12 من حديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم رقد رقدة بالمحصب)

بَابُ نُزُولِ الْمُحَصَّبِ إذَا نَفَرَ مِنْ مِنًى

 2047 - عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إلَى الْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

2048 - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْبَطْحَاءِ، ثُمَّ هَجَعَ هَجْعَةً، ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالْبُخَارِيُّ بِمَعْنَاهُ

2049 - وَعَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنَ عُمَرَ كَانُوا يَنْزِلُونَ الْأَبْطَحَ قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُ ذَلِكَ وَقَالَتْ: إنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَنْزِلًا أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ

2050 - وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: نُزُولُ الْأَبْطَحِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ إنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ إذَا خَرَجَ.

2051 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: التَّحْصِيبُ لَيْسَ بِشَيْءٍ إنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

الشيخ: هذه الأحاديث تتعلق بالمحصب، النبي ﷺ لما رمى الجمار في يوم الثالث عشر لأنه لم يتعجل، بل تأخر إلى يوم الثالث عشر ثم رمى الجمار بعد الزوال عليه الصلاة والسلام، ثم توجه إلى مكة فنزل في الأبطح الوادي المعروف وصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم نزل إلى مكة آخر الليل ليلة أربعة عشر فطاف طواف الوداع ثم صلى صلاة الفجر بالناس وقرأ فيها بسورة الطور وَالطُّورِ ۝ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ [الطور:1-2] ثم بعد صلاة الفجر توجه إلى المدينة، فاختلف العلماء هل يستحب النزول في الأبطح إذا خرج من منى إذا نزل من منى يوم الثاني عشر أو الثالث عشر؟

فكان الصديق وعمر رأيا أن الأفضل النزول بالأبطح تأسيًا بالنبي ﷺ يصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وقالت عائشة رضي الله عنها وابن عباس إنه ليس بمستحب إنما نزله لأنه كان أسمح لخروجه، فالأمر في هذا واسع، من نزل فلا بأس ومن ترك فلا بأس، من نزله كما نزله النبي ﷺ والصديق وعمر فلا بأس، ومن لم ينزل فلا بأس الأمر في هذا واسع، والمقصود من هذا والفائدة الكبيرة أن السنة لمن رمى الجمار يوم الثاني عشر والثالث عشر أنه ما يصلي في منى، السنة ينزل يصلي في مكة الظهر والعصر والمغرب والعشاء؛ إما بجماعته إذا كان نزل بالأبطح، وإما في المساجد التي حول بيته إذا كان قصد بيته، يصلي في المساجد التي حوله الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وإذا طاف طواف الوداع في آخر الليل وسافر صباح أربعة عشر هذا كما فعل النبي ﷺ فلا بأس، وإن أحب أن يبقى في مكة أيام فإذا أراد السفر طاف للوداع عند نية السفر، وفي هذا جواز الفصل بين الوداع بصلاة كونه يوادع آخر الليل ثم صلى الفجر ثم سافر بعد ذلك، هكذا لو ودع الضحى ثم صلى الظهر وسافر، أو ودع بعد الظهر بعد ما صلى العصر وسافر أو بعد العصر ثم صلى المغرب والعشاء وسافر، كل هذا لا بأس به، التأخير اليسير يعفى عنه ما يعيد الوداع، أو شراء حاجة من السوق، أو انتظر أصحابه يجيؤن حتى يركبوا، كل هذا لا بأس به، فالأمر واسع بحمد الله.

بَابُ مَا جَاءَ فِي دُخُولِ الْكَعْبَةِ وَالتَّبَرُّكِ بِهَا

2052 - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ عِنْدِي وَهُوَ قَرِيرُ الْعَيْنِ طَيِّبُ النَّفْسِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيَّ وَهُوَ حَزِينٌ، فَقُلْتُ لَهُ:؟ فَقَالَ: إنِّي دَخَلْتُ الْكَعْبَةَ وَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ فَعَلْتُ، إنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ أَتْعَبْتُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

2053 - وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْبَيْتَ فَجَلَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَكَبَّرَ وَهَلَّلَ، ثُمَّ قَامَ إلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْبَيْتِ، فَوَضَعَ صَدْرَهُ عَلَيْهِ وَخَدَّهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ هَلَّلَ وَكَبَّرَ وَدَعَا، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ بِالْأَرْكَانِ كُلِّهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَأَقْبَلَ عَلَى الْقِبْلَةِ وَهُوَ عَلَى الْبَابِ، فَقَالَ: هَذِهِ الْقِبْلَةُ، هَذِهِ الْقِبْلَةُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.

2054 - وَعَنْ عبدالرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: «لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَكَّةَ انْطَلَقْتُ فَوَافَقْتُهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ الْكَعْبَةِ وَأَصْحَابُهُ قَدْ اسْتَلَمُوا الكعبة مِنْ الْبَابِ إلَى الْحَطِيمِ، وَقَدْ وَضَعُوا خُدُودَهُمْ عَلَى الْبَيْتِ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَسْطَهُمْ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

2055 - وَعَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: «قُلْتُ لِعبداللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى: أدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ الْبَيْتَ فِي عُمْرَتِهِ؟ قَالَ: لَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ: هذه الأحاديث في دخول الكعبة، النبي ﷺ دخلها عام الفتح لما فتح الله عليه مكة دخلها وصلى فيها ركعتين كما روى الشيخان في الصحيحين أنه دخلها وصلى فيها ركعتين كما تقدم أمام الباب وجعل بينه وبين الجدار الغربي نحو ثلاثة أذرع وصلى فيها ركعتين، وفي حديث أسامة هنا أنه استلم الجدار ووضع صدره ويديه وخده عليه ودعا وكبر وهلل، أما في حديث أسامة وحديث بلال وحديث ابن عمر المتقدم أنه دخلها وصلى فيها ركعتين وجعل ثلاثة أعمدة خلفه وعمودين عن يمينه وعمود عن يساره وصلى في غربيها ركعتين، فيدل على استحباب دخول الكعبة إذا تيسر ذلك من دون مشقة، وفي حديث عائشة أنه دخلها ﷺ ثم خرج وود أنه لم يدخلها وقال: إني أخاف أن أكون شققت على أمتي يعني لأنه إذا عرفوا أنه دخلها حرصوا على الدخول، وربما ترتب على هذا مشقة، لكن حديث عائشة هذا في صحته نظر لأن المعروف أنه إنما دخلها عام الفتح ولم يكن معه نساء ذاك الوقت، وقد سئل عبدالله بن أبي أوفى هل دخلها في عمرة؟ فأجاب أنه لم يدخلها في عمرة القضاء ولا في عمرة الجعرانة إنما دخلها عام الفتح عليه الصلاة والسلام، فيدل ذلك على استحباب دخولها إذا تيسر من دون مشقة وصلاة ركعتين وإذا دعا في أركانها وكبر الله وهلل فلا بأس كما فعل النبي ﷺ. قال ابن عباس إنه دعا في نواحيها وكبر وهلل فإذا دخلها وصلى فيها ركعتين ودعا بنواحيها وكبر فكل ذلك مستحب، وإن وضع صدره على الجدار الغربي ويديه ودعا فلا بأس أيضًا، ولكن ترجمة المؤلف قوله: (والتبرك بها) ليس بسديد، وإنما يقال: دخول الكعبة والدعاء فيها وذكر الله فيها، أما التبرك فلا يجوز التبرك بها، ولكن يفعل ما فعله النبي ﷺ، ويطلب البركة من الله ليس عندها البركة، هي البركة تطلب من الله ، وإنما يفعل الإنسان المشروع من صلاة الركعتين واستلام الحجر الأسود واستلام الجدار ووضع اليدين هذا مستحب، لكن ما هو معناه أنه يطلب البركة منها، معناه الخضوع لله والدعاء وطلب البركة من الله - جل وعلا -، ولهذا لما قبل عمر الحجر الأسود قال: "إني أعلم حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي ﷺ يقبلك ما قلبتك" فالمسلم يعمل السنة لا لأجل البركة من الحجر أو الجدار ولكن لأجل متابعة السنة، يقبل الحجر ويستلم الحجر، يستلم الركن اليماني، يطوف بالكعبة، يسعى، يطلب المغفرة من الله والرضا من الله، لا من جدار الكعبة ولا من الصفا ولا من المروة ولا من الحجر ولا من الركن، ولكن الطلب من الله، يطلب من ربه المغفرة والعون ودخول الجنة والنجاة من النار بامتثاله أمر الله بفعله ما شرعه الله في الكعبة من الطواف وتقبيل الحجر الأسود واستلامه واستلام الركن اليماني والطواف، وهكذا السعي كلها عبادات شرعها الله يتقرب بها إلى الله، فالمرجو من الله جل وعلا هو حصول المغفرة والرحمة والبركة التي يرجوها العبد بأعماله الطيبة، يرجوها من الله لأن أحجارها ليس عندها ضرر ولا نفع، وإنما النفع والضرر والمنع والعطاء كله من الله . وفق الله الجميع.

