11 من حديث: (كان يلبي الملبي فلا ينكر عليه)

بَابِ الْمَسِيرِ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ وَالْوُقُوفِ بِهَا وَأَحْكَامِهِ

 1993 - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «سَأَلْتُ أَنَسًا وَنَحْنُ غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَاتٍ عَنْ التَّلْبِيَةِ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ؟ قَالَ: كَانَ يُلَبِّي الْمُلَبِّي فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1994 - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «غَدَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ مِنًى حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِ عَرَفَةَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَنَزَلَ بِنَمِرَةَ وَهِيَ مَنْزِلُ الْإِمَامِ الَّذِي يَنْزِلُ بِهِ بِعَرَفَةَ حَتَّى إذَا كَانَ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ رَاحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُهَجِّرًا فَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ رَاحَ فَوَقَفَ عَلَى الْمَوْقِفِ مِنْ عَرَفَةَ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

1995 - وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لَامٍ الطَّائِيِّ قَالَ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِالْمُزْدَلِفَةِ حِينَ خَرَجَ إلَى الصَّلَاةِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي جِئْتُ مِنْ جَبَلَيْ طَيِّئٍ أَكْلَلْتُ رَاحِلَتِي وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي، وَاَللَّهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ حَبْلٍ إلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هَذِهِ وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ وَقَدْ وَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَهُوَ حُجَّةٌ فِي أَنَّ نَهَارَ عَرَفَةَ كُلَّهُ وَقْتٌ لِلْوُقُوفِ.

1996 - وَعَنْ عبدالرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ: «أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ فَسَأَلُوهُ فَأَمَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي: الْحَجُّ عَرَفَةَ، مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ. أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ ؛ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ، وَأَرْدَفَ رَجُلًا يُنَادِي بِهِنَّ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ.

1997 - وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: نَحَرْتُ هَاهُنَا وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا، وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد، وَلِابْنِ مَاجَهْ وَأَحْمَدَ أَيْضًا نَحْوُهُ، وَفِيهِ: وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ.

1998 - وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ ﷺ بِعَرَفَاتٍ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ يَدْعُو، فَمَالَتْ بِهِ نَاقَتُهُ فَسَقَطَ خِطَامُهَا، فَتَنَاوَلَ الْخِطَامَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَهُ الْأُخْرَى». رَوَاهُ النَّسَائِيّ.

1999 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ عَرَفَةَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَلَفْظُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءِ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

2000 - وَعَنْ سَالِمِ بْنِ عبداللَّهِ أَنَّ عبداللَّهِ بْنَ عُمَرَ جَاءَ إلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ يَوْمَ عَرَفَةَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ وَأَنَا مَعَهُ، فَقَالَ: الرَّوَاحَ إنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ، فَقَالَ: هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ سَالِمٌ: فَقُلْتُ لِلْحَجَّاجِ: إنْ كُنْتَ تُرِيدُ تُصِيبُ السُّنَّةَ فَاقْصُرْ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلْ الصَّلَاةَ، فَقَالَ عبداللَّهِ بْنُ عُمَرَ: صَدَقَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

2001 - وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «رَاحَ النَّبِيُّ ﷺ إلَى الْمَوْقِفِ بِعَرَفَةَ فَخَطَبَ النَّاسَ الْخُطْبَةَ الْأُولَى، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ، ثُمَّ أَخَذَ النَّبِيُّ ﷺ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ، فَفَرَغَ مِنْ الْخُطْبَةِ وَبِلَالٌ مِنْ الْأَذَانِ، ثُمَّ أَقَامَ بِلَالٌ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ». رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ.

الشيخ: هذه الأحاديث كلها تتعلق بمسير النبي ﷺ إلى عرفات، وخطبته في عرفات، وصلاة المغرب والعشاء في مزدلفة بعد عرفة، السنة للحجاج في يوم عرفة أن يتوجهوا بعد طلوع الشمس من منى إلى عرفات في اليوم التاسع، هذا هو المحفوظ، أما رواية ابن عمر بعد صلاة الفجر ففيها نقص من بعض الرواة، والصواب أن السنة بعد طلوع الشمس يوم عرفة، صلاة الفجر يوم عرفة في منى وبعد طلوع الشمس توجه النبي ﷺ إلى عرفات، والسنة في هذا الطريق التلبية، ومن كبر فلا بأس، كان يكبر المكبر فلا ينكر عليه، ويلبي الملبي فلا ينكر عليه، في مسيرهم إلى عرفات من شاء لبى ومن شاء كبّر والتلبية أفضل كما فعل النبي ﷺ وفعل الصحابة، فنزل النبي ﷺ في نمرة قرية قديمة قدام عرفة وجد قبة مضروبة له في نمرة فنزل بها، فلما زالت الشمس أمر بناقة فرحلت له ثم ركبها فخطب الناس على ظهر راحلته قبل الصلاة بعد الزوال، وقبل الصلاة خطبهم وذكرهم وبين لهم ما يتعلق بالحج وعرفة، وبين لهم أن دماءهم وأموالهم عليهم حرام، وفي اللفظ الآخر: وأعراضهم عليهم حرام كحرمة يومهم هذا في بلدهم هذا، كما خطبهم أيضًا في يوم النحر وبين لهم أنه تارك فيهم ما لم يضلوا إن اعتصموا به كتاب الله قال: إني تارك فيكم ما لم تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فجعل يرفع إصبعه إلى السماء وينكبها إلى الناس ويقول: اللهم اشهد: اللهم اشهد: اللهم اشهد عليه الصلاة والسلام، هذا هو المشروع للحجاج يتوجهون من منى بعد طلوع الشمس ويصلون الظهر والعصر قبل دخول عرفة في مسجد عرفة إذا تيسر ذلك، وبعد صلاة الجمع يدخلون عرفات، والسنة للإمام أو نائبه أن يخطب الناس قبل الصلاة كما فعل النبي ﷺ الخطبة قبل الصلاة، أما رواية جابر الأخيرة «أنه خطب واحدة بعد الصلاة وواحدة بعد الأذان» هذا غلط رواية ضعيفة، رواية جابر الأخيرة هذه ضعيفة، الصواب أنه خطب خطبة واحدة بين فيها بعض أحكام الحج وأمور أخرى عليه الصلاة والسلام، وحذرهم من ظلم بعضهم لبعض، وأخبرهم أن أمور الجاهلية موضوعة وربا الجاهلية موضوع ودماء الجاهلية موضوع، وأوصاهم بالنساء خيرًا قال: استوصوا بالنساء خيرًا، وأوصى الرجال بالنساء، وأوصى النساء أيضًا بطاعة أزواجهن، وقال: من لم يجد إزارًا فليلبس السراويل، ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وأوصاهم بالقرآن العظيم والتمسك به والاستقامة عليه، وقال: أيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه، وقال لهم: الحج عرفة فمن أدرك عرفة بليل فقد أدرك الحج إلى طلوع الفجر من لم يأت عرفة إلا بليل ليلة النحر أدرك الحج، فالموقف يبدأ في عرفة بعد الزوال وينتهي إلى طلوع الفجر، من وقف قبل الزوال أدرك الحج، ومن وقف في الليل أدرك الحج، واختلفوا فيمن وقف قبل الزوال ولم يقف بعد الزوال هل يدرك أم لا؟ فقال بعض أهل العلم: إنه يدرك الحج لحديث عروة بن مضرس لقوله: وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلًا أو نهارًا فظاهره أنه يجزئ قبل الزوال، وأما الأكثر من أهل العلم يقولون: لا يجزئ إلا بعد الزوال الوقوف؛ لأن الرسول إنما وقف بعد الزوال وقال: خذوا عني مناسككم فحديث عروة يحمل على ما بعد الزوال لأن حديث عروة فيه إجمال، وكذلك يدل حديث عروة بن مضرس على وجوب المبيت في مزدلفة، وأن الواجب على الحجاج أن يبيتوا في مزدلفة، وقد رخص النبي ﷺ للضعفة ومن مع الضعفة أن ينصرفوا منها بليل بعد نصف الليل، لكن من قوي وليس من الضعفة ينبغي أن يبيت بها حتى يصلي الفجر حتى يشهد صلاة الفجر كما قال ﷺ وسلم، فالسنة أن يبيت بها ويصلي الفجر ويقف بعد الصلاة عند المشرع الحرام في مزدلفة كلها موقف إلى الإسفار، وينصرف قبل طلوع الشمس، وهكذا عرفة كلها موقف، من وقف في جزء منها أدرك الحج، وجمع وهي مزدلفة كلها موقف، من وقف في شيء منها فقد وقف الموقف، والأفضل أن يصلي بها الفجر وأن يقف بعد صلاة الفجر ويدعو الله ويذكر الله حتى يسفر، وللضعفة أن ينصرفوا، الضعفة من الكبار - كبار السن - والنساء والأطفال ومن معهم الأفضل لهم التقدم بعد نصف الليل، التقدم إلى منى قبل حطبة الناس.

