24 من حديث: (صلاة الجميع تزيد على صلاته في بيته، وصلاته في سوقه، خمسا وعشرين درجة)

 
بَاب الصَّلاَةِ فِي مَسْجِدِ السُّوقِ
وَصَلَّى ابْنُ عَوْنٍ فِي مَسْجِدٍ فِي دَارٍ يُغْلَقُ عَلَيْهِمُ البَابُ.
477 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: صَلاَةُ الجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ، وصَلاَتِهِ فِي سُوقِهِ خَمْسًا وعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ، وأَتَى المَسْجِدَ، لاَ يُرِيدُ إِلَّا الصَّلاَةَ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ، وإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ كَانَ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ، وتُصَلِّي - يَعْنِي عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ - مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ.

الشيخ: هذه من نعم الله العظيمة؛ فهو في خير قبل الصلاة، وبعدها، ما لم يؤذِ أو يُحْدِث، والملائكة تصلي عليه.
 
بَاب تَشْبِيكِ الأَصَابِعِ فِي المَسْجِدِ، وغَيْرِهِ
478 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ بِشْرٍ، قال حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، قال حَدَّثَنَا واقِدٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أو ابْنِ عَمْرٍو رضي الله تعالى عنهم: «شَبَكَ النَّبِيُّ ﷺ أَصَابِعَهُ» .
480 - وقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ هَذَا الحَدِيثَ مِنْ أَبِي، فَلَمْ أَحْفَظْهُ، فَقَوَّمَهُ لِي واقِدٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي وهُوَ يَقُولُ: قَالَ عَبْدُاللَّهِ رضي الله تعالى عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَمْرٍو كَيْفَ بِكَ إِذَا بَقِيتَ فِي حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ بِهَذَا؟.

الشيخ: التشبيك لا بأس به في المسجد إذا كان بعد الصلاة؛ لأن النبي شبَّك بين يديه لما سلم يظن أن الصلاة ................ شبك بين أصابعه، أما قبل فالحديث: لا يشبك حال خروجه إلى الصلاة، أو انتظاره للصلاة، ولكن بعد الصلاة لا بأس.
س: حديث كعب بن عجرة ثابت؟
الشيخ: الظاهر أنه لا بأس به.
س: بعض العامة يتشدّدون في نهي تشبيك الأصابع في أثناء عقد النكاح؟
الشيخ: لا، ما له أصل هذا، هذا سوء ظن.
 
481 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله تعالى عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وشَبَّكَ أَصَابِعَهُ.
482 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شُمَيْلٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِحْدَى صَلاَتَيِ العَشِيِّ - قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: سَمَّاهَا أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه، ولَكِنْ نَسِيتُ أَنَا - قَالَ: فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ إِلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي المَسْجِدِ، فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، ووَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى، وشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ووَضَعَ خَدَّهُ الأَيْمَنَ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ اليُسْرَى، وخَرَجَتِ السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ المَسْجِدِ، فَقَالُوا: قَصُرَتِ الصَّلاَةُ؟، وفِي القَوْمِ أَبُو بَكْرٍ، وعُمَرُ رضي الله تعالى عنهما، فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وفِي القَوْمِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ طُولٌ، يُقَالُ لَهُ: ذُو اليَدَيْنِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلاَةُ؟ قَالَ: لَمْ أَنْسَ، ولَمْ تُقْصَرْ فَقَالَ: أَكَمَا يَقُولُ ذُو اليَدَيْنِ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى مَا تَرَكَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، وسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ، أو أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، وكَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ، وسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ، أو أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، وكَبَّرَ، فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ: ثُمَّ سَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ.

الشيخ: وهذا هو السُّنة، إذا سلَّم عن نقص ثم كمَّل صلاته يكون سجود السهو بعد السلام، يسجد سجدتين ثم يسلِّم، وهكذا لو بنى على غالب ظنه يكمل ثم يسجد سجدتين للسهو بعد السلام، وما سوى ذلك يكون السجود قبل السلام، هذا هو الأفضل.
وفي هذا أن التشبيك بعد الصلاة لا بأس به، لأن الرسول ﷺ شبّك بين أصابعه يعتقد أن الصلاة قد انتهت، حتى نُبِّه عن السهو.
س: هل يجوز السفر من أجل التعزية لو كان قريبًا، أو غير قريب؟
الشيخ: لا بأس أن يسافر من أجل التعزية، أو يصلي على الميت، لا بأس.
س: السجود للسهو إذا كان على غلبة الظن، ويخشى أن يشوش على ....... يتركه ويسجد........؟
الشيخ: نعم.
 
