03 من قوله: (وهكذا البنت)

باب من يرث النصف
والنِّصْفُ فرْضُ خمْسَةٍ أَفْرادِ الزَّوجُ والأُنثى مِنَ الأوْلَادِ
وبِنْتُ الابنِ عندَ فقْدِ البِنْتِ والأُخْتُ في مَذْهَبِ كُلِّ مُفْتِ
وبَعْدَها الأُخْتُ التي مِن الأَبِ عِنْدَ انْفِرادِهِنَّ عنْ مُعَصِّبِ
 

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، يقول المؤلف رحمه الله باب النصف، لما ذكر نوعي الإرث الفرض والتعصيب وذكر الفروض المقدرة في كتاب الله في الباب المتقدم، وأنها ستة.

نِصْفٌ ورُبْعٌ ثُمَّ نِصفُ الرُّبْعِ والثُّلْثُ والسُّدْسُ بِنَصِّ الشَّرعِ
والثُّلُثانِ وهُمَا التَّمامُ

ذكر بعد هذا تفصيل هذه الفروض، وتقدم لنا أن الورثة ينقسمون بالنسبة إلى أنواع الإرث أربعة أقسام:
قسم بالفرض فقط، وقسم بالتعصيب فقط، وقسم بهذا تارة وهذا تارة، ويجمع بينهما تارة، وقسم رابع يرث بهذا تارة وبهذا تارة ولا يجمع بينهما.
وقد تقدم إن هناك فرضًا سابعًا للاجتهاد. وهو الثلث الباقي في العمريتين ..........
وذكر هنا الورثة بالنصف، وهو أكبر الفروض المفردة النصف.
فالفروض قسمان فرض مفرد وفرض مكرر.
فالمفرد النصف والربع والسدس والثلث والثمن، هذه المفردة أكبرها النصف وأصغرها الثمن.
أما المكرر فهو الثلثان .......
النصف لخمسة من الورثة لا سادس لها بالنص، وكلهم أفراد النصف لا يستحقه إلا فرد لا يأخذه جماعة، ولهذا قال والنصف فرض خمسة أفراد، أي: لا يشترك فيه اثنان فأكثر.
الزوجُ بالرفع خبر لمبتدأ محذوف يعني وهو الزوج، والزوجِ بالجر بدلًا من خمسة أفراد .......
"والأنثى من الأولاد" الأنثى من الأولاد البنت ........... فالولد يطلق على الذكر والأنثى.
والأنثى يقال لها بنت، والذكر يقال له ابن، والولد يشملها كما قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء: 11] قال له ولد، يعني ذكر أو أنثى.
الثالث: وبِنْتُ الابنِ عندَ فقْدِ البِنْتِ
هذا الثالث بنت الابن وإن نزل أبوها، بنت الابن بنت ابن الابن بنت ابن ابن الابن وأنزل.
والأُخْتُ في مَذْهَبِ كُلِّ مُفْتِ: يعني مذهب العلماء جميعًا الأخت الشقيقة.
وبَعْدَها الأُخْتُ التي مِن الأَبِ: هذا عند الجميع.
عِنْدَ انْفِرادِهِنَّ عنْ مُعَصِّبِ: عند انفراد هؤلاء كلهن عن معصب البنت وبنت الابن والأخت الشقيقة والأخت لأب.
فذكر في هذه الأبيات خمسة: أولهم الزوج زوج المرأة فله النصف بالإجماع، إذا لم يكن هناك فرع وارث؛ لقول الله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء: 12] فبين سبحانه أن الزوج له النصف عند عدم الولد، والولد يشمل الذكر والأنثى، والواحد والجماعة يقال له ولد، البنت والابن وابن الابن وبنت الابن الواحد والعدد، فإذا فقد الولد أخذ الزوج النصف، وإن وجد ولد ولو واحدًا ولو أنثى لم يأخذ الزوج إلا الربع.

وهكذا البنت ترث النصف بالنص وبالإجماع قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [النساء: 11] لكن بشرط عدم المعصب، كما قال "عند انفرادهن عن معصب"؛ لأن الله جل وعلا جعلها عصبة مع الذكر وإذا انفردت أخذت النصف، فلا بد أن تكون منفردة ليس معها معصب وهو الابن، وليس معها مشاركة وهي أختها، فإذا انفردت البنت أخذت النصف وإذا كان معها مشارك أخذت الثلثين كما يأتي، وإن كان معها معصب لم ترث إلا عصبة معه للذكر مثل حظ الأنثيين.

فيكون إرثها النصف لابدّ فيه من شرطين:
أحدهما: انفرادها عن المعصب.
والثاني: انفرادها عن المشارك وهي أختها فأكثر.
