48 من حديث: (أن ناسا قالوا: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور..)

 
4/120- الحديث الرابع عَنْ أبي ذر: أنَّ ناساً قالوا: يَا رسُولَ اللَّهِ، ذَهَب أهْلُ الدُّثُور بالأجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّى، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بَفُضُولِ أمْوَالهِمْ قال: أوَ لَيْس قَدْ جَعَلَ لَكُمْ مَا تَصَدَّقُونَ بِهِ؟! إنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدقَةً، وكُلِّ تَكبِيرةٍ صَدَقَةً، وكلِّ تَحْمِيدةٍ صَدَقَةً، وكلِّ تِهْلِيلَةٍ صَدقَةً، وأمرٌ بالمعْرُوفِ صدقةٌ، ونَهْىٌ عنِ المُنْكر صدقةٌ وفي بُضْعِ أحدِكُمْ صدقةٌ قالوا: يَا رسولَ اللَّهِ أيَأتِي أحدُنَا شَهْوَتَه، ويكُونُ لَه فِيهَا أجْر؟ قَالَ: أرأيْتُمْ لَوْ وضَعهَا في حرامٍ أَكَانَ عليهِ وِزْرٌ؟ فكذلكَ إِذَا وضَعهَا في الحلاَلِ كانَ لَهُ أجْرٌ رواه مسلم.
5/121-الخامس: عَنْهُ قَالَ: قَالَ لي النبيُّ ﷺ: لاَ تَحقِرنَّ مِن المعْرُوفِ شَيْئاً ولَوْ أنْ تلْقَى أخَاكَ بِوجهٍ طلِيقٍ رواه مسلم.
6/122- الحديث السادس: عن أَبِي هريرةَ قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ علَيْهِ صدَقةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ: تعدِلُ بيْن الاثْنَيْنِ صدَقَةٌ، وتُعِينُ الرَّجُلَ في دابَّتِهِ، فَتحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أوْ ترْفَعُ لَهُ علَيْهَا متَاعَهُ صدقةٌ، والكلمةُ الطَّيِّبةُ صدَقةٌ، وبِكُلِّ خَطْوَةٍ تمْشِيها إِلَى الصَّلاَةِ صدقَةٌ، وَتُميطُ الأذَى عَن الطرِيق صَدَقةٌ متفق عليه.
ورواه مسلم أيضاً من رواية عائشة رَضي اللَّه عنها قالت: قالَ رسُول اللَّه ﷺ: إنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إنْسانٍ مِنْ بني آدم علَى سِتِّينَ وثلاثمائَةِ مَفْصِلٍ، فَمنْ كَبَّر اللَّه، وحمِدَ اللَّه، وَهَلَّلَ اللَّه، وسبَّحَ اللَّه واستَغْفَر اللَّه، وعَزلَ حَجراً عنْ طَرِيقِ النَّاسِ أوْ شَوْكَةً أوْ عظْماً عَن طَرِيقِ النَّاسِ، أوْ أمَرَ بمعرُوفٍ أوْ نهى عنْ مُنْكَرٍ، عَددَ السِّتِّينَ والثَّلاَثمائة، فَإِنَّهُ يُمْسي يَوْمئِذٍ وَقَد زَحزحَ نفْسَهُ عنِ النَّارِ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في بيان ما يسر الله من كثرة الطرق للخير، وأنه ينبغي للمؤمن انتهاز هذه الفرصة والحرص على أخذه بنصيب من كل طريق يوصل إلى الخير، فالله جل وعلا جعل هذه الدار ميدانًا للمسابقة بالأعمال الصالحات جعلها دار عمل ودار منافسة ودار مسابقة، فينبغي للمؤمن أن ينتهز الفرصة مدة حياته في المسابقة إلى الخيرات والمسارعة إلى الطاعات والاشتراك في كل خير حسب الطاقة كما قال جل وعلا: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ يعني إلى أسبابها وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ [الحديد:21] وهكذا يقول سبحانه: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:133]، وهكذا قوله عز وجل: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [البقرة:148] المراد المنافسة في كل خير من صلاة وذكر وصدقة وغير هذا.
