509 من: (باب تأكيد تحريم مال اليتيم)

 
286- باب تأكيد تحريم مال اليتيم
قَالَ الله تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10]، وقال تَعَالَى: وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [الأنعام:152]، وقال تَعَالَى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ [البقرة:220].
1/1614- وعن أبي هُريْرة ، عَن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه، ومَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْك بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالحقِّ، وَأكْلُ الرِّبَا، وَأكْلُ مَالِ اليتِيمِ، والتَّولِّي يوْمَ الزَّحْفِ، وقذفُ المُحْصنَاتِ المُؤمِنَات الغافِلاتِ متفقٌ عَلَيْهِ.

287- باب تغليظ تحريم الربا
قَالَ اللهُ تَعَالَى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ۝ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا [البقرة:275- 278].
وأما الأحاديث فكثيرة في الصحيح، مشهورة, مِنْهَا حديث أَبي هريرة السابق في الباب قبله.
1/1615- وَعَن ابنِ مَسْعودٍ قَالَ: "لَعَنَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ آكِلَ الرِّبا ومُوكِلَهُ" رواهُ مسلم. زاد الترمذي وغيره: "وَشَاهديه، وَكَاتبَهُ".

الشيخ: 
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث والآيات في تحريم مال اليتيم، وتحريم الربا، فمال اليتيم محترم، وهكذا أموال المعصومين محترمة، لكن لما كان اليتيم ضعيفًا لا يستطيع أن يدافع عن نفسه صار تحريم التعدي عليه أكثر وأشد، وإلا فكلّ مالٍ محترمٍ يجب الحذر من العدوان عليه، قال النبيُّ ﷺ: كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه، وقال جل وعلا: وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [الفرقان:19]، الظلم مُحرَّمٌ مطلقًا: مع الكبير والصغير، واليتيم وغير اليتيم، ولكن مال اليتيم أشد؛ لضعفه وعدم استطاعته المدافعة، وهكذا مال المعتوه والمجنون؛ لأنهم ليس عندهم من العقول ما يُدافعون به عن أنفسهم؛ لضعفهم: إما لقلة عقله كالمجنون والمعتوه، أو لضعفه وقصور عقله كاليتيم، فالتَّحريم أشد في حقِّه.
ولهذا يقول جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10]، ويقول جل وعلا: وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ [الأنعام:152]، ويقول سبحانه: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة:220]، فلا بأس من المخالطة، يأكل هو وإياه، ولكن مع حفظ ماله، والعناية بماله، وإذا أخذ من ماله بقدر طعامه وشرابه وكسوته فهذا لا بأس به.
وهكذا الولي: له أن يأكل بالمعروف إذا كان فقيرًا، كما قال جل وعلا: وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:6] في مقابل تعبه وعمله.
والربا كذلك من أقبح السيئات، ومن أقبح المحارم، كما قال جل وعلا: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ۝ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ [البقرة:275- 276]، ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ۝ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278- 279]، فهو من أقبح السيئات، ومن أقبح الكبائر.
ولهذا يقول ﷺ في الحديث الصحيح المذكور: اجتنبوا السَّبع الموبقات يعني: المُهْلِكَات، قيل: وما هنَّ يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، هذا أكبرها وأعظمها.
ثم السحر؛ لأنه من الشرك وعبادة غير الله، فالسحر يُتوصَّل إليه بعبادة الشياطين والجن.
وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، هذا أيضًا من أكبر الكبائر.
وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، فهما كبيرتان عظيمتان.
والتَّولي يوم الزحف حين مُصافَّة الكفار ينحرف وينصرف ويتولَّى ويترك إخوانه، هذا من أكبر الكبائر.
وقذف المحصنات الغافلات يعني: قذف المحصنة بالزنى، وهكذا المحصن الرجل، لكن لما كان الغالبُ أن هذا يقع مع النساء عُبِّر بالمحصنات، وإلا فالرجل كذلك لا يجوز قذفه، وفي قذفه الحدّ، إلا أن يأتي القاذفُ بأربعة شهود عدول.
وجاء عن النبي ﷺ في الحديث الصحيح: "لعن الرسولُ آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه" وقال: هم سواء.
فيجب على المؤمن أن يحذر ما حرَّم الله عليه من سائر المعاصي، وبالأخص ظُلم اليتامى، وأكل الربا، فهاتان كبيرتان عظيمتان قد يتساهل فيهما الكثيرُ من الناس، اليتيم لضعفه وعدم مُدافعته، والربا لكثرة العاملين به، وطمع الناس في المال، فقد يُقْدِمون على الربا لطمع المال، وحب المال، وعدم المبالاة بالوعيد -نسأل الله العافية- فالواجب الحذر.

الأسئلة:

س: القَيِّم على مال اليتامى إذا رأى المصلحة في عملٍ معينٍ هل يلزمه أن يستشير ............؟
ج: لا، يفعل ما يراه من المصلحة: قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ [البقرة:220]، إذا رأى المصلحة ولم يكونوا أهلًا لأن يُستشاروا.
س: متى ينقطع اسمُ اليتيم؟ هل هناك سِنٌّ معينٌ؟
ج: إذا بلغ الحلم انقطع اليُتم، إذا بلغ الحلم خمسة عشر سنة، أو أنزل المني، أو أنبت الشعر الخشن حول الفرج ينقطع اسم اليتيم، مثلما في الحديث: لا يُتْم بعد احتلام.
س: قوله تعالى: لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة:275] متى يكون هذا التَّخبط؟
ج: يوم القيامة، يقوم من قبره شبه المجنون، نسأل الله العافية.
س: مسألة التَّلفظ بالنية عند الصلاة: هل هناك أحدٌ كتب فيها مستقِلًّا مدعَّمًا بالأدلة والرد عليها؟ لأنها كثرت.
ج: هي من جملة البدع، ما كان يتلفظ بالنية ﷺ ولا أصحابه، يقول: "نويتُ أن أُصلي كذا"، أو: "نويتُ أن أطوف"، ما لها أصلٌ، النية محلها القلب، إلا في الحج، يقول: "لبيك عمرة"، "لبيك حجًّا"، يُصرِّح كما صرَّح النبيُّ ﷺ.
س: قوله: فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ [البقرة:279]؟
ج: يعني: اعلموا.
س: نوع الحرب هذه؟
ج: إشارة إلى شدة الكبيرة، وشدة المعصية، وأنهم مُحارِبُون لله، فالمعاصي حربٌ لله، لكن بالأخص الربا، نصَّ الله عليه، وإلا فالعُصاة محاربون؛ لأنَّهم عصوا وخالفوا.