85 من: (باب تعظيم حُرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم )

 
27- باب تعظيم حُرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم
قَالَ الله تَعَالَى: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج:30]، وَقالَ تَعَالَى: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]، وَقالَ تَعَالَى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر:88]، وَقالَ تَعَالَى: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة:32].
1/222- وعن أَبي موسى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: الْمُؤْمنُ لِلْمُؤْمِن كَالْبُنْيَانِ يَشدُّ بعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِه. متفق عليه.
2/223- وعن أبي موسى قال: قال رسولُ اللَّه ﷺ: مَن مَرَّ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنَا أَوْ أَسْوَاقِنَا ومَعَه نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ، أَوْ لِيَقْبِضْ عَلَى نِصالِهَا بِكفِّهِ أَنْ يُصِيب أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا بِشَيْءٍ مُتَّفَقٌ عليه.
3/224- وعن النُّعْمَانِ بنِ بشِيرٍ رضي اللَّه عنهما قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: مثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَداعَى لهُ سائِرُ الْجسدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى متفقٌ عليه.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الآيات والأحاديث كلها تتعلق ببيان حُرمة المسلمين، ووجوب الكفِّ عن أذاهم، والعناية بهم، ورحمتهم والإحسان إليهم، قال جل وعلا: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج:30]، وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]، وقال تعالى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر:88]، وقال جل وعلا: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71]، وقال سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] إلى غير ذلك مما يدل على وجوب حرمة المسلمين، والحذر من أذاهم وظلمهم، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب:58].
فالواجب على كل مؤمنٍ أن يحترم إخوانه وأخواته في الله، وألا يُؤذيهم: لا في قول، ولا في عمل، كل واحدٍ له حرمة، فالواجب احترامه حتى لا يُصاب بأذى، إلا ما كان من سبيل القصاص، فالله جعل القصاصَ بين المسلمين، وأما أن يظلمه بغير حقٍّ فالواجب الحذر من ذلك: كلُّ المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه، ويقول النبيُّ ﷺ: إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا –يوم النحر- في شهركم هذا -شهر ذي الحجة- في بلدكم هذا –مكة، ويقول ﷺ: المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشُدُّ بعضه بعضًا وشبَّك بين أصابعه، فالمؤمنون يتعاونون، ويشدُّ بعضُهم بعضًا، ويُعين بعضُهم بعضًا، ويُواسي بعضُهم بعضًا، كالبنيان يشدُّ بعضُه بعضًا، فلا ينبغي للمؤمن أن يتساهل في هذا الأمر، وأن يظلم أخاه، بل يجتهد في الإحسانِ إليه، وكفّ الأذى عنه؛ لأنه أخوه في الله، له حرمته، وله حقّه.

وقال عليه الصلاة والسلام: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسد بالسَّهر والحُمَّى يعني: المؤمن كالمؤمن لا بدّ من العناية به، ورحمته إياه، لا يظلمه، ولا يؤذيه، مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد يعني: الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسد بالسَّهَر والحُمَّى، مثلًا إذا اشتكى عينه تأذَّى الجسد، وإذا اشتكى بطنه أو اشتكى رجله تألم الجسد كله وسهر وتعب ورجع للأطباء، فالمسلم أخو المسلم، لا بدّ أن يلاحظ حقَّه عليه، ويبتعد عن أذاه: في نفس، أو في مال، أو في عرض.

