12 من قوله: (وإنْ يَمُتْ قَوْمٌ بِهَدْمٍ أوْ غَرَقْ)

 ..........................
بسم الله الرحمن الرحيم
 اللهم صل وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه.
سبق الكلام على الخنثى والحمل وما يتعلق بكيفية توريث الخنثى ومن معه، والحمل ومن معه، وبقي الكلام في المفقود، والمفقود له حالات، المفقود هو الذي يفقد من بين أهله أو مسافر فيتأخر مجيئه ولا تعرف أخباره يقال له مفقود، وله حالان عند أهل العلم:
إحداهما: تغلب فيه السلامة كالسفر؛ كسفر التاجر والسائح ونحو ذلك والأسير عند قوم لا يعرفون بقتل، هؤلاء الغالب عليهم السلامة.
والحالة الثانية: يغلب فيها الهلاك كخروج الإنسان من بيته ثم لا يرجع ......، ومثل من يفقد بين الصفين عند الحرب، أو يفقد في البحر عندما تنكسر السفينة فيغرق قوم وينجو آخرون، هؤلاء يغلب عليهم الهلاك وأشباههم.
أما الأول فاختلف العلماء في المدة وهو الذي غالبه السلامة فقال قوم: يحد له تسعون سنة من حين ولد فإذا مضت تسعون من يوم ولادته حكم بموته وقسم ماله، واعتدت امرأته.
وقال آخرون: مائة وعشرون سنة لأن الإنسان قد يعيش مثليها.
وقال آخرون: لا يتحد بشيء بل يرجع إلى اجتهاد ولي الأمر فينظر ويجتهد، فإذا ثبت خبر موته بالبينة قسم ماله وانتهى الأمر، واعتدت زوجته إن كان له زوجة.
أما إذا لم يعرف خبره فإن القاضي يجتهد ويتحرى ويسأل ولا يتحدد بتسعين ولا بمائة وعشرين ولا بغير ذلك بل يختلف بحسب الأحوال، فإذا غلب على الظن موته بالأمارات والعلامات حكم القاضي بذلك واعتدت زوجته وقسم ماله، وهذا هو الصواب، هذا هو الأرجح أنه لا يتحدد بتسعين ولا بمائة وعشرين، ولا بغير ذلك، ولكن يرجع إلى اجتهاد ولي الأمر، إذ لم يثبت خبره بالبينة.
أما الحالة الثانية وهي التي غالبها الهلاك فقال الأكثرون: أنها مثل الأولى وأنها لا تتحدد بل يجتهد القاضي فيها حسب ما يرى.
وذهب أحمد وجماعة إلى أنه يتحدد بأربع سنين، وهذا المعروف عن عمر أنه حدد بأربع سنين، وعن عثمان كذلك، قالوا: فهذا يقتصر فيه على ما ورد عن عمر رضي الله عنه وأرضاه وهو خليفة راشد وقد اجتهد، فتكون أربع سنين، فإذا مرت الأربع حكم بموته لأن الغالب هلاكه واعتدت زوجته وقسم ماله.
وهذا هو الأقرب إن شاء الله والأظهر، أما قول الجمهور بأنه كالأول ففيه نظر، ليس من غالبه الهلاك مثل من غالبه السلامة.
أما كيفية الإرث، فقد ذكر العلماء أنه يجعل له مسألتان:
مسألة حياة وتقسم على الورثة، ومسألة موت تقسم على الورثة، ثم ينظر بين المسألتين بالنسب الأربع، فإن كانتا متباينتين ضرب إحداهما في الأخرى وما صح فهو جامع للمسألتين، وإن تماثلتا اكتفى بإحداهما، وإن تناسبتا يعني مداخلة فهي للكبرى، وإن توافقتا ضرب وفق إحداهما في الأخرى وما تحصل فهو الجامعة.
