشقيق، والأخ لأب، وابناهما وإن نزلا، ثمانية.

والعم الشقيق، والعم لأب وإن عليا، عشرة.

وابناهما وإن نزلا، اثنا عشر.

والمعتِق والمعتِقة.

هؤلاء أربعة عشر، كل واحدٍ عاصب بنفسه، متى وُجد وحده أخذ المالَ.

لو مات ميتُ عن ابنٍ له المال كله، عن ابن ابنٍ له المال كله، عن أبٍ له المال كله، عن الجدِّ له المال كله، وهكذا عن الأخ الشَّقيق، أو الأخ لأب، أو ابنيهما، وهكذا العم الشَّقيق، وهكذا مَن بعده.

ولو مات إنسانٌ وما وراءه إلا مُعتِق أخذ المالَ، لو كان إنسانٌ ما وراءه إلا مُعتِقه، ما له أقارب، أخذ المال المعتِق أو المعتِقة إن كانت أنثى.

فالعصبة المتعصبون بالنفس أربعة عشر: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأب، والجد أبو الأب وإن علا بمحض الذكورة، والأخ الشقيق، والأخ لأب، وأبناؤهما وإن نزلا، ثمانية، والعم الشقيق، والعم لأب، وإن عليا، يعني: عم الميت، أو عم أبيه، أو عم جده، هذا معنى: وإن عليا، عم أبيك، وعم جدك كذلك، وأبناؤهما وإن نزلا، اثنا عشر، والمعتِق، والمعتِقة، أربعة عشر.

المعتِق يتبعه عصبته، والمعتِقة يتبعها عصبتها، ولهم أحكام ثلاثة تُفهم من كلام المؤلف:

الأول: أن من انفرد حاز جميع المال، مَن انفرد من هؤلاء حاز جميع المال.

الثاني: أنه يأخذ ما أبقته الفروض، إذا صار معه أحد من أصحاب الفروض يُعطى ما بقي.

والثالث: أنه يسقط إذا استغرقت الفروض، إلا ثلاثة لا يُتصور استغراق الفروض معهم، وهم: الأب، والجد، والابن، هؤلاء ما يمكن استغراق الفروض، لا بدَّ أن تبقى لهم بقية.

أما بقية العصبة فقد تستغرق الفروض، لكن الابن والأب والجد لا يمكن أن تستغرق الفروض دونهم أبدًا، أما ابن الابن فقد يستغرق، مثل: إذا هلك هالكٌ عن أبوين، وبنتين، وابن ابن، سقط، ما له شيء؛ لأنَّ الأبوين يأخذان الثلث، كل واحدٍ له السدس، من ستة: الأب له السدس، والأم لها السدس، والبنتان الثلثان أربعة، ما بقي شيء، سقط ابن الابن.

وهكذا لو كان: بنتان، وأم، وأخ لأم، وأخ لأب، أو عم، سقط؛ لاستغراق الفروض.

وهكذا البنتان، والإخوة لأم معهم أخ لأب، يسقط، أما الشَّقيق ففيه الخلاف كما يأتي في المشركة.

فإذا استغرقت الفروض سقط العاصبُ إلا ثلاثة لا يُتصور أن تستغرق الفروض معهم، وهم: الأب، والجد، والابن، فهم لا يسقطون؛ الابن لا يُتصور معه استغراق الفروض، والأب إذا استغرقت الفروض فُرض له، إذا زادت الفروض فُرض للأب السدس، وللجد السدس إذا استغرقت الفروض، مثل: زوج، وأم، وبنتان، وأب أو جدّ، يُفرض له؛ لأنك إن جعلتَها من اثني عشر: للزوج الربع ثلاثة، وللأم السدس اثنان، وللبنتين الثلثان ثمانية، ثلاثة عشر، استغرقتهم، ما بقي شيء، لكن الأب والجدّ من أهل الفروض؛ فيُفرض لهم عند الضيق، يُفرض لهم مع الفرع الوارث، تقول: للأب السدس اثنان، فعالت إلى خمسة عشر، وإن كان جدٌّ له السدس اثنان، عالت إلى خمسة عشر بسبب تزاحم الفروض.

فالأب والجد يرثان بالفرض تارةً، والتعصيب تارةً كما تقدم، ويجمعان بينهما تارةً كما تقدم، فإذا زادت الفروض بوجود الفرع الوارث من الإناث فُرض للأب السدس، وهكذا الجد، ما يسقطان بازدحام الفروض، إذا زادت الفروض كثيرة فُرض لهما: الأب والجد.

