110 من: (باب وجوب أمره أهله وأولاده المميزين وسائر مَن في رعيته بطاعة الله تعالى ونهيهم عن المخالفة..)

 
38- باب وجوب أمره أهله وأولاده المميزين وسائر مَن في رعيته بطاعة الله تعالى، ونهيهم عن المخالفة، وتأديبهم، ومنعهم من ارتكاب مَنْهِيٍّ عَنْهُ
قَالَ الله تَعَالَى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132]، وَقالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا [التحريم:6].
1/298- وعن أبي هريرةَ قَالَ: أَخذ الحسنُ بنُ عليٍّ رضي اللَّه عَنْهُما تَمْرةً مِنْ تَمرِ الصَّدقَةِ، فَجعلهَا في فِيهِ، فَقَالَ رسولُ الله ﷺ: كِخْ، كِخْ، ارمِ بِهَا، أَما علِمْتَ أَنَّا لا نأْكُلُ الصَّدقةَ؟! مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وفي روايةٍ: أنَّا لا تَحِلُّ لنَا الصَّدقةُ.
2/299- وعن أَبي حفْصٍ عمَرو ابن أَبي سلَمةَ عبدِاللَّه بنِ عبدِالأَسد ربيبِ رَسُول الله ﷺ قَالَ: كُنْتُ غُلامًا في حِجْرِ رسول الله ﷺ، وكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لي رسولُ الله ﷺ: يَا غُلامُ، سَمِّ اللَّهَ تَعَالَى، وَكُلْ بِيمِينِكَ، وكُل ممَّا يليكَ، فَما زَالَتْ تِلْكَ طعْمتي بعْدُ. متفقٌ عَلَيهِ.
3/300- وعن ابن عمَر رضي اللَّه عنهما قال: سَمِعتُ رَسُولَ الله ﷺ يقول: كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مسئولٌ عنْ رعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ ومسئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ رَاعٍ في أَهْلِهِ ومسئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيةٌ في بَيْتِ زَوْجِهَا ومسئولة عَنْ رعِيَّتِهَا، والخَادِمُ رَاعٍ في مالِ سيِّدِهِ ومسئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فكُلُّكُمْ راعٍ ومسئولٌ عنْ رعِيَّتِهِ متفقٌ عَلَيهِ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كلها تتعلق بوجوب قيام الرجل على أهل بيته، من: زوجة، وأولاد، وخدم، وأيتام، يُوجِّههم إلى الخير، ويأمرهم بطاعة الله، وينهاهم عن معاصي الله؛ لأنَّه راعٍ عليهم، مسئول عن رعيته، قال الله جل وعلا يُخاطب نبيه عليه الصلاة والسلام: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132]، ورسول الله يأمر أهله، والأهل يدخل فيهم: الزوجة والبنات والأخوات وجميع مَن في البيت من أقاربه، ويدخل فيهم أيضًا تبعًا لهم: العُمَّال والخدم؛ لأنهم تبع أهل البيت، فالواجب على صاحب البيت أن يقوم على الجميع بما أوجب الله: كأمرهم بالصلاة، وتحذيرهم من معاصي الله، وتأديبهم، كما في الحديث: مروا أولادكم بالصلاة لسبعٍ، واضربوهم عليها لعشرٍ، ويقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6]، فأمر المؤمنين جميعًا أن يقوا أنفسهم وأهليهم عذاب الله، وذلك بالتوجيه، والتأديب، والإرشاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق، كل هذا من أسباب الوقاية، ومَن يستحق الأدب يُؤَدَّب تارةً بالتوبيخ، وتارةً بالضرب، وتارةً بالسجن، إلى غير هذا من وجوه التأديب.

ويقول النبيُّ ﷺ للحسن لما أخذ تمرةً من الصدقة: كخ، كخ، أما علمتَ أنَّا لا تحل لنا الصدقة؟! وهو صغير، فقد مات النبيُّ ﷺ وهو ابن سبعٍ، ومع هذا أمره قال: دعها؛ لأن الله حرم الزكاة على بني هاشم، وقال: إنها لا تنبغي لمحمدٍ، ولا لآل محمدٍ، فهذا تعليمٌ منه ﷺ للصبي الصغير حتى ينشأ على العلم الشرعي والأحكام الشرعية.