باب الدفع إلى المزدلفة ثم منها إلى منها وما يتعلق بذلك

2002 - عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حِينَ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَاتٍ كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

2003 - وَعَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ ﷺ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ، فِي عَشِيَّةِ عَرَفَةَ وَغَدَاةِ جَمْعٍ لِلنَّاسِ حِينَ دَفَعُوا: عَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ، وَهُوَ كَافٌّ نَاقَتَهُ حَتَّى دَخَلَ مُحَسِّرًا وَهُوَ مِنْ مِنًى وَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ الْجَمْرَةُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.

2004 - وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَا حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَا اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا حَصَى الْخَذْفِ حَتَّى رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى الْمَنْحَرِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

2005 - وَعَنْ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ، فَخَالَفَهُمْ النَّبِيُّ ﷺ فَأَفَاضَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرُ.

2006 - وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَتْ سَوْدَةُ امْرَأَةً ضَخْمَةً ثَبِطَةً، فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَنْ تُفِيضَ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ، فَأَذِنَ لَهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

2007 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ ﷺ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةِ.

2008 - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَذِنَ لِضَعَفَةِ النَّاسِ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ بِلَيْلٍ». رَوَاهُ أَحْمَدُ.

2009 - وَعَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَوْضَعَ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

الشيخ: هذه الأحاديث فيها بيان صفة انصرافه ﷺ من عرفات ومن مزدلفة إلى منى، وماذا عمله في الطريق؟ وماذا عمله في منى؟ دلت الأحاديث الصحيحة على أن السنة حين الانصراف من عرفات السكينة وعدم العجلة، فالرسول ﷺ أمرهم بالسكينة وقال: إن البر ليس بالإيجاف يعني بالعجلة، فالسنة للمنصرفين من عرفات أن يمشوا وعليهم السكينة في سياراتهم وغيرها لئلا يضر بعضهم بعضًا، وأنهم يلبون إذا انصرف من عرفات ومن مزدلفة، يلبي في الطريق من عرفة إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى، كله تلبية كما بين ذلك أسامة بن زيد والفضل بن العباس وجابر وغيرهم، فالسنة السكينة عند الانصراف من عرفات وعدم العجلة، وهكذا السكينة عند الانصراف من مزدلفة إلى منى وعدم العجلة، والسنة أن يلبي في الطريق: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، يلبي في الطريق حتى يرمي الجمرة، حتى يشرع في رمي جمرة العقبة، وفيه أنه أمرهم أن يرموا بمثل حصى الخذف، يعني مثل الحصيات التي يخذف بها بين الأصابع مثل النوى ومثل بعر الغنم ليس بالكبير، يعني حصيات ليست بالكبيرة يشبه بعر الغنم الذي ليس بالكبير، هذا حصى الخذف، كل جمرة ترمى بسبع يوم العيد، ترمى سبعًا كما رماها النبي ﷺ يوم العيد جمرة العقبة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ولا يقف عندها، يرميها بسبع يكبر مع كل حصاة ولا يقف عندها، ولكن بعدها ينحر الهدي ويقصر أو يحلق، بعدها بعد رمي الجمرة يشرع له أن ينحر الهدي وأن يحلق رأسه أو يقصر والحلق أفضل، وبهذا يتحلل التحلل الأول: يلبس المخيط، والطيب، وقلم الأظفار، ونحو ذلك، لكن يبقى عليه تحريم النساء، يبقى عليه تحريم جماع النساء حتى يطوف طواف الإفاضة ويسعى، فإذا طاف وسعى تم الحل بعد الرمي والحلق أو التقصير، إذا طاف وسعى تم الحل من النساء وغير النساء، وفيه من الفوائد أنه لما أتى واحد محسر عجل قليلًا، السنة في وادي محسر الإسراع قليلًا لأنه واد نزل فيه العذاب على أهل الفيل، والسنة الوقوف بمزدلفة حتى يصلي الفجر، ثم بعد صلاة الفجر يقف عند المشعر الحرام وفي مزدلفة حتى الإسفار، وجمع كلها موقف، وعرفة كلها موقف، كل جميع أجزاء عرفة موقف، كل جميع أجزاء مزدلفة موقف، فالسنة في عرفة أن يبقى والواجب فيها حتى تغيب الشمس ،إذا وقف نهارًا يبقى في عرفة حتى تغيب الشمس، أما إذا جاءها ليلًا وقف فيها ما تيسر ويكفي لأن الليل في عرفة يصح فيه الوقوف ليلة النحر، أما من جاءها نهارًا وجب أن يقف حتى تغيب الشمس، أما مزدلفة فيبقى فيها ما يسر الله ولا ينصرف إلا بعد نصف الليل بعد غروب القمر، والنبي ﷺ رخص للضعفة كالصبيان والنساء وكبار السن والمريض ينصرفون بليل بعد نصف الليل من مزدلفة، ومنهم سودة رضي الله عنها كانت ثقيلة، فالحاصل أنه سمح للضعفة من النساء والصبيان وكبار السن والمريض ومن معهم أن ينصرفوا من مزدلفة بليل، يعني بعد النصف، أما هو وغالب الحجاج بقوا حتى صلوا الفجر، فالسنة أن يصلى فيها الفجر ثم يبقى في المشعر الحرام في مزدلفة يلبي ويكبر ويدعو حتى يسفر، يعني حتى يتضح النهار قبل طلوع الشمس، وكانوا الكفار ما يهلون بعد طلوع الشمس ويقولون أشرق ثبير كيما نغير، ثبير جبل هناك أشرق، يعني اطلعي الشمس عليه حتى نغير، حتى ننصرف، فخالفهم النبي ﷺ فأفاض من مزدلفة قبل طلوع الشمس لما أسفر جدًا، وهذا هو السنة بعد الإسفار قبل طلوع الشمس ينصرف من مزدلفة إلى منى، والسنة لمن انصرف إلى منى أن يلبي حتى يرمي الجمرة، فإذا وصل لمنى بدأ بالجمرة فرماها وقطع التلبية ويكبر مع كل حصاة ولا يقف عندها، بل يرميها وينصرف يوم العيد لا يرمى إلا هي، ويأتي ما يتعلق برمي الجمار إن شاء الله، وفق الله الجميع.

