118 من حديث: (أن أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث أعتقت وليدة ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم..)

 
13/324- وعن أُمِّ المُؤْمِنِينَ ميمُونَةَ بنْتِ الحارِثِ رضي اللَّه عنها: أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً وَلَم تَسْتَأْذِنِ النَّبِيَّ ﷺ، فلَمَّا كانَ يومها الَّذي يدورُ عَلَيْهَا فِيه قَالَتْ: أشَعَرْتَ يَا رَسُول اللَّه أَنِّي أَعْتَقْتُ ولِيدَتي؟ قَالَ: أَوَفَعَلْتِ؟ قَالَتْ: نَعمْ، قَالَ: أَما إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيتِهَا أَخوالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ متفقٌ عَلَيهِ.
14/325- وعن أَسْمَاءَ بنْتِ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي اللَّه عنهما قَالَتْ: قَدِمَتْ عليَّ أُمِّي وهِي مُشْركة في عَهْدِ رسولِ اللَّه ﷺ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ، قلتُ: قَدِمَتْ عَليَّ أُمِّي وَهِي راغبةٌ، أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: نَعمْ، صِلِي أُمَّكِ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
15/326- وعن زينب الثَّقفِيَّةِ امْرأَةِ عبدِاللَّهِ بن مسعودٍ وعنها قَالَتْ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: تَصَدَّقْنَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ ولَو مِن حُلِيِّكُنَّ، قَالَتْ: فَرجعتُ إِلى عبدِاللَّه بنِ مسعودٍ فقلتُ لَهُ: إِنَّك رجُلٌ خَفِيفُ ذَات اليَدِ، وإِنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ أمَرَنَا بالصَّدقةِ، فَأْتِه فاسأَلْهُ، فإنْ كان ذلك يُجْزِئُ عنِّي وَإِلَّا صَرَفْتُهَا إِلى غَيرِكُمْ، فَقَالَ عبدُاللَّهِ: بَلِ ائْتِيهِ أَنْتِ، فانْطَلَقْتُ، فَإِذا امْرَأَةٌ مِن الأَنصارِ بِبابِ رسولِ اللَّه ﷺ حاجَتي حاجتُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّه ﷺ قَدْ أُلْقِيَتْ علَيهِ المَهابةُ، فَخَرج عَلَيْنَا بلالٌ، فقُلنَا لَهُ: ائْتِ رسولَ اللَّه ﷺ فَأَخْبِرْهُ أَنَّ امْرأَتَيْنِ بِالبَاب تَسْأَلانِكَ: أَتُجْزِئُ الصَّدَقَةُ عَنْهُمَا عَلَى أزواجِهِما وَعلى أَيْتَامٍ في حُجُورِهِمَا؟ وَلا تُخْبِرْهُ مَنْ نَحنُ، فَدَخل بِلالٌ علَى رَسُولِ اللَّه ﷺ فَسأَلَهُ، فَقَالَ لهُ رسولُ اللَّه ﷺ: مَنْ هُمَا؟ قَالَ: امْرأَةٌ مِنَ الأَنصارِ وَزَيْنَبُ، فقالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: أَيُّ الزَّيانِبِ هِي؟ قَالَ: امْرأَةُ عبدِاللَّهِ، فقال رَسُولُ اللَّه ﷺ: لَهُمَا أَجْرَانِ: أَجْرُ القرابةِ، وَأَجْرُ الصَّدقَةِ متفقٌ عليه.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة تدل على فضل الصلة للرحم ولو كانوا غير مسلمين، إذا لم يكونوا حَرْبًا لنا، بل بيننا وبينهم عهدٌ وأمانٌ، فالصَّدقة فيهم طيبةٌ وقربةٌ إلى الله ، ومن أسباب تأليف القلوب أيضًا ودعوتها إلى الخير.
الحديث الأول
الحديث الأول: فيه أنَّ ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنها كانت لها جارية، فأعتقتها، فلما دار عليها النبي ﷺ في يومها قالت: يا رسول الله، أشعرتَ أني أعتقتُ فلانة؟ للجارية، قال ﷺ: أما إنَّكِ لو أعطيتها أخوالك لكان أعظم لأجركِ، هذا يدل على أنَّ الصدقة في الأخوال والأعمام أفضل من العتق، فلها فضلٌ عظيمٌ، وهذا يدل على أنهم محاويج، وأن الصدقة فيهم أفضل من العتق، مثل الحديث الآخر: يقول ﷺ: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصِلَة، وهذا يفيد تأكيد مساعدة الأقارب والإحسان إليهم مما لدى قريبهم من الزكاة وغيرها، لكن إذا كانوا من ذريته أو من آبائه وأجداده -فروعه وأصوله- يكون من غير الزكاة؛ لأن عليه أن يُنفق عليهم، فلا يُعطيهم الزكاة، ولكن يُنْفِق عليهم من ماله.