وكان عمرو بن أبي سلمة المخزومي ربيب النبي ﷺ، أمه أم سلمة، تزوَّجها النبي ﷺ بعد أبي سلمة، لما مات في سنة أربع من الهجرة بجرحٍ انتقض عليه يوم أحدٍ، تزوجها النبي ﷺ بعد ذلك، وكان عندها أولاد من أبي سلمة منهم عمرو، وكانت تطيش يده في الصحفة عند الطعام، مرة يأكل من هنا، ومرة من هنا، صغير يمد يده هاهنا وهاهنا؛ فعلَّمه النبي ﷺ وقال: يا غلام، سَمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك؛ حتى يعتاد الآداب الشرعية.
يا غلام، سَمِّ الله، يعني قل: بسم الله عند الأكل، وكل بيمينك، وكل مما يليك، هذا هو الأدب الشرعي في الأكل: يُسَمِّي الله أولًا، ثم يأكل بيمينه، ثم يأكل مما يليه، لا يروح لجهة الناس الذين معه، بل يأكل مما يليه، إلا إذا كانت هناك أنواعٌ بعضها ما هو حوله؛ فلا بأس أن يأكل من النوع الآخر، وهذا كله من باب التأديب الشرعي والتعليم والتوجيه إلى ما فيه الخير للمُعَلَّم.

والحديث الثالث: يقول ﷺ: كلكم راعٍ، وكلكم مسئولٌ عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسئولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ في أهل بيته ومسئولٌ عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولةٌ عن رعيتها، والعبد راعٍ في مال سيده ومسئولٌ عن رعيته، ثم يقول ﷺ: ألا وكلكم راعٍ، وكلكم مسئولٌ عن رعيته، فالواجب على الرجل أن يُحسن الرعاية لأهل بيته، والمرأة كذلك، وهكذا العبدُ في مال سيده، وهكذا أميرُ البلد، أمير العشيرة، رئيس العشيرة، كبير البيت، يعتني بمَن تحت يده، كلكم راعٍ، وكلكم مسئولٌ عن رعيته كلمة جامعة عظيمة، من جوامع الكلم.
وهكذا المرأة التي تحتها أولاد، أو تحتها أيتام، فهي مسئولةٌ عنهم، وراعية عليهم، أو تحتها أخوات صغيرات، أو ما أشبه ذلك، أو خادمات؛ هي راعية، عليها أن تقوم عليهم بما يلزم، وهكذا لو كانت جدةً، أو كانت أختًا كبيرةً، أو كانت عمَّةً، أو خالةً تحتها صغار؛ فهي مسئولة حسب الطاقة: تُعلِّمهم، وتُوجِّههم، وتأمرهم، وتنهاهم، وتُؤَدِّبهم.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: هذا رجل ابتُلِيَ بأن أبناءه لا يخرجون إلى بيت الله عز وجل، يصلون في بيوتهم، وتعب معهم في توجيههم ونصحهم حتى وصل إلى ضربهم، فما الواجب في حقِّه؟
ج: هذا هو الواجب: التأديب، وإذا عجز يرفعهم إلى الهيئة، أو الإمارة إذا كان في بلده إمارة، أو الهيئة أقوى منها.
س: وابتُلِيَ أحدُهم بأن ابنته لا تُصلي البتة؟
ج: كذلك يُؤدِّبها حتى تستقيم، ومع الأدب تستقيم إن شاء الله.
س: متى تكون التسميةُ واجبةً؟
ج: عند بدء الأكل.
س: فقط في هذا الموضع؟
ج: عند أول الأكل، وعند الوضوء كذلك، وعند دخول المنزل، كلها مشروعة، وعند الاضطجاع للنوم: باسمك ربي وضعتُ جنبي وبك أرفعه.
س: أحيانًا قد يوجد في بعض التحقيقات من قبل الشرطة أنَّه يُعذَّب بعض مَن اتُّهم بالجناية ونحو ذلك، هل عملهم هذا جائز؟
ج: تعذيب المتهم لا بأس به إذا صار متهمًا، فالنبي ﷺ أمر بعمِّ حُيي بن أخطب أن يُعَذَّب حتى يقرَّ بالكنز الذي خلفه حُيي من الذهب، لما قال: "أكلته النفقة يا رسول الله!" قال: لا، المدة قصيرة والمال كثير، وأمر الزبير أن يمسه بعذابٍ حتى يُقِرَّ.