ثم تنظر في الورثة فمن كان يرث في الحالين على حد سواء أعطيته إرثه كاملًا ..........، ومن كان يختلف إرثه في الحياة والموت ولكنه يرث فيهما لكن يختلف عد الأقل احتياطًا أخذا بالحيطة، ومن كان لا يرث في أحد التقديرين لم يعط شيئًا حتى يتبين أمر المفقود، مثل ما تقدم في الحمل والخنثى، فيعطي من يرث فيهم الأقل، وتعطي من يرث فيهم على السواء فرضه، والباقي يوقف، فإن ظهر حيًا أخذه، وإن حكم بموته صار لورثته، وإن بان أنه مات قبل موت قريبه رد المال إلى مستحقه الموقوف، وسيأتي في هذا إن شاء الله .في الأيام الآتية إن شاء الله.
وفق الله الجميع.
 ...................
سبق الكلام على الخنثى والحمل وبقي الكلام على المفقود، والمفقود هو الذي يغيب عن أهله غيبة لا تعرف أخباره فيها، يعني تنقطع أخباره ولا يعرف أحي أم ميت؟ فيقال له مفقود كل إنسان خرج من أهله للتجارة أو في جهاد أو لقضاء حاجة أو للصلاة أو لغير ذلك ثم لم يرجع وانقطع خبره، فهذا يقال له مفقود وله حالان:
أحدهما: أن تكون حاله يغلب فيها ظن الهلاك.
والحالة الثانية: يغلب فيها ظن السلامة.
فأما الأولى: وهي ما يغلب فيها ظن الهلاك، فقد جعل عمر رضي الله عنها أن يقدر فيها أربع سنين، وقد رواه مالك عنه ذلك، ورواه الشافعي أيضًا، وهو المشهور عن جماعة من السلف أنه يضرب لهم أربع سنين، يضرب له ولي الأمر أربع سنين، أي الحاكم وبعد مضي الأربع يحكم بموته ويرثه ورثته وتعتد زوجته إن كان له زوجة أربعة أشهر وعشرًا وهذه الحال مثلوا لها بأمثلة:
منها: إذا خرج لحاجة من بيته فلم يرجع لأن الغالب أن هذا هلك، أو خرج للصلاة ولم يرجع أو كان في مركب غرق فنجا قوم ومات آخرون منهم، فإن الغالب أنه مع الهالكين لانقطاع أخباره، وهكذا ما أشبه ذلك من الأشياء التي يغلب فيها ظن الهلاك، فهذا يضرب له أربع سنين بالنظر إلى ما يرضاه الحاكم الشرعي، وتبقى هذه المرأة ليس لها الزواج حتى تمضي الأربع، فإذا مضت الأربع اعتدت أربعة أشهر وعشرًا ثم جاز لها النكاح، وحكم بموت هذا الفقيد، وقسم ماله بين ورثته، وهذا كله إذا كان عندها ما ينفق عليها من ماله، أما إذا كانت تطلب النفقة وليس لها نفقة وليس له أولاد أو أخوة أو أب ينفق عليها وليس له مال ينفق عليها منها، فإنها إذا طلبت الفسخ، يفسخ النكاح من جهة القاضي ......، أما إذا كان لها نفقة ومال ينفق عليها منه؛ فإنها تبقى أربع سنين، ثم بعد ذلك يحكم القاضي بموته.
والحال الثانية إذا كان يغلب فيه السلامة كالذي يخرج للتجارة أو السياحة أو لطلب العلم؛ فهذا يغلب فيه ظن السلامة إذا انقطعت أخباره. قال بعض أهل العلم: يضرب له تسعون سنة من حين ولد، وهذا معروف في مذهب الحنابلة، وقال آخرون: بل مائة وعشرون سنة لأنه قد يعيش مائة وعشرين سنة، وقال آخرون غير ذلك، وقال جماعة من أهل العلم: يجتهد القاضي ويتحرى ثم يحكم بموته، وهذا القول الأخير هو الأصلح والأوفق، فالأصل بقاء الميت ولا يضرب له حد محدود، لا تسعين ولا سبعين ولا مائة ولا غير ذلك، بل ينظر ولي الأمر الحاكم الشرعي أو خليفة المسلمين من يستنيبه في هذا، فيبحث ويسأل ويتحرى أخباره، والمظان التي يمكن أن يعثر عليه فيها أو يوجد خبره عنه فيها، فإذا تحرى واجتهد ولم يوجد خبر حكم بموته سواء بعد عشر سنين أو عشرين سنة أو خمسة عشر سنة أو أقل أو أكثر، يتحرى ويجتهد في ذلك ويسأل من يحسن سؤاله، فإذا اجتهد في ذلك نفذ اجتهاده.