بَابُ رَمْي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَأَحْكَامِهِ

2010 - عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «رَمَى النَّبِيُّ ﷺ الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَأَمَّا بَعْدُ فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ». أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ.

2011 - وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَرْمِي الْجَمْرَةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَقُولُ: لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتَيْ هَذِهِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.

2012 - وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: «أَنَّهُ انْتَهَى إلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ وَرَمَى بِسَبْعٍ وَقَالَ: هَكَذَا رَمَى الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةٍ: «جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ». وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: «أَنَّهُ انْتَهَى إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَرَمَاهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَهُوَ رَاكِبٌ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا ثُمَّ قَالَ: هَاهُنَا كَانَ يَقُومُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ».

2013 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَدَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أُغَيْلِمَةَ بَنِي عبدالْمُطَّلِبِ عَلَى حُمُرَاتٍ لَنَا مِنْ جَمْعٍ، فَجَعَلَ يَلْطَحُ أَفْخَاذَنَا وَيَقُولُ: أُبَيْنِيَّ لَا تَرْمُوا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلَفْظُهُ: «قَدَّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ وَقَالَ: لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.

2014 - وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «أَرْسَلَ النَّبِيُّ ﷺ بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، فَرَمَتْ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ، وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي يَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْنِي: عِنْدَهَا». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

2015 - وَعَنْ عبداللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ: «عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَقَامَتْ تُصَلِّي فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: لَا، فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: لَا، فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَتْ: فَارْتَحِلُوا فَارْتَحَلْنَا وَمَضَيْنَا حَتَّى رَمَتْ الْجَمْرَةَ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتْ الصُّبْحَ فِي مَنْزِلِهَا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا هَنْتَاهُ مَا أُرَانَا إلَّا قَدْ غَلَّسْنَا، قَالَتْ: يَا بُنَيَّ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَذِنَ لِلظُّعُنِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

2016 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ بِهِ مَعَ أَهْلِهِ إلَى مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ فَرَمَوْا الْجَمْرَةَ مَعَ الْفَجْرِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ.

الشيخ: هذه الأحاديث تتعلق برمي الجمرة - جمرة العقبة - يوم النحر، ثبت عنه ﷺ في حجة الوداع، وهي الحجة التي حجها بعد الهجرة، وهي آخر حجة، فإنه لم يحج لما هاجر إلا هذه الحجة ويقال لها حجة الوداع، لأنه ودع الناس وقال: خذوا عني مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، وقد توفي بعد عامه هذا ولم يلقاهم بعده بعد منصرفه من حجته هذه، توفي في ربيع الأول من السنة الحادي عشرة ورمى الجمرة بعد طلوع الشمس، انصرف من مزدلفة وأتى الجمرة بعد طلوع الشمس ورماها وهو ناقته بسبع حصيات، وهذا هو المشروع أن ترمى الجمرة يوم العيد جمرة العقبة الضحى، هذا هو الأفضل، وأن ترمى بسبع حصيات مثل حصى الخذف يكبر مع كل حصاة، يرمي ويقول: الله أكبر، الله أكبر مع كل حصاة، ورماها وهو على بعيره، وجاء في الرواية الأخرى كان يظلل عليه أسامة بن زيد وبلال عن الشمس، فدل ذلك على أنها ترمى، الأفضل ترمى الضحى، وأن الأفضل أن يرميها وهو راكب إذا تيسر ذلك، وأن يجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه، كما ذكر ابن مسعود ، وأن يرميها بسبع حصيات كل واحدة مثل حصى الخذف يقول: الله أكبر، الله أكبر، ولا بأس أن يرميها وهو راكب، وإن رماها في الأرض فلا بأس الأمر واسع، ثم إنه خطبهم بعد ذلك عليه الصلاة والسلام بين الجمار وذكرهم وعلمهم مناسك الرمي عليه الصلاة والسلام، وفي بقية الأحاديث الدلالة على أن الرمي يكون بعد طلوع الشمس، هذا هو الأفضل، ومن رمى قبل الفجر فلا بأس كما رمت أم سلمة، وهكذا حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق أخت عائشة أخبرت أن الرسول رخص للظعن في الانصراف من مزدلفة بعدما يغيب القمر، يعني بعد نصف الليل، وأنه لا حرج عليهن بالرمي في الليل، ولهذا رمت أم سلمة الجمرة ثم مضت فأفاضت قبل الفجر، وهذا هو الصواب للظعن والضعفاء ينصرفون في آخر الليل، لا بأس أن يرموا آخر الليل وإن أخروا ورموا الضحى فلا بأس، أما الأقوياء فالأفضل لهم الضحى بعد طلوع الشمس كما رمى النبي ﷺ وغالب الصحابة، ومن رمى قبل الفجر أجزأته، لكن غير الضعفة الأفضل لهم أن يكون بعد طلوع الشمس، أما الضعفاء من النساء وممن يتبعهم من الكبار والمرضى ومن يبتعهم هؤلاء لهم أن يرموا آخر الليل كما أخبرت أسماء، وكما فعلت أم سلمة، أما حديث ابن عباس أنهم رموا بعد طلوع الفجر فهو ضعيف منقطع، يعني: لا ترموا حتى تطلع الشمس فهو حديث منقطع، والصواب أنه لا بأس بالرمي قبل الفجر للضعفة من الأولاد والصبيان والنساء والضعفة من الكبار وكبار السن والمرضى ومن معهم، ومن في صحبتهم يرمون قبل الفجر لا حرج لما في ذلك من التخفيف على الناس قبل الزحمة، لأن مقام الحج يكون فيه زحام شديد في بعض الأحيان، يكون فيه الخطر على بعض الناس، فمن رحمة الله أن جاز الرمي في النصف الأخير، وجاز في يوم العيد كله، كله رمي، لو ما رمى إلا الظهر أو العصر فلا بأس يوم العيد، أما بقية الأيام فالرمي يكون بعد الزوال، وفي الليل بعد الزوال، أو في الليل بعد غروب الشمس يوم إحدى عشر بعد الزوال، أو في ليلة اثنا عشر ويوم اثنا عشر بعد الزوال، أو في ليلة ثلاثة عشر ويوم ثلاثة عشر بعد الزوال فقط إلى غروب الشمس، في اليوم الثالث ينتهي بغروب الشمس.