س: .....؟

الشيخ: الأفضل قدامه إذا دخل، يجعل الجدار الغربي أمامه، وإذا صلى في أي محل كفى من الكعبة، إذا كان ما في زحمة ولا مشقة وإلا فترك الدخول أولى لا يستعمل المشقة.

س: .....؟

الشيخ: على الجدار الغربي.

س: .....؟

الشيخ: نعم، أما حديث عبدالرحمن بن صفوان فهو ضعيف «أن الصحابة وضعوا أيديهم على الجدار» هذا حديث عبدالرحمن بن صفوان ضعيف لأن فيه يزيد بن زياد وهو ليس ممن يحتج به، أما قوله «بين الركن والحطيم» الحطيم يعني الحجر لأنه محطوم من الكعبة، وإن دخل الكعبة ووضع يده على الجدار يديه وصدره فكل هذا لا بأس به كما رواه أسامة، ولكن يطلب البركة من الله والمغفرة من الله لا من الكعبة.

س: .....؟

الشيخ: نعم، هذا من حديث أسامة نعم.

س: .....؟

الشيخ: إن فعل فلا بأس، يسمى الملتزم بين الركن والباب فعله بعض الصحابة، من فعله ودعا الله عنده فلا بأس إن شاء الله، أما النبي ﷺ فلم يثبت عنه ذلك لأن حديث عبدالرحمن بن صفوان فيه ضعف، إنما فعله داخل الكعبة عليه الصلاة والسلام.

س: النبي ﷺ هل دخل الكعبة...؟

الشيخ: المعروف إنما دخلها عام الفتح فقط.

بَابُ مَا جَاءَ فِي مَاءِ زَمْزَمَ

2056 - عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.

2057 - وَعَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّهَا كَانَتْ تَحْمِلُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَتُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَحْمِلُهُ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

2058 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ جَاءَ إلَى السِّقَايَةِ فَاسْتَسْقَى، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا فَضْلُ اذْهَبْ إلَى أُمِّكَ فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِشَرَابٍ مِنْ عِنْدِهَا، فَقَالَ: اسْقِنِي، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: إنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ، قَالَ: اسْقِنِي فَشَرِبَ، ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ وَهُمْ يَسْتَقُونَ وَيَعْمَلُونَ فِيهَا، فَقَالَ: اعْمَلُوا فَإِنَّكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ، ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنْ تُغْلَبُوا لَنَزَلْتُ حَتَّى أَضَعَ الْحَبْلَ، يَعْنِي: عَلَى عَاتِقِهِ، وَأَشَارَ إلَى عَاتِقِهِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

2059 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إنَّ آيَةَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ لَا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

2060 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ، إنْ شَرِبْتَهُ تَسْتَشْفِي بِهِ شَفَاكَ اللَّهُ، وَإِنْ شَرِبْتَهُ يُشْبِعُكَ أَشْبَعَكَ اللَّهُ بِهِ، وَإِنْ شَرِبَتْهُ لِقَطْعِ ظَمَئِكَ قَطَعَهُ اللَّهُ وَهِيَ هَزْمَةُ جِبْرِيلَ وَسُقْيَا إسْمَاعِيلَ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.

الشيخ: هذه الأحاديث في فضل ماء زمزم، وماء زمزم ماء مبارك ثبت في الأحاديث الصحيحة ما يدل على ذلك، ومنها ما رواه مسلم في الصحيح أنه قال في زمزم: إنها مباركة زاد أبو داود بإسناد صحيح: إنها طعام طعم وشفاء سقم، ولو ذكره المؤلف لكان مناسبًا لأنه من أصح الأحاديث في هذا الباب، لو ذكره هنا كان مناسبًا قال فيه: إنها طعام طعم وشفاء سقم، وقال فيها: إنها مباركة. أما قوله ﷺ: ماء زمزم لما شرب له، وإن فصل ما بيننا وبين المنافقين عدم التضلع هي أحاديث ضعيفة عند أهل العلم، وكذلك حديث عائشة رضي الله عنها أنها كانت تحمل ماء زمزم يروى مرفوعًا وموقوفًا، وفي سنده كلام لأهل العلم، وحمله لا بأس به، حمله من مكة إلى غيرها لا حرج فيه، الأصل الإباحة ولا حرج كونه يحمل ماء زمزم إلى أهله أو ليشربه في الطريق، كل هذا لا حرج فيه، وقوله ﷺ لما مر على سقيا زمزم: «اسقني، وشرب ما يشرب منه الناس» هذا يدل على تواضعه، وأنه ﷺ شرب من الماء الذي يشرب منه الناس ماء زمزم، فدل على تواضعه ﷺ، وأن الأفضل لمن زار زمزم أن يشرب مما يشربه الناس ولا يتكلف، وفيه أن من يسقي الحجيج بماء زمزم على عمل صالح إذا سقوهم وأحسنوا إليهم تبرعًا وتطوعًا طلبًا للأجر، فهم على عمل صالح كما قال ﷺ: «ولولا أن يغلبهم الناس لنزل وجذب الماء عليه الصلاة والسلام» يعني لولا أن يغلبهم ليتأسوا به ﷺ لجر الماء على حبل عاتقه وشارك في هذا، لكن يخشى أنه لو جذب الماء من زمزم للناس لكان كل أحد بعده يتأسى به ويقتدي به فيغلبهم على عملهم، فتركهم ﷺ هم الذين يسقون الناس، فدل على أن سقي الناس من زمزم وتسهيل الماء لهم أمر مطلوب، وفيه أجر وفيه خير فليحتسب من يفعل ذلك وليطلب الأجر من الله في تسهيل إخراج الماء للناس من زمزم، وفق الله الجميع.