والثالث: بنت الابن عند فقد البنت
بينها وبين البنت سواء؛ لأنها بنت إن كانت واحدة فلها النصف يشملها ويشمل بنت الابن، ويشترط لها الشرطان السابقان:
انفرادها عن معصب، وانفرادها عن مشارك وهي بنت الابن الأخرى.
وشرط ثالث: عدم الفرع الوارث الأعلى منها، فإذا وجد فرع وارث أعلى منها لم تأخذ النصف، بل يحجبها إن كان ذكرًا وهو الابن أو ابن ابن الذي أعلى منها وإن كان أنثى منعتها من النصف ولم تأخذ إلا السدس كما يأتي.
فبنت الابن تأخذ النصف بشروط ثلاثة وإن نزل أبوها ولو كانت بنت ابن ابن ابن ابن.
تعطى النصف بشروط ثلاثة:
الأول : انفرادها عن معصب.
الثاني: انفرادها عن مشارك وهي بنت الابن التي في درجتها فأكثر.
والثالث: عدم الفرع الوارث الذي أعلى منها لا بنت ولا ابن، ولا ابن ابن أعلى منها، ولا بنت ابن أعلى منها.
الرابع: الأخت الشقيقة، فدل عليها قوله تعالى: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ [النساء: 176] هكذا الآية الكريمة في سورة النساء في آخرها، وهذه بإجماع المسلمين في الأخوات الشقائق والأخوات لأب، أنها تعطى النصف لهذا النص، بالشروط الأربعة:
الأول: انفرادها عن المعصب، كما ذكر الله، لأنه قال في آخر السورة: وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء: 176] فدل ذلك على أنه لابد من انفرادها عن المعصب.
الثاني: انفرادها عن مشارك، لأنه قال: فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ [النساء: 176] فدل ذلك على أنه إذا كانتا اثنتين تعطيان ثلثين ولا تعطى كل واحدة النصف، فإذا كانتا اثنتان فأكثر انتقل فرضهما إلى الثلثين، وأنما تعطى النصف إذا كانت واحدة.
الثالث: عدم الفرع الوارث من بنين وبنات أو بنين ابن وبنات ابن.
الرابع: عدم الأصل الوارث من الآباء والأجداد.
لأنه اشترط في إرثهن الكلالة، والكلالة من لا ولد له ولا والد ذكر لا أب ولا جد، ....... فلا بدّ في إرثها النصف من هذه الشروط الأربعة:
عدم المعصب وهو أخوها الشقيق، عدم المشاركة وهي أختها الشقيقة فأكثر، عدم الفرع الوارث من ابن أو بنت أو ابن ابن أو بنت بنت، الرابع: عدم الأصل الوارث من الذكور وهو الأب أو الجد وإن علا.
الخامسة: الأخت لأب، دليلها نفس الأخت الشقيقة سواء دليلها دليلها وشروطها شروطها، وتزيد شرطًا خامسًا، وهو: عدم الأشقاء والشقائق، فتأخذ النصف بخمسة شروط، الأربعة التي في الأخت الشقيقة عدم المعصب، عدم المشاركة، وهي الأخت لأب، وعدم الفرع الوارث، وعدم الأصل الوارث من الذكور، وعدم الأشقاء والشقائق، إذا وجد شقيق حجبها، وإن وجدت شقيقة أخذت النصف دونها يكون لها السدس معها ......... كما يأتي إن شاء الله.
هؤلاء هم أهل النصف: الزوج، والبنت، وبنت الابن وإن نزل أبوها، والأخت الشقيقة، والأخت لأب .........
ومن هذا يعلم أن الأم ليس لها حظ في النصف، وهي من أهل السدس كما يأتي إن شاء الله ..........
............................
باب الربع
وَالرُّبْعُ فَرْضُ الزَّوْجِ إِنْ كَانَ مَعَهْ مِنْ وَلَدِ الزَّوْجَةِ مَنْ قَدْ مَنَعَهْ
وَهْوَ لِكُلِّ زَوْجَةٍ أَوْ أَكْثَرَا مَعْ عَدَمِ الأَوْلاَدِ فِيْمَا قُدِّرَا
وَذِكْرُ أَوْلاَدِ البَنِيْنَ يُعْتَمَدْ حَيْثُ اعْتَمَدْنَا الْقَوْلَ في ذِكْرِ الْوَلَدْ
باب الثمن
وَالثُّمْنُ لِلزَّوْجَةِ وَالزَّوْجَاتِ مَعَ الْبَنِيْنَ أَوْ مَعَ الْبَنَاتِ
أَوْ مَعَ أَوْلاَدِ الْبَنِيْنَ فَاعْلَمِ وَلاَ تَظُنَّ الْجَمْعَ شَرْطًا فَافْهَمِ

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذا الباب فيما يتعلق بالربع، وهكذا الباب الثاني فيما يتعلق بالثمن، وتقدم أن أهل النصف خمسة كلهم يستحقون النصف، وكل واحد بالفرض ليس معه شريك، ومنه الزوج يأخذ النصف عند عدم الفرع الوارث، يعني عند عدم ولد الميت (الزوجة) ويعطى النصف؛ لقول الله جل وعلا: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ [النساء: 12].
