47 من: ( باب في بَيان كثرةِ طرق الخير)

13- باب في بَيان كثرةِ طرق الخير
قَالَ الله تَعَالَى: وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ [البقرة: 215] وَقالَ تَعَالَى: وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ [البقرة: 197] وَقالَ تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ [الزلزلة:7] وَقالَ تَعَالَى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ [الجاثية:15] والآيات في الباب كثيرة.
وأما الأحاديث فكثيرة جداً, وهي غيرُ منحصرةٍ, فنذكُرُ طرفاً مِنْهَا:
1/117-الأوَّل: عن أَبِي ذرٍّ جُنْدَبِ بنِ جُنَادَةَ قَالَ: قُلْتُ يَا رسولَ اللَّه، أيُّ الأعْمالِ أفْضَلُ؟ قَالَ: الإِيمانُ بِاللَّهِ، وَالجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ   قُلْتُ: أيُّ الرِّقَابِ أفْضَلُ؟ قَالَ: أنْفَسُهَا عِنْد أهْلِهَا، وأكثَرُهَا ثَمَناً. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أفْعلْ؟ قَالَ: تُعينُ صَانِعاً أوْ تَصْنَعُ لأخْرَقَ قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّه أرَأيتَ إنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعملِ؟ قَالَ: تَكُفُّ شَرَّكَ عَن النَّاسِ فَإِنَّها صدقةٌ مِنْكَ عَلَى نَفسِكَ متفقٌ عليه.
"2/118-[الثاني:] وعن أَبِي ذرٍّ أيضاً أنَّ رسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: يُصْبِحُ عَلَى كلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صدقَةٌ، فَكُلٌ تَسبِيْحةٍ صَدقةٌ، وكُلُّ تحْمِيدَةٍ صدقَةٌ، وكُلُّ تهْلِيلَةٍ صَدَقةٌ، وكلُّ تَكْبِيرةٍ صَدَقَةٌ، وأمْرٌ بالمعْرُوفِ صدقَةٌ، ونَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صدقَةٌ. ويُجْزِئُ مِنْ ذَلكَ رَكعَتَانِ يرْكَعُهُما مِنَ الضُّحى رواه مسلم.
3/119-الثَّالثُ عنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبيُّ ﷺ: عُرِضَتْ عَلَيَّ أعْمالُ أُمَّتي حسَنُهَا وسيِّئُهَا فوجَدْتُ في مَحاسِنِ أعْمالِهَا الأذَى يُماطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوجَدْتُ في مَساوَىءِ أعْمالِها النُّخَاعَةُ تَكُونُ فِي المَسْجِدِ لاَ تُدْفَنُ رواه مسلم.

الشيخ:
الحمدلله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الآيات الكريمات والأحاديث في بيان كثرة طرق الخير، الله جل وعلا نوع الخير وكثر طرقه وشرع للعبادة المنافسة في ذلك؛ حتى يعظم الأجر ويعظم النفع من المسلمين بعضهم لبعض، كل إنسان يسلك ما يسر الله له من الطرق في نفع الناس وفي التقرب إلى الله بأنواع العبادات كما قال جل وعلا: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين:26] وقال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:133]، وقال تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [البقرة:148]، وقال تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه [الزلزلة:7]، وقال جل وعلا: وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ [البقرة:197]، وفي الآية الأخرى: وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ [البقرة:215] ويقول جل وعلا: وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39]، ويقول جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40]، ويقول جل وعلا: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:47]، هذا يدل على أنه جل وعلا يحصي جميع الأشياء للعبد حسناته وسيئاته تحصى حسناته ويؤجر عليها وتحصى سيئاته ويستحق العقاب عليها إلا من عفا الله عنه أو تاب من سيئاته.
الحديث الأول
الحديث الأول: حديث أبي ذر يقول ﷺ لما قال أبو ذر: يا رسول الله، أي الإسلام أفضل؟ قال: إيمان بالله وجهاد في سبيله، قلت: يا رسول الله، أي الرقاب أفضل؟ قال: أغلاها ثمنًا وأنفسها عند أهلها وهكذا الهدايا من الإبل والبقر والغنم والضحايا والهدايا أنفسها وأغلاها ثمنًا، قلت: يا رسول الله فإن ضعفت عن ذلك؟ قال: تعين صانعًا أو تصنع لأخرق يعني تعين إنسانًا في عمله، تعين حراث في حرثه نجار في نجارته حداد في حدادته خياط في خياطته تعين صانعًا أو تصنع لأخرق، الأخرق اللي ما عنده عمل ما يعرف يعمل ما عنده أعمال ضعيف في التصرف تصنع له وتعينه تعمل له ما يعينه، قلت: يا رسول الله، فإن ضعفت عن ذلك؟ فقال: تكف شرك عن الناس؛ فإن ذلك صدقة منك على نفسك إذا كان ما فيه خير ينفع الناس يكف شره، إذا ما كان عنده نفع لا صدقة ولا معاونة باليد فأقل شيء يكف شره لا يؤذيهم لا بأقواله ولا بأفعاله.