س: حديث ابن عباس ...؟

الشيخ: تقدم أنه ضعيف: فصل ما بيننا وبين المنافقين عدم التضلع من زمزم، وماء الزمزم لما شرب له كلها أحاديث ضعيفة، كلها ضعيفة، لكن المحفوظ إنها طعام طعم وشفاء سقم، وإنها مباركة ويكفي هذا، والحمد لله.

بَابُ طَوَافِ الْوَدَاعِ

2061 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَنْفِرُ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِي رِوَايَةٍ: «أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ إلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

2062 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَخَّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَصْدُرَ قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ إذَا كَانَتْ قَدْ طَافَتْ فِي الْإِفَاضَةِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ.

2063 - وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «حَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بَعْدَمَا أَفَاضَتْ قَالَتْ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: أَحَابِسَتُنَا هِيَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ ثُمَّ حَاضَتْ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ، قَالَ: فَلْتَنْفِرْ إذَنْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

بَابُ مَا يَقُولُ إذَا قَدِمَ مِنْ حَجٍّ أَوْ غَيْرِهِ

2064 - عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنْ الْأَرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ: هذه الأحاديث في حكم طواف الوداع، طواف الوداع هو الطواف الذي يفعله الحاج عند الخروج من البلد من مكة بعدما انتهى الحج يقال له طواف الوداع، وهو واجب، طواف الوداع واجب في الحج، إذا أكمل أعمال الحج ثم أراد الخروج من مكة فإنه يطوف الوداع سبعة أشواط بالبيت، ليس فيه سعي طواف فقط سبعة أشواط، ثم يصلي بعدها ركعتين ويسافر، ولو تأخر بعد الطواف قليلًا مثل الطواف بعد الظهر وسافر العصر أو المغرب، أو طاف بعد العصر وسافر بعد المغرب أو بعد العشاء، أو طاف في الليل وسافر الصباح ما يضر، التأخر اليسير بعد الطواف لا يضر لقوله ﷺ: لا ينفر أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت لا ينفر أحد منكم النفير: الخروج من مكة إلى بلاده حتى يكون آخر عهده بالبيت رواه مسلم في الصحيح، وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أمر الناس» يعني أمرهم النبي ﷺ، إذا قال الصحابي أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا فالمراد به الرسول ﷺ هو الآمر الناهي «أمر الناس» يعني أمرهم النبي ﷺ «أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض» متفق على صحته، وهكذا حديث صفية أنها حاضت بعد طواف الإفاضة فأمرها النبي ﷺ أن تنفر، فأخبرها أنها ليس عليها وداع، وهذا من تيسير الله لأن المرأة قد ينزل بها الحيض بعد طواف الإفاضة وقبل السفر فإذا تأخرت قد يشق عليها أو على رفقتها، فمن رحمة الله أن سامحها وعفا عنها، فالحائض ومثلها النفساء لا وداع عليهما، فإذا طافت طواف الإفاضة وفرغت من الرمي فلها أن تنفر ولا تنتظر الطهارة وليس عليها وداع، أما من خرج ولم يودع وهو غير معذور فعليه دم وعليه التوبة، من سافر من مكة ولم يودع وهو غير معذور فإن عليه التوبة مع ذبيحة تذبح في مكة للفقراء لأنه ترك نسكًا، أما من ترك لعذر كالحائض والنفساء فلا وداع عليهما، أما المريض يحمل المريض يطاف بعربة أو على مطية أو على رؤوس الرجال إن كان يشق عليه الطواف بالمشي لأن أم سلمة أصابها بعض المرض فلم تسطع أن تطوف للوداع ماشية فقال لها النبي ﷺ: اركبي، فطافت من وراء الناس على بعير، أما الحائض والنفساء فلا وداع عليها خاصة، أما العمرة فلا يلزم لها وداع، إن ودع فلا بأس حسن وإلا ما يلزم لها العمرة، لأن العمرة في كل وقت، أما الحج في السنة مرة، في العمر مرة، فإذًا عليه الوداع، أما العمرة فلا وداع لها، لكن إن ودع عند الخروج فهو حسن.

وفي الحديث الأخير الدلالة على أنه يشرع لمن رجع من غزو أو من حج أو من عمرة أو من أي سفر أن يكثر في الرجوع من السفر ويكبر إذا ارتفع، إذا علا الأراضي المرتفعة كبر الله قال: الله أكبر، الله أكبر، يكبر ويكثر أن يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وإن كان في أراضي مطمئنة جاء في الأحاديث الأخرى أنه يسبح، إذا نزل في وادي أو أرض مطمئنة يقول: سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله وبحمده، وما أشبه ذلك، وإذا نهض وصعد المحلات المرتفعة كبر قال: الله أكبر، الله أكبر، في الطريق حتى يصل بلده، ويقول مع هذا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، فيكثر من التكبير والتهليل في المرتفعات والتسبيح في المنخفضات، ويقول مع ذلك: آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، هذا في الرجوع آيبون يعني راجعون، الآيب الراجع، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، يكرر هذا في الطريق، يكرر التكبير والذكر وهذا الكلام في الطريق وعند النزول في المحلات المطمئنة المنخفضة يكثر من التسبيح، وفق الله الجميع.

س: .....؟

ج: الطواف يسد ولو معه السعي، لو طاف الإفاضة وسعى بعده وسافر أجزأ، والسعي تابع للطواف.

س: لو طاف طواف الوداع ثم تذكر أنه لم يرم إحدى الجمار فهل يعود ويطوف مرة أخرى؟

الشيخ: إن كان وقت الرمي باق يعود يرمي ثم يعيد الطواف، وإن كان وقت الرمي قد مضى فالطواف مجزئ، وعليه ذبيحة عن ترك الرمي تذبح في مكة للفقراء، أما إن كان الرمي باقٍ وطواف الوداع كان في اليوم الثاني عشر أو الثالث عشر يأتي بالرمي ثم يعيد الطواف، أما إن كان طواف الوادع بعد الثالث عشر فهذا طوافه يجزئ وعليه دم عن ترك الرمي.

س: ما الدليل على أن طواف الوداع ليس بواجب؟

الشيخ: لأن النبي ﷺ ما أمر به، إنما أمر الحجاج، ما أمر العمار أمر الحاج فقط.

بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ

2065 - عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ حِجَّةٌ أُخْرَى، قَالَ: «فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَا: صَدَقَ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ: مَنْ عَرَجَ أَوْ كُسِرَ أَوْ مَرِضَ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، وَفِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ مَنْ حُبِسَ بِكَسْرٍ أَوْ مَرَضٍ.

2066 - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إنْ حُبِسَ أَحَدُكُمْ عَنْ الْحَجِّ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يَحِلُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى يَحُجَّ عَامًا قَابِلًا فَيُهْدِيَ أَوْ يَصُومَ إنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

2067 - وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَمَرَ أَبَا أَيُّوبَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ حِينَ فَاتَهُمَا الْحَجُّ فَأَتَيَا يَوْمَ النَّحْرِ أَنْ يَحِلَّا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ يَرْجِعَا حَلَالًا ثُمَّ يَحُجَّا عَامًا قَابِلًا وَيُهْدِيَا فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ.

2068 - وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ ابْنَ حُزَابَةَ الْمَخْزُومِيَّ صُرِعَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ فَسَأَلَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، فَوَجَدَ عبداللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَعبداللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَمَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَذَكَرَ لَهُمْ الَّذِي عَرَضَ لَهُ وَكُلُّهُمْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَدَاوَى بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَيَفْتَدِيَ، فَإِذَا صَحَّ اعْتَمَرَ فَحَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ ثُمَّ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ قَابِلًا وَيُهْدِيَ.

2069 - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ حُبِسَ دُونَ الْبَيْتِ بِمَرَضٍ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ لِمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ.

2070 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا حَصْرَ إلَّا حَصْرُ الْعَدُوِّ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ.

الشيخ: هذه الأحاديث والآثار تتعلق بالفوات والإحصار، دلت الأحاديث على أن من أحصر بمرض أو شرط فله أن يتحلل المريض، أو الذي يخشى العدو يشترط يقول: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني كما في الصحيحين عن ضباعة بنت الزبير أنها قالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية قال: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني، فإذا اشترط الخائف من العدو أو المرض أن محله حيث حبس ثم أصابه ما خاف منه تحلل ولا شيء عليه، وهكذا الإنسان الذي يصيبه في الطريق مرض أو كسر أو ما أشبه ذلك يشق عليه تمام الحج يتحلل وعليه الحج من قابل إذا كان في حج، وإن كان عمرة عمرة من قابل، كما أفتى عمر هبار بن الأسود وأبا أيوب لما فاتهم الحج أن يتحللا بعمرة وأن يقضيا العام القادم، وهكذا في حديث الحجاج: من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل يعني مع الاستطاعة، إذا استطاع لأن الله قال: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97] فالذي يفوته الحج لأنه تأخر يتحلل بعمرة ويقضي العام القادم إذا استطاع ويهدي ذبيحة، وإن عجز صام عشرة أيام: ثلاثة في الحج، وسبعة إذا رجع، وهكذا الذي يحصر - يمنع من الحج - يتحلل يهدي ويتحلل ويقضي كما فعل النبي ﷺ، لكن المحصر معذور إن كان قد أدى الفريضة لا شيء عليه يتحلل يهدي ويتحلل، وإن كان ما أدى الفريضة يحج من قابل مع الاستطاعة لأن الله قال: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196] فيتحلل بذبح الهدي والتقصير أو الحلق، وإذا كان ما حج الفريضة يحج الفريضة في المستقبل مع الاستطاعة، أما الذي يفوته الحج فواتًا فهذا يتحلل بعمرة ويقضي كما أفتى عمر يتحلل بعمرة ويقضي، وأما الذي يشترط إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني أو يحبس لمرض أو عدو فإنه يتحلل ولا شيء عليه إلا إذا كان ما أدى الفريضة سابقًا يؤدي الفريضة.

واختلف العلماء هل يكون الحصر بغير العدو؟

والصواب أنه يكون بغير العدو، يكون بالعدو ويكون بالمرض ويكون بذهاب النفقة، فإذا ذهبت نفقته في الطريق فهو محصر، أو حصره العدو فهو محصر، أو مرض فهو محصر، يتحلل بالحلق أو التقصير، وإن أمكنه يجعلها عمرة جعلها عمرة وطاف وسعى وحج من قابل إن كان ما حج كما أفتى عمر وأرضاه، وإن كان قد حج فالحمد لله ما عليه شيء، الإحصار عذر شرعي يتحلل، إن كان أمكنه عمرة يتحلل بعمرة وإلا يتحلل والحمد لله.

س: .....؟

الشيخ: ما هو بلازم، إذا كان يخاف يشترط، أما إذا كان آمن فالمعروف أن النبي ﷺ ما اشترط لأنه حج آمن عليه الصلاة والسلام، لكن إذا كان يخاف بسبب حوادث السيارات وأشباهه فلا بأس فمحلي حيث حبستني.

س: .....؟

الشيخ: لا ما عليه شيء، قبل الإحرام ما عليه شيء، هذا كله بعد الإحرام.

بَابُ تَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ عَنْ الْعُمْرَةِ بِالنَّحْرِ ثُمَّ الْحَلْقِ حَيْثُ أُحْصِرَ مَنْ حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ وَأَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ

2071 - عَنْ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ فِي حَدِيثِ عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَالصُّلْحِ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد، وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ الْمِسْوَرِ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ».

2072 - وَعَنْ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ قَالَا: «قَلَّدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَأَحْرَمَ مِنْهَا بِالْعُمْرَةِ، وَحَلَقَ بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي عُمْرَتِهِ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ، وَنَحَرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ». رَوَاهُ أَحْمَدُ.

2073 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إنَّمَا الْبَدَلُ عَلَى مَنْ نَقَضَ حَجَّهُ بِالتَّلَذُّذِ، فَأَمَّا مَنْ حَبَسَهُ عَدُوٌّ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَلَا يَرْجِعُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ وَهُوَ مُحْصَرٌ نَحَرَهُ إنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ، وَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وقال: وقال مالك وغيره: ينحر هديه ويحلق في أي موضع كان ولا قضاء عليه لأن النبي ﷺ وأصحابه بالحديبية نحروا وحلقوا وحلوا من كل شيء قبل الطواف وقبل أن يصل الهدي إلى البيت، ثم لم يذكر أن النبي ﷺ أمر أحًدا أن يقضوا شيئًا ولا يعود له والحديبية خارج الحرم، كل هذا كلام البخاري في صحيحه.