س: .....؟

الشيخ: لا يجزئ، لا بدّ بعد الزوال، النبي ﷺ رمى بعد الزوال، وقال: خذوا عني مناسككم فالرمي يوم الحادي عشر والثاني عشر بعد الزوال هذا الصواب.

س: .....؟

الشيخ: من جميع الجهات ترمى، لكن الأفضل جعل البيت عن يساره، وإلا من أي جهة رماها أجزأ جمرة العقبة، وكل الجمار من أي جهة رماها أجزأ إذا وقع في الحوض، إذا وقع الرمي في الحوض كفى.

س: .....؟

الشيخ: يعيد، يعيد الرمي.

س: .....؟

الشيخ: إذا قاله حسن، وفي سنده بعض المقال، لكن إذا قاله حسن إن شاء الله.

س: .....؟

الشيخ: لغروب الشمس يوم الثالث عشر.

س: .....؟

الشيخ: بغروب الشمس، وإن رمى في الليل إذا فاته فلا بأس، ليلة إحدى عشر إذا رماها في الليل أجزأ، وإن قضاها بعد الزوال أجزأ في يوم الحادي عشر قبل أن يرمي، يوم الحادي عشر يرميها بعد الزوال ثم يرمي الثلاث عن الحادي عشر، وإن رماها في الليل ليلة إحدى عشر إذا غربت الشمس عليه ورماها بعد غروب الشمس ليلة إحدى عشر فلا بأس على الصحيح.

س: .....؟

الشيخ: ما يجزئ، عليه دم.

بَابُ النَّحْرِ وَالْحِلَاقِ وَالتَّقْصِيرِ وَمَا يُبَاحُ عِنْدَهُمَا

2017 - عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَتَى مِنًى فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: خُذْ وَأَشَارَ إلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.

2018 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلِلْمُقَصِّرِينَ، قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلِلْمُقَصِّرِينَ، قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلِلْمُقَصِّرِينَ، قَالَ: وَلِلْمُقَصِّرِينَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

2019 - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَبَّدَ رَأْسَهُ وَأَهْدَى، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَمَرَ نِسَاءَهُ أَنْ يَحْلِلْنَ، قُلْنَ: مَا لَكَ أَنْتَ لَمْ تَحِلَّ؟ قَالَ: إنِّي قَلَّدْتُ هَدْيِي وَلَبَّدْتُ رَأْسِي فَلَا أَحُلُّ حَتَّى أَحِلَّ مِنْ حَجَّتِي، وَأَحْلِقَ رَأْسِي. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْحَلْقِ.

2020 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ الْحَلْقُ إنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ.

2021 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ، فَقَالَ رَجُلٌ: وَالطِّيبُ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا أَنَا فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُضَمِّخُ رَأْسَهُ بِالْمِسْكِ أَفَطِيبٌ ذَلِكَ أَمْ لَا؟». رَوَاهُ أَحْمَدُ.

2022 - وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ بِطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِلنَّسَائِيِّ: «طُيِّبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِحَرَمِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ بَعْدَمَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ».

الشيخ: هذه الأحاديث تدل على ما يشرع للحجيج يوم النحر، وأنهم بعد نزولهم من مزدلفة يشرع لهم رمي الجمرة - جمرة العقبة - لأن الرسول ﷺ رمى جمرة العقبة يوم النحر، ثم حلق رأسه ووزع رأسه بين الناس، ثم حل طيبته عائشة قبل أن يطوف في البيت، هذا هو المشروع للحجيج يوم النحر البداءة بالرمي - رمي جمرة العقبة - ثم بعد رمي جمرة العقبة ينحر هديه إن كان عنده هدي، هذا هو الأفضل، ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل، والرسول حلق عليه الصلاة والسلام، وقال: اللهم ارحم المحلقين، ثم دعا لهم ثانية ثم قال: والمقصرين في الثالثة، فدل على فضل الحلق، وأن الحلق أفضل، وفي اللفظ الآخر: اللهم ارحم المحلقين فالحلق أفضل لما فيه من استكمال أخذ الشعر، وإن قصر أجزأه ذلك، لكن الحلق أفضل، وبعد ذلك يحل التحلل الأول إذا رمى وحلق أو قصر حل التحلل الأول، أما الذين حلوا من عمرتهم فإنهم يشرع لهم أن يفعلوا كما فعل النبي ﷺ في حلهم من الحج، رمي الجمرة ثم الحلق أو التقصير ثم الحل سواء بسواء، وفي الرواية الأخرى أن عائشة رضي الله عنها طيبته بعدما رمى الجمرة قبل أن يطوف، هذا يدل على أن حل النساء يكون بعد الرمي وبعد الحلق، وهكذا الطيب غيره من المحظورات إنما يحل بعد الرمي وبعد الحلق أو التقصير، أما رواية ابن عباس أن النبي ﷺ قال: إذا رميتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء فهو حديث ضعيف، لأنه من رواية الحسن العرني ولم يسمع من ابن عباس فهو منقطع، في السند الآخر الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف.

المقصود أن المشروع للحجيج سواء كان الحاج مفردًا أو قارنًا أو متمتعًا، المشروع له يوم العيد أن يرمي الجمرة أولًا، ثم يحلق أو يقصر، ثم يحل بالطيب ولبس المخيط، ويكون حل النساء بعد الطواف والسعي، يبقى عليه تحريم النساء، فإذا طاف وسعى حل له كل شيء حرم عليه في الإحرام حتى النساء، أما بالرمي والحلق فلا يحل إلا الطيب واللباس ونحو ذلك، ويبقى عليه تحريم الوطء، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا رمى حل له كل شيء إلا النساء، والأرجح ما قاله الجمهور أنه لا يتحلل حتى يضيف إلى الرمي الحلق أو التقصير كما فعل النبي ﷺ، فإنه بعدما رمى حلق ووزع شعر رأسه، أعطى نصفه طلحة والنصف الثاني وزعه بين الناس لما جعل الله في رأسه من البركة عليه الصلاة والسلام.

في حديث ابن عباس الدلالة على تعليق الحكم بالرمي نظر لأجل انقطاع وضعف روايته، فالأحوط ما قاله الجمهور، الأولى ما قاله الجمهور أن الحاج سواء كان قارنًا أو مفردًا أو متمتعًا لا يحل يوم النحر حتى يجمع الأمرين، حتى يرمي ويحلق أو يقصر، أو يرمي ويطوف ويسعى، أو يحلق ويطوف ويسعى، يعني يفعل اثنين من الثلاثة، فإذا فعلها كلها حل التحلل الكامل بأن رمى وحلق أو قصر وطاف وسعى إن كان عليه سعي تم الحل كله، أما إذا رمى وحلق فقط أو قصر فقط مع الرمي فهذا يحصل له التحلل الأول من كل ما حرم عليه بالإحرام إلا وطء النساء، والسنة له أن يتطيب عند ذهابه إلى الطواف كما فعلت عائشة لما طيبت النبي ﷺ، فإذا أراد أن يطوف السنة أن يتطيب عند ذهابه إلى البيت كما طيبته عليه الصلاة والسلام عند ذهابه إلى البيت قبل أن يطوف، هذا هو الأفضل، ولا يتم الحل إلا بالسعي إذا كان عليه سعي كالمتمتع أو القارن الذي ما سعى مع طواف القدوم يبقى عليه السعي، فلا يتم حله حتى يطوف بالبيت ويسعى، أما إذا كان لا قد سعى مع طواف القدوم وهو مفرد أو قارن فسعيه مع طواف القدوم كافٍ، إذا طاف حل كما فعل النبي ﷺ فإنه كان قارنًا فلما طاف طواف الإفاضة حل الحل الكامل لأنه قد سعى مع طواف القدوم عليه الصلاة والسلام. وفق الله الجميع.