أما الابن فلا بدَّ أن يبقى له شيء، ما يُتصور ازدحام الفروض، فلا بدَّ أن يبقى شيء، فيكون الباقي له، مثل: زوج، وأم، وأب، يبقى له خمسة من اثني عشر. زوجة، وأم، وأب، وابن، يبقى له ثلاثة عشر من أربعة وعشرين، تأخذ الزوجة الثمن، والأب السدس، والأم السدس، يبقى له ثلاثة عشر.

فالمقصود أن الابن ما يُتصور استغراق الفروض معه؛ لقوة إرثه، فلا بدَّ أن يبقى له شيء.

فالعصبة بالنفس أربعة عشر، وهم: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأب، والجد أبو الأب بمحض الذكورة وإن علا، ويجمعان بينهما تارةً كما تقدم، فإذا زادت الفروض بوجود الفرع الوارث من الإناث فُرض للأب السدس، وهكذا الجد، ما يُتصور سقوطهم في ازدحام الفروض، إذا جاءت الفروض كثيرة فُرض لهما: الأب، والجد.

أما الابن فلا بدَّ أن يبقى له شيء، ما يُتصور ازدحام الفروض، فلا بدَّ أن يبقى شيء، فيكون الباقي له، مثل: زوج، وأم، وأب، يبقى له خمسة من اثني عشر. زوجة، وأم، وأب، وابن، يبقى له ثلاثة عشر من أربعة وعشرين، تأخذ الزوجة الثمن، والأب السدس، والأم السدس، يبقى له ثلاثة عشر.

فالمقصود أنَّ الابن ما يُتصور استغراق الفروض معه؛ لقوة إرثه، فلا بدَّ أن يبقى له شيء.

فالعصبة بالنفس أربعة عشر، وهم: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأب، والجد أبو الأب بمحض الذكورة وإن علا، والأخ الشقيق، والأخ لأب، وابناهما وإن نزلا، والعم الشقيق، والعم الأب، وإن عليا، وابناهما وإن نزلا، والمعتِق، والمعتِقة، هؤلاء العصبة بالنفس: أربعة عشر.

أحكامهم ثلاثة:

الأول: أنَّ مَن انفرد منهم أحرز جميع المال.

الثاني: أنه يأخذ ما أبقته الفروض.

الثالث: أنه يسقط إذا استغرقت الفروض، إلا ثلاثة فإنهم لا يسقطون باستغراق الفروض، وهم: الأب، والجد، والابن.

ولهم جهات ستّ إذا قلنا: إن الإخوة يرثون مع الجدِّ، أما إذا قلنا: يحجبهم، فالجهات خمس فقط، وهو الصواب، الصواب أنه يحجبهم، فالجهات تكون خمسًا، وهي:

  • بنوة، ويدخل فيها الأبناء، وأبناء البنين.
  • وأبوة، يدخل فيها الأب، والجد وإن علا بمحض الذكورة.
  • الثالثة: الإخوة وبنوهم.
  • الرابعة: الأعمام وبنوهم.
  • والخامسة: الولاء.

كل جهةٍ تحجب التي بعدها، الجهات على الصحيح خمس، إذا قلنا: أنَّ الجدَّ أب يُسقط الإخوة: الأولى: البنوة، يدخل فيها الأبناء وأبناء البنين. الثانية: الأبوة، والمراد بها الأب والجد. والثالثة: الإخوة وبنوهم، يعني: الأشقاء والإخوة لأب. الرابعة: الأعمام الأشقاء، والأعمام لأب وإن علوا، وبنوهم وإن نزلوا. والخامسة: الولاء.

فإذا اتحدت الجهةُ قُدم بالقرب -قرب الدرجة- فالابن وابن الابن جهة واحدة، لكن الابن يحجب ابن الابن؛ لقرب الدَّرجة، والأخ الشقيق وابنه جهة واحدة، فالأخ الشقيق يحجب ابنه، وهكذا الابن يحجب ابنه؛ لقرب الدرجة، وهكذا العم يحجب ابن العم، وابن العم القريب يحجب ابن العم البعيد، والعم القريب يحجب ابن العم العالي؛ للقرب.

وهكذا في الولاء: المعتِق يحجب ابن المعتق، وابن المعتِق يحجب ابن ابن المعتق، وهكذا بالقرب.