وللعلماء في هذا بحث في إرثه وفي زواج امرأته إلى غير ذلك، لكن يهمنا منها الآن الإرث، فإذا حكم الحاكم بموته اعتدت زوجته إن كان له زوجة، وقسم ماله بين ورثته، فإن مات أحد من الذين يرثون المفقود في مدة الانتظار فهذا هو محل البحث، إذا مات بعض من يرثهم المفقود فالصحيح الذي عليه الجمهور أنه يضرب له حالان يجعل له مسألتان:
مسألة حياة، ومسألة موت، وينظر بينهما بالنسب الأربع المباينة والموافقة والمماثلة والمداخلة، وتعطى ما تستحق من العمل ،ثم تقسم على الورثة الذين من جملتهم المفقود فمن كان يرث في الحالين على السواء أعطي حقه كاملًا، ومن يسقط في إحدى الحالين لم يعط شيئًا يوقف حتى يتبين مصير المفقود، ومن يرث متفاضلًا يعطى الأقل كما تقدم في حال الخنثى، هذا إرث بالتقدير، ولا تخرج الحال عن هذه الأحوال الثلاث، فإذا ....... يرث فيهما جميعًا على السواء مثل الزوجة والزوج عند وجود فرع وارث، والمفقود أحد الفرع الوارث أو ليس بفرع وارث؛ فإن حق الزوج والزوجة لا يختلف، فإذا مات ميت مثلًا عن زوج وعن بنت وعن ابن مفقود، فالزوج بكل حال ليس له إلا الربع؛ لأن البنت موجودة، سواء ظهر المفقود حيًا أو ميتًا يعطى الربع ولا يتغير، إنما يتغير فرض البنت لأنه إذا كان أخوها موجودًا فليس لها إلا الثلث، الباقي واحد من ثلاثة، الباقي واثنان لأخيها للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن كان بان موته قبل أمه فإنها تأخذ النصف اثنين من أربع، فيختلف إرثها، ولهذا تعطى الأقل البنت وهو واحد من أربعة التي هي أصل المسألة ويوقف اثنان؛ فإن بان حيًا حين ماتت أمه أعطي الاثنين، وإن بان ميتًا حين ماتت أمه أعطيت البنت واحدًا من اثنين صار لها النصف اثنان بقي واحد يعطى العصبة .......
ومن صور سقوطه في أحد الحالين:
إذا صارت المسألة أن يسقط في أحد الحالين؛ مثل: زوج وابن وأخ شقيق، فإن الأخ الشقيق يسقط في أحد الحالين إن بان حيًا سقط الأخ، وإن بان ميتًا ورث الأخ ..........
أما كونه يرث أو يختلف إرثه فمثل ما تقدم في البنت يختلف إرثها عند وجوده فترث الثلث الباقي بعد الزوج، وعند عدمه تأخذ النصف كاملًا فلا تعطى إلا الأقل، ويجعل ........ لورثة المفقود مسألتان كما تقدم ويعمل فيهما بما ينبغي من العمل بالإيضاح.
سيأتي في هذا أمثلة إن شاء الله
...................
