30 باب ما جاء في السحر

باب ما جاء في السحر

وقول الله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ [البقرة:102]، وقوله تعالى: يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ [النساء:51].

قال عمر: "الجبت السحر، والطاغوت الشيطان".

وقال جابر: "الطواغيت كهان كان ينْزل عليهم الشيطان، في كل حي واحد".

وعن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات.

وعن جندب مرفوعا: حد الساحر ضربة بالسيف رواه الترمذي، وقال: الصحيح أنه موقوف.

وفي صحيح البخاري عن بجالة بن عبَدة قال: "كتب عمر بن الخطاب أن اقتلوا كل ساحر وساحرة. قال: فقتلنا ثلاث سواحر".

وصح "عن حفصة رضي الله عنها أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت" وكذلك صح عن جندب قال أحمد: عن ثلاثة من أصحاب النبي ﷺ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله عليه وسلم رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد:

فهذا الباب في السحر عقده المؤلف رحمه الله، وهو أبو عبد الله محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي رحمه الله، شيخ الإسلام في زمانه، والمجدد لما اندرس من معالم الإسلام في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري في هذه الجزيرة رحمه الله، كتب كتاب التوحيد لبيان ما عليه الناس من الشرك الأكبر، وبيان ما ينافيه وبيان كثير من البدع التي وقع فيها الناس، ومن ذلك هذا الباب، "باب ما جاء في السحر" السحر قد فشا في كثير من الناس، ولاسيما في وقت الغفلة والجاهلية والفترة يكثر السحرة والمنجمون والرمالون والكهنة لخلو الجو لهم وقلة الدعاة إلى الله وقلة المرشدين؛ فيخلو لهم الجو ويكثرون ففي كل مكان يقل فيه العلم وأهله يكثر فيه دعاة الباطل والكهنة والمنجمون والسحرة وسائر عباد الشيطان، والمعنى: باب ما جاء في السحر من الوعيد، والدلالة على أنه شرك أكبر، وأن الواجب قتل أهله؛ لأن السحرة يعبدون الشياطين ويستغيثون بهم ويستعينون بهم في إيذاء الناس فصاروا بهذا مشركين كما في حديث النسائي المتقدم: (ومن سحر فقد أشرك) وقال الله جل وعلا: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ [البقرة:102] وقبلها قوله تعالى: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ [البقرة:102] من اشتراه يعني: اعتاضه، من خلاق يعني: من حظ ونصيب.

ثم قال بعدها: وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:103] دل على أن السحر ينافي الإيمان والتقوى، فالساحر قد أشرك وعبد غير الله، وعمله ينافي الإيمان والتقوى.

وقال جل وعلا: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ [النساء:51] أي يؤمنون بالسحر كما قال عمر.

وقال بعضهم: الجبت معناه الشيء الذي لا خير فيه كالصنم ونحو ذلك مما لا خير فيه، فالمعبودات من دون الله تسمى جبتًا، والسحر يسمى جبتًا، وكل شيء لا خير فيه يسمى جبتًا.

وثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات.

فجعل السحر من السبع الموبقات يعني: المهلكات، وهو قرين الشرك؛ لأنه من الشرك يتوصل إليه بدعاء الجن والشياطين والاستعانة بهم فهكذا السحرة، ولهذا في حديث النسائي المتقدم: ومن سحر فقد أشرك، وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ [البقرة:102].

وعن جندب يروى ابن بن عبد الله الأزدي ويروى جندب الخير، يروى مرفوعًا عن النبي ﷺ أنه قال: حد الساحر ضربه بالسيف وفي رواية: ضربة بالسيف والمشهور أنه موقوف على جندب، وهذا لا يقال من جهة الرأي، حد الساحر ضربه بالسيف ما يقال من جهة الرأي لولا أنه سمعه من النبي ﷺ ما قاله.

وفي صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة أن عمر كتب إلى عماله في الشام أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، قال: فقتلنا ثلاث سواحر.

وصح عن حفصة رضي الله عنها أنها قتلت جارية لها سحرتها فقتلت.

قال أحمد: صح ذلك عن ثلاثة من أصحاب النبي ﷺ عن عمر وجندب وحفصة.

والآية تدل على ذلك، تدل على كفر الساحر، وأنه عبد لغير الله، والواجب قتله لعظم شره، فلا يستتاب؛ لأن شركه خفي فلا يستتاب؛ بل يقتل، وإن كان تائبًا فيما بينه وبين الله صادقا تاب الله عليه، فيما بينه وبين الله، لكن في الدنيا يقتل حماية للمسلمين من شره وفساده.

نسأل الله العافية والسلامة.

الأسئلة:

س: الطاغوت يشتمل على الجن والإنس أو فقط الإنس؟

الشيخ: الطاغوت شياطين الإنس والجن كلهم طواغيت هم شياطين الإنس والجن، نسأل الله العافية، نعم.

س: السحر هل يصاب به الصالحون الذين يحافظون على الأذكار اليومية والأوراد؟

الشيخ: السحر قد يصاب به الإنسان، ولكن من اعتصم بحبل الله وتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق وأتى بالتعوذات الشرعية يكفيه الله جل وعلا.

س: كيف نجمع أنه ﷺ سحر، وهو خير الناس؟

الشيخ: .. قد يكون سبب صادف شيئًا منه ولم يكن هناك وقاية، قد يكون صادف يومًا أو ساعة لم يتعاطَ فيها النبي أسباب الوقاية عليه الصلاة والسلام.

س: هذا قبل المعوذات أحسن الله إليك؟

الشيخ: نعم؟

الطالب: قبل ما تنزل المعوذات؟

الشيخ: محتمل، الله أعلم محتمل، الواجب على المؤمن أن يحرص على الوقاية الشرعية ويحرص على ما شرعه الله من التعوذات لعل الله جل وعلا يكفيه الشر.

س: فتوى انتشرت عن بعض أهل العلم رحمة الله عليهم أحياء وأمواتاً عن جواز تلك النشرة عن طريق السحر للضرورة، وقول النبي ﷺ: حد الساحر ألا يكفي، وألا يقطع أن يمنع البتة، ولا يذكر القول الثاني لأهل العلم؟

الشيخ: على كل حال القول الثاني خطأ، قوله حد الساحر ضربة بالسيف مثل ما تقدم موقوف ولكنه في حكم المرفوع، ونص القرآن كفر الساحر وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ [البقرة:102].

س: ترد الفتوى من أصلها؟

الشيخ: نعم، نسأل الله العافية.

س: معنى الجبت في اللغة؟

الشيخ: الجبت من لا خير فيه من السحر وغيره، والصنم وغيره.

س: الأصل في اللغة يا شيخ؟

ج: هو الشيء الذي لا خير فيه يطلق عليه جبت، يطلق على الصنم جبت، على الساحر جبت وعلى كل ما يضر الناس ولا خير فيه يسمى جبتًا.

س: حديث لا يحل السحر إلا الساحر؟

الشيخ: هذا قول بعض السلف قول الحسن رحمه الله، لا يحل السحر إلا ساحر قول بعض السلف، والمعنى صحيح أي لا يحله بغير الرقية الشرعية والتعوذات الشرعية والأدوية الشرعية إلا ساحر بعبادة الشياطين، أما حله بالرقية الشرعية بالتعوذات بالأدوية المباحة هذا لا بأس به، ومن خير العلاج التعوذات الشرعية نعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق صباح ومساء ثلاث مرات، وقل هو الله أحد والمعوذتين ثلاث مرات صباح ومساء وعند النوم، كل هذه من أسباب الوقاية.

س: والذي يستعمل الساحر؟

الشيخ: يكون مثله، يكون كافرًا مثله، نسأل الله السلامة.

س: إذا عثر على عقد السحر هل تحرق؟

الشيخ: نعم تتلف.

س: قول الشافعي رحمه الله إذا تعلم السحر قلنا له صف لنا سحرك فإن وصف ما يوجب الكفر مثل اعتقاد أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة وأنها تفعل ما يلتمس منها فهو كافر، وإن كان لا يوجب الكفر فإن اعتقد إباحته كفر؟

الشيخ: المقصود بعض الناس ما يفهم السحر إذا عرف السحر أنه تعلق على الشياطين ودعاؤهم من دون الله أو دعاء الأصنام أو الأوثان هذا شرك أكبر بلاء عظيم، أما إذا كان أدوية يفعلها أو شيء يضر الناس ما يسمى سحرًا، الذي ما يتعلق بعبادة غير الله ما يسمى سحرا، ولا يؤثر في الناس، وإنما هو أشياء تضر الناس مثل الأمراض ومثل الجراحات هذا مراده رحمه الله، الشيء الذي ما فيه عبادة لغير الله إنما قد يستعمل أشياء قد تضر الناس ولكن ليست سحرًا تضره في رجله تضره في يده تضره في رأسه أشياء يستعملها إما كحولاً أو دخوناً أو أشياء تضره ليست من عبادة غير الله هذا من باب الظلم من باب العدوان.

س: يقول بعض القراء يضع يده على رأس المرأة التي يقرأ عليها فما حكم ذلك؟

الشيخ: إذا كان من وراء حائل ما يضر إذا كان من وراء حائل لتثبيت القراءة، أما المباشرة لا إن كان من وراء حائل أو وراء خمار أو وراء العباءة التي تثبت حتى يقرأ عليها لا تحرك رأسها.

س: شاب يسأل يقول بعت لأخي خمسة تلفازات حتى أخرجها من بيته، والمال الذي بعته ماذا أفعل به؟ هل أرده لأخي؟

ج: فيها شبهة إن رده فلا بأس، وإن سامحه أخوه وتصدق بها فحسن؛ لأن فيه شبهة، التلفاز قد يستعمل للخير فلا يسمع منه إلا الخير ولا يسمع الشر بعض الناس يحتاط ما هو كلهم يسمعون الشر.

س: إذا كان عنده دش هل يبيعه؟

ج: يتلفه الدشوش يتلفها، الدشوش شرها كبير.

...