بَابُ الْإِفَاضَةِ مِنْ مِنًى لِلطَّوَافِ يَوْمِ النَّحْرِ

2023 - عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

2024 - وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ انْصَرَفَ إلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ، ثُمَّ رَكِبَ فَأَفَاضَ إلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ». مُخْتَصَرٌ مِنْ مُسْلِمٍ.

بَابُ مَا جَاءَ فِي تَقْدِيمِ النَّحْرِ وَالْحَلْقِ وَالرَّمْيِ وَالْإِفَاضَةِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ

2025 - عَنْ عبداللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَتَاهُ رَجُلٌ يَوْمَ النَّحْرِ وَهُوَ وَاقِفٌ عِنْدَ الْجَمْرَةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ، وَأَتَاهُ آخَرُ، فَقَالَ: إنِّي ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ، وَأَتَاه آخَرُ فَقَالَ: إنِّي أَفَضْتُ إلَى الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ فَقَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: «أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ ﷺ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ: كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ، نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: افْعَلْ وَلَا حَرَجَ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ إلَّا قَالَ: افْعَلْ وَلَا حَرَجَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةٍ: «فَمَا سَمِعْتُهُ يُسْأَلُ يَوْمَئِذٍ عَنْ أَمْرٍ مِمَّا يَنْسَى الْمَرْءُ أَوْ يَجْهَلُ مِنْ تَقْدِيمِ بَعْضِ الْأُمُورِ قَبْلَ بَعْضٍ وَأَشْبَاهِهَا، إلَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: افْعَلُوا وَلَا حَرَجَ.

2026 - وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ؟ قَالَ: انْحَرْ وَلَا حَرَجَ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنِّي أَفَضْتُ قَبْلَ أَنْ أَحْلِقَ قَالَ: احْلِقْ أَوْ قَصِّرْ وَلَا حَرَجَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِي لَفْظٍ قَالَ: «إنِّي أَفَضْتُ قَبْلَ أَنْ أَحْلِقَ؟ قَالَ: احْلِقْ أَوْ قَصِّرْ وَلَا حَرَجَ، قَالَ: وَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنِّي ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

2027 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قِيلَ لَهُ فِي الذَّبْحِ وَالْحَلْقِ وَالرَّمْيِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ: فَقَالَ: لَا حَرَجَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: «سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ قَالَ: اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ، وَقَالَ: رَمَيْتُ بَعْدَمَا أَمْسَيْتُ؟ فَقَالَ: افْعَلْ وَلَا حَرَجَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ: زُرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: لَا حَرَجَ، قَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟ قَالَ: لَا حَرَجَ، قَالَ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: لَا حَرَجَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

الشيخ: في الحديثين الأولين حديث ابن عمر وحديث جابر الدلالة على أن الأفضل للحاج بعد الرمي والنحر والحلق التوجه إلى مكة للطواف، والنبي ﷺ بعدما رمى الجمرة يوم العيد ونحر هديه وحلق توجه إلى مكة وصلى بها الظهر كما قال جابر رحمه الله، وذكر ابن عمر أنه صلى الظهر بمنى، والجمع بينهما أن كل واحد أخبر بما اطلع عليه، فالنبي ﷺ صلى بمكة الظهر بالناس، فلما رجع صلى بأصحابه الظهر فكانت له نافلة ولهم فريضة في منى كما صلى في بعض صلاة الخوف بطائفة ركعتين فرضه ثم صلى بالآخرين ركعتين نفلا له وفرضًا لهم، فكلا الحديثين صحيح، وكلاهما واقع، صلى بمكة الظهر بالناس الذين هناك فلما رجع ووجد أصحابه لم يصلوا الذين في منى صلى بهم الظهر وصارت له نفلًا ولهم فرض، وفيه دلالة على أنه يجوز أن يكون الإمام متنفلًا والمأمومون مفترضون كما كان معاذ، كان معاذ يصلي مع النبي ﷺ العشاء في المدينة ثم يرجع فيصلي بجماعته فرضهم، فهي له نفل وهي لهم فرض.

والأحاديث الأخيرة كلها تدل على أن يوم النحر يوم توسعة، وأن ليس في حرج التقديم والتأخير، فالأفضل أن يرمي ثم ينحر ثم يحلق أو يقصر ثم يطوف، هذا هو الأفضل كما فعل النبي ﷺ رمى ثم نحر ثم حلق ثم ركب إلى البيت وطاف، هذا هو الأفضل للحجاج يوم العيد البداءة بالرمي ثم بالذبح إن كان عنده ذبح ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل ثم يتوجه إلى مكة للطواف والسعي إن كان عليه سعي، هذا الترتيب هو الأفضل، فسئل النبي ﷺ عمن قدم وأخر؟ فقال: لا حرج، سئل عمن أفاض إلى البيت قبل أن يرمي؟ فقال: لا حرج، وسئل عمن رمى قبل أن ينحر؟ فقال: لا حرج، وسئل عمن حلق قبل أن يرمي؟ فقال: لا حرج، فهذا يدل على التوسعة في الأمر، وأنه لا حرج أن يقدم بعضها على بعض، الرمي والنحر والإفاضة والحلق يقدم بعضها على بعض لا بأس، لكن الأفضل أن يرمي ثم ينحر ثم يحلق أو يقصر ثم يطوف طواف الإفاضة، هذا هو الأفضل، هذا الترتيب الذي فعله النبي ﷺ: يرمي الجمرة ثم ينحر هديه ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل ويتحلل التحلل الأول ثم يبقى عليه النساء الوطء فيذهب للبيت ويطوف، فإذا طاف وسعى إن كان عليه سعي تم الحل وحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام حتى النساء.

والحكمة في ذلك والله أعلم أن هذا مقام يشتبه على الناس لكثرة الناس واشتباه الأمور عليهم، فمن رحمة الله أن وسع في ذلك، وأن من قدم النحر على الرمي، أو قدم الإفاضة على الرمي، أو قدم النحر على الرمي، كل ذلك لا حرج فيه إذا كان يوم العيد، وفيه أن رجلًا قال يا رسول الله رميت بعدما أمسيت؟ يعني رمى آخر النهار، فقال: لا حرج، لو أخر رمي الجمرة حتى رماها بعد الظهر أو بعد العصر لا حرج، وإن فاته يوم العيد رماها في الليلة ليلة إحدى عشر على الصواب. وفق الله الجميع.

س: .....؟

الشيخ: يجزئ، لكن السنة أن يكون بعد الطواف، السنة أن يكون السعي بعد الطواف، لكن لو غلط بعض الناس وقدمه لا حرج.

س: ما صحة زيادة بعض أصحاب السنن للفظ: «سعيت قبل أن أنحر»؟

الشيخ: لا أعرف لها أصلًا.