باب الغرقى والهدمى والحرقى ونحوهم

وإنْ يَمُتْ قَوْمٌ بِهَدْمٍ أوْ غَرَقْ أوْ حادِثٍ عَمَّ الْجَمِيعَ كالْحَرَقْ
وَلَمْ يَكُنْ يُعْلَمُ حالُ السَّابِقِ فَلا تُوَرِّثْ زَاهِقًا مِنْ زاهِقِ
وعُدَّهُمْ كأنَّهُمْ أجانِبُ فَهَكَذا الْقَوْلُ السَّدِيدُ الصَّائبُ


الخاتمة

وَقَدْ أَتَى القَولُ عَلَى مَا شِئْنَا مِن قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ إِذْ بَيَّنَّا
عَلَى طَرِيقِ الرَّمْزِ والْإِشَارَهْ مُلَخَّصًا بأَوْجَزِ الْعِبَارَهْ
فالْحَمْدُ للهِ عَلَى التَّمامِ حَمْدًا كَثِيرًا تَمَّ فِي الدَّوامِ
نسْأَلُهُ العَفْوَ عَنِ التَّقْصِيرِ وَخَيْرَ ما نأْمُلُ فِي الْمَصِيرْ
وغَفْرَ ما كانَ مِنَ الذُّنُوبِ وسَتْرَ ما كَانَ مِنَ العُيُوبِ
وأفْضَلُ الصَّلاةِ والتَّسْلِيمِ عَلَى النَّبِيَّ الْمُصْطَفى الْكَرِيمِ
مُحَمَّدٍ خَيْرِ الأَنامِ العَاقِبِ وَآلِهِ الْغُرِّ ذَوِي الْمَناقِبِ
وصَحْبِهِ الأَمَاجِدِ الأبْرارِ الصَّفْوةِ الأَكابِرِ الأَخْيارِ


الشيخ:
هذا الباب في الغرقى والهدمى والحرقى ونحوهم هل يرث بعضهم من بعض أم لا إذا لم يعلم موتهم على التفصيل؛ هل ماتوا بهذا الأمر العام ولم تعرف أحوالهم من هو الأول، من هو الثاني من هو الثالث، فإنهم لا يتوارثون ولهذا قال: فلا تورث زاهقًا من زاهق يعني لا تورث ميتًا من ميت.
وهذه المسألة تنازع فيها العلماء، ولها صور خمس:
الصورة الأولى: أن يعلم أنهم ماتوا جميعًا وأنهم هلكوا جميعًا فهذه الصورة ليس فيها توارث عند الجميع لأن شرط الإرث أن يكون الوارث متأخرًا عن الموروث، وأن تعلم حياته بعد موروثه فإذا علم أنهم ماتوا جميعًا وهلكوا جميعًا حالًا فلا توارث بإجماع المسلمين.
الحال الثاني: أن يعلم ترتيب موتهم وأن هذا مات بعد هذا ولو بدقائق؛ فالمتأخر يرث المتقدم، فإذا كانوا مثلًا أخوان أو ثلاثة أو أربعة ماتوا وعلم المتقدم من المتأخر؛ فالمتأخر يرث المتقدم ولو بخمس دقائق ...... يعني متى علم أنه مات بعده ورثه.
الصورة الثالثة: أن تجهل الحال ولا يعلم هل ماتوا جميعًا أو تأخر بعضهم عن بعض.
الحالة الرابعة: أن يعلم تأخر بعضهم لكن تجهل عينه من هو؟ زيد أو عمرو أو خالد؟
الخامسة: أن يعلم ولكن نسي، علم أن بعضهم تأخر عن بعض لكن نسي من هو المتأخر ومن هو المتقدم.
فبهذه الصور الثلاث هذا محل النزاع، أما الصورة الأولى والثانية فليس فيها نزاع.
الصورة الأولى إذا ماتوا جميعًا فلا توارث.
الصورة الثانية إذا علم المتأخر من المتقدم. ولم ينس ففيها التوارث وليس فيها خلاف.
أما الخلاف ففي الثلاث إذا جهل الحال ولم يعرف السابق من اللاحق، والثاني: إذا علم أن أحدهم تأخر، ولكن جهل تعيينه. الثالثة: علم ونسي.
ففي هذه الأحوال الثلاث الأخيرة اختلف أهل العلم فروي عن عمر وعن علي رضي الله عنهما وعن ابن مسعود أنهم يتوارثون بالنسبة إلى قديم أموالهم ......... كل واحد يرث من الآخر من قديم ماله، لا ما ورثه من صاحبه وهو الطريف، بل يورثون مما كان عندهم من الأموال دون ما ورثه كل واحد من الآخر. وهذا قاله جماعة وذهب إليه أحمد ابن حنبل رحمه الله وجماعة من التابعين.
والقول الثاني: لا توارث؛ لأن من شرط الإرث تحقق حياة الوارث بعد الميت، وهنا ليس هناك تحقق لم يعرف المتأخر من المتقدم فلا توارث، وهذا هو المعروف عن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه الذي قال فيه النبي ﷺ: "أفرضكم زيد" وبه قال الجمهور، الأكثرون أنه لا توارث، وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة والأكثرين.