بَاب المَسَاجِدُ الَّتِي عَلَى طُرُقِ المَدِينَةِ، والمَوَاضِعِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا النَّبِيُّ ﷺ
483 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ يَتَحَرَّى أَمَاكِنَ مِنَ الطَّرِيقِ فَيُصَلِّي فِيهَا، ويُحَدِّثُ أَنَّ أَبَاهُ رضي الله تعالى عنه كَانَ يُصَلِّي فِيهَا، وَأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ. وحَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما
أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ، وسَأَلْتُ سَالِمًا، فَلاَ أَعْلَمُهُ إِلَّا وافَقَ نَافِعًا فِي الأَمْكِنَةِ كُلِّهَا إِلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مَسْجِدٍ بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ.

الشيخ: وهذا من اجتهاد ابن عمر، والصواب خلاف ذلك، هذا من اجتهاده رضي الله عنه، والصواب عدم تتبع آثار النبي ﷺ في الطرقات، إنما يُصلى في المحل الذي اتخذه مصلى مثل ما فعل لعتبان قصدًا، أما المُناخات والطرقات: لا يجوز تتبعها، بل هذا من اجتهاد عبد الله، ولم يفعله كبار الصحابة كالصديق، وعمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم رضي الله عنهم، وإنما هذا من اجتهاده رضي الله عنه كما اجتهد في الأخذ من لحيته في الحج، وكما اجتهد في غسل عينيه بالماء، وهذا لم يوافقه عليه الصحابة رضي الله عنهم.
 