س: يقول السائل: سافرتُ أنا ووالدتي لأداء العمرة في رمضان، وكان ذلك وقت دخول صلاة المغرب، فلما ركبنا الطائرة وقال قائدُ الطائرة: لا يُفطر أحدٌ حتى نستوي في الجو، ومضى على الأذان عشر دقائق، فأفطرتُ، فلمَّا أقلعت الطائرةُ رأينا الشمس لم تغرب، فما حكم صيامنا في ذلك اليوم؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
ج: إن أفطرتم في المطار بعد غروب الشمس يكفي، ولو طلعت الشمس وأنتم في الطائرة تم يومكم، أما إذا أقلعتم في النهار فإنَّكم تُمسكون حتى تغيب عنكم الشمس في الطائرة، أما إذا أقلعتم بعدما غابت الشمس فقد أفطرتم.
س: يقول السائل: احتجتُ إلى قرضٍ من المال، فلم أجد مَن يُقرضني، وقال لي شخصٌ أنه سوف يُقرضني بالدولار على أن أُسدد بالريال، وحسب الدولار بخمسة ريالات، تُسدد على أقسامٍ، والمعروف أنَّ الدولار ..؟
ج: لا تُكْمِل، هذا ربا، ما يجوز، ربا، ما يصلح.
س: رجلٌ يذهب مع جماعة التبليغ، وأولاده لا يُصلُّون، فيقول: ماذا أعمل فيهم قد نصحتهم مرةً ومرتين؟
ج: يجلس مع أولاده يُجاهدهم، ولا يذهب يُعلِّم الناسَ ويترك مَن كان تحت يده، مَن كان تحت يده أبدى، فيقوم عليهم ويستعين بالله ثم بالهيئة عليهم، فالهيئة ما جُعِلَتْ إلا لهذا.
س: خروجه أحسن الله إليك؟
ج: إذا كانت الجماعة التي معه أهل سنة ما في بأس إذا كان خروجه لا يترتب عليه شرٌّ، إذا كان ما يُضَيِّع ما يجب عليه، أما هذا فلا يخرج، يجاهد الذين عنده.
س: بعضهم يقول: أنا مجنون؟! أُعْلِم الهيئة على عيالي أو الإمارة؟!
ج: إذا ما أطاق يُعلِّمهم، هذا من التعاون على البر والتقوى.
س: قال .........؟
ج: لا، ما في جنون، يقول: إني عجزتُ عنهم، عجزتُ عن أولادي، فعاونوني عليهم. يقول لرئيس الهيئة، أو لبعض أعضاء الهيئة، فلعلهم إن شاء الله إذا جاءوا معه يتأدَّبون.
س: سكوته عن ذلك يأثم به؟
ج: هو الظاهر.
س: إنكار المنكر: رجلٌ في سيارةٍ يمرُّ على ناسٍ يُدَخِّنون ويُنكر عليهم وهو ماشٍ؟
ج: جزاه الله خيرًا، يقول: ترى هذا ما يجوز، ترى هذا مُحَرَّم.
س: .............؟
ج: لا، يُنبههم ويُوضِّح الأمر، فيقف عليهم ويقول: يا إخواني، ترى هذا ما يجوز، ترى أنَّ الدخان محرَّم، مثلما يقول لهم: الغيبة محرمة، ومثلما يقول لهم: الخمر محرَّم، فيُبَيِّن لهم، ما هو خاطفٌ، لا بدّ أن يثبت ويقف ويُلاحظهم ويُعلِّمهم.
س: زوجتي عندي تصوم الخميس والإثنين، وتسأل هل يجوز أن أصوم قبل دخول الشهر؟
ج: تصوم؛ لأن هذا عادة لها، فالذي له عادة يصومها، أما مَن لم يكن له عادة فلا يصم، لا يصم يوم الثلاثين ولا تسعة وعشرين، لا يصم بعد نصف شعبان، أما مَن له عادة فلا بأس، كمَن يصوم يومًا ويُفْطر يومًا، أو يصوم الإثنين والخميس، فله أن يصوم، قال النبيُّ ﷺ: إلا رجل كان يصوم صومًا فليصُمْه.
س: يشمل ذلك يوم الشك؟
ج: .......... يوم الشك.
س: يقول: بسم الله الرحمن الرحيم؟
ج: إن شاء قال: بسم الله، أو قال: بسم الله الرحمن الرحيم، كله طيب .............