الشيخ: هذه الأحاديث كلها تتعلق بالإحصار، وقد دل الكتاب والسنة على أن المحصر ينحر هديه حيث أحصر ويحل ولا شيء عليه قال الله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] فدل ذلك على أن المحصر يحل في محله الذي أحصر فيه وينحر ثم يحلق، ولا يحلق حتى ينحر، ولما قدم النبي ﷺ عام الحديبية إلى مكة محرمًا بالعمرة ومعه أكثر من ألف وأربعمائة من الصحابة صدهم المشركون ومنعوه من دخول مكة إلا بحرب، ثم اصطلحوا معه على أنه يرجع عامه هذا ويأتي بالعام القادم للعمرة، أما هذا العام يرجع وذلك عام ست من الهجرة فتم الصلح بينهم على أنه يرجع عامه هذا ويعتمر من العام القادم ويمكث في مكة ثلاثة أيام فقط، فتم الصلح بينهم على ذلك، وأهدى النبي ﷺ في مكانه وحلق، وقال لأصحابه: انحروا واحلقوا وبدأ بنفسه فنحر ثم حلق، ثم بادر أصحابه كانوا قد توقفوا فلما رأوه نحر وحلق بادروا ونحروا وحلقوا، ولم يأمر أحدًا بالقضاء، فدل على أن المحصر لا يقضي إذا كان قد حج حجة الإسلام واعتمر عمرة الإسلام فلا قضاء عليه، إنما يتحلل إذا صد عن البيت يهدي ذبيحة فأكثر يعني رأس من الغنم أو سبع بدنة أو سبع بقرة عن الشخص، ثم بعد الهدي بعد الذبح يحلق لقوله جل وعلا: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196] يعني فاذبحوا ما استيسر من الهدي وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] نهى عن الحلق حتى يذبحوا، وهكذا أمر النبي ﷺ الصحابة أن ينحروا ثم يحلقوا ولم يأمرهم بالقضاء، وأما تسمية العمرة الآتية عمرة القضاء فهي عمرة القضاء يعني عمرة الصلح، سميت عمرة القضاء لأنها عمرة الصلح الذي تم بين النبي ﷺ وبين أهل مكة أن يعتمر في العام القادم عام سبع، فأتى واعتمر عام سبع ومكث في مكة ثلاثة أيام ثم خرج.

والإحصار لا فرق فيه بين إحصار الحج وإحصار العمرة، وإذا كان إحصاره بعد عرفة فقد تم الحج الحج عرفة فإذا أحصر عن رمي الجمار فدى بذبيحة عن رمي الجمار، وإن منع من المبيت في منى أو مزدلفة فلا شيء عليه كالسقاة، أما إذا أحصر قبل عرفة فإنه يتحلل، وهكذا في العمرة إذا أحصر يتحلل وينحر ويحلق، والحمد لله.

أَبْوَابُ الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا

بَابٌ فِي إشْعَارِ الْبُدْنِ وَتَقْلِيدِ الْهَدْيِ كُلِّه

2074 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ دَعَا نَاقَتَهُ فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ وَسَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.

2075 - وَعَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ قَالَا: «خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ الْمَدِينَةِ فِي بِضْعِ عَشَرَةَ مِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى إذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ النَّبِيُّ ﷺ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد.

 2076 - وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «فَتَلْتَ قَلَائِدَ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إلَى الْبَيْتِ فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلًّا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

2077 - وَعَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَهْدَى مَرَّةً إلَى الْبَيْتِ غَنَمًا فَقَلَّدَهَا». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذه الأحاديث تتعلق بالهدايا والضحايا، يأتي بحث الضحايا إن شاء الله، أما الهدايا فهي ما يساق إلى البيت يقال له هدية، ما يسوقه الإنسان من بيته من بلده من الطريق إلى مكة هذا يسمى هدية من إبل أو بقر أو غنم، فإذا ساقه فليس يحرم عليه شيء في بلده كما قالت عائشة: «أهدي النبي ﷺ الإبل وأهدى الغنم ولم يحرم عليه شيء» كان له حلال يرسل إبل أو بقر أو غنم تذبح في مكة للفقراء هذا يسمى هدية، ويبقى حلال هو هذا نوع، والنوع الثاني: أن يكون معه صحبته في الحج أو في العمرة، فهذا إذا كان حاجًا لا يحل حتى ينحر هديه، يبقى على إحرامه كما جرى في حجة الوداع، أمر ﷺ من كان معه هدي أن يبقى على إحرامه، ومن ليس معه هدي أن يتحلل بالطواف والسعي والتقصير، وفيه أن السنة إشعارها إشعار الإبل المهداة، وذلك بأن تجرح في سنامها، تجرح بجرح يسيل الدم ثم يسلت الدم الذي في سنامها وتقلد بشيء من نعل أو غيره تعرف بأنها هدية، حتى لو عطبت في الطريق تذبح وتقسم على الفقراء، والإنسان إذا أحرم ومعه هدي فليس له حل حتى ينحر هديه في عمرة أو حج، أما إن كان باق في البلد أرسله وهو في البلد فلا يحرم عليه شيء، إذا أرسل إبل أو بقر أو غنم وهو جالس في البلد ما أحرم فهذا يذبح في مكة وهو حلال لا يحرم عليه شيء لأنه ما أحرم، والإبل تشعر في أسنمتها بجرح يسيل الدم ويطرح على سنامها علامة على أنها هدية مع التقليد في رقبتها، والغنم تقلد فقط، تقلد بنعل أو قلادة خاصة تعرف بأنها هدي. وفق الله الجميع.

س: .....؟

الشيخ: إذا مات ما في شيء، لكن إذا عطب يذبح ويعطى الفقراء.

بَابٌ النَّهْي عَنْ إبْدَالِ الْهَدْيِ الْمُعَيَّنِ

2078 - عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «أَهْدَى عُمَرُ نَجِيبًا فَأُعْطِيَ بِهَا ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَهْدَيْت نَجِيبًا فَأُعْطِيت بِهَا ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ فَأَبِيعُهَا وَأَشْتَرِي بِثَمَنِهَا بُدْنًا، قَالَ: لَا انْحَرْهَا إيَّاهَا». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ.

بَابُ أَنَّ الْبَدَنَةَ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ عَنْ سَبْعِ شِيَاهٍ وَبِالْعَكْسِ

2079 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إنَّ عَلَيَّ بَدَنَةً وَأَنَا مُوسِرٌ وَلَا أَجِدُهَا فَأَشْتَرِيهَا، فَأَمَرَهُ ﷺ أَنْ يَبْتَاعَ سَبْعَ شِيَاهٍ فَيَذْبَحَهُنَّ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.

2080 - وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي لَفْظٍ: «قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اشْتَرِكُوا فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كُلُّ سَبْعَةٍ فِي بَدَنَةٍ. رَوَاهُ الْبَرْقَانِيُّ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «اشْتَرَكْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ: أَيَشْتَرِكُ فِي الْبَقَرِ مَا يَشْتَرِكُ فِي الْجَزُورِ؟ فَقَالَ: مَا هِيَ إلَّا مِنْ الْبُدْنِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

2081 - وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: «شَرَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حِجَّتِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْبَقَرَةِ عَنْ سَبْعَةٍ». رَوَاهُ أَحْمَدُ.

2082 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ فَحَضَرَ الْأَضْحَى فَذَبَحْنَا الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَعِيرَ عَنْ عَشَرَةٍ». رَوَاهُ الْخَمْسَةِ إلَّا أَبَا دَاوُد.