فإن تساووا في القرب والدَّرجة نظر في القوة؛ فأيّهما كان أقوى حجب، وهم الأشقاء يحجبون الإخوة لأب والعمومة وأبناءهم، فالشقيق يحجب الذي لأب للقوة، فإذا مات إنسانٌ عن أخٍ شقيقٍ وأخٍ لأبٍ، فالمال للشقيق لقوته؛ لكونه أدلى بالطرفين: الأم والأب، وإذا مات إنسانٌ عن ابن أخٍ شقيقٍ وابن أخٍ لأبٍ، فالمال لابن الأخ الشقيق لقوته، أو عم شقيق وعم لأبٍ، فالمال للعم الشقيق لقوته، أو ابن عم شقيقٍ وابن عم لأبٍ، فالمال لابن العم الشقيق إذا تساووا في الدَّرجة من أجل القوة.

فتلخص من هذا أنَّ التقديم يكون بالجهة، ويكون بالقرب، ويكون بالقوة، وفي هذا يقول الجعبري رحمه الله:

فبالجهة التقديم ثم بقربه وبعدهما التَّقديم بالقوة اجعلا

وأشار المؤلفُ إلى هذا في قوله:

وما لذي البُعدى مع القريب في الإرث من حظٍّ ولا نصيب

قال:

والأخ والعم لأمٍّ وأب أولى من المدلي بشطر النَّسب

هذه القوة: (الأخ والعم) يعني: وبنوهما، (لأم وأب أولى من المدلي بشطر النَّسب) فالتقديم يكون بالجهة أولًا، ثم بقُرب الدَّرجة، ثم بقوة الإدلاء كما عرفت من البيت:

فبالجهة التقديم ثم بقربه وبعدهما التَّقديم بالقوة اجعلا

وقد بيَّن المؤلفُ ذلك.

ثم قال رحمه الله:

والابن والأخ مع الإناث يُعصبانهن في الميراث

 

الابن مع البنات يُعصبهن، وهكذا ابن الابن مع بنات الابن يُعصبهن، وهكذا الأخ مع الأخوات يُعصبهن، يعني: الأخ الشَّقيق والأخ لأب يُعصب الأخوات والبنات، هؤلاء يُقال لهم: العصبة بالغير، العصبة بغيرهن، يعني: كن عصبة بغيرهن، لا بأنفسهن، أما العصبة السَّابقون أربعة عشر بأنفسهم، أما هؤلاء النساء فهم عصبة بالغير: فالابن والبنت، وابن الابن وبنت الابن، والأخ الشقيق والأخ لأب مع أخواتهما، هؤلاء يُقال لإناثهم: عصبات بالغير، فالبنت مع الابن عصبة بالغير، وبنت الابن مع ابن الابن عصبة بالغير، الشقيقة مع الشقيق عصبة بالغير، الأخت لأب مع الأخ لأب عصبة بالغير، وهذا معنى قوله:

والابن والأخ مع الإناث يُعصبانهن في الميراث

فإذا هلك هالكٌ عن ابنٍ وبنتٍ، فالمال بينهما أثلاثًا: الابن له الثلثان، والبنت لها الثلث. وهكذا عن ابن ابنٍ وبنت ابنٍ أثلاثًا. وهكذا عن أخٍ شقيقٍ وأختٍ شقيقةٍ أثلاثًا. وهكذا عن أخٍ لأب وأختٍ لأب أثلاثًا –عصب:

والابن والأخ مع الإناث يُعصبانهن في الميراث

وهنا قسم ثالث: وهم العصبة مع الغير، وهم الأخوات الشَّقائق والأخوات لأب مع البنات، يُقال لهن: العصبة مع الغير، وهذا معنى قوله رحمه الله:

والأخوات إن تكن بنات فهن معهن مُعصبات

هذا القسم الثالث: العصبة مع الغير، وهما: الأخوات الشَّقائق والأخوات لأب مع البنات أو بنات الابن، يُقال لهن: عصبة مع الغير، والأصل في هذا كله قوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11]، هذا في العصبة في الغير، وفي الأخوات قوله جلَّ وعلا: وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:176]، هذه العصبة بالغير.

أما العصبة مع الغير فالأصل فيها هو حديث ابن مسعودٍ عند البخاري: أن النبي ﷺ قضى في بنتٍ وبنت ابنٍ وأختٍ قال: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، والأخت لها الباقي عصبةً.

وهي الشقيقة، أو التي لأب، هذه العصبة مع الغير، (والأخوات) يعني: الشَّقائق واللاتي لأب، (إن تكن بنات) يعني: أو بنات ابنٍ، (فهن) أي: الأخوات (معهن) أي: مع البنات وبنات الابن (معصبات) بالكسر، الأخوات مع البنات عصبة، ويقال لهن: العصبة مع الغير، وهما صنفان: الأخوات الشَّقائق، والأخوات لأب، إذا كن مع البنات أو بنات الابن.