الحديث الأول
الحديث الأول: حديث أبي ذر الغفاري أنه قال: يا رسول الله ذهب أهل الدثور أي أهل الأموال بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق يعني ما عندنا أموال هم عندهم أموال نشترك معهم في الصوم والصلاة ولكن ما نشترك معهم في الأموال ما عندنا أموال لا نتصدق ولا نعتق فقال ﷺ: أو ليس قد جعل الله ما تصدقون به؟ يعني الله جعل لكم صدقة بغير الأموال فكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، هكذا عزل الحجر عن الطريق أو الشوكة أو العظم أو ما أشبه ذلك، هكذا عيادة المريض، تشميت العاطس، اتباع الجنائز، قضاء حاجة المسلمين مثل ما في حديث أبي هريرة، تقضي حاجة أخيك المسلم في رفع متاعه على الدابة، أو إعانته على ركوب الدابة إذا كان عاجزًا حتى يركب الدابة، تشميت العاطس صدقة، تميط الأذى عن الطريق صدقة، كل تسبيحة صدقة، كل تهليلة صدقة، أمر بالمعروف صدقة، نهي عن المنكر صدقة، وهكذا في حديث عائشة: التهليل والتسبيح والتحميد والاستغفار وعزل الأذى عن الطريق كلها صدقات، وفي بضع أحدكم صدقة كما في حديث أبي ذر يعني في جماعه لأهله صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فهكذا إذا وضعها في الحلال هذا من لطف الله مثل ما أنه زنا فعليه وزر، هكذا إذا جامع زوجته وفعل معها ما يحصل للزوج مع الزوجة كان صدقة؛ لما فيه من عفة الجميع وغض البصر وتعاطي أسباب العافية من الفواحش، والله خلق ابن آدم على ثلاثمائة وستين مفصلاً كما في حديث عائشة عن النبي ﷺ خلق العبد على ثلاثمائة وستين مفصلاً من أتى بأعمال صالحة بعدد المفاصل كالتسبيح والتهليل والتحميد والذكر والاستغفار والدعوة إلى الله وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وعيادة المريض وتشميت العاطس صدقات إلى غير هذا بعدد هذه المفاصل أمسى وقد زحزح نفسه عن النار، يعني يكون له أجور عظيمة من أسباب دخوله الجنة ونجاته من النار، فهذه طرق كثيرة للخير وضحها النبي ﷺ، وهكذا قصة الفقراء مع الأغنياء في التسبيح بعد الصلوات مثل ما قال الفقراء: وقد سبقنا إخواننا من أهل الأموال يصلون كما نصلي.. إلى آخره، قال: أفلا أدلكم على شيء تدركون به من سبقكم وتسبقون من بعدكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، قال الفقراء: يا رسول الله سمع إخواننا بما فعلنا ففعلوا مثله، قال: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء! فالإنسان يفعل الخير ويفرح بأن إخوانه يشاركونه، والحمد لله هذه التسبيحات وهذه التهليلات والاستغفار والتكبير كلها تقوم مقام الصدقات لمن عجز، فإذا جمع الله له بين الصدقات بالمال وبين هذه الأذكار العظيمة والأعمال الطيبة فهذا خير إلى خير وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: يقول النبي ﷺ: فإنه يمسي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار هل فيه تفصيل؟
ج: وفي رواية: يمشي بالشين يعني هذا من أسباب دخوله الجنة ونجاته من النار، كثرة الذكر من أسباب السلامة والنجاة من النار.
س: يفصل فيه أم يؤخذ على ظاهره؟
ج: على ظاهره، كل حسنة لها أجرها، وقد يأتي الإنسان في اليوم الواحد بأسباب كثيرة تزحزحه عن النار، وقد يأتي بأسباب كثيرة توجب له النار، نسأل الله العافية.
س: بعض الناس يساعد بمسمى عمل إنساني هل يؤجر على هذا العمل؟
ج: إذا كان لله ما هو برياء ولا سمعة بل أراد وجه الله الأعمال بالنيات.