بَابُ اسْتِحْبَابِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ

2028 - عَنْ الْهِرْمَاسِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَخْطُبُ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ يَوْمَ الْأَضْحَى بِمِنًى». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

2029 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «سَمِعْتُ خُطْبَةَ النَّبِيِّ ﷺ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

2030 - وَعَنْ عبدالرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاذٍ التَّيْمِيِّ قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَنَحْنُ بِمِنًى فَفُتِحَتْ أَسْمَاعُنَا حَتَّى كُنَّا نَسْمَعُ مَا يَقُولُ وَنَحْنُ فِي مَنَازِلِنَا، فَطَفِقَ يُعَلِّمُهُمْ مَنَاسِكَهُمْ حَتَّى بَلَغَ الْجِمَارَ، فَوَضَعَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: بِحَصَى الْخَذْفِ، ثُمَّ أَمَرَ الْمُهَاجِرِينَ فَنَزَلُوا فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ، وَأَمَرَ الْأَنْصَارَ فَنَزَلُوا مِنْ وَرَاءِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ نَزَلَ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِمَعْنَاهُ.

2031 - وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: «خَطَبَنَا النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ: أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَتْ الْبَلْدَةُ؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ، فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.

الشيخ: هذه الأحاديث وما جاء في معناها فيما يتعلق بخطبته ﷺ يوم النحر، كلها تدل على أنه ﷺ خطب الناس يوم النحر، وأصحها وأثبتها حديث أبي بكرة المخرج في الصحيحين أن النبي ﷺ خطب الناس في هذا اليوم وفتح الله أسماعهم وسمعوا خطبته يقول لهم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا. وسؤاله عن اليوم وعن البلدة وعن الشهر لتعظيم الأمر، ليعلموا عظم الأمر، وأنه في شهر حرام وهو ذو الحجة، في يوم حرام وهو يوم النحر، في بلد حرام وهو مكة، المقصود من هذا تنبيههم على أن الأمر عظيم جدًا، وأن حرمة هذا اليوم حرمة عظيمة، وحرمة البلد عظيمة، وحرمة الشهر عظيمة، فدماءهم وأموالهم وأعراضهم حرمتها كذلك، كحرمة هذا اليوم، وهذا الشهر، وهذا البلد، وهكذا خطبهم أيضًا في يوم عرفة وقال لهم مثل هذا الكلام: إن دماءكم وأموالكم قال الراوي وأحسبه قال: وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم في هذا، في بلدكم هذا، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال: اللهم اشهد، وقال لهم: إني تارك فيكم ما لم تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله يعني القرآن، فأوصاهم بالقرآن والاعتصام بالقرآن، وأخبرهم أن دماءهم وأموالهم وأعراضهم عليهم حرام، فليس لأحد أن يظلم أخاه في دمه، ولا في ماله، ولا في عرضه، بالغيبة ونحوها، وقال: لا ترجعوا بعدي كفارا هذا وعيد يضرب بعضكم رقاب بعض فالقتال من الكفر، وهذا من الكفر الأصغر عند أهل العلم، كفر منكر في سياق النهي فهو من الكفر الأصغر مثل قوله ﷺ: اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت، ومثل قوله: إنه كفر بكم تبرؤكم من آبائكم. فالمقصود أن الواجب على المؤمن والمؤمنة الحذر من الظلم في الأموال والدماء والأعراض، وأن هذا حرام تحريمًا شديدًا، وأن الواجب عليهم الحذر من التشبه بالجاهلية بقتال بعضهم بعضًا عند أتفه الأسباب، يجب الحذر من خصال الجاهلية وأعمال الجاهلية ونزاعهم واختلافهم وقتالهم، ويجب على المسلم أن يحترم دم أخيه ومال أخيه وعرض أخيه حتى تبقى المودة والمحبة والتعاون على البر والتقوى، وأوصاهم بحصى الخذف أن يرموا بالحصى الخفيف مثل ما يخذف بيده الإنسان بإصبعه، يعني حصى صغير كبعر النغم الذي ليس بالكبير، بعض الناس قد يتوهم ويأخذ حجرًا كبيرًا، وهذا غلط، المقصود إرضاء الرحمن وإغضاب الشيطان بهذا الرمي، فليأخذ حصى صغير، حصى الخذف يرمي به الجمار، كل جمرة بسبع، ويكبر مع كل حصاة، وهذه الحصى صغير يشبه بعر الغنم الذي ليس بالكبير، ويقال له: حصى الخذف، والمقصود من هذا إقامة ذكر الله، يقول ﷺ: إنما شرع رمي الجمار والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله فالله شرع رمي الجمار والطواف والسعي لإقامة ذكره - جل وعلا -، فالواجب على المؤمن أن يكون عنده العناية بهذه الأمور لإقامة ذكر الله، لا مجرد التقليد واتباع الناس، بل يريد إقامة ذكر الله وتعظيم الله واتباع شرعه ورغبة في ثوابه والحذر من عقابه، رزق الله الجميع التوفيق.

س: .....؟

الشيخ: لا، هذا إرغام الشيطان، هذا مواقف للشيطان والرمي لإرغامه وإيغاظته وإهانته لأنها رماها إبراهيم عليه الصلاة والسلام في هذه المواقف .....

بَابُ اكْتِفَاءِ الْقَارِنِ لِنُسُكَيْهِ بِطَوَافٍ وَاحِدٍ وَسَعْيٍ وَاحِدٍ

2032 - عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ قَرَنَ بَيْنَ حَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ أَجْزَأَهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ. وَفِي لَفْظٍ: مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَجْزَأَهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ السَّعْيِ وَوُقُوفِ التَّحَلُّلِ عَلَيْهِ.

2033 - وَعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا، فَقَدِمْتُ وَأَنَا حَائِضٌ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إلَيْهِ، فَقَالَ: اُنْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ، وَدَعِي الْعُمْرَةَ، قَالَتْ فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي مَعَ عبدالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ: هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ قَالَتْ: فَطَافَ الَّذِينَ كَانُوا أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

2034 - وَعَنْ طَاوُسٍ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّهَا أَهَلَّتْ بِالْعُمْرَةِ فَقَدِمَتْ وَلَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ حِينَ فَنَسَكْتُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا وَقَدْ أَهَلَّتْ بِالْحَجِّ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ النَّفْرِ: يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ، فَأَبَتْ، فَبَعَثَ بِهَا مَعَ عبدالرَّحْمَنِ إلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.

2035 - وَعَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّهَا حَاضَتْ بِسَرِفٍ، فَتَطَهَّرَتْ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يُجْزِي عَنْكِ طَوَافُكِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وفيه تنبيه على وجوب السعي.

