20 من حديث ( عن سليمان بن صُرد قال: كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ورجلان يستبان وأحدهما قد احمر وجهه..)

 
22/46- وعنْ سُلَيْمانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ: كُنْتُ جالِساً مَعَ النَّبِي ﷺ، ورجُلان يستَبَّانِ وأَحدُهُمَا قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ. وانْتفَخَتْ أودَاجهُ. فَقَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: إِنِّي لأعلَمُ كَلِمةً لَوْ  قَالَهَا لَذَهَبَ عنْهُ مَا يجِدُ، لوْ قَالَ: أَعْوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ذَهَبَ منْهُ مَا يجدُ فقَالُوا لَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: تعوَّذْ بِاللِّهِ مِن الشَّيَطان الرَّجِيمِ. متفقٌ عَلَيهِ.
23/47- وعنْ مُعاذ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَنْ كظَمَ غَيظاً، وهُو قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالَى عَلَى رُؤُوسِ الْخلائقِ يَوْمَ الْقِيامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ رواه أَبُو داوُدَ، والتِّرْمِذيُّ وَقالَ: حديثٌ حسنٌ.
24/48- وعنْ أَبِي هُريْرَةَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ للنَّبِيِّ ﷺ: أوْصِني، قَالَ: لا تَغضَبْ فَردَّدَ مِراراً قَالَ: لا تَغْضَبْ رواه البخاريُّ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في التحذير من الغضب وأسبابه والحث على التعوذ بالله من الشيطان عند وجوده؛ فالإنسان عرضة لأسباب الغضب فينبغي له أن يتوقاها ويحذرها، فإذا وجدت وحصل معه الغضب فليتعوذ بالله من الشيطان وليكظم وليصبر ولا ينفذ مقتضى غضبه؛ لأن الغضب جمرة تغلي في القلب شديد خطير، قد يضرب وقد يقتل وقد يطلق فالواجب على الإنسان أن يحذر ما يترتب على الغضب، وذلك بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وتغيير الحالة إن كان قائمًا يجلس، إن كان ماشيًا يقف، المقصود يغير حاله لعل الله يذهب عنه ما يجد.
وفي هذا أن شخصين تسابا فاحمرت أوداج أحدهما فقال النبي ﷺ: إني أعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فبلغ ذلك فلم يفعل.
فالمقصود أن المؤمن يجب عليه أن يتحرى الخير فيما يأتي ويذر، فيمسك عما حرم الله ويؤدي ما أوجب الله، وإذا عرض له عارض يوجب الغضب فليحرص على أسباب التقوي من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، والحذر من بقية الأسباب التي تزيد في الغضب.
الحديث الثاني
وفي الحديث الثاني يروى عنه عليه السلام أنه قال: من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه ناداه الله يوم القيامة حتى يخيره في حور العين والله يقول جل وعلا في وصف المتقين: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عن الناس [آل عمران:134]، هذا من وصف المتقين، وقال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ۝ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ [آل عمران:133-134] فكظم الغيظ من خصال أهل التقوى ومن الصفات الحميدة، فينبغي للمؤمن أن يجاهد نفسه في ذلك عند وجود الغضب أن يكظم الغيظ ويعفو ويصفح ولا ينتقم يرجو ما عند الله من المثوبة.
الحديث الثالث
أما الحديث الثالث: يقول ﷺ للذي طلب الوصية قال: يا رسول الله، أوصني! قال: لا تغضب! فردد مرارًا قال: لا تغضب، يعني أوصاه بترك الغضب تكرارًا، وذلك لعظم ما يترتب على الغضب من الخطر، فكم من غاضب ندم غاية الندامة؛ بسبب تنفيذه مقتضى الغضب من قتل وضرب وطلاق وغير ذلك فالمشروع لك يا عبد الله أن تحذر أسبابه. أولاً: أن تحذر أسباب الغضب. فإذا وقع فعالج بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وكظم الغيظ وحفظ اللسان وتغيير الحال انتقل من مكان إلى مكان، اجلس واصمت إلى غير هذا من أسباب تهدئة الغضب. نسأل الله للجميع التوفيق والهداية

الأسئلة:

س: هل ورد إرشاد من انتابه الغضب بالسكوت؟
ج: ما أتذكر شيء، لكن على كل حال هو من أسباب العافية، وأن يسكت وينتقل من مكان إلى مكان يغادر المجلس، والوضوء كذلك لأنه جمرة من النار.
س: أو إذا كان واقفًا يجلس؟
ج: الواقف يجلس، نعم يغير حاله.
س: أحسن الله إليك، لماذا لم يعلمه النبي ﷺ بنفسه بهذه الكلمة اللي هي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؟
ج: النواب عنه يبلغون السنة أكثرها بلاغًا.
س: يعني هو حضر هذه الواقعة يعني ولم يفض النزاع؟
ج: قال: إني لأعلم كلمة حتى يستفيد الجميع وهم بلغوه.
س: أحسن الله إليك وصحة حديث: معاذ بن أنس؟
ج: يحتاج إلى مراجعة إسناده، لكن الآية كافية وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ [آل عمران:134].
ط: في تخريج مختصر له؟
ش: حديث معاذ؟
ط: نعم.
ش: اقرأه بارك الله فيك.
ط: قال: حديث حسن أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من طريق سعيد بن أبي أيوب عن أبي مرحوم عن سهل بن معاذ عن أبيه وإسناده حسن.
ش: لا بأس به بهذا السند.
س: قول عمر للرسول ﷺ عندما قال لحاطب: دعني أضرب عنق هذا المنافق، كلام ابن القيم، يقول: أن الإنسان لو قال لأخيه يا كافر غضبًا لله وحرقة على الدين أنه لا يؤاخذ بهذا الكلام.
ج: محتمل والواجب التوقي؛ لأن الرسول ﷺ قال: من قال لأخيه يا كافر، أو يا عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه. خطر فالإنسان يتوقى ولا يعجل في الأمور، ومن أظهر النفاق وأظهر الكفر وصف بذلك.