 وذكر هنا فرضه الثاني وهو الربع.
 
وَالرُّبْعُ فَرْضُ الزَّوْجِ إِنْ كَانَ مَعَهْ مِنْ وَلَدِ الزَّوْجَةِ مَنْ قَدْ مَنَعَهْ
لأن الله جل وعلا قال في هذه الآية: فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ [النساء: 12] فجعل الولد مانعًا له النصف وموجبًا للربع، فالزوج يأخذ الربع عند وجود الولد سواء كان ذكرًا أو أنثى واحدًا أو جماعة ابن أو بنت أو أكثر من ذلك، ومثله أولاد البنين كما في البيت الآخر.
فالفرع الوارث يشمل هذا وهذا، يشمل الأبناء والبنات وأبناء البنين وبنات البنين وإن نزلوا، ويعطى الزوج معهم أو مع واحد منهم الربع، والنصف عند عدم الجميع.
قوله: "من قد منعه" يعني الذي قد منعه وهو الولد السليم من الموانع، أما الولد الذي له موانع لا يمنع يقال لها ولد رقيق أو ولد قاتل، أو ولد مخالف للدين لا يمنع الزوج من النصف، لأن المحجوب بأحد الأوصاف الثلاثة تقدم أن وجوده كعدمه محجوب بوصف أو رق أو قتل أو اختلاف دين؛ وجوده كالعدم لا يمنع الزوج من النصف ولا يمنع الزوجة من الربع.
ثم قال المؤلف:
وهْوَ لِكُلِّ زوْجَةٍ أوْ أكْثَرَا معْ عَدَمِ الأوْلادِ فيما قُدِّرَا
يعني الربع لزوجة فأكثر، زوجتين ثلاث أو أربع يشتركن فيه.
"مع عدم الأولاد فيما قدرا" لابدّ من عدم الأولاد، لمن يقدر المسائل لا بدّ من ملاحظة عدم الأولاد واحد أو أكثر؛ لأن الله قال: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ [النساء: 12] فلا بدّ من عدم الأولاد لإعطائهن الربع بنص القرآن وبإجماع المسلمين.
وذِكْرُ أوْلادِ البَنينِ يُعتَمَدْ حَيْثُ اعْتَمَدْنا الْقَوْلَ في ذِكْرِ الوَلَدْ
يعني كما يعتمد ذكر القول في الأولاد فهكذا أولاد البنين؛ لأن حكمهم حكم الأولاد بالنص والإجماع، لقوله سبحانه: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ [النساء: 11] فيشمل الجميع، ولم يكن لهن ولد يشمل الجميع.
فإن أولاد البنين يسمون أولادًا قال الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ [الأعراف: 26] يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ [البقرة: 40] يخاطب من بينهم وبين آدم قرون كثيرة، وبينهم وبين إسرائيل وهو يعقوب قرون كثيرة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا بني كعب بن لؤي، يا بني قرة بن كعب، يا بني عبد مناف وبينهم وبين أولئك بطون، فأولاد البنين أولاد يمنعون الزوجة من الربع، ويمنع الزوج من النصف.
وبهذا اتضح أن الربع لصنفين من الورثة أحدهما: الزوج يأخذه عند وجود ولد ذكرًا كان أو أنثى قريبا أو بعيدًا.
الصنف الثاني: الزوجة فأكثر تأخذه بشرط عدم الولد، فهي عند أخذ الزوج النصف تأخذ الربع، وعند أخذ الزوج الربع تأخذ الثمن، فلها نصف الزوج؛ فالزوج يضعف عليها كما يضعف الذكور في الأولاد والإخوة على الإناث.
................
وتشترك الزوجة مع ضراتها بالربع والثمن إن كانتا اثنتين فهو بينهما نصفين، إن كن ثلاث فهو بينهما أثلاث، إن كن أربعًا فكذلك يكون بينهن أربعًا.