وهذا هو الأرجح والأقوى لفقدان شرط الإرث، فإن الشرط مفقود وهو تحقق حياة الوارث بعد موت المورث، هذا هو الأرجح في الدليل أنهم لا يتوارثون، ويكون مال كل واحد لورثته الأحياء دون من مات معه. هذا هو الأرجح.
وعلى القول بالتوريث الذي قاله أحمد وجماعة وهو المروي عن عمر وعلي وابن مسعود وجماعة من التابعين على هذا القول يورث بعضهم من بعض من المال القديم، من أموالهم لا مما ورثه كل واحد من الآخر، لأننا إذا ورثناه مما ورث الآخر لزم الدور وصاروا في توارث دائم، فلا يرث بعضهم من بعض إلا من المال القديم الذي هو التلاد.
وأما ما ورثه كل واحد من الآخرين فيكون للأحياء خاصة، على هذا القول.
فتقسم المسألة أولًا على الأحياء والأموات جميعًا، وتعطى حقها من العمل التصحيح، ثم بعد ذلك يجعل الميت الثاني يجعله له مسألة للأحياء من ورثته لا للأموات بل للأحياء خاصة حتى يقسم بينهم هذا الطريف الذي حصل له ممن مات معه، وهكذا وهكذا، حتى يكمل ورثة الميت الأول.
ثم ينتقل إلى الميت الثاني ويعمل معه كذلك، يقسم ماله القديم بين ورثته القدامى أي الأحياء ومن مات معه ثم ....... طريف كل واحد من الأموات يقسم بين ورثته الأحياء حتى يفرغ، ثم ينتقل إلى الميت الثالث وهكذا.
فالمال القديم بين الجميع والطريف بين الأحياء خاصة.
ويأتي في هذا إن شاء الله أمثلة غدًا.
وفق الله الجميع.
............................
بقي عليكم الرد ولا زلنا في بحث الرد وبحث ذوي الأرحام.
وهو مما قد تدعو الحاجة إليه؛ لأن بعض الموتى قد لا يكون له عصبة، بعضهم قد لا يكون له أهل فرض أيضًا، ولهذا بين أهل العلم حكم الرد وحكم ذوي الأرحام.
وأهل الرد هم أهل الفروض من غير الزوجين من الأقارب يقال لهم أهل الرد.
ومسائلهم منحصرة في أربعة أصول وكلها تقتطع من أصل ستة 2 و3 و4 و5 هذه أصول مسائل الرد.
والرد هو نقص في السهام يلزم منه زيادة الأنصبة، السهام قليلة ما تستوفي المسألة، فيبقى فيها فضل، ويرد عليهم وتزيد سهامهم لأنه ليس هناك عاصب، ومسائل الرد شرطها ألا يكون هناك عاصب وأن تكون الفروض التي في المسألة أقل من حجم المسألة بل يبقى فيها شيء، هذا هو محل الرد، شرطان:
أحدهما: أن تكون السهام أقل ما تستوفي المسألة، والشرط الثاني: أن يكون العصب مفقودين غير موجودين فعند ذلك يرد على أهل الفروض ما بقي على قدر أنصبائهم ومن أخذ النصف يعطى النصف من الباقي الذي يستحقه العاصب إذا وجد، ومن أخذ السدس يعطى السدس، ومن أخذ الربع يعطى الربع، وهكذا فالرد عليهم على قدر سهماهم، وإذا كان الوارث واحدًا أخذه كله فرضًا وردًا كالعاصب.
فلو مات ميت عن أم فقط ما وراءه عصبة، فلها ماله كله فرضًا وردًا، لها الثلث فرضًا والباقي ردًا كالعصب.
وهكذا لو مات عن أخ لأم أو عن بنت أو بنت ابن أو أخت تأخذ ماله كله فرضًا وردًا، ومن أدلة ذلك عموم قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال:75] فهم أولى بالمال من غيرهم وأولى من الزوجين فليسوا من ذوي الأرحام.
وثبت في صحيح مسلم عن النبي ﷺ أن امرأة أعطت أمها جارية ثم توفيت الأم فأعطى النبي ﷺ البنت الجارية التي أعطتها أمها وقال: «وجب أجرك على الله، وردها عليك الميراث»، فرجعت إليها الجارية نصفها فرض ونصفها رد، ووجب أجرها على الله؛ لأنها طابت بها نفسًا في حياة أمها لخدمتها.
