15 من حديث ( مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر فقال: اتقي الله واصبري..)

 
7/31- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَال: اتَّقِي الله وَاصْبِرِي فَقَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنِّكَ لَمْ تُصَبْ بمُصِيبتي، وَلَمْ تعْرفْهُ، فَقيلَ لَها: إِنَّه النَّبِيُّ ﷺ، فَأَتتْ بَابَ النَّبِّي ﷺ، فلَمْ تَجِد عِنْدَهُ بَوَّابينَ، فَقالتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فقالَ: إِنَّما الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأولَى متفقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية لمُسْلمٍ: تَبْكِي عَلَى صَبيٍّ لَهَا.
8/32- وَعَنْ أَبي هَرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ قالَ: يَقولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبهُ إِلاَّ الجَنَّة رواه البخاري.
9/33- وعَنْ عائشَةَ رضيَ اللَّهُ عنها أنَهَا سَأَلَتْ رسولَ اللَّه ﷺ عَن الطَّاعونِ، فَأَخبَرَهَا أَنَهُ كَانَ عَذَاباً يَبْعَثُهُ اللَّه تَعَالَى عَلَى منْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ تعالَى رحْمةً للْمُؤْمنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ في الطَّاعُون فَيَمْكُثُ في بلَدِهِ صَابِراً مُحْتَسِباً يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ رواه البخاري

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في بيان وجوه الصبر وفضله وما لأهله عند الله من الأجر العظيم، وقد سبق من الآيات ما يدل على عظم شأن الصبر، كما قال جل وعلا: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]، وقال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ۝ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ۝ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155-157] وقال جل وعلا: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10].
وفي هذا أن امرأة كانت عند قبر تبكي على صبي لها، فمر عليها النبي ﷺ وقال: اتقي الله واصبري فقالت: إليك عني؛ فإنك لم تصب بمثل مصيبتي، يعني أساءت الأدب من شدة المصيبة التي أصابتها ولم تعرف الذي أمرها بالتقوى والصبر، فلما أخبرت جاءت إلى بيته صلى الله عليه وسلم فأخبرته أنها لم تعرفه، فقال ﷺ: إنما الصبر عند الصدمة الأولى يعني إنما الصبر الذي له الفضل والأجر عندما تقع المصيبة، أما بعد مدة فالإنسان يسلو كما يسلو غيره بعد طول المدة يسلو الإنسان، ما يكون له أجر الصبر إنما هو عند الصدمة الأولى عندما تقع المصيبة، يعني الموت والمرض ونحوه، فالواجب البدار بالصبر والاحتساب، وذلك بأن يكف لسانه عما لا ينبغي وجوارحه عما لا ينبغي هذا الصبر، وقلبه يكون مسلمًا لله راضيًا محتسبًا لا جزعًا، هذا الصبر طمأنينة القلب وعدم جزعه وكف اللسان عما لا ينبغي، وكف الجوارح عما لا ينبغي؛ ولهذا يقول ﷺ: ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية ويقول ﷺ: أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة الصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة التي تشق ثوبها عند المصيبة، والمقصود أن الواجب الصبر والاحتساب وكف اللسان عما لا ينبغي، والجوارح عما لا ينبغي، ليعلم الإنسان أن ما  أصابه إلا ما قدر له كل مصيبة في علم الله أنها تقع؛ ولهذا يقول جل وعلا: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا [الحديد:22]، مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11]، المصائب مقدرة، وقد مضى بها علم الله وتقديره، فعليك الصبر والاحتساب وعدم الجزع وسؤال  الله أن يمنحك الصبر وأن يعوضك خيرًا مما أخذ منك وأن يضاعف لك الأجر، وهكذا، ولهذا يقول ﷺ: ما من عبد يصاب بمصيبة، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرًا منها أخرجه مسلم في الصحيح، فالمؤمن هكذا يكون صبورًا عند البلاء، شكورًا عند الرخاء، وفي هذا يقول صلى الله عليه وسلم  يقول الله جل وعلا: ما لعبدي المؤمن جزاء إذا أخذت صفيه من أهل الدنيا فاحتسبه إلا الجنة هذا جزاء المؤمن إذا صبر واحتسب صفيه، يعني محبوبه من أب أو أخ أو ولد أو زوجة أو نحو ذلك، إذا احتسب فالله يجازيه على ذلك بالجنة والكرامة، وإن جزع فليس له إلا الجزع ليس له إلا الغضب ما ينفعه الجزع، فالجزع لا يرد الفائت الميت لا يرد والواقع لا يرد الجزع لا يأتي بالفائت ولا يرد المصيبة ولكن يأتي بالوزر والإثم.
كذلك حديث الطاعون جاء في أحاديث الطاعون رجز من عذاب عذاب شديد خطير، إذا وقع  في بلد في الغالب أنه يموت الكثير من أهلها، يقول ﷺ: إنه رجز أصاب من كان قبلنا، فمن وقع في بلده الطاعون فصبر واحتسب يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له، كان له أجر شهيد لو أصيب فالمقصود أن المؤمن ما أصابه من الطاعون وغيره شهادة له كالشهادة في سبيل الله، ولهذا قال ﷺ: إذا سمعتم به في بلد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم بها فلا تخرجوا منها فرارًا منه وقع وأنت في البلد تصبر وتحتسب ولا تخرج فرارًا منه، أما إذا سمع في بلد نزل فلا يقدم عليه كما أوصى النبي عليه الصلاة والسلام بهذا. نسأل الله العافية والسلامة.

الأسئلة:

س: بعض الناس إذا دخل المسجد ورأى الإمام في حالة الركوع يقول: إن الله مع الصابرين؟
ج: ما لها أصل هذه، ما يستحب هذا لا أعرف لهذا أصلاً، لكن الإمام لا يعجل إذا سمع قرع النعال، يمكث قليلاً زيادة حتى يدركوا الركوع.
س: شخص أصيب بمصيبة فجزع؟
ج:  يتوب إلى الله، إذا جزع يتوب إلى الله ويستغفر والحمد لله.
س: لكن إذا ذكر  فصبر هل له أجر الصابر بعد ذلك؟
ج: إذا تاب إلى الله نعم محى الله عنه الإثم وأعطاه الأجر.
س: أحسن الله إليك: حديث النبي ﷺ: إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا هل يدخل في ذلك الفرط يا شيخ؟
ج: إيه، الصبي محبوب، سواء فرط وإلا أب وإلا أم وإلا زوجة وإلا غيرها.
س: أفضل أنواع الصبر أحسن الله إليك؟
ج: الصبر على الطاعة، ثم الصبر على المعصية، ثم الصبر على المصائب.
س: يعني هذه المرأة التي كانت تبكي عند القبر لماذا لم تؤدب ما دام أنها اقترفت شيئًا من النوع من التنقيص في حق الرسول ﷺ؟
ج: ما درت أنه الرسول ﷺ، لم تعرفه عليه الصلاة والسلام، وهذا كونها عند القبر لعل هذا قبل النهي عن زيارة القبور للنساء، واستقرت السنة على منع النساء من زيارة القبور، وإنما الزيارة للرجال.
س: لعمري؟
ج: لا بأس بها، ليست بحلف.
س: طيب أحسن الله إليك قول الله : لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ [الحجر:72]؟
ج: من حيث اللغة، ما هو من حيث الشرع، هذا من حيث اللغة ولهذا جاء عن النبي الحلف بذلك وعن بعض الصحابة.
س: أحسن الله إليكم يا شيخ قوله تعالى: وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ [النور:7] ما سبب نزول هذه الآية؟
ج: هذا في اللعان.