وهكذا الثمن ، تعطاه الزوجة عند وجود الولد، وهذا معنى قوله:
والثُّمْنُ لِلزَّوْجَةِ والزَّوْجاتِ معَ البَنينَ أوْ معَ البَناتِ
أوْ مَعَ أوْلادِ البَنينَ فاعْلَمِ ولا تَظُنَّ الجَمْعَ شَرْطاً فافْهَمِ
يعني لا تظن الجمع مع البنين والبنات شرطًا، بل ولو مع الواحد، لكن لأجل سياق الشعر احتاج إلى الجمع، فالجمع ليس بشرط، وتأخذه مع الواحد ومع الجماعة وتأخذه مع البنت ومع البنات الثمن.
فاتضح من هذا أن الثمن لصنف واحد فقط من الورثة وهو: الزوجة فأكثر، فليس في الورثة من يأخذ الثمن إلا الزوجة فقط.
ويقال: ثُمن بالضم، ضمتين والثمْن بالتسكين ......، وقال الثَمن بالفتح.
وهو سهمه من ثمانية.
وقد يعتري الربع والثمن العول فيأخذ ناقصًا في الحقيقة بسبب كثرة الفروض كما يأتي إن شاء الله في محله.
الحاصل من هذا أن الربع لاثنين من الورثة، وهما: الزوج والزوجة فأكثر، أما الزوج فيأخذه بشرط وجودي وهو وجود الفرع الوارث، والفرع الوارث أولاد الميت وإن نزلوا سوء كانوا عددًا أو كان الموجود واحدًا.
الصنف الثاني: الزوجة فأكثر تأخذه بشرط عدمي وهو عدم الفرع الوارث، والفرع الوارث هم أولاد الميت وإن نزلوا.
والزوجات يشتركن لو تعددت الزوجات اشتركن في الربع، وهكذا في الثمن.
والثمن لصنف واحد وهو للزوجة فأكثر، وتأخذه بشروط وجودي وهو وجود الفرع الوارث من أولاد الميت وإن نزلوا. لقوله تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء: 12].
هذا يستحق بعد الوصية وبعد الدين، إذا كان على الميت دين قدم الدين، ثم يعطى الورثة حقهم، وإن كان أوصى تقدم الوصية، إن كان بالثلث فأقل تقدم والباقي للورثة.
وليس له أن يوصي بأكثر من الثلث، فإن أوصى لم يلزم ما أوصى به من الزيادة إلا بإذنهم، إلا بإذن الورثة إذا كانوا ....... مكلفين وإلا ترد الزيادة، وليس له إلا الثلث كما جاء في الحديث الصحيح: الثلث والثلث كثير.
والله أعلم.
.........................
 
باب الثلثين
وَالثُّلُثَانِ لِلْبَنَاتِ جَمْعَا مَا زَادَ عَنْ وَاحِدَةٍ فَسَمْعَا
وَهْوَ كَذَاكَ لِبَنَاتِ الاِبْنِ فَافْهَمْ مَقَالِيْ فَهْمَ صَافِي الذِّهْنِ
وَهْوَ لِلأُخْتَيْنِ فَمَا يَزِيْدُ قَضَى بِهِ الأَحْرَارُ وَالْعَبِيْدُ
هذا إذا كُنَّ لأمٍّ وأَبِ أوْ لأَبٍ فاعْمَلْ بِهذَا تُصِبِ
الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله.
يقول المؤلف رحمه الله: "باب الثلثين" أي باب من يرث الثلثين، لما ذكر النصف والربع والثمن، وهي فروض مفردة، شرع في الفرض الكبير المقرر وهو الثلثان ثم يأتي بعده بالثلث والسدس.
فالثلثان أكبر الفروض وأكثرها، ولا يرثهما إلا عدد بخلاف النصف والربع والثمن والسدس والثلث فهي فروض مفردة، وهي قد يرثها فرد وقد يرثها جماعة، لكن الثلثان ما يرثهما إلا جماعة، أما بقية الفروض فقد يرثها عدد ما عدا النصف فإنه لا يرثه إلا أربعة كما تقدم، أما الربع والثمن والثلث والسدس فقد يجتمع فيها عدد، وقد يرثها واحد، الربع يرثه الزوج أو الزوجة واحدة، ويكون عدد الزوجات، والثمن كذلك يرثه عدد الزوجات، والثلث قد يرثه جماعة، والثلثان كذلك، والسدس كذلك.
فالثلثان لأربعة أصناف من الورثة لا خامس لهم، وهم: البنات، وبنات الابن، والأخوات الشقائق والأخوات لأب، هؤلاء هم أهل الثلثين أربعة أصناف فقط كلهن من النساء، ليس فيها ذكور.
البنات بنات الميت بنتين فأكثر .....، ولكن لا ينقصن عن ثنتين.
الثانية: بنات الابن وإن نزل أبوهن بنتين فأكثر.
الثالثة: الأخوات الشقائق، ثنتين فأكثر.
والرابعة: الأخوات لأب، أخوات الميت من أبيه ثنتين فأكثر.
