102 من: (باب الوصية بالنساء)

 
34- باب الوصية بالنساء
قَالَ الله تَعَالَى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وَقالَ تَعَالَى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:129].
1/273- وعن أبي هريرةَ قَالَ: قالَ رسول ُ اللَّه ﷺ: اسْتوْصُوا بِالنِّساءِ خيْرًا، فإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوجَ مَا في الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهبْتَ تُقِيمُهُ كَسرْتَهُ، وإِنْ تركتَهُ لَمْ يَزلْ أَعوجَ، فاستَوْصُوا بِالنِّسَاءِ متفقٌ عَلَيهِ.
وفي روايةٍ في "الصحيحين": المَرْأَةُ كالضِّلَعِ، إِنْ أَقَمْتَها كسَرْتَهَا، وإِنِ استَمتَعْتَ بِهَا اسْتَمتعْتَ وفِيها عِوَجٌ.
وفي روايةٍ لمسلمٍ: إِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِن ضِلَعٍ، لَنْ تَسْتَقِيمَ لكَ علَى طريقةٍ، فَإِنْ استمتعْتَ بِهَا اسْتَمتَعْتَ بِهَا وفِيها عِوجٌ، وإِنْ ذَهَبْتَ تُقيمُها كسرتَهَا، وَكَسْرُهَا طلاقُها.
2/274- وعن عبداللَّه بن زَمْعَةَ : أَنه سمعَ النبيَّ ﷺ يخْطُبُ، وذكَر النَّاقَةَ والَّذِى عقَرهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا [الشمس:12] انْبعثَ لَها رَجُلٌ عزِيزٌ، عارِمٌ، منِيعٌ في رهْطِهِ، ثُمَّ ذكَرَ النِّساءَ، فَوعظَ فِيهنَّ، فَقالَ: يَعْمدُ أَحَدُكُمْ فيَجْلِدُ امْرأَتَهُ جَلْد الْعَبْدِ فلَعلَّهُ يُضاجعُهَا مِنْ آخِر يومِهِ، ثُمَّ وَعَظهُمْ في ضحكهِمْ مِن الضَّرْطَةِ وَقالَ: لِمَ يضحكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يفعلُ؟! متفق عليه.
3/275- وعن أَبي هريرةَ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً؛ إِنْ كَرِهَ مِنها خُلُقًا رضِيَ مِنْهَا آخَرَ، أَوْ قَالَ: غَيْرَهُ رواه مسلم.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الآيات والأحاديث في الحثِّ على الوصية بالنساء خيرًا، والإحسان إليهن، وعدم تتبع عثراتهن؛ لأنه لا بدّ لهن من عثرةٍ وعوجٍ، فالمشروع للزوج الصبر وعدم التسرع في الطلاق، ولهذا قال جل وعلا: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وقال: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]، فالواجب على الزوج أن يتقي الله في النساء، وأن يستوصي بهن خيرًا، كما أمر النبي ﷺ بذلك، وأن يحذر من ظلمهن، والعدوان عليهن، وتقدَّم الحديث: إني أُحَرِّج حقَّ الضَّعيفين: المرأة، واليتيم.
فكثيرٌ من الأزواج أسدٌ على الزوجة، نعامة عند غيرها، لا ينبغي هذا، لا ينبغي أن يتأسَّد على الزوجة بالضرب والأذى والسب ونحو ذلك بدون موجبٍ، بل ينبغي الرفق، والصبر، والوصية بهن خيرًا، وتعديل العوج بالأسلوب الحسن، والتفاهم، والتعاون على الخير، لا بالضرب والقوة والشدة، ولهذا قال ﷺ: استوصوا بالنساء خيرًا، قال هذا في خطبته في حجة الوداع على رؤوس الأشهاد، يوم عرفة، يُوصيهم بأزواجهم خيرًا، فإنها خُلِقَتْ من ضِلَعٍ، وفي اللفظ الآخر: من ضِلَعٍ أعوج، فإذا ذهبتَ تقيمها كسرتها، وإن تركتها لم يزل، وكسرها طلاقها، وفي اللفظ الآخر: لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً، إن سخط منها خلقًا رضي منها خلقًا آخر، لا بدّ أن يُلاحظ أخلاقها الطيبة، وأعمالها الطيبة معه، ومع أولاده، ويتحمل بعضَ النقص الذي قد يقع عند الغضب، وعند سوء المعاملة.
فكثيرٌ من الناس لا يتحمل، عند أقل خطأ يُطلِّق، أو يضرب، وهذا لا ينبغي، ينبغي للمؤمن أن يكون عنده سعة بال، وعنده تحمل في إصلاح العوج، وفي إصلاح الأخطاء بالكلام الطيب، والوصية، والنصيحة، والتحمل، وعدم المسارعة إلى ضربٍ، أو طلاقٍ، ومتى تأمل في حقِّ المؤمنة رضي منها أخلاقًا كثيرة، وإن ساءه خلقٌ يجد منها أخلاقًا طيبةً تسره، فينبغي أن يتحمل بعضَ أخلاقها التي فيها نقص من أجل أخلاقها الطيبة، ولن يجد امرأةً معصومةً، لا بدّ من نقصٍ، كما قال ﷺ في الحديث الصحيح: ما رأيتُ من ناقصات عقلٍ ودينٍ من إحداكنَّ، لو أحسن زوجُها إليها الدهر كله ثم رأت منه شيئًا قالت: ما رأيتُ منك خيرًا قط، نسيت كل شيء، نسيت إحسانه الكثير عند وجود زلَّةٍ منه.
