128 من حديث: (انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهي يومئذ صلح ، فتفرقا..)

 
4/351- وعن أَبي يَحْيى -وَقيل: أَبي مُحمَّد- سَهْلِ بن أَبي حَثْمة الأَنصاري قَالَ: انْطَلَقَ عبْدُاللَّهِ بنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ إِلى خَيْبَرَ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ، فَتَفَرَّقَا، فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلى عبدِاللَّهِ بنِ سَهلٍ وَهُوَ يَتَشَحَّطُ في دمهِ قَتيلًا، فدفَنَهُ، ثمَّ قَدِمَ المَدِينَةَ، فَانْطَلَقَ عَبْدُالرَّحْمنِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مسْعُودٍ إِلى النَّبِيِّ ﷺ، فَذَهَب عَبْدُالرَّحْمنِ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ: كَبِّرْ، كَبِّرْ، وَهُوَ أَحْدَثُ القَوْمِ، فَسَكَت، فَتَكَلَّمَا، فَقَالَ: أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ؟ وَذَكَرَ تَمامَ الحدِيث. متفقٌ عَلَيهِ.
5/352- وعن جابرٍ : أَنَّ النَّبيَّ ﷺ كَانَ يَجْمَعُ بيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ، يَعْني: في القَبْرِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُما أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ في اللَّحْدِ. رواه البخاريُّ.
6/353- وعن ابن عُمرَ رضي اللَّهُ عنهما: أَنَّ النبيَّ ﷺ قَالَ: أَرَاني فِي المَنَامِ أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَاءَنِي رَجُلانِ، أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الأَصْغَرَ، فقيلَ لِي: كَبِّرْ، فَدَفَعْتُهُ إِلى الأَكْبَرِ مِنْهُمَا رواه مسلم مُسْنَدًا، والبخاريُّ تعلِيقًا.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في بيان تقديم أهل الفضل والعلم وكبر السّن على مَن دونهم، والعناية بهذا الأمر؛ إنزالًا لهم بالمنازل التي أنزلهم الله إياها، كما يُروى عن النبي ﷺ أنه قال: أنزلوا الناسَ منازلهم، وكما تقدم في قوله ﷺ: يَؤُمُّ القومَ أقرؤُهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمهم بالسنة .. الحديث.
وفي هذا أنَّ عبدالله بن سهل الأنصاري ومُحَيِّصَة بن مسعود ذهبا إلى خيبر بعد الصلح، فوجد مُحَيِّصَةُ عبدَالله قد قُتل في بعض حارات خيبر، فدفنه، يعني: غسَّله وصلَّى عليه ودفنه، ثم جاء إلى النبيِّ ﷺ يشكو اليهودَ وأنهم قتلوه، فقال لهم النبيُّ ﷺ: هل عندكم بيِّنة؟ قالوا: لا، فقال: تحلفون خمسين يمينًا؟ الحديث، وأراد عبدُالرحمن بن سهل -لأنَّه أخو القتيل من أبيه- أن يتكلم، وهو أصغرهم، فقال له النبيُّ ﷺ: كَبِّر، كَبِّر؛ لأن حُوَيِّصَة ومُحَيِّصَة أكبر منه، وهما ابنا عمه، ويقال: إنهما أخوان القتيل من أمه، هذا يدل على أنه إذا كانت خصومة لثلاثة أو أربعة يتقدم أكبرُهم بالكلام، إلا إذا أرادوا تقديم غيرَهم؛ لأنَّه أعلم منهم بالواقع، وكون غيرهم يتكلم عنهم، فلا بأس، وإلا فالأكبر الأكبر كما قال النبيُّ ﷺ: كَبِّرْ، كَبِّرْ في الدعوى، وهكذا أشباهها: كأن يحضر شاهدان أو أكثر، يبدأ الأكبرُ بأداء ما عنده؛ لقوله ﷺ: كَبِّرْ، كَبِّرْ.
وهكذا في السواك: رأى في المنام أنَّ معه سواكًا، وتقدَّم إليه اثنان، فقدَّم السواكَ إلى أصغرهما، فقيل له: كَبِّرْ، كَبِّرْ، ورؤيا الأنبياء وحيٌ، فدلَّ على أنَّ مثل هذا يُبدأ فيه بالكبير، فإذا كان شيئًا لا ينقسم يُبدأ فيه بالأكبر كما بيَّنه النبيُّ عليه الصلاة والسلام: كَبِّرْ، كَبِّرْ.
كذلك لما كثر القتلى يوم أحدٍ رضي الله عنهم، صار النبيُّ ﷺ يدفن الاثنين والثلاثة في قبرٍ واحدٍ، ويقول: أيّهم أكثر أخذًا للقرآن؟ فإذا أشاروا إليه قدَّمه في اللَّحْد: مَن كان أكثر على مَن كان أقلّ، وهكذا القارئ يُقَدَّم على مَن لم يقرأ في اللَّحْد إذا دعت الحاجةُ إلى جمعهم، إذا كان القتلى كثيرين ودعت الحاجة إلى جمع الاثنين والثلاثة فلا بأس، يُقَدَّم الأفضل في اللَّحْد.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: بعض الشُّراح يقول أنَّه يُؤخذ من الحديثين: حديث السواك وحديث الكلام، أنه يُقَدَّم فقط الكلام والسِّواك، أما بقية الأمور فيُقدَّم الأيمن فالأيمن؟
ج: هذا إذا أراد أن يُعطي شيئًا، إذا أراد أن يُجري ماءً أو لبنًا أعطى الرئيسَ، والرئيس يُعطي مَن عن يمينه، هذا بحثٌ آخر.
س: هل الأكبر على مطلقه؟
ج: لا، هذا في مدركات اليمين: الشاي أو القهوة أو اللّبن، يُبدأ بكبير المجلس ثم يُعْطَى مَن عن يمينه.
س: هل للإمام أن يسأل أهلَ الجنائز: أيّهما أكثر حفظًا للقرآن؟ أو أنَّ هذا خاصّ بالنبي ﷺ؟
ج: لا، في هذا الوقت يُدْفَن كلُّ واحدٍ لحاله.
س: أقصد في الصلاة؟
ج: لا، ما كان النبيُّ ﷺ يسأل عن هذا.
س: هل يُجمع بين المرأة والرجل في القبر؟
ج: إذا كثُر القتلى أو دعت الحاجةُ فلا بأس، ما هناك شيء يُخشى منه فهم أموات.
س: هل يُوضَع بينهما حائل؟
ج: إن وُضِعَ شيءٌ من التُّراب لا بأس، وإلا فالأمر واسع.
س: .................
س: يُقدَّم الأكبر أو الأعلم في المجالس؟
ج: ظاهر السنة الأعلم: يَؤُمُّ القومَ أقرؤهم لكتاب الله، ثم أعلمهم بالسنة، فالقُرَّاء والعلماء أولى بالتقديم.
س: ....................