هؤلاء أهل الثلثين.
أما البنات فلقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ [النساء: 11] وهذا يدخل فيه بنات الابن لأنهن بنات ولأنهن أولاد.
فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ معناه اثنتين فما فوق، دل عليه السياق؛ لأنه قال بعده: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [النساء: 11]، فدل على أن ما زادت على الواحدة لهما الثلثان.
وهكذا قال في الأخوات في آخر السورة: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ [النساء: 176] بين أن الثنتين لهما الثلثان، نص عليهما نصًا واضحًا والبنتان من باب أولى؛ لأنه قضى عليه الصلاة والسلام لابنتي سعد بن الربيع اثنتين قضى لهما بالثلثين.
وبنات الابن في الحكم كالبنات سواء بسواء؛ لأنهن داخلات في قوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ [النساء: 11].
ولهذا قال المؤلف رحمه الله:
والثلثان للبنات جمعًا: أي البنتين فأكثر.
ما زَادَ عَنْ واحِدةٍ فَسَمْعَا
.....................
وهْوَ كذاكَ لبناتِ الابْنِ: أي فرض الثلثين، كذلك: كما حصل للبنتين
لبناتِ الابْنِ *** فافْهَمْ مَقالِي فَهْمَ صَافِي الذِّهْنِ
أي فافهم مقالي في هذا الموضوع فهم إنسان قد صفى ذهنه واستعد لقبول العلم والفائدة.
وهْوَ للأُخْتَينِ فَما يَزيدُ قَضَى بهِ الأحْرارُ والعَبيدُ
يعني قضى به العلماء جميعًا وهو مجمع عليه.
وهو للاختين بإسقاط الهمزة للضرورة.
هذا إذا كُنَّ لأمٍّ وأَبِ أوْ لأَبٍ فاعْمَلْ بِهذَا تُصِبِ
لأم وأب الأخوات الشقائق، أو لأب الأخوات لأب.
فاعْمَلْ بِهذَا تُصِبِ: تصب الحكم الشرعي.
وقد عرفت الدليل على ذلك، والمسألة إجماعية عند أهل العلم فاتضح بهذا أن الأصناف أربعة، وهن: البنات وبنات الابن، وإن نزل أبوهن، والأخوات الشقائق، والأخوات لأب، هؤلاء هم أهل الثلثين.
فالبنات يأخذن الثلثين بشرطين:
أحدهما أن يكن ثنتين فأكثر.
والثاني: عدم المعصب.
وبنات الابن وإن نزل أبوهن يأخذن الثلثين بثلاثة شروط:
أن يكن اثنتين فأكثر.
وعدم المعصب.
وعدم الفرع الوارث الأعلى منهن.
والأخوات الشقائق يأخذنه بأربعة شروط:
أن يكن اثنتين فأكثر.
الثاني: عدم المعصب وهو الأخ الشقيق.
الثالث: انعدام الفرع الوارث.
الرابع: عدم الأصل الوارث من الذكور.
مثل شروط النصف.
الصنف الرابع: الأخوات لأب. أخوات الميت من أبيه، يأخذن الثلثين بخمسة شروط.
أن يكن اثنتين فأكثر.
الثاني: عدم المعصب.
الثالث: عدم الفرع الوارث.
الرابع: عدم الأصل الوارث من الذكور، وهو الأب والجد.
الخامس: عدم الأشقاء والشقائق.
فإن توافرت هذه الشروط فيمن ذكر أخذ كل منهن الثلثين بهذا الشروط، وهذه الشروط مأخوذة من القرآن الكريم.
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ هذا الدليل على عدم المعصب.
وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء: 176] دل على أن المعصب لو وجد لم يعط أحد فرضه، فإنهن يعطين تعصيبًا.
وعدم المشارك قوله: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [النساء: 11] وقوله في آخر السورة في الأخت: وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ [النساء: 176] فدل ذلك على أن الواحدة ترث النصف والجماعة يأخذن الثلثين.
وأما عدم الفرع الوارث وعدم الأصل الوارث هذا من جهة الكلالة، ........ والكلالة من لا ولد له ولا والد ذكر ليس له ولد لا ذكر ولا أنثى ولا والد لا أب ولا جد.
..................
