513 من حديث: (ما لكم ولمجالس الصعدات؟ اجتنبوا مجالس الصعدات ..)

 
3/1624- وعَنْ أَبي طَلْحةَ زيْدِ بنِ سهْلٍ قَالَ: كُنَّا قُعُودًا بالأفنِيةِ نَتحَدَّثُ فِيهَا، فَجَاءَ رسُولُ اللَّه ﷺ فَقَامَ علينا فقال: ما لكُمْ وَلمَجالِسِ الصُّعُداتِ؟! اجْتَنِبُوا مَجَالِسَ الصُّعُداتِ، فَقُلنا: إنَّما قَعدنَا لغَير مَا بَأسٍ: قَعَدْنَا نَتَذاكرُ ونتحدَّثُ، قَالَ: إمَّا لا فَأدُّوا حَقَّهَا: غَضُّ البصرِ، ورَدُّ السَّلام، وحُسْنُ الكَلام رواه مسلم.
4/1625- وَعَنْ جَرِيرٍ قَالَ: سألْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ نَظَرِ الفجأةِ فَقَال: اصْرِفْ بصَرَك رواه مسلم.
5/1626- وَعنْ أمِّ سَلَمةَ رضي اللَّه عنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّه ﷺ وعِنْدَهُ مَيمونةُ، فَأَقْبَلَ ابنُ أمِّ مكتُوم، وذلكَ بعْدَ أنْ أُمِرْنَا بِالحِجابِ، فَقَالَ النبيُّ ﷺ: احْتَجِبا مِنْهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ألَيْس هُوَ أعْمَى: لا يُبْصِرُنَا، وَلا يَعْرِفُنَا؟! فقَال النبيُّ ﷺ: أفَعَمْياوَانِ أنْتُما؟! ألَسْتُما تُبصِرانِهِ؟! رواه أَبُو داود والترمذي، وقَالَ: حَدِيثٌ حسنٌ صَحِيحٌ.
6/1627- وعنْ أَبي سَعيدٍ : أنَّ رسُول اللَّهِ ﷺ قَالَ: لا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرةِ الرَّجُلِ، وَلا المَرْأةُ إِلَى عَوْرَةِ المَرْأةِ، وَلا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ في ثوبٍ واحِدٍ، وَلا تُفْضِي المَرْأةُ إِلَى المَرْأةِ في الثَّوْبِ الواحِدِ رواه مسلم.

الشيخ:
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث كالتي قبلها في وجوب غضِّ البصر، وردِّ السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، على مَن جلس في الطُّرقات، وعلى غيرهم.
تقدم حديث أبي سعيد ، وقوله ﷺ في الجلوس على الطريق: أعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حقّه يا رسول الله؟ قال: غضُّ البصر، وكفُّ الأذى، وردُّ السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، هذا من حقِّ الطريق.
وهكذا حديث أبي طلحة: غضُّ البصر، وردُّ السلام، وحُسن الكلام، فإذا جلسوا في الطُّرقات يكون كلامهم طيبًا، لا يُؤذون الناس، لا بالغيبة، ولا بالنميمة، ولا بالسب، ولا بغير ذلك، وهكذا مع ردِّ السلام وغضِّ البصر عن عورات الناس.
هذا هو الواجب على مَن جلس في الطرقات، وعلى مَن سار فيها أيضًا أن يتَّقي الله، وأن يُراقب الله، وأن يغُضَّ بصره.
وجاء في حديث جرير أنه بايع النبيَّ ﷺ على غضِّ البصر، ولما سأل النبيَّ ﷺ عن نظر الفجأة قال: اصرف بصرك، فإذا نظر إلى امرأةٍ فجأةً فإنه يصرف بصره، وفي حديث عليٍّ: لك الأولى وليس لك الأخرى، فإذا صادف أنَّه رآها خارجةً من بابٍ أو سكةٍ أو غير ذلك فليصرف بصره، يحني بصره عنها، لا يتابع النظرة النظرة، بل يغضّ بصره، فله الأولى وليس له الآخرة.
وكذلك حديث أم سلمة في غضِّ البصر عن الأعمى، وحديث أم سلمة هذا حديث ضعيف وإن حسَّنه الترمذي، وقد غلط في تحسينه وتصحيحه، فهو حديثٌ ضعيف ليس بصحيحٍ، وقوله ﷺ لأم سلمة ومَن معها: ألستُما تُبْصِرَانه؟! أفعمياوان أنتما؟! هذا الحديث ضعيف؛ لأنه من رواية مولًى لأم سلمة مجهول الحال، لا تُعرف عدالته، ولأنه يُعارض الأحاديث الصَّحيحة، فقد قال ﷺ: إنَّما جُعِلَ الاستئذان من أجل النظر، فالاستئذان من أجل النظر، فالأعمى لا يجب التَّحجب عنه، ولا يلزم.