484 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَاللَّهِ رضي الله تعالى عنه، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَنْزِلُ بِذِي الحُلَيْفَةِ حِينَ يَعْتَمِرُ، وفِي حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ تَحْتَ سَمُرَةٍ فِي مَوْضِعِ المَسْجِدِ الَّذِي بِذِي الحُلَيْفَةِ، وكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ غَزْوٍ كَانَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ أو حَجٍّ أو عُمْرَةٍ هَبَطَ مِنْ بَطْنِ وادٍ، فَإِذَا ظَهَرَ مِنْ بَطْنِ وادٍ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي عَلَى شَفِيرِ الوَادِي الشَّرْقِيَّةِ، فَعَرَّسَ ثَمَّ حَتَّى يُصْبِحَ لَيْسَ عِنْدَ المَسْجِدِ الَّذِي بِحِجَارَةٍ، ولاَ عَلَى الأَكَمَةِ الَّتِي عَلَيْهَا المَسْجِدُ، كَانَ ثَمَّ خَلِيجٌ يُصَلِّي عَبْدُاللَّهِ عِنْدَهُ فِي بَطْنِهِ كُثُبٌ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثَمَّ يُصَلِّي، فَدَحَا السَّيْلُ فِيهِ بِالْبَطْحَاءِ، حَتَّى دَفَنَ ذَلِكَ المَكَانَ الَّذِي كَانَ عَبْدُاللَّهِ يُصَلِّي فِيهِ.
485 - وأَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى حَيْثُ المَسْجِدُ الصَّغِيرُ الَّذِي دُونَ المَسْجِدِ الَّذِي بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وقَدْ كَانَ عَبْدُاللَّهِ يَعْلَمُ المَكَانَ الَّذِي صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: ثَمَّ عَنْ يَمِينِكَ حِينَ تَقُومُ فِي المَسْجِدِ تُصَلِّي، وذَلِكَ المَسْجِدُ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ اليُمْنَى، وأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ بَيْنَهُ، وبَيْنَ المَسْجِدِ الأَكْبَرِ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ، أو نَحْوُ ذَلِكَ.
486 - وأَنَّ ابْنَ عُمَرَ: كَانَ يُصَلِّي إِلَى العِرْقِ الَّذِي عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وذَلِكَ العِرْقُ انْتِهَاءُ طَرَفِهِ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ دُونَ المَسْجِدِ الَّذِي بَيْنَهُ، وبَيْنَ المُنْصَرَفِ، وأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، وقَدِ ابْتُنِيَ ثَمَّ مَسْجِدٌ، فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُاللَّهِ يُصَلِّي فِي ذَلِكَ المَسْجِدِ، كَانَ يَتْرُكُهُ عَنْ يَسَارِهِ ووَرَاءَهُ، ويُصَلِّي أَمَامَهُ إِلَى العِرْقِ نَفْسِهِ، وكَانَ عَبْدُاللَّهِ يَرُوحُ مِنَ الرَّوْحَاءِ فَلاَ يُصَلِّي الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ المَكَانَ، فَيُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ، وإِذَا أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ، فَإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ بِسَاعَةٍ أو مِنْ آخِرِ السَّحَرِ عَرَّسَ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهَا الصُّبْحَ.
487 - وأَنَّ عَبْدَاللَّهِ رضي الله تعالى عنه حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺكَانَ يَنْزِلُ تَحْتَ سَرْحَةٍ ضَخْمَةٍ دُونَ الرُّوَيْثَةِ، عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، ووِجَاهَ الطَّرِيقِ فِي مَكَانٍ بَطْحٍ سَهْلٍ، حَتَّى يُفْضِيَ مِنْ أَكَمَةٍ دُوَيْنَ بَرِيدِ الرُّوَيْثَةِ بِمِيلَيْنِ، وقَدِ انْكَسَرَ أَعْلاَهَا، فَانْثَنَى فِي جَوْفِهَا، وهِيَ قَائِمَةٌ عَلَى سَاقٍ، وفِي سَاقِهَا كُثُبٌ كَثِيرَةٌ.
488 - وأَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى فِي طَرَفِ تَلْعَةٍ مِنْ ورَاءِ العَرْجِ، وأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى هَضْبَةٍ عِنْدَ ذَلِكَ المَسْجِدِ قَبْرَانِ، أو ثَلاَثَةٌ، عَلَى القُبُورِ رَضَمٌ مِنْ حِجَارَةٍ، عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ عِنْدَ سَلَمَاتِ الطَّرِيقِ بَيْنَ أُولَئِكَ السَّلَمَاتِ.
كَانَ عَبْدُاللَّهِ يَرُوحُ مِنَ العَرْجِ، بَعْدَ أَنْ تَمِيلَ الشَّمْسُ بِالهَاجِرَةِ، فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فِي ذَلِكَ المَسْجِدِ.
489 - وأَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما، حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَزَلَ عِنْدَ سَرَحَاتٍ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ فِي مَسِيلٍ دُونَ هَرْشَى، ذَلِكَ المَسِيلُ لاَصِقٌ بِكُرَاعِ هَرْشَى، بَيْنَهُ وبَيْنَ الطَّرِيقِ قَرِيبٌ مِنْ غَلْوَةٍ.
وَكَانَ عَبْدُاللَّهِ يُصَلِّي إِلَى سَرْحَةٍ هِيَ أَقْرَبُ السَّرَحَاتِ إِلَى الطَّرِيقِ، وهِيَ أَطْوَلُهُنَّ.
490 - وأَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما، حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَنْزِلُ فِي المَسِيلِ الَّذِي فِي أَدْنَى مَرِّ الظَّهْرَانِ، قِبَلَ المَدِينَةِ حِينَ يَهْبِطُ مِنَ الصَّفْرَاوَاتِ يَنْزِلُ فِي بَطْنِ ذَلِكَ المَسِيلِ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ، وأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، لَيْسَ بَيْنَ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وبَيْنَ الطَّرِيقِ إِلَّا رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ.
491 - وأَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما، حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَنْزِلُ بِذِي طُوًى، ويَبِيتُ حَتَّى يُصْبِحَ، يُصَلِّي الصُّبْحَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، ومُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