باب من يرث الثلث
وَالثُّلْثُ فَرْضُ الأُمِّ حَيْثُ لاَ وَلَدْ وَلاَ مِنَ الإِخْوَةِ جَمْعٌ ذُوْ عَدَدْ
كَاثْنَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلاَثِ حُكْمُ الذُّكُوْرِ فِيْهِ كَالإِنَاثِ
وَلاَ ابْنُ ابْنٍ مَعَهَا أَوْ بِنْتُهُ فَفَرْضُهَا الثُّلْثُ كَمَا بَيَّنْتُهُ
وَإِنْ يَكُنْ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَبُ فَثُلُثُ الْبَاقِيْ لَهَا مُرَتَّبُ
وَهَكَذَا مَعْ زَوْجَةٍ فَصَاعِدَا فَلاَ تَكُنْ عَنِ الْعُلُوْمِ قَاعِدَا
وَهْوَ ِلاِثْنَيْنِ أَوِ الثِّنْتَيْنِ مِنْ وَلَدِ الأُمِّ بِغَيْرِ مَيْنِ
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل وسلم على رسول الله.
يقول المؤلف رحمه الله: "باب من يرث الثلث" الثلث معروف واحد من ثلاثة، ويقال ............ ثلثان كما يقال لواحد من الاثنين نصف، وللواحد من الستة المتساوية سدس، أو واحد من ثمانية المتساوية ثمن وهكذا...........
وجاء في كتاب الله العزيز وبإجماع أهل العلم أن الثلث يكون فرضًا مستحقًا لصنفين من الورثة، أحدهما: الأم، والثاني: أولادها الإخوة لأم، فهما أصحاب الثلث.
وهناك صنف ثالث بالاجتهاد وهو الجد في بعض مسائله مع الإخوة عند من ورثهم معه. وسيأتي إن شاء الله.
لكن الثلث لهذين الصنفين أمر مجمع عليه ونص عليه الكتاب العزيز، قال جل وعلا: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [النساء: 11].
وقال سبحانه: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ [النساء: 12].
فالصنفان لهما الثلث بالنص وإجماع أهل العلم، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: "باب من يرث الثلث" أراد يبين هذين الصنفين.
قال:
وَالثُّلْثُ فَرْضُ الأُمِّ حَيْثُ لاَ وَلَدْ وَلاَ مِنَ الإِخْوَةِ جَمْعٌ ذُوْ عَدَدْ
كَاثْنَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلاَثِ حُكْمُ الذُّكُوْرِ فِيْهِ كَالإِنَاثِ
وَلاَ ابْنُ ابْنٍ مَعَهَا أَوْ بِنْتُهُ فَفَرْضُهَا الثُّلْثُ كَمَا بَيَّنْتُهُ

فالثلث تعطاه الأم حيث لا يوجد ولد وهو الابن والبنت، لأن الولد إذا أطلق يشمل الذكر والأنثى، قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء: 11] والذكر يقال له ابن والأنثى يقال لها بنت، وكلاهما يقال له ولد.
وَلاَ مِنَ الإِخْوَةِ جَمْعٌ ذُوْ عَدَدْ: حيث لا يوجد جمع من الإخوة، ولا ولد، يشمل الذكر والأنثى من أولاد الميت وأولاد بنيه، لكن لما كان أولاد الابن قد يظنهم بعض الناس غير داخلين نبه بقوله: وَلاَ ابْنُ ابْنٍ مَعَهَا أَوْ بِنْتُهُ وإلا فالولد الأصلي يشمل هؤلاء وهؤلاء.
"ليس له ولد" يعني ليس له ولد من صلبه ولا من أولاد بنيه، فكلهم أولاده. ويشملهم قوله سبحانه وتعالى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ [النساء: 11] يبين أنه إذا لم يكن له ابن ولا بنت ولا ابن ابن ولا بنت ابن وإن نزل أبوهما ....... أو الجمع من الإخوة صار لها الثلث.
ثم بين أن المقصود بالإخوة اثنان فأكثر، ولهذا قال:
كَاثْنَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلاَثِ ...
فالإخوة عند الإطلاق أقلهم اثنان، قال تعالى: وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء: 176] وأقل ذلك اثنان ذكر وأنثى بإجماع أهل العلم في هذا المقام.
وقد أشكل على بعض الناس منعها من الثلث بالاثنين، قال لأن أقل الجمع ثلاثة، هذا وإن كان معروفًا أن أقل الجمع ثلاثة، لكن أيضًا في اللغة يطلق على الاثنين أخوة ولهذا قال: وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء: 176] ويصدق ذلك على الذكر والأنثى.
وهكذا في الإخوة لأم إذا كان ذكرا وأنثى أخذا الثلث كل واحد له السدس.
حُكْمُ الذُّكُوْرِ فِيْهِ كَالإِنَاثِ:
لا فرق بين الذكور والإناث، قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء: 11] جعل السدس لها مع الإخوة والثلث لها عند عدمهم.