الشيخ: هذه الأحاديث: الحديث الأول فيما يتعلق بتعيين الهدي أو الأضحية، إذا عين الهدي أو الضحية فلا يبدل، حديث عمر أنه عين نجيبًا فأستأذن فلم يؤذن له في إبداله وأمره أن ينحره؛ لأنه بعدما عين تعين ووجب نحره لله وصار خارجًا عن ملك المعين، فإذا عين بدنة أو شاة للضحية أو الهدية لزمه نحرها وذبحها لله لأنها تعينت كالمنذورة، وفي الأحاديث المذكورة دلالة على أن البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، وأنه إذا ذبح بقرة عن سبعة أو ناقة عن سبعة فقد أجزأ في الهدايا والضحايا، والسبع الشياه تجزي عن البدنة وعن البقرة، والبدنة والبقرة تجزي عن السبع، فإذا نذر أن ينحر بدنة أو بقرة أجزأ عنها سبع شياه، وإذا نذر سبع شياه أجزأه عنها بدنة أو بقرة، كل واحد يقوم مقام الآخر، سبع البدنة عن شاة، والبدنة عن سبعة، هكذا جاء في الصحيحين عن النبي ﷺ، أما حديث ابن عباس «أنهم ذبحوا في بعض أسفار النبي ﷺ البدنة عن عشرة والبقرة عن سبعة» فهو حديث في صحته نظر، وإن صح فهو منسوخ لأنه قبل حجة الوداع، حجة الوداع ما بعدها أسفار، حجة الوداع جاء عن النبي ﷺ: «البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة» فهذا ناسخ لما قبله إن صح، وإنما هذا يصلح في توزيع الغنائم، قد يعدل البعير بعشرة في الغنيمة، أما في الضحايا البعير عن سبعة، والبقرة عن سبعة، وأما حديث ابن عباس هذا إما غلط من بعض الرواة، وإما منسوخ بالأحاديث الصحيحة الدالة على أن البدنة عن سبعة، كما فعل ﷺ في حجة والوداع، وأسفاره كانت قبل حجة الوداع. وفق الله الجميع.

بَابُ رُكُوبِ الْهَدْيِ

2083 - عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «رَأَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَجُلًا يَسُوقُ الْبَدَنَةَ فَقَالَ: ارْكَبْهَا، فَقَالَ: إنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ: ارْكَبْهَا قَالَ: إنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ: ارْكَبْهَا ثَلَاثًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَهُمْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ.

2084 - وَعَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً قَدْ أَجْهَدَهُ الْمَشْيُ، فَقَالَ: ارْكَبْهَا، قَالَ: إنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ: ارْكَبْهَا وَإِنْ كَانَتْ بَدَنَةً. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.

2085 - وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رُكُوبِ الْهَدْيِ فَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إذَا أُلْجِئْت إلَيْهَا، حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.

2086 - وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ: يَرْكَبُ الرَّجُلُ هَدْيَهُ فَقَالَ: «لَا بَأْسَ بِهِ، قَدْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَمُرُّ بِالرِّجَالِ يَمْشُونَ فَيَأْمُرُهُمْ بِرُكُوبِ هَدْيِهِ، قَالَ: لَا تَتَّبِعُونَ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّكُمْ ﷺ». رَوَاهُ أَحْمَدُ.

بَابُ الْهَدْيِ يَعْطَبُ قَبْلَ الْمَحَلِّ

2087 - عَنْ أَبِي قَبِيصَةَ ذُؤَيْبِ بْنِ حَلْحَلَةَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالْبُدْنِ ثُمَّ يَقُولُ: إنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ فَخَشِيتَ عَلَيْهَا مَوْتًا فَانْحَرْهَا ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا ثُمَّ اضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا، وَلَا تَطْعَمْهَا أَنْتَ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ.

2088 - وَعَنْ نَاجِيَةَ الْخُزَاعِيِّ وَكَانَ صَاحِبَ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: قُلْت: كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنْ الْبُدْنِ؟ قَالَ: انْحَرْهُ وَاغْمِسْ نَعْلَهُ فِي دَمِهِ وَاضْرِبْ صَفْحَتَهُ وَخَلِّ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ فَلْيَأْكُلُوهُ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ.

2089 - وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ صَاحِبَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنْ الْهَدْيِ؟ فَقَالَ: كُلُّ بَدَنَةٍ عَطِبَتْ مِنْ الْهَدْيِ فَانْحَرْهَا ثُمَّ أَلْقِ قَلَائِدَهَا فِي دَمِهَا ثُمَّ خَلِّ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهَا يَأْكُلُوهَا. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْهُ.

الشيخ: هذه الأحاديث تتعلق بالهدي، ما يهديه المؤمن إلى المسجد الحرام، إلى الكعبة، في الأحاديث الأول الدلالة على أنه يركب، فإذا أهدى هديًا من المدينة من الرياض من أي مكان إلى مكة للذبح في أيام منى فإن له أن يركبه إذا احتاج إليه، ولهذا قال ﷺ: اركبها أمره أن يركب هديه إذا احتاج إليه ولا يمشي، وفي اللفظ الآخر: إذا ألجئت بالمعروف فإذا الإنسان أهدى بدنة أو بدن تهدى إلى مكة حتى تذبح في منى أيام النحر أو في غير أيام النحر أو في أي أيام في أي وقت، إذا أهدى إلى مكة هديًا ليذبح في مكة للتقرب هناك إلى الله وتوزيعه بين الفقراء في مكة فإن له الركوب إذا احتاج إلى ذلك ولا يمشي لكن بالمعروف إذا ألجئ إلى هذا، إذا دعت الحاجة إلى هذا لا يمشي يركب لكن بالمعروف، لا يزعجها ولا يؤذيها، ثم إذا وصل ذبحها، أما إن أغناه الله عنها فلا بأس يقودها إذا استغنى عنها يقودها والحمد لله، أما إذا احتاج الركوب يركب بالمعروف من غير إيذاء من غير تسبب في إعطابها.

وفي الأحاديث الثلاثة الأخيرة الدلالة على أنه متى عطب الهدي، يعني أصابه مرض أو كسر وعطب حتى لا يستطيع الوصول إلى مكة ينحر في مكانه، معه إبل أو بقر أو غنم عطبت يعني أصابها عطب سقطت أو مرضت ولم يستطع إيصالها إلى مكة فإنه ينحرها، ينحر الإبل ويذبح البقر والغنم ويصبغ النعل الذي علق عليها علامة على أنها هدي في دمها، ويضرب بالصفحة الإبل حتى يعرف أنها هدي، ثم يخلي بينها وبين الناس يأكلونها أبناء السبيل، أما هو فلا يأكل منها شيئًا هو ورفقته الذين معهم، الهدي لا يأكلون منها، وهذا والله أعلم أراد به سد الذريعة لئلا يتسببوا في عطبها ليأكلوها، فمن حكمة الله أن منع من يسوق الهدي أن يأكل منه إذا عطب، لكن ينحره ويصبغ نعله في دمه ويضرب بها على صفحته ويخلي بينه وبين الناس ليأكلوه، وأما نفس الذي جاء بالهدي والذي يسوق الهدي فهذا لا يأكل شيئًا، الرسول ﷺ منعه لا هو ولا رفقته سدًا لذريعة التساهل، لأنهم إذا عرفوا أنه يؤكل قد يتساهلون فيعطبونه حتى يأكلوه، فهم ممنوعون من الأكل منه بل يذبح ويترك لغيرهم، أما هم فلا يأكلون منه شيئًا. وفق الله الجميع.