الشيخ: هذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها تدل على أن القارن والمفرد للحج يكفيهما طواف واحد وسعي واحد، فإذا كانا سعيا مع طواف القدوم كفى وإلا سعيا مع طواف الإفاضة، وهذا أمر هو الذي دلت عليه الأحاديث، وهو الذي قاله جمهور أهل العلم أنه يكفيهما سعي واحد إذا لبى بالحج وحده من الميقات أو بالحج والعمرة جميعًا، فإنه متى قدم مكة يطوف ويسعى ويبقى على إحرامه - إذا كان معه هدي - فإذا جاء يوم العيد طاف في البيت فقط طواف الإفاضة وكفاه السعي الأول، هذا إذا كان قارنًا أو مفردًا ولم يحل لأن معه الهدي مثلًا، أما من كان ليس معه هدي فإنه يطوف ويسعى أولًا لعمرته ويقصر ويحل ثم يطوف طوافًا آخر وسعيًا آخر بعد الحج لحجه، كما ذكرت عائشة: أن الذين حلوا من عمرتهم طافوا طوافًا آخر لحجهم، يعني بين الصفا والمروة، وهكذا قال ابن عباس: الذين حلوا من عمرتهم لما قدموا مكة من المشاعر يوم النحر طافوا طوافًا آخر لحجهم وسعوا سعيًا آخر، فالمتمتع عليه سعيان وطوافان، الطواف الأول والسعي الأول للعمرة يطوف ويسعى ويقصر ويحل، وبعد نزوله من متى يوم العيد أو بعده يطوف طواف الإفاضة ويسعى لحجه، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم وهو الصواب، وهو الذي عليه الأحاديث المذكورة وحديث عائشة المذكور وحديث ابن عباس الثابت في صحيح البخاري، وأما الذين ساقوا الهدي فإن السنة لهم أن يحرموا بالحج والعمرة جميعًا قرنًا، كل من ساق الهدي إما أن يكون مفردًا للحج أو قارنًا للحج والعمرة ويبقى على إحرامه حتى يحل يوم النحر، إذا ساق الهدي إبل أو بقر أو غنم ولو واحدة يسوقها من بلده أو من الطريق يسمى مهدي، ويبقى على إحرامه حتى يحل من الحج والعمرة كما فعل النبي ﷺ، الصحابة الذين ساقوا الهدي طافوا وسعوا وبقوا على إحرامهم حتى خرجوا إلى عرفات، فلما فرغوا من الحج طافوا بالبيت فقط واكتفوا بالسعي الأول، وكانت عائشة رضي الله عنها قد أحرمت بالعمرة مع زوجات النبي ﷺ فحاضت عند قرب مكة ولم تطهر إلا يوم عرفة، فلما طهرت أمرها النبي ﷺ أن تلبي بالحج مع عمرتها فصارت قارنة، وقال لها لما طافت وسعت يوم العيد: طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك لأنها صارت قارنة، ولكنها طلبت منه عمرة أخرى لأن صواحباتها قد اعتمرن عمرة مفردة، فأمرها من التنعيم مرة أخرى، أمر عبدالرحمن أخاها أن يعمرها من التنعيم، والتنعيم أدنى الحل، وهذا يدل على أن من أراد العمرة وهو في مكة يخرج إلى الحل، من أراد العمرة وهو من أهل مكة أو مقيم في مكة هذا يخرج إلى الحل، لا يحرم من مكة، بل يخرج إلى الحل كالتنعيم أو الجعرانة أو غيرهما، وهذا يخص حديث ابن عباس: ومن كان دون ذلك فمهله من أهله، حتى أهل مكة من مكة لأن قول حتى أهل مكة يعني في الحج خاصة، أما في العمرة فإن من أراد العمرة يخرج إلى الحل لحديث عائشة رضي الله عنها.

بَابُ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالٍ مِنًى وَرَمْيِ الْجِمَارِ فِي أَيَّامِهَا

2036 - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِنًى فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَرْمِي الْجَمْرَةَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَقِفُ عِنْدَ الْأُولَى، وَعِنْدَ الثَّانِيَةِ فَيُطِيلُ الْقِيَامَ وَيَتَضَرَّعُ وَيَرْمِي الثَّالِثَةَ لَا يَقِفُ عِنْدَهَا». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

2037 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺأَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَهُمْ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.

2038 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «رَمَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْجِمَارَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ.

2039 - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كُنَّا نَتَحَيَّنُ فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ رَمَيْنَا». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد.

2040 - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إذَا رَمَى الْجِمَارَ مَشَى إلَيْهَا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَفِي لَفْظٍ عَنْهُ: «أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ رَاكِبًا وَسَائِرَ ذَلِكَ مَاشِيًا وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ». رَوَاهُ أَحْمَدُ.

2041 - وَعَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيُسْهِلُ فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ طَوِيلًا وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى، ثُمَّ يَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيُسْهِلُ فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ يَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقُومُ طَوِيلًا، ثُمَّ يَرْمِي الْجَمْرَةَ ذَاتَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي: وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَيَقُولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَفْعَلُهُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.

2042 - وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَخَّصَ لِرُعَاءِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَرْمُونَ الْغَدَاةَ وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ لِيَوْمَيْنِ، ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ: «رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمًا وَيَدَعُوا يَوْمًا». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.

2043 - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «رَجَعْنَا فِي الْحَجَّةِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَبَعْضُنَا يَقُولُ: رَمَيْتُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَبَعْضُنَا يَقُولُ: رَمَيْتُ بِسِتِّ حَصَيَاتٍ، وَلَمْ يَعِبْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.

الشيخ: هذه الأحاديث كلها تتعلق بالرمي أيام منى، وقد دلت الأحاديث الصحيحة من حديث ابن عمر وجابر وغيرهما على أنه ﷺ رمى الجمار في الأيام الثلاثة بعد الزوال، أما يوم العيد فكان رميه ضحى، فيوم العيد ترمى الجمرة ضحى أو ظهرًا أو عصرا ما يخالف، كل يوم العيد رمي، وللضعفة أن يرموا في آخر الليل كما تقدم، أما أيام التشريق فإن الواجب أن يكون الرمي بعد الزوال، ولا يجزئ قبل الزوال، بل يجب أن يكون بعد الزوال، ودلت الأحاديث على أن كل جمرة ترمى بسبع، يكبر مع كل حصاة، ودل حديث ابن عمر وما جاء في معناه على أن السنة إذا رمى الجمرة الأولى أن يتقدم فيسهل عن زحمة الناس ثم يجعلها عن يساره ثم يستقبل القبلة ويرفع يديه ويدعو طويلًا ثم يرمي الجمرة الوسطى ويجعلها عن شماله ويأخذ ذات اليمين يجعلها عن يمينه ويأخذ ذات الشمال هو فيقف ويستقبل القبلة ويدعو كما وقف عند الأولى، لكن الأولى يجعلها عن يساره ويستقبل القبلة، والثانية يجعلها عن يمينه ويأخذ ذات الشمال، ويستقبل القبلة ويدعو دعاء طويلا، هذا السنة كما فعله النبي ﷺ، أما الأخيرة فيرميها ولا يقف عندها، جمرة العقبة التي رماها يوم العيد يرميها بسبع ولا يقف عندها، ودلت الأحاديث على أن السنة أن يرميها ماشيًا، يذهب إليها ماشيًا إذا تيسر ذلك عن زحمة الناس وعن المشقة إلا يوم العيد فقد رماها النبي ﷺ راكبًا، جمرة العقبة رماها يوم العيد راكبًا، فإن تيسر راكبًا رمى وإلا رماها ماشيًا. وفي هذه الأوقات لا يمكن رميها راكبًا لأجل الزحمة ومشقة السيارات على الناس، فالذي ينبغي في هذه الأعوام التي يزدحم فيها الناس أن يرميها ماشيًا حتى لا يزحم الناس بالسيارة وغيرها.

