146 من حديث: (إِني أرى ما لا ترون أطَّت السماء وحُقَّ لها أن تئطَّ..)

 
11/406- وعن أَبي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ، أَطَّتِ السَّماءُ، وحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ واضِعٌ جَبْهَتَهُ ساجِدًا لله تَعَالى، واللَّه لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُم بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ، وَلَخَرجْتُمْ إِلى الصُّعُداتِ تَجْأَرُون إِلى اللَّه تَعَالَى رواه الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ.
12/407- وعن أَبي بَرْزَة نَضْلَةَ بنِ عُبَيْدٍ الأَسْلَمِيِّ قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: لا تَزُولُ قَدمَا عَبْدٍ يوم القيامةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ فِيهِ، وعَنْ مالِهِ من أَيْنَ اكْتَسبهُ، وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَن جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاهُ رواه الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
13/408- وعن أبي هريرةَ قَالَ: قرأَ رسولُ اللَّه ﷺ: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا [الزلزلة:4]، ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا أَخَبَارُهَا؟ قالوا: اللَّهُ ورَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّ أَخْبَارَها أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا، تَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وكذَا في يَوْمِ كَذَا وَكَذَا، فهَذِهِ أَخْبَارُهَا رواه التِّرْمِذِي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

الشيخ:
بسم الله، والحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأخبار كالتي قبلها، فيها الحثّ على الخوف من الله، والإعداد للآخرة، والحذر من شرِّ الدنيا وزينتها، فالمؤمن يحرص على أسباب النَّجاة، ويخاف المولى جلَّ وعلا، فيُبادر إلى ما أوجب الله، وإلى ترك ما حرَّم الله، وإلى الوقوف عند حدود الله، فالملائكة مع قُربهم من الله عندهم الخوف العظيم، قال تعالى: بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ۝ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ۝ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ [الأنبياء:26- 28]، يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [النحل:50].
ويقول: أَطَّتِ السَّماءُ، وحُقَّ لها أن تَئِطَّ يعني: تحرَّكت، ما فيها موضع أربع أصابع إلا ومَلَكٌ ساجِدٌ لله، هذه حال الملائكة، مع خوفهم من الله، ورغبتهم فيما عنده.
وفي الحديث الصحيح: أنَّ البيت المعمور الذي يُوازي الكعبة في السماء السابعة يدخله كل يومٍ سبعون ألف مَلَكٍ للتَّعبُّد، ثم لا يعودون إليه.
ويقول ﷺ: لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربعٍ: عن ماله من أين اكتسبه، وفيمَ أنفقه، وعن جسمه فيمَ أبلاه، وعن علمه ماذا عمل فيه.
فالمؤمن يجتهد حتى يعرف كيف يستعمل جسمه والأدوات التي أعطاه الله من: سمع، وبصر، وغير ذلك، في طاعة الله، وهكذا علمه الذي أعطاه الله إيَّاه، يعمل به في طاعة الله، وفي ترك معاصي الله، وهكذا ماله يُنفقه في وجوه البِرِّ، ويُحصِّله من طريق الخير، ومن الطريق الحلال، لا يتساهل، بل يجتهد في حفظ جسمه وجوارحه، وفي الإنفاق من ماله، ومن أين اكتسبه، وهكذا علمه: ماذا عمل فيه؟ هل عمل بما علم أو ضيَّع؟
فالمؤمن يجتهد ويتحرَّى الخير، ويجتهد في أسباب الخير، وأسباب النَّجاة، لعله ينجو، لعله يَسْلَم.
كذلك ما يُروى عنه ﷺ في تفسير قوله جلَّ وعلا: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا [الزلزلة:4]، قال: أتدرون ما أخبارها؟ تُخْبِر بما عُمِلَ على ظهرها: عملتَ كذا يوم كذا وكذا، تشهد عليك أرضك: بيتك، ومسجدك، والأراضي التي أقمتَ فيها، وجلستَ فيها، أو صليتَ فيها، تشهد عليك بما عملتَ من خيرٍ وشرٍّ، فاتَّقِ الله أينما كنتَ حتى لا تشهد عليك جوارحُك ولا أرضُك ولا غيرها ولا ملائكتك إلا بخيرٍ وعملٍ صالحٍ: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ۝ كِرَامًا كَاتِبِينَ ۝ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [الانفطار:10- 12]، مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18].
نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

الأسئلة:

س: أحيانًا عند استغلال الوقت في المناسبات يقول بعضُ الناس: لا تُذَكِّروا الناسَ ولا تُخوِّفوهم، فما رأيك في هذا؟
ج: لا، هذا غلطٌ، تُخبر الناسَ حتى يعملوا خيرٌ من السُّكوت عنهم، فوعظهم وتذكيرهم مطلوبٌ، هكذا المؤمنون: يتواصون بالحقِّ، والصبر عليه.
س: ...................