بَابُ الْأَكْلِ مِنْ دَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالتَّطَوُّعِ

2090 - فِي صِفَةِ حَدِيثِ جَابِرٍ: «حَجَّ النَّبِيُّ ﷺ قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.

2091 - وَعَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَجَّ ثَلَاثَ: حِجَجٍ حِجَّتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ، وَحِجَّةً بَعْدَمَا هَاجَرَ وَمَعَهَا عُمْرَةٌ، فَسَاقَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ بَدَنَةً، وَجَاءَ عَلِيٌّ مِنْ الْيَمَنِ بِبَقِيَّتِهَا فِيهَا جَمَلٌ لِأَبِي لَهَبٍ فِي أَنْفِهِ بُرَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ فَنَحَرَهَا، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَطُبِخَتْ وَشَرِبَ مِنْ مَرَقِهَا». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ: «فِيهِ جَمَلٌ لِأَبِي جَهْلٍ».

2092 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ وَلَا نُرَى إلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إذَا طَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ، قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْت مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ أَزْوَاجِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وهو دليل على أن الأكل من دم القران لأن عائشة كانت قارنة.

الشيخ: هذه الأحاديث الثلاثة كلها تدل على أن السنة أن يأكل الإنسان من هديه في الحج، هدي التمتع والقران لقوله - جل وعلا -: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ۝ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:27-28] فالسنة أن يأكل منها، ولهذا لما حج النبي ﷺ حجة الوداع أهدى ثلاث وستين بدنة، وجاء علي بن أبي طالب بتمام المائة بسبع وثلاثين، الجميع مائة بدنة أهداها في حجة الوداع، وأمر من كل بدنة ببضعة، أمر من كل بدنة لما نحرت ببضعة قطعة فجمع في قدر وطبخت فشرب من مرقها وأكل من لحمها، فدل على أنه يستحب للمهدي - لصاحب الحج والعمرة - أن يأكل من هديه كما أكل النبي ﷺ، سواء كان الهدي واجبًا كهدي التمتع والقران، أو متطوعًا به لأن الله قال: فَكُلُوا مِنْهَا [الحج:28].

أما حديث جابر أن الرسول حج قبل الهجرة حجتين وبعد الهجرة واحدة فهو حديث ضعيف، الذي يظهر من سيرته ﷺ أنه حج حجات كثيرة قبل الهجرة، وكان يمر على الحجاج في مواسم الحج ويعظهم ويذكرهم ويبلغهم رسالات الله، فلم يبلغنا أنه تأخر عن حجة من الحجات بعدما أوحى الله إليه، كان يمر عليهم في منى ويعظهم ويذكرهم، فالمقصود أن حديث جابر هذا ضعيف، الذي فيه ذكر ثلاث وثلاثين بدنة أو سبعة وثلاثين بدنة، الصواب أنه أهدى مائة مثلما تقدم في الحديث الصحيح، وهكذا إهداؤه البقر يدل على أنه لا بأس أن يهدي الحاج بقرا أو إبلا أو غنما سواء كان حاجًا مفردًا أو متمتعًا أو قارنًا، إذا أهدى بقرة أو إبلا أو غنما فإنه يعطي منها الفقراء ويأكل منها كما فعل النبي ﷺ، وفق الله الجميع.

س: .....؟

الشيخ: ما دام أهدى تطوعًا ...

س: .....؟

الشيخ: لا غلط ما هو بصحيح، كله طيب لحمها وشحمها، غلط هذا ليس بصحيح.

بَابُ أَنَّ مَنْ بَعَثَ بِهَدْيٍ لَمْ يُحَرَّمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِذَلِكَ

2093 - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُهْدِي مِنْ الْمَدِينَةِ، فَأَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِهِ ثُمَّ لَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ كَتَبَ إلَى عَائِشَةَ أَنَّ عبداللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَا فَتَلْت قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِيَدِي ثُمَّ قَلَّدَهَا بِيَدِهِ ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ». أَخْرَجَاهُ.

بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْأُضْحِيَّة

2094 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إلَى اللَّهِ مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ، وَإِنَّها لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

2095 - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: «قُلْت: أَوْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الْأَضَاحِيُّ؟ قَالَ: سُنَّةُ أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ، قَالُوا: مَا لَنَا مِنْهَا؟ قَالَ: بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةٌ، قَالُوا: فَالصُّوفُ؟ قَالَ: بِكُلِّ شَعْرَةٍ مِنْ الصُّوفِ حَسَنَةٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.

2096 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.

2097 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا أُنْفِقَتْ الْوَرِقُ فِي شَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ نَحِيرَةٍ فِي يَوْمِ عِيدٍ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.

الشيخ: الحديث الأول يدل على أن المسلم إذا أهدى هديًا إلى مكة فإنه لا يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم لأن الرسول أهدى ولم يحرم عليه شيء كما قالت عائشة رضي الله عنها، فإذا بعث من بلده إبلا أو بقرا أو غنما تنحر في مكة أو في منى تطوعًا وتقربا إلى الله فإنه لا يكون محرمًا بذلك ولا يحرم عليه زوجة ولا طيب ولا لباس ولا غير ذلك لأن هذا هدي مجرد ليس معه عمرة ولا حج فلا حرج فإنه يبقى على حاله حلالا، وما يروى عن ابن عباس في هذا ليس بصحيح، فالمقصود أن المسلم إذا أهدى هديًا وهو لم يحرم فإنه على حله لا يحرم عليه شيء بالإهداء إلى مكة سواء في أيام الحج أو غيره إذا كان لم يحرم.

أما الأحاديث الأخيرة المتعلقة بالضحية فهي أحاديث ضعيفة، كلها أحاديث ضعيفة، ما يتعلق بأن الدم يقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض، وأنها تأتي بقرونها، وأنه ما أريق شيء أفضل من دم يراق يوم العيد، كلها أحاديث ضعيفة ليست بثابتة عن النبي ﷺ، وإنما المحفوظ فعله ﷺ كان يضحي بكبشين، فالسنة أن يضحى كما كان النبي يضحي تأسيًا به عليه الصلاة والسلام، أما الأحاديث التي في فضلها وأنها تأتي بقرونها وأشعارها وأن الدم يقع من الله بمكان وأن بكل شعرة حسنة كلها أحاديث ضعيفة.

والمحفوظ أنه ﷺ كان يضحى بكبشين أملحين: أحدهما عن محمد وآل محمد، والثاني عمن وحد الله من أمة محمد، كما رواه أنس رحمه الله في الصحيحين، ورواه غيره، هذا هو المحفوظ عنه ﷺ، وهي سنة تأسيا بالنبي ﷺ، الضحية سنة تأسيا بالنبي ﷺ لأنه ضحى والله يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21] فيسن للمؤمن أن يضحي عن الرجل وأهل بيته ضحية واحدة عن الرجل وأهل بيته، هذا هو السنة كما فعله النبي ﷺ، وإذا ضحى بأكثر فلا بأس.

وكذلك حديث: من لم يضح فلا يقربن مصلانا، من كان له سعة فلم يضح ... فهو حديث ضعيف أيضًا وموقوف على أبي هريرة على الصحيح، ومع هذا ضعيف الإسناد، فالضحية مستحبة فقط ليست بواجبة تأسيًا بالنبي عليه الصلاة والسلام. وفق الله الجميع.

س: .....؟

الشيخ: نعم هو الصحيح، هو الصواب، إنما الصواب من فعل النبي ﷺ.

س: .....؟

الشيخ: واحدة عنه وعن أهل بيته، سواء أهله معه في مكة، أو في المدينة، أو في الرياض، أو في الشام، أو في اليمن، أضحية عنه وعن أهل بيته.

بَابُ مَا اُحْتُجَّ بِهِ فِي عَدَمِ وُجُوبِهَا بِتَضْحِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ عَنْ أُمَّتِهِ

2098 - عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «صَلَّيْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عِيدَ الْأَضْحَى، فَلَمَّا انْصَرَفَ أُتِيَ بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ.

2099 - وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إذَا ضَحَّى اشْتَرَى كَبْشَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقَرْنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَإِذَا صَلَّى وَخَطَبَ النَّاسَ أُتِيَ بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ قَائِمٌ فِي مُصَلَّاهُ فَذَبَحَهُ بِنَفْسِهِ بِالْمُدْيَةِ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ هَذَا عَنْ أُمَّتِي جَمِيعًا مَنْ شَهِدَ لَك بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لِي بِالْبَلَاغِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْآخَرِ فَيَذْبَحُهُ بِنَفْسِهِ وَيَقُولُ: هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، فَيُعِطْيهُمَا جَمِيعًا الْمَسَاكِينَ وَيَأْكُلُ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنْهُمَا، فَمَكَثْنَا سِنِينَ لَيْسَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ يُضَحِّي قَدْ كَفَاهُ اللَّهُ الْمُؤْنَةَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالْغُرْمَ». رَوَاهُ أَحْمَدُ.

بَابُ مَا يَجْتَنِبُهُ فِي الْعَشْرِ مَنْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ

2100 - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ. وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد وَهُوَ لِمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا: مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فَإِذَا أَهَلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ.

الشيخ: هذه الأحاديث الأولى فيما يتعلق بالضحية، الضحية سنة من عمل النبي ﷺ، وهذا هو الثابت فيها، أما ما تقدم من الأحاديث القولية فهي غير ثابتة، لكن ثبت فيها أنه ﷺ كان يضحي، وقد قال الله : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21] وكان يضحي بكبشين: أحدهما عن محمد وآل محمد زوجاته وأهل بيته وبناته، والثاني عمن وحد الله من أمة محمد، فهذا هو السنة، السنة الضحية في عيد النحر يوم العيد وثلاثة أيام بعدها يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته، كما قال أبو أيوب كان نضحي في عهد النبي ﷺ يضحي الرجل بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون، فالشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وعن أهل بيته، وإن كان عنده أربع نساء، وإن كان عنده أولاد كثيرين ووالديه وجميع أهل بيته واحدة تكفي عنهم، وإن ضحى بأكثر فلا بأس لفعله ﷺ، والسنة أنه يأكل ويطعم، يأكل ما تيسر ويطعم الفقراء والجيران والأحباب، ولهذا كان ﷺ يعطيها الفقراء ويأكل وأهل بيته منها، والواجب على من أراد الضحية ألا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا ولا من بشرته، إذا عزم على الضحية ودخل الشهر - شهر ذي الحجة - لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي، إذا كان يضحي عن نفسه وأهل بيته، أما إذا كان وكيل فالوكيل ما عليه شيء، كونه وكيل في وقف أو وكيل عن إنسان يضحي عنه لا حرج عليه أن يأخذ من شعره ومن أظفاره، لكن إذا كان يضحي هو بنفسه عنه وعن أهل بيته لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا، أما إذا كان وكيل أوقاف، وكيل ضحايا - ما يضحي عن نفسه - ولكنه وكيل فهذا لا حرج عليه أن يأخذ من أظفاره وشعره، لكن من كان يضحي عن نفسه، أو عن نفسه وأهل بيته فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئًا إذا دخل الشهر حتى يضحي. وفق الله الجميع.

س: النهي للتحريم؟

الشيخ: نعم هذا الأصل في النهي.

س: فيه كفارة؟

الشيخ: التوبة والاستغفار.

س: .....؟

الشيخ: إذا كان يضحي عن نفسه وعن أهل بيته لا يأخذ، أما الوكيل والأجير لا حرج عليه، إنما هذا في الذي يضحي عن نفسه، يتقرب إلى الله يضحي عن نفسه وأهل بيته.

س: ماذا يحمل عدم تضحية أبو بكر وعمر وابن عباس؟

الشيخ: ما أدري عنهم، ما عندي خبر، ما ثبت عندي شيء، والحجة فيهم وإلا في الرسول؟ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21] إذا جاء نهر الله بطل نهر العقل، إذا ثبت شيء عن رسول الله لا تسأل عن الآخرين.

س: الموكل هل يمسك عن أخذ شعره وأظفاره؟

الشيخ: إذا كان مضحي لا يأخذ ولو ما ذبح بنفسه، ولو وكل من ذبح له إذا كان مضحي عن نفسه وأهل بيته لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا، سواء باشر الضحية بنفسه أو ذبحها عنها غيره.

س: يا شيخ البشرة؟

الشيخ: البشرة: الجلد، يعني لا يأخذ من جلده شيء. لا من الظفر ولا من الشعر ولا من الجلدة -جلدة يده أو رجله-.

س: اعتاد بعض الناس من سكان الطائف وجدة النزول إلى منى يوم عيد النحر لشراء الذبائح منها وأخذها إلى الطائف أو جدة علمًا بأنهم ليسوا فقراء ويشترونها من فقراء مكة، وفيه لحوم الهدي ودماء التمتع؟

الشيخ: نعم، إذا جاءت للفقير لحوم الضحايا والهدايا إذا أكل أو باع فلا بأس، ملكها.

س: أنا وإخوتي نعمل في بلدان متفرقة ثم في عيد الأضحى نجتمع عند والدنا ويذبح والدنا الأضحية، فهل تكفي هذه الأضحية عنا جميعا مع العلم بأن لكل واحد منا شقة مستقلة؟

الشيخ: كل واحد من السنة أن يضحي عن نفسه ما دام مستقل في البيت، فكل واحد يضحي عن نفسه، هذا السنة، وأبوكم يضحي عن نفسه وأهل بيته، كل واحد من أولاده المستقلين كل واحد يضحي عن نفسه، هذا هو الأفضل.