الحديث الثاني
وهكذا قصة أسماء بنت أبي بكر أخت عائشة، وهي زوجة الزبير بن العوام رضي الله عنهما جميعًا، جاءتها أمُّها في المدينة في وقت الصلح الذي كان بين النبي ﷺ وأهل مكة، في الهدنة التي وقعت بينهما في عام ستٍّ من الهجرة على وضع الحرب عشر سنين، جاءتها أمُّها في وقت الهُدنة تسأل أسماء الرّفد والمساعدة، وكانت على دين قومها لم تُسْلِم، فقالت أسماء: يا رسول الله، هل أصلها؟ قال النبيُّ ﷺ: صِلِيها يعني: أحسني إليها كما قال الله جل وعلا: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [البقرة:83]، أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14]، وقال الله في حقِّ الكافِرَيْنِ: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15] وهما كافران، وقال جلَّ وعلا: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8] هذا في وقت الأمان والهدنة والعهد، أمَّا وقت الحرب فليس لهم إلا السيف.
فالمشروع للمؤمن أن يُلاحظ قراباته ويُحسن إليهم، يكون له في ذلك الصَّدقة والصِّلة جميعًا.
الحديث الثالث
وهكذا حديث زينب امرأة ابن مسعودٍ رضي الله عنها: أنها أتت النبيَّ ﷺ تقول له: هل تُجزئ الصدقة في أيتامٍ عندي وفي زوجي؟ فقال النبيُّ ﷺ: اثنتان: صدقة، وصلة، هذه الإعانة صدقة في الزوج الفقير وليس عام من أولادها صدقة وصلة، يعني: من غير الزكاة، تُعطيها أيتامها من غير الزكاة؛ لأنَّ أموال الصَّدقة إذا أُطلقت فيُقصد بها صدقة التَّطوع، فالمعنى: أنَّ لها أجرين: أجر الصدقة، وأجر الصِّلة جميعًا.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: ما نأخذ من قول المرأتين لبلال: لا تُخبر الرسول، وأخبر الرسول؟
ج: لأنَّ بلالًا مأمورٌ أن يُجيب الرسولَ ﷺ إذا طلب منه شيئًا، ولهذا لم يسع بلال إلا أن يُخبره لما قال: مَن هما؟، فما فيه بأس.
س: النُّخامة إذا كانت في الحلق وتعمّدتُ جمعها في الحلق ومن ثَمَّ ابتلعتُها وأنا صائم، فما الحكم؟
ج: كأنَّك عندك وساوس، في الحلق ما تضرّ، وإذا وصلت للفم ما يجوز بلعها، تَلْفظْها، أمَّا إذا راحت من الحلق ما يضرّ.
س: إذا جمعتُها في الفم تعمُّدًا؟
ج: إذا راحت من الحلق ما يضرّ، جمعتَها أو ما جمعتَها، ما دامت في الحلق ما بعد صارت خارجًا.
س: استنشقتُ الماء في يوم وأنا صائم ومن ثَمَّ دخل إلى الحلق؟
ج: إذا كنتَ ما تعمّدت ما عليك شيء، لكن السنة عدم المبالغة للصائم، لا يُبالغ في الاستنشاق.
س: طلع من المعدة إلى الحلق ثم تعمّدتُ بلعه مرةً أخرى؟
ج: ما دام ما خرج ما يضرّ.
س: حكم الدم إذا نزل في الفم ثم تعمّدتُ ابتلاعه؟
ج: إذا تعمّدت تُفطر إذا وصل للفم.
س: في حكم الاستنشاق سألتُ شيخنا وقال: إنَّك تُفطر؟
ج: لا، إذا تعمّدتَ ابتلاع الدم تُفطر.
س: في حكم استنشاق الماء؟
ج: إذا كان على طريق الاستنشاق ولكن غلبك الماء.
س: سألتُ شيخنا وقلتُ له: استنشقتُ ولم أتعمد ودخل إلى الحلق.
ج: ما يضرّ.
س: قال: يفطر؟
ج: لا، ما يفطر، ما عنده خبر، إذا ما تعمّدتَ فلا شيء عليك.
س: ما نأخذ بقوله يعني؟
ج: ما عليك شيء.
س: مَن جمع بين صلاتي الجمعة والعصر في السفر جهلًا منه هل يُؤْمَر بالإعادة؟
ج: يُؤمَر بإعادة العصر أحوط له.
س: هل يُؤخذ من حديث زينب جواز إعطاء المرأة الزكاة لزوجها؟
ج: لا، هذه صدقة تطوع، لكن مسألة الزوج وكونه يُعطى الزكاة محل خلاف، والقول بجوازه لا بأس به، أما الأيتام فلا، لكن هذا الحديث في صدقة التطوع.
س: هل يُؤخذ من حديث زينب أنَّ الحُلِيَّ كان جائزًا للنساء؟
ج: الحلي جائز للنساء، في الأحاديث الصحيحة جواز الحلي للنساء، لكنه حرام على الرجال، الذهب على الرجال حرام، أما خاتم الفضة فيُباح للجميع: الرجال والنساء.
س: صدقة المرأة على زوجها هل هي تطوع؟
ج: تطوع، والزكاة فيها خلاف، والأرجح جوازها في الزكاة.
س: عبارة "هذا شخصٌ كافٍ خيرَه وشرَّه عن الناس"؟
ج: إذا كفَّ شرَّه فهو مشكور، أما إذا كفَّ خيرَه فليس بمشكورٍ.
س: معنى "لا إله إلا الله" لو قال: لا معبودَ بحقٍّ في الوجود إلا الله، زاد "في الوجود"؟
ج: ما فيه بأس.