وفيه أيضًا حديث ابن عباس وابن عمر أن النبي ﷺ رخص للعباس البيتوتة عن منى من أجل السقاية، هذا يدل على أن أهل السقاية لا مبيت عليهم، يجيؤن يرمون فقط، أما المبيت فلا مبيت عليه لأجل سقاية الحجيج، الذين يتولون سقاية الحاج وهكذا الرعاة، الرعاء ليس عليهم مبيت لأجل رعيهم للإبل، يذهبوا بها في المراعي لحاجة الراعي، ويرموا اليومين، في اليوم الثاني يرمي يوم العيد ثم يؤخر رمي الحادي عشر مع رمي الثاني عشر يرمونها جميعًا، فإذا لم يتعجلوا رموا اليوم الثاني بعد ذلك من أجل مشقة الرعي، فيؤخر رمي الحادي عشر مع رمي الثاني عشر فيرمون في الحادي عشر منظم مرتبًا ثم يعودون يرمون الجمار للثالث عشر مرتبًا.

وفي حديث سعد أنهم لما رجعوا صاروا يتحدثون بعضهم يقول: رميت سبع، وبعضهم يقول: رميت ست، هذا يدل على أنه إذا نقص الحصى واحدة فإنه يعفى عنه، لأن الصحابة لم يعب بعضهم على بعض، ولكن إذا ذكرها قريبًا كملها، أما الذي ما يذكرها قريبًا فالأمر واسع، لكن إذا ذكرها عند الرمي يكمل السبع، لكن لو جهل أو نسي ولم يذكر إلا بعد ذلك سقطت الحصاة كما فعل الصحابة وأرضاهم، أما عند الرمي فيجاهد نفسه ويحرص حتى يكمل كل جمرة بسبع. وفق الله الجميع.

س: .....؟

الشيخ: كان يطيل الوقف نعم، لكن الإنسان يقف حسب ما تيسر لأن الزحام اليوم ما يتيسر للإنسان إلا الوقوف اليسير، لكن إذا فعل بعض السنة الحمد لله.

س: .....؟

الشيخ: إذا ما وجد مكان في منى سقط عنه فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

س: .....؟

الشيخ: لا، يسمى ما هو بواجد، ما دام أهله يعرض نفسه للخطر ما يصلح.

بَابُ الْخُطْبَةِ أَوْسَطُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

2044 - عَنْ سَرَّاءَ بِنْتِ نَبْهَانَ قَالَتْ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ الرُّءُوسِ، فَقَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَلَيْسَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ عَمُّ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيُّ: «إنَّهُ خَطَبَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ».

2045 - وَعَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي بَكْرٍ قَالَا: «رَأَيْنَا رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَخْطُبُ بَيْنَ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَنَحْنُ عِنْدَ رَاحِلَتِهِ وَهِيَ خُطْبَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّتِي خَطَبَ بِمِنًى». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

2046 - وَعَنْ أَبِي نَضِرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ النَّبِيِّ ﷺ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إنَّ رَبّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟ قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث في خطبة النبي ﷺ في أيام التشريق، النبي ﷺ خطب يوم عرفة وخطب يوم النحر كما في الصحيحين، ووضح للناس أحكام حجهم، ووضح لهم دينهم، وأوصاهم بالقرآن العظيم والتمسك به، وحذرهم من ظلم بعضهم لبعض، ثم خطبهم خطبة ثالثة في أيام التشريق - في وسط أيام التشريق - وهو اليوم الثاني عشر أو في اليوم الأول كما في الحديث الأخير، وسمي أوسط أيام التشريق لأنه أفضلها، أفضلها أولها يصير وسط، معناه الخيار وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة:143] يكون اليوم الأول هو أفضلها، ويحتمل أن المراد بذلك أوسطها من جهة أنه اليوم الثاني عشر، ومجموع الأحاديث الواردة في ذلك تدل على أنه يستحب للإمام خطبة ثالثة في أيام التشريق لوصية الناس بتقوى الله وبيان ما أوجب الله عليهم وما حرم عليهم، وأن ربهم واحد ودينهم واحد، وأنه لا فضل لعربي على عجمي ولا عجمي على عربي إلا بالتقوى، الناس بنو آدم وآدم خلق من تراب كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]، وفي الصحيحين أنه سئل عليه الصلاة والسلام قيل: يا رسول الله، أي الناس أكرم؟ قال: أتقاهم، وبهذا يتبين للمؤمن أنه لا يجوز للمؤمن أن يتكبر على الناس بماله أو نسبه أو بلده أو وظيفته إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13] فالواجب على المؤمن التواضع والاستقامة على الحق والثبات عليه، وعدم الفخر بالآباء والأسلاف، أو بالأموال أو بالوظائف كما في الحديث يقول ﷺ: أربع في أمتي من أمر الجاهلية ذكر منها الفخر بالأحساب، فلا ينبغي الفخر بالأحساب ولا بالأموال ولا بالوظيفة ولا بالنسب إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13] من كان أتقى لله فهو أحب الناس إلى الله، وهو أفضل الناس، ويدل هذا على أنه ﷺ بالغ في حجة الوادع بالخطب لأنها آخر حياته لم يعش بعدها إلا قليل، بلغهم وأوصاهم وكرر ليكمل البلاغ والبيان عليه الصلاة والسلام، حتى قال: هل بلغت؟ قالوا: نعم قد بلغت، قال: اللهم اشهد، اللهم اشهد كما في خطبة يوم عرفة، وإذا علم المؤمن هذا الأمر وجب عليه أن يبلغ أيضًا، كل مؤمن يبلغ، كل عالم يبلغ، إذا كان سيد الخلق وأفضلهم عليه الصلاة والسلام كرر البلاغ والبيان حتى تقوم الحجة وتنقطع المعذرة، فلنا فيه الأسوة لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]. فالواجب على أهل العلم أينما كانوا أن يبلغوا عن الله سواء كانوا رجالًا أم نساء، على المرأة التي عندها علم والرجل الذي عنده علم عليه أن يبلغ، كل من كان عنده علم الرجل والمرأة والعجمي والعربي والأسود والأبيض كل بني آدم عليهم البلاغ حسب ما أعطاهم الله من العلم لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، ويقول - جل وعلا -: فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [النحل:35]، والعلماء هم ورثة الأنبياء، وكل إنسان مسؤول عما أعطاه الله من العلم، كل مؤمن وكل مؤمنة كل مسؤول عما أعطاه الله من العلم، فعلى المؤمن أن يبلغ في جيرانه وإخوانه وأقاربه وجلسائه يبلغ العلم وينصح ويوجه، وعلى المرأة كذلك عليها أن تبلغ ما عندها من العلم مع جيرانها ومع أهل بيتها ومع جلسائه ومع من تستطيع، هذا هو الواجب على الجميع، التعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والتناصح بالكلام المباشر وبالنصائح المكتوبة وبالهاتف ونحو ذلك بكل وسيلة أباحها، رزق الله الجميع التوفيق والهداية، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه.