02 من: (باب الإِخلاصِ وإحضار النيَّة في جميع الأعمال والأقوال والأحوال البارزة والخفيَّة)

 
بسم الله الرحمن الرحيم
1- باب الإِخلاصِ وإحضار النيَّة في جميع الأعمال والأقوال والأحوال البارزة والخفيَّة
قَالَ اللهُ تَعَالَى: وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5] وَقالَ تَعَالَى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37] وَقالَ تَعَالَى: قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ [آل عمران:29]
1/1- وعَنْ أَميرِ الْمُؤْمِنِينَ أبي حفْصٍ عُمرَ بنِ الْخَطَّابِ ، قالَ: سمعْتُ رسُولَ اللهِ ﷺ يقُولُ: إنَّما الأَعمالُ بالنِّيَّات، وإِنَّمَا لِكُلِّ امرئٍ مَا نَوَى، فمنْ كانَتْ هجْرَتُهُ إِلَى الله ورَسُولِهِ فهجرتُه إلى الله ورسُولِهِ، ومنْ كاَنْت هجْرَتُه لدُنْيَا يُصيبُها، أَو امرَأَةٍ يَنْكحُها فهْجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَر إليْهِ متَّفَقٌ عَليه.
2/2 - وَعَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ عَائشَةَ رَضيَ الله عنها قالت: قالَ رسول الله ﷺ: يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ فَإِذَا كَانُوا ببيْداءَ مِنَ الأَرْضِ يُخْسَفُ بأَوَّلِهِم وَآخِرِهِمْ. قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُخْسَفُ بَأَوَّلِهِم وَآخِرِهِمْ وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ وَمَنْ لَيْسَ مِنهُمْ،؟ قَالَ: يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِم وَآخِرِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُون عَلَى نِيَّاتِهِمْ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ: هذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ.
3/3- وعَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عنْهَا قَالَت قالَ النَّبِيُّ ﷺ:  لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلكنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفرِتُمْ فانْفِرُوا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد:
فهذه الآيات الكريمات والأحاديث النبوية كلها تتعلق بالإخلاص في العمل، وأن الواجب على المكلف أن يخلص لله في أعماله، وأن يعبده وحده دون كل ما سواه، وأن يكون ذلك على طبق شريعة محمد عليه الصلاة والسلام، هكذا يجب على جميع المكلفين أن يعبدوا الله وحده وأن يخلصوا له العمل على مطابقة الشريعة التي بعث بها نبيه محمد عليه الصلاة والسلام؛ فإن العمل له شرطان التقرب إلى الله والعمل الصالح له شرطان:
أحدهما: الإخلاص لله، وأن تكون النية لله.
والشرط الثاني: موافقة الشريعة.
كما قال تعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا يعني موافقًا للشريعة وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110]، ويقول جل وعلا: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]، ويقول جل وعلا: قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ [آل عمران:29]، هو لا يخفى عليه خافية جل وعلا ويقول سبحانه: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [غافر:14] فالواجب على جميع المكلفين في أعمالهم وأقوالهم الإخلاص لله، والتقرب إليه في عبادتهم من صلاة وصوم وحج وصدقات وجهاد وغير ذلك يجب أن يكون العمل لله وحده يقصد به وجهه والقربة إليه وطلب ثوابه حتى يحصل الأجر والثواب من الله عز وجل، وحتى تبرأ الذمة؛ ولهذا يقول ﷺ: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى فمن صلى لله، فصلاته لله، ومن صلى للرياء فصلاته للرياء، وهكذا من حج أو تصدق أو جاهد أو نحو ذلك للرياء فله الرياء، ومن قصد وجه الله والدار الآخرة فله نيته وقصده، فالنية لها شأن عظيم ومقام عظيم في أعمالك يا عبد الله الظاهرة والباطنة، فالهجرة والصيام والصدقة والجهاد والحج وغير ذلك كله يحتاج إلى النية لله، وأن تكون قصدت وجه ربك ترجو ثوابه وتخشى عقابه، فالإنسان يخرج من بيته قاصدًا عملاً صالحًا فله أجره، قاصدًا عملاً سيئًا فعليه وزره إذا فعله، ولا حول ولا قوة إلا بالله!.

الحديث الثاني
ويقول عليه الصلاة والسلام: يغزو جيش الكعبة يعني في آخر الزمان؛ لهدمها فيخسف الله بهم الأرض يعني عقوبة عاجلة، قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، كيف يخسف بهم، وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟! يعني عادة الجيوش إذا جاءت يأتي فيها أسواق للبيع والشراء يأتي أناس ليسوا منهم إنما جاؤوا إما للشراء أو للبيع أو للاطلاع على الجيش  ليسوا منهم، قال عليه الصلاة والسلام: يخسف بهم جميعًا، ثم يبعثون على نياتهم الكل يبعث على نيته، اللي منهم يبعث على نيته، واللي معهم وليس له نيتهم يبعث على نيته، هكذا العقوبات إذا عمت تعم الصالح والطالح، ثم يبعث كل على نيته، فالواجب على المكلف أن يحذر عقوبة الله وبأسه، وأن يجتهد في إخلاص العمل لله وموافقة الشريعة قبل أن يهجم عليه الأجل أو تحل عقوبة تعمه وتعم غيره، كما قال النبي ﷺ: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه، وفي اللفظ الأخر: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقابه وقد أهلك الله أممًا كثيرة بالعقوبات العامة: قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم شعيب، وقوم لوط، وغيرهم أمم كثيرة كلها أهلكت بالعقوبات العامة لما ضيعوا أمر الله واستحلوا الشرك به وظلموا عباده عمتهم العقوبة نسأل الله العافية!.
فالواجب على كل مكلف أن يحذر نقمة الله وأن يبتعد عن أسباب غضبه وأن يجتهد في أداء حقه يرجو ثوابه ويخشى عقابه.

الحديث الثالث
وهكذا قوله ﷺ في حديث عائشة: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا يعني بعد أن فتح الله مكة على نبيه ﷺ لم يقع هناك هجرة منها، كان المسلمون يهاجرون من مكة إلى المدينة لأن الرسول ﷺ هاجر إليها فلما فتح الله مكة صارت بلد إسلام ولا هجرة منها.
وهكذا كل بلد يهاجر منها؛ لأنها بلد شرك إذا أسلم أهلها صارت بلد إسلام ولا هجرة منها، ولكن الجهاد باق، جهاد ونية، جهاد في سبيل الله لأعداء الله، والنية التي هي قصد وجه الله، قصد إعلاء كلمة الله لا بدّ من النية في الجهاد وغير الجهاد في الجهاد بأن يقصد بجهاده إعلاء كلمة الله هذا هو الجهاد الشرعي، وفي أعماله الأخرى من صلاة وغيرها يقصد وجه الله والتقرب إليه لا رياء ولا سمعة، وبهذا يحصل له الأجر العظيم والعاقبة الحميدة. وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: المؤلف اشترط الصحة في هذه الأحاديث؟
ج: نعم، لكن في أشياء يسيرة قد لاحظها بعضهم.
س: لكن جميع الأحاديث على شرطه؟
ج: نعم إنما أشياء يسيرة عليه ملاحظة فيها.
س: حديث معاذ  الذي يقول: أخلص من العمل القليل يكفك الكثير أو حول هذا المعنى ضعيف؟
ج: لا أعرفه.