هذا حديث عظيم إذا كان ما فيه نفع للناس لا صدقة ولا مساعدة ولا عون بالأعمال الطيبة فأقل شيء أنك تكف شرك عن الناس لا تؤذي الناس لا بغيبة ولا بنميمة ولا بغير هذا من الأقوال والأفعال.
الحديث الثاني
والحديث الثاني: يقول ﷺ: يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة يصبح على كل سلامى يعني مفصل كل مفصل الإنسان فيه ثلاثمائة وستين مفصل، جاء في الحديث حديث عائشة أن الله خلق ابن آدم على ثلاثمائة وستين مفصلاً، ويستحب له أن يؤدي الصدقات عن هذه المفاصل التي ينتفع بها ويرتفق بها يستحب له أن يعمل حسنات تقابل هذه النعم التي هي نعم المفاصل فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، أمر بالمعروف صدقة، نهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة يعني جماع أهله، وفي اللفظ الآخر: تعين الرجل على دابته أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والأمر بالمعروف صدقة، والنهي عن المنكر صدقة، ويكفي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى إذا صلى ركعتين الضحى أدت هذه الصدقة إذا قامت الركعتان مقام الصدقات الأخرى عن هذه المفاصل، ففي هذا فضل ركعتي الضحى وأنها سنة صلاة الضحى فيؤدى بها على هذه السلاميات من الحقوق، وهذا من فضل الله جل وعلا، يعين العبد على هذه الأعمال الصالحة التي يؤدي بها ما على مفاصله من الحقوق.
الحديث الثالث
كذلك حديث: عرضت علي أجور أمتي، فرأى في محاسنها القذاة يخرجها الرجل من المسجد، ورأى في مساوئها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن فالأجور كثيرة والأعمال كثيرة، إزالة الأذى عن الطريق حجر أو عظم أو شوكة إذا أزالها عن الطريق، ويبعد الأذى في السجد أعواد، خرق في المسجد يزيلها كلها من أعمال الخير، فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ [الزلزلة:7] مثاقيل الذر هكذا في مساجد الناس ترى شيئًا من الأذى تزيله في الطرق، كذلك أعمى في الطريق تقوده إلى الطريق السوي تحول بينه وبين ما يضره، ضال في الطريق يطلب الهداية ترشده البيت الفلاني، طريق كذا، المسجد الفلاني ترشده إلى مطلوبه من بيت أو مسجد حتى يهتدي إليه إلى غير هذا من أنواع الخير يفعله المؤمن مع إخوانه ولو أنها قليلة الله يؤجرها عليها، وفي بعض الأحاديث أن رجلاً رأى غصن شوكًا في الطريق فأزاله عن الناس؛ فشكر الله له وأدخله به الجنة، كان من أسباب  دخوله الجنة، وامرأة بغي رأت كلبًا ظمئان يأكل الثرى فنزلت وخرجت بماء في خفها فسقته فشكر الله لها ذلك وغفر لها، أعمال الخير لها شأن عظيم وفضل كبير ولو قلت مع النية الصالحة والإخلاص. وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: أعمال الخير هذه هل يؤجر بمجرد الفعل أم لا بدّ من الاحتساب؟
ج: لا، لا بدّ من الإخلاص لله والنية.
س: هل يسن المداومة على ركعتي الضحى؟
ج: نعم المداومة عليها سنة، والنبي ﷺ أوصى بها أبا هريرة وأبا الدرداء وغيرهما.
س: سنة مؤكدة؟
ج: نعم سنة مؤكدة.
س: من قوله؟
ج: سنة من قوله ﷺ وفعلها بعض الأحيان، ولكن أوصى بها وأكد عليها عليه الصلاة والسلام، ولعله ترك المواظبة عليها لئلا يشق على أمته. تقول عائشة في صحيح مسلم: كان يصلي الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله، وفي بعض الروايات عنها أنها ما رأته يصليها إلا أن يجيء من مغيبة.
س: ما ورد شيء في قراءتها؟
ج: لا، ما تيسر.
س: ضبطها من متى إلى متى؟
ج: من ارتفاع الشمس إلى وقوف الشمس كله ضحى.
س: هذا الشخص يفعل الخير ولكن الناس يقولون فعل الخير؟
ج: هذه مقدمة خير له في الدنيا ما دام أخلص لله إذا أثنى عليه الناس... بشرى للمؤمن ما دام أخلص لله ما فعله رياء.