وقد يكونون عددًا؛ فإذا كانوا مستويين صاروا كالعصبة يعطون المال بينهم، كثلاث بنات، أو بنات ابن، أو ثلاث أخوات، أو جدتين ،أو ثلاث جدات يأخذون المال كله على السواء، فإذا هلك هالك عن ثلاث بنات وليس له عصبة فالمال بينهم أثلاثًا، وإذا هلك عن خمس أخوات وليس له عصبة وكلهم أشقاء أو كلهم لأب أو كلهم لأم فالمال بينهم على عدد رءوسهم ولو كانوا عشرًا كذلك أو أكثر؛ فالمال بينهم كالعصبة سواء.
فأما إن اختلف إرثهم فيجعل لهم مسألة توضع من أصل ستة فتارة تكون من اثنين، مثل جدة وأخ لأم؛ فالجدة لها السدس، والأخ له السدس، والباقي أربعة ترجع إليهم تكون من اثنين أنصاف للجدة النصف فرضًا وردًا والأخ لأم النصف فرضًا وردًا.
وإن كان فيهم ثلث أو ثلثين صارت من ثلاثة؛ مثل: أخوين لأم وأختين شقيقتين فهذه عادلة مستوية، لكن مثل أم لها الثلث ومعها أخ لأم تكون من ثلاثة، الأم الثلث اثنان أصلها من ستة، الأم لها الثلث اثنان، والأخ لأم السدس واحد يبقى ثلاثة ترجع إليهما، تأخذ الأم اثنين لأن لها في الأصل اثنين، وتأخذ الأم واحد لأن له واحد فيرجع إليهما الرد على حسب سهامهم.
وهكذا لو كان أم وبنتين أو أختين شقيقتين أصلها من ستة وترجع إلى خمسة.
للأم السدس واحد، وللبنتين أو الأختين الثلثان أربعة يبقى واحد يرد عليهم أخماسًا، تأخذ الأم خمسها، وتأخذ البنتان أو الأختان أربعة أخماس وتكون من خمسة.
وإذا كان معهم زوج أو زوجة يعطى الزوج حقه، والزوجة حقها، والباقي لأهل الرد.
فإذا هلك هالك عن زوج وأم يعطى الزوج النصف والباقي للأم فرضًا وردًا.
وإذا هلك هالك عن زوجة وأم تعطى الزوجة الربع من أربع والباقي للأم فرضًا وردًا.
 هلك هالك عن زوجة وبنت، من ثمانية، للزوجة الثمن واحد، والبنت لها الباقي سبعة فرضًا وردًا، أو بنت ابن كذلك.
وهكذا لو هلك هالك عن زوج وبنت، فللزوج الربع، والباقي للبنت فرضًا وردًا.
وإذا كان أخذ أهل الرد واحدًا أخذ الباقي بعد الزوج أو الزوجة، وإذا كانوا عددًا متساويين أخذوه أيضًا بعد فرض الزوج ...... كبنات أو أخوات أو جدات يعطى الزوج حقه أو الزوجة حقها، والباقي بينهم كالعصبة، إن انقسم عليهم فالحمد لله وإلا أخذ رءوسهم إن كان مماثلًا، أو وفق رءوسهم إن كان موافقًا ويضرب في أصل المسألة ....... الزوجية ومنها تصح يعطى الزوج أو الزوجة حقه مضربا في جزء السهم والباقي لهم .......
وإذا كان لم ينقسم عليهم جعل لهم مسألة مستقلة كأم وبنت وزوج، مسألة الزوجية من اثنين، الزوج واحد النصف، والباقي واحد لأهل الرد.
ومسألة الرد: أم وبنت من أربعة أصلها من ستة، البنت النصف، والأم لها السدس، ويبقى اثنان ترجع إليهما من أربعة، والباقي نصف الزوجية واحد ما ينقسم على أربعة، فتثبت مسألة الأربعة وتعطى أصلها اثنين، ثمانية للزوج واحد في أربعة بأربعة، ولهم واحد في أربعة بأربعة الأم واحد، والبنت ثلاثة، وهكذا من أشباه ذلك...
...............................