151 من حديث: (أذنب عبد ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي..)

10/421- وعن أبي هريرة ، عن النَّبِيِّ ﷺ فِيمَا يَحْكِي عَن ربِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى قَالَ: أَذنَب عبْدٌ ذَنْبًا فقالَ: اللَّهُمَّ اغفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعالى: أَذْنَبَ عبدِي ذَنْبًا، فَعَلِم أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ ربِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تبارك وتعالى: أَذْنَبَ عبدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغفِرُ الذَّنبَ، وَيَأخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَي رَبِّ اغفِرْ لِي ذَنبي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالى: أَذْنَبَ عَبدِي ذَنبًا، فعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنبِ، قد غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ متفقٌ عَلَيهِ.
11/422- وعنه قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَجَاءَ بِقومٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّه تَعَالَى، فيَغْفر لَهُمْ رواه مسلم.
12/423- وعن أَبي أَيُّوبَ خَالِدِ بنِ زيدٍ قَالَ: سمعتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يقول: لَوْلا أَنَّكُمْ تُذْنبُونَ لَخَلَقَ اللَّهُ خَلقًا يُذنِبونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ، فَيَغْفِر لَهُمْ رواه مسلم.
13/424- وعن أبي هُريرةَ قَالَ: كُنَّا قُعودًا مَع رَسُول اللَّه ﷺ، مَعَنا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي اللَّه عنهما في نَفَرٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّه ﷺ مِنْ بَيْن أَظْهُرنَا، فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا، فَخَشِينا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا، فَفَزعْنا، فَقُمْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزعَ، فَخَرجتُ أَبْتَغِي رسولَ اللَّه ﷺ، حَتَّى أَتَيتُ حَائِطًا لِلأَنْصَارِ .. وَذَكَرَ الحَدِيثَ بطُوله إِلى قوله: فَقَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: اذْهَبْ فَمَنْ لَقِيتَ وَرَاءَ هَذَا الحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إلَّا اللَّه، مُسْتَيقِنًا بهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ رواه مسلم.
الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهُداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث الأربعة كلها تدل على سعة جوده سبحانه، وعظيم مغفرته، وأنَّه سبحانه الغفور الرحيم، والتواب الرحيم، والجواد الكريم، وأنَّ عبده مهما أذنب ومهما فعل إذا تاب إليه وأناب إليه تاب اللهُ عليه، كما قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]، وقال جلَّ وعلا: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ۝ أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ .. الآية [آل عمران:135- 136]، فمَن تاب إلى الله وأقلع من ذنبه واستغفر غفر الله له، كالحديث الأول، حديث الذي أذنب ثم استغفر، ثم أذنب ثم استغفر، ثم أذنب ثم استغفر، فغفر الله له، وقال: فليفعل ما شاء، يعني: ما دام يتوب إلى الله من ذنبه ويُقْلِع ويندم فهو جديرٌ بالتوبة؛ لأنَّ الإنسان محلُّ الخطايا.
ولهذا يقول ﷺ: لو لم تُذْنِبوا لذهب الله بكم وجاء بقومٍ يُذْنِبون فيستغفرون فيغفر لهم؛ لأنه قدَّر سبحانه أنه يوجد مَن يستحق الرحمة ويستحق العذاب، حتى تظهر آثارُ رحمته، وآثارُ عفوه وانتقامه، وآثارُ عقابه، وآثار فضله، وجوده، ومغفرته بين عباده، فلو كانوا كلهم على الهدى والاستقامة لم تظهر آثار للتَّواب والغفور وغيرهما، فاقتضت حكمتُه سبحانه أنَّ هذا الخلقَ فيهم العاصي وفيهم الكافر وفيهم المسلم، حتى تظهر آثارُ أسمائه وصفاته: التواب، والغفور، والرحيم، والعفو، إلى غير ذلك.
فمَن تاب إليه من سيئاته وأقلع من ذنوبه صادقًا تائبًا غفر الله له، فالآيات يُفَسِّر بعضُها بعضًا، والأحاديث يُفَسِّر بعضُها بعضًا، فمَن تاب إليه واستقام على الحقِّ حتى مات فله الجنة، المهم أن يتوب ويستغفر ولا يُصرّ، ومَن أتى بالتوحيد صدقًا من قلبه، والشَّهادتين صدقًا من قلبه، واستمر على ذلك دخل الجنة؛ لأنَّ صدقه في التوحيد يجعله يستقيم على الطاعات، ولا يُصِرُّ على السيئات، فإنَّ إيمانه الصادق وتوحيده الصادق يدعوه إلى توحيد الله وطاعته، ويدعوه إلى ترك السيئات، ويدعوه إلى الوقوف عند حدود الله، وإلا فليس بصادقٍ، فالصدق في الإيمان والصدق في التوحيد يُوجب الاستقامة على الحقِّ، والعافية من مُضلَّات الفتن، فإيمانه الصادق وتوحيده الصادق يدعوه إلى أداء فرائض الله، وترك محارم الله، وبهذا يستحق الجنةَ والكرامة.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: ما الفرق بين الكرسي والعرش؟
ج: العرش هو أعلى المخلوقات، والكرسي دونه وتحته -تحت العرش.
س: هل يُؤخذ من هذا أنَّ الإنسان مهما كان صالحًا أو فاجرًا من صفاته أنه يُذْنِب؟
ج: نعم، كل بني آدم خطَّاء، من صفاته الخطأ، لكن إذا تاب تاب اللهُ عليه.
س: وإذا استمرَّ في الذنب؟
ج: وإذا استمرَّ في الذنب استحقَّ العقوبة، إلا أن يعفو الله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فهو تحت العفو.
س: .....................
س: العبد إذا كان مُعافًى من الذنب أفضل أم إذا كان يُذنب ويتوب وهو يُعاني من نفسه ويُجاهدها مجاهدةً عظيمةً في الله؟
ج: مَن رزقه الله العافيةَ والسلامة فهو أفضل بلا شكٍّ.