وقد حصل من هذا أنها تأخذ الثلث بشرط: عدم الولد وعدم الإخوة، وهناك شرط ثالث أشار إليه بقوله:
 
وَإِنْ يَكُنْ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَبُ فَثُلُثُ الْبَاقِيْ لَهَا مُرَتَّبُ
وَهَكَذَا مَعْ زَوْجَةٍ فَصَاعِدَا فَلاَ تَكُنْ عَنِ الْعُلُوْمِ قَاعِدَا

أشار بهذا إلى أنها أيضًا تمنع من السدس الكامل عند وجود هاتين الصورتين: زوج وأم وأب، أو زوجة وأم وأب، ويقال لهما العمريتان أو الغراوان، لبرزوهما في علم الفرائض وظهورهما ..... ويقال لهما العمريتان لأن عمر قضى فيهما وتابعه الجمهور والصحابة.
وذلك لأن قاعدة القرآن والسنة في حكم الورثة أن كل ذكر وأنثى استويا في نسبهما إلى الميت إذا ورثا منه فإما أن يتساويا وإما أن يفضل أحدهما على الآخر بالضعف كالابن مع البنت والأخ مع الأخت من غير الأم، والزوج مع الزوجة، فإن الزوجة تعطى ثمنًا حيث يعطى الزوج ربعًا، وتعطى ربعًا حيث يعطى الزوج نصفًا، والأب يعطى الثلثين حيث تعطى الأم الثلث، عند انعدام الولد، وهكذا الابن مع البنت والأخ مع الأخت.
وقد يستويان الأبوين مع الولد في الذكر فكل واحد يأخذ السدس، وهو الأخ لأم والأخت لأم قد يستويان إن وجد كل واحد يأخذ السدس.
وإذا أعطيت الأم الثلث مع الزوج والأب انعكس الأمر، وصارت ضعفه عكس قاعدة الفرائض، تأخذ اثنين من ستة، والزوج ثلاثة من ستة، ويبقى للأب واحد فانعكس الأمر وصار على نصفها واختلت القاعدة.
وفي الزوجة والأم والأب تأخذ اثنين من أربعة ويبقى الأب له واحد من أربعة على نصفها نصف الأم؛ ولهذا رأى عمر بن الخطاب وجمهور الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أن تأخذ الثلث الباقي حتى تبقى القاعدة مستقرة فيكون لها النصف من الذكر ......، مع الزوجة تعطى واحد من أربعة وهو الثلث الباقي ويبقى اثنان للأب، ومع الزوج تعطى واحدًا من ستة وهو الثلث الباقي ويبقى اثنان للأب، فتبقى القاعدة على ما هي عليه، ويكون المال بعد الزوج والزوجة كأنه حاصل التركة ......... لأنها والأب شيء واحد، أعطيت ثلثًا وأعطي ثلثين؛ فصار ما أخذه الزوج والزوجة كالمعدوم وهذا معنى قوله:
وَإِنْ يَكُنْ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَبُ فَثُلُثُ ما يبَقِيْ لَهَا مُرَتَّبُ
وَهَكَذَا مَعْ زَوْجَةٍ فَصَاعِدَا: فأكثر مع زوجتين أو ثلاث وأكثر.
 فَلاَ تَكُنْ عَنِ الْعُلُوْمِ: يعني عن نيلها وتحصيلها، قَاعِدَا: يعني متكاسلًا متقاعسًا؛ بل شمر ونافس في طلب العلم، هكذا يأمر الطالبين والمجدين والراغبين ما يقعدون بل يشمرون وينافسون ويجتهدون في تحصيل العلوم.
وكنى بالقعود عن الكسل والضعف، أي: لا تأكل متكاسلًا متقاعسًا؛ بل شمر وسارع إلى طلب العلم حتى تدرك منه المقصد الأعلى.
وبهذا يتضح أن الأم تأخذ الثلث بشروط ثلاثة عدمية:
الأول: عدم الولد، وهو الفرع الوارث من ذكر وأنثى .........
الثاني: عدم الجمع من الإخوة، وحد الجمع اثنان وأكثر من ذكور وإناث أو مختلطين.
الثالث: عدم كون المسألة إحدى العمريتين. أن لا تكون الواقعة إحدى العمريتين فإن كانتا فإنها لا تعطى فيهما الثلث، بل تعطى الثلث الباقي، إن وجد إحدى الصورتين .......... الثلث الباقي، وقد خالف ابن عباس في هذا وأعطاها الثلث كاملًا، وجمهور الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم على ما قاله عمر.
.................