وهكذا حديث فاطمة بنت قيس الصحيح: أن الرسول ﷺ أمرها أن تعتدَّ عند امرأةٍ، ثم قال: تلك امرأةٌ يغشاها أصحابي، اعتدِّي عند ابن أم مكتوم؛ فإنَّه رجلٌ أعمى، تضعين ثيابك فلا يراكِ، فهذا يدل على أنَّ وضع المرأة ثيابها عند الأعمى لا حرج فيه ولا بأس؛ لأن المقصود غضّ البصر، والبصر مفقود، فلا حجابَ عن الأعمى.
وحديث أم سلمة هذا حديثٌ ضعيفٌ كما نبَّه عليه أهلُ العلم، والترمذي رحمه الله يغلط بعض الأحيان في التصحيح، وهكذا المؤلف النووي رحمه الله قد يتساهل ويُقلد الترمذي وغيره.
وهكذا حديث: لا ينظر الرجلُ إلى عورة الرجل، ولا المرأةُ إلى عورة المرأة، ولا يُفْضِ الرجلُ إلى الرجل في ثوبٍ واحدٍ، ولا تُفضي المرأةُ إلى المرأة في ثوبٍ واحدٍ، ذلك لا يجوز، لا ينظر إلى عورة أخيه ما بين السرة والركبة، فهذه عورة، لا ينظرها الرجل لأخيه، ولا ابن عمه، ولا زيد، ولا عمرو، ولا من ولده، ولا غيرهم، وهكذا المرأة لا تنظر إلى عورة المرأة، بالنسبة إلى المرأة ما بين السرة والركبة، لا تنظر إلى عورتها، ولا يُفْضِ الرجلُ إلى الرجل في ثوبٍ واحدٍ يصير ثوب واحد بينهما يجتمعان فيه، لا؛ لأن هذا يُفضي إلى الفتنة، وهي أشد من النظر، وهكذا المرأة لا تجتمع مع المرأة في ثوبٍ واحدٍ، يعني: لباس واحد، بل يجب أن يكون لباسُ كلِّ واحدةٍ مستقلًّا، وأن يكون لباس كل واحدٍ مستقِلًّا؛ حتى لا تقع الفتنة.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: بالنسبة للرجل الأعمى إذا كان مدرسًا في إحدى مدارس البنات، أحيانًا تكون الطالبات أو المعلمات متطيبات، فما الحكم؛ لأنه يشم رائحتهن؟
ج: هذا عليهنَّ، فعليهنَّ ترك الطيب، ويُخاطبن هن إذا كن يُخالطن الرجال، سواء معلمات أو غير معلمات عليهن ترك الطيب.
س: إذا كان الأعمى غيرَ مَحْرَمٍ هل يجوز أن يخلو بالمرأة؟
ج: لا يخلو، الرجل ما يخلو بالمرأة، سواء كان أعمى أو لا، لكن ما يلزمها الحجاب عنه.
س: الركبة هل تدخل في العورة؟
ج: لا، الركبة وما تحتها ليس من العورة، فالنبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات يومٍ في بئرٍ وأبدى ركبتيه، وهكذا جلس معه أبو بكر وعمر وعثمان.
س: وما فوق الركبة؟
ج: ما فوق الركبة عورة، والركبة وما تحتها ليس بعورةٍ.
س: تقسيم بعض أهل العلم العورة إلى: مُخفَّفة ومُغَلَّطة؟
ج: المغلطة الفرج: الدبر والقبل، هذه مغلظة، وما دونها غير مغلظة إلى الركبة.
س: لكن الحكم في الستر واحد؟
ج: نعم، يجب سترها.
س: بالنسبة لحديث الرسول ﷺ الذي جاء فيه: أجعل لك صلاتي، ربع صلاتي يا رسول الله، فقال الرسول ﷺ ..؟
ج: يعني: الدعاء، هذا له دعاء خاصّ.
س: هل يُشرع أن أدعو للرسول ﷺ في صلاتي؟
ج: نعم.
س: لا بأس يعني؟
ج: نعم، في السجود، ومثلما تدعو في آخر التحيات.
س: يعني: بدل أن أدعو لنفسي أدعو للرسول ﷺ؟
ج: اللهم صلِّ على محمدٍ .. فهذا من أسباب الإجابة: إذن تُكْفَى همُّك، ويُغْفَر ذنبك.