كذلك يقول ﷺ: مَن مَرَّ في مساجدنا أو في أسواقنا بنَبْلٍ فليأخذ بنصالها يعني: ليُمْسِك حتى لا يُصيب أحدًا من المسلمين بشيءٍ من الأذى، وهكذا إذا مرَّ بحطبٍ أو أخشابٍ أو أبوابٍ أو أشياء من ذلك، يحذر أن يؤذي الناس؛ لأنه إذا مرَّ بخشبٍ قد يؤذي أحدًا، أو بالأبواب، أو بالحطب، أو بالحشيش، أو ما أشبه ذلك، فعليه أن يتحرى ألا يؤذي مَن حوله من الناس، كما لو مرَّ بالنبال أو بالسيوف أو بغير هذا مما يكون له أطرافٌ قد تُؤذِي.
والمقصود من هذا أنَّه ﷺ يحثُّ المسلمين على أن يهتموا بكفِّ الأذى عن إخوانهم ولو من غير قصدٍ، فالأشياء التي يُخشى أن تؤذي -حطب أو نبال أو خشب أو أبواب أو غير ذلك في الأسواق- ينبغي أن تُلاحَظ حتى لا يُؤذَى بها أحدٌ.
 وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: كيف يمكن التوفيق بين هذه الأشياء وما يجري في عالمنا الإسلامي الآن من القتل والضرب والحقد؟
ج: هذا من غربة الإسلام.
س: ما العلاج؟
ج: العلاج التناصح، والتعاون على البر والتقوى بين المسلمين، وبين دعاة الحق، وبين أهل العلم، وبين العقلاء، هذا هو الواجب. فالله يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، ويقول سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [التوبة:71]، ويقول سبحانه: وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3]، وكان بين الأوس والخزرج دماءٌ عظيمة ووحشة وقتال، فلمَّا هداهم الله للإسلام وتعاونوا على البِرِّ والتقوى أزال ذلك بسبب ما أعطاهم الله من الإيمان والهدى والتقوى، وهكذا بين العرب، فالقبائل يغزو بعضُها بعضًا، ويقتل بعضُها بعضًا، فلمَّا هداهم الله للإسلام وعرفوا تحريم ذلك كفَّ بعضُهم عن بعضٍ، فلا علاج لهذا إلا بالدين، فإذا فقدوا الدين جاءت الكوارث، وجاء البلاء -نسأل الله السلامة-.
س: الشَّراب الشَّفَّاف يُمْسَح عليه؟
ج: إذا كان يُبَيِّن اللحمَ لا يُمْسَحُ عليه، إلا إذا كانت خروقُه يسيرةً يُعفا عنها.
س: بعض أجزائه شفافة؟
ج: أما إذا كان شفافًا فلا يُمْسَح عليه، لا بدّ من جورب ساترٍ، أو مدسّ، أو خُفٍّ ساتر، هذا هو المقصود.
س: يبقى شيء يسير؟
ج: الشيء اليسير يُعفا عنه عند جمعٍ من أهل العلم، الخروق اليسيرة.
س: طلَّق امرأته وأتت بأبناء من زوجٍ غيره، وأحد الأبناء هؤلاء بنت، يقول: هل يجوز لي الآن أن أتزوج بنتَ زوجتي السابقة؟
ج: ما دام قد دخل بها فهي محرمٌ له.
س: مَن هو المحرم؟
ج: محرم لزوجها السابق، إذا جاءت من الزوج الجديد تكون محارم للزوج السابق إذا كان قد دخل بها، قد وطئها يعني.
س: وهي تغطي عنه الزوجة المطلقة؟
ج: نعم، بانت منه إذا كان طلاقًا بائنًا أو رجعيًّا، وخرجت من العدة صارت أجنبيةً، والله يقول: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23]، والدخول: الوطء.
س: يعني لا تقف الآية عند الربيبة الموجودة؟
ج: لا، ما هو بلزوم، الأولاد الذين كانوا قبله والذين جاءوا بعده كلهم محارم إذا كانوا بناتًا، فِي حُجُورِكُمْ هذا وصف أغلبي، ما هو بلازم، ولهذا قال بعده: فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ، ولم يقل: فإن لم يكونوا في حجوركم فلا جناح عليكم. فالحجور وصفٌ أغلبيٌّ، ما هو بلازمٍ، وقال النبيُّ ﷺ لأم حبيبة: لا تعرضنَّ عليَّ بناتكن ولا أخواتكن.
س: يسأل طالبٌ عن صحة حديث: أنَّ جبريل عليه السلام يقول لرسول الله ﷺ: ما كرهتُ أحدًا كرهي لفرعون، ولو تراني يا رسول الله وأنا آخذ الماءَ وأرمي في فمه حتى لا يشهد الشهادة فيرحمه الله؟
ج: ما أعرف هذا.
س: يقول السائل: ما آخر وقت طواف الإفاضة؟
ج: الصحيح أنه ليس له حدٌّ، لكن البِدار به في أيام النحر أفضل، ولو ما طاف إلا بعد -لآخر الشهر أو في المحرم أو في صفر- أجزأ، لكن المبادرة به في أيام منى أفضل.
س: يقول سائل: يرى غيرُ واحدٍ من العلماء أنَّ الاعتمار في شهر رجب بدعة، فما رأي سماحتكم؟
ج: لا بأس به، كان السلف يفعلونه كما ذكر ابن رجب، فكان عمر وغيره يعتمر في رجب، وصحَّ الحديثُ عن ابن عمر أنَّ النبي ﷺ اعتمر في رجب.
س: وكذلك عمرة في أيام الحج أو شهر الحج؟
ج: يفعل، العمرة في ذي القعدة فضيلة، اعتمرها النبيُّ ﷺ، وفي رمضان كذلك تعدل حجة، فالعمرة في كل وقت، يقول النبي ﷺ: العمرة إلى العمرة كفَّارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة .........
س: سائلة تقول: خطبها شخصٌ ممن يُرْضَى دينُهم، فأبى أبوها أن يُزَوِّجها، ماذا تفعل وأبوها ليس ملتزمًا؟
ج: تُراجع المحكمة.