باب السدس
والسُّدْسُ فَرْضُ سَبْعَةٍ مِنَ العَدَدْ أبٍ وَأمٍّ ثُمَّ بِنْتِ ابنٍ وَجَدْ
والأُخْتِ بنتِ الأبِن ثُمَّ الجَدَّهْ وَوَلدُ الأُمِّ تَمامُ العِدَّهْ
فالأَبُ يَسْتَحِقُّهُ مع الوَلَدْ  وهَكَذا الأُمُّ بِتَنْزِيلِ الصَّمَدْ
وهكذا مَعْ وَلَدِ الابْنِ الَّذِي ما زالَ يَقْفُو إِثْرَهُ وَيَحْتَذِي
والجَدُّ مِثْلُ الأبِ عنْدَ فَقْدِهِ فِي حَوْزِ ما يُصِيبُهُ ومَدِّهِ
إلا إذا كانَ هُناكَ إِخْوَهْ لِكَوْنِهِمْ فِي القُرْبِ وهْوَ أُسْوَهْ
أوْ أَبَوَانِ مَعْهُما زوْجٌ وَرِثْ فالأُمُّ لِلثُّلْثِ مَعَ الجَدِّ تَرِثْ
وهكَذا لَيْسَ شَبِيهاً بالأَبِ في زوجَةِ الْمَيْتِ وأُمٍّ وَأَبِ
وحُكْمُهُ وحُكْمُهُمْ سَيَأْتِي مُكَمَّلَ البَيَانِ فِي الحَالاتِ
الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
تقدم أن الفروض المقدرة في القرآن ستة: النصف والربع والثمن، والثلثان والثلث والسدس، فهي ستة فروض نص عليها كتاب الله، والسابع حصل بالاجتهاد اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وهو الثلث الباقي في العمريتين، وقد سبقت الفروض المذكورة، وسبق الثلث الباقي في كتاب الثلث، وهذا هو الفرض الأخير وهو السدس.
وهو لسبعة من الورثة بالاستقراء والنظر تحرر أنهم سبعة، كل واحد يستحق السدس فرضا، وهم: الأب، والأم، والجد أبو الأب وإن علا بمحض الذكور، والجدة أم الأم، وأم الأب، وإن علت بمحض الإناث، وولد الأم ذكرًا أو أنثى، وبنت الابن مع الابن، وبنت الابن مع البنت التي أعلى منها، وأخت الميت لأبيه مع أخته لأبويه، هؤلاء سبعة ..........
الأول منهم: الأب، والثاني: الأم، وهما يستحقان بشرط وجودي، وهو وجود الفرع الوارث لقوله الله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ [النساء: 11] والولد يشمل الذكر والأنثى والواحد والجماعة، ويشمل أولاد الميت وأولاد بنيه وإن نزلوا بالإجماع، بإجماع أهل العلم.
ومثله الجد أيضًا أبو الأب يأخذ السدس بشرط وجود الولد ذكرًا أو كان أنثى من أولاد الميت أو أولاد بنيه كالأب سواء ..........
كذلك الأم تأخذه مع الإخوة كما تقدم، فمع الإخوة لا تأخذ إلا السدس: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء: 11]
.................
لكن ليس الجد كالأب في العمريتين، فالأم تأخذ مع الجد الثلث هذا مما خالف فيه الجد الأب عند الجميع، فالأب تعطى معه الثلث الباقي على قول الجمهور، وأما مع الجد فتعطى ثلثًا كاملًا، فإذا هلك هالك عن زوج وأم وجد، فالزوج له النصف والأم الثلث، والباقي واحد للجد، وهكذا مع الزوجة، زوجة وأم وجد، المسألة من اثنا عشر، الزوجة لها الربع، والأم لها الثلث أربعة، والباقي للجد.
قال: وحكمه وحكمهم سياتي ...وهم الجد والإخوة
.. مكمل البيان في الحالات
المفروض أن الجد مثل الأب إلا في هاتين الحالتين: مسألة العمريتين، ومسألة الإخوة، فالأب يحجب الإخوة عند الجميع ولكن لا يحجبهم الجد إجماعًا بل في خلاف، والصواب أنه يحجبهم كما يأتي إن شاء الله، لكنها ليست مسألة إجماع بخلاف الأب، فإنها مسألة إجماع أنه يحجب الإخوة جميعهم، وليس للإخوة معه إرث مطلقًا، أما الجد فالمسألة فيها خلاف، فبعض أهل العلم رأى أنهم يرثون مع الجد، وبعضهم رأى أنه كالأب لا يرثون معه بل يحجبهم.
فصار الجد كالأب إلا هاتين المسألتين العمريتين ومسألة الإخوة مع الجد فإنه ليس مثل الأب في ذلك، بل ثمة خلاف مشهور كما يأتي إن شاء الله في مسألة الجد والإخوة.
وأما فيما يتعلق بإرث بنت الابن مع البنت، وأختان مع أخت شقيقة، وإرث الجدة سيأتي إن شاء الله بيان المؤلف كما سيأتي في الأبيات.
وفق الله الجميع.
........................