ويقول ﷺ: لا يجلد أحدُكم امرأتَه جلد العبد يعني: لا يُسويها بالخادم، بالعبد، فيجلدها ويشتد في الضرب، لا، إذا كان ولا بدّ فضربًا خفيفًا، كما قال سبحانه: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34]، وفي حديث خطبة حجة الوداع قال: ولهنَّ عليكم رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف، ولكم عليهن ألا يأذنَّ في بيوتكم لمَن تكرهون، وألا يُوطئنَ فرشكم مَن تكرهون، فإن فعلن فاضربوهنَّ ضربًا غير مبرح يعني: خفيفًا لا يُؤَثِّر؛ لقوله تعالى: وَاضْرِبُوهُنَّ يعني: المراد الضرب الخفيف الذي لا يترتب عليه جرحٌ ولا كسرٌ، ويحصل به التأديب والتخويف، ولهذا قال ﷺ: لا يجلد أحدُكم امرأتَه جلد العبد يعني: لا يُسويها بجلده لعبيده، فلعله يُضاجعها من آخر النهار، يعني: ربما سمح عنها في مدةٍ قريبةٍ بعد هذا الأذى.
ووعظهم في الضَّرطة أيضًا فقال: لِمَ يضحك أحدُكم مما يقع منه؟! يعني: ينبغي الستر، فإذا وجد شيئًا في الحلقة بين الإخوان -ضرطة أو غيرها- فلا يُضحك منه ويفشل، يعني: يُعْرِض عن هذا، كأنَّه ما صار شيء؛ لأنَّ هذا يقع من زيدٍ ومن عمرو، فلم تضحك منه؟! قد يقع منك أنت أيضًا على غير اختيارك، فالستر مطلوبٌ، والغلطة تقع بين الناس، قد يزل بكلمةٍ، قد تقع منه ضرطة عند تحركه، فينبغي الإعراض عن هذا، وكأنَّك ما رأيتَ ولا سمعتَ، من باب التعاون على الخير، ومن باب الإحسان إلى الإخوة في الزَّلات اليسيرة، والهنات اليسيرة، فالإنسان يُعْرِض عنها، ولا يكون بينه وبين أخيه ما يُسبّب الكدر والفرقة والاختلاف.
وهكذا قد يزل بكلمةٍ لكن ما يُثمن لها ولا يعقل لها بالًا، فكأنها ما صارت، ويُعرض عنها، ولا يُشَنِّع عليه بها، وإذا نُصح نصيحةً خاصةً فلا بأس.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: سألتكم عن حكم التَّبرع بالكُلَى بحضور الشيخ عبدالعزيز القاسم، وكان جوابكم أنكم متوقفون، وفي إحدى المرات قلتم حفظكم الله: أنكم متوقفون، والمنع أقرب، ثم نقلت هذه الفتوى إلى المدرسة، فأحضر أحد المدرسين ورقةً مصورةً من "المجلة العربية" أحضرها أحدُ الطلاب، فيها فتوى لكم بجواز التبرع بالكلى، هل تأذنون حفظكم الله بقراءتها عليكم؟
ج: هذا رأي بعض أعضاء المجلس.
س: ذكر أنَّها لكم أحسن الله إليكم.
ج: ولو، فأنا راجعٌ عنها إن صحَّتْ عني.
س: أقرأها عليكم؟
ج: الصحف تنشر ما هَبَّ ودَبَّ.
س: إذن ما الذي استقررتم عليه حفظكم الله؟
ج: أنا أرى عدم التبرع، المسلم محترم حيًّا وميتًا، لا يُقطع منه شيء.
س: هل يجوز إنشاء بنك للبن الآدميات؟
ج: لا يجوز، هذا فسادٌ كبيرٌ، هذا يترتب عليه إلحاق أنسابٍ بعد الموت، ما يجوز، هذا يجب إتلافه.
س: من الممكن أن يُجعل هذا اللبن في عبوات، ويُجعل على كل عبوةٍ معلومات عن هذه المرأة؟
ج: لا، ما يصلح، يجب القضاء عليه.
س: الاعتراض على بعض الألفاظ مثل: كرمك الله ...؟
ج : هذا غلط.
س: البعض إذا أراد أن ينادي زوجته يقول: يا هيش يا ولد؟
ج: لا، يا أم فلان، طيب، يا فلانة، أو يا أم فلان، وإذا اصطلحوا على "هيش" فهو معروف، "هيش" يعني: تعالي، مصطلحين عليه.
س: بعض الناس اعتادوا أن يقولوا: يا هيش؟
ج: هذا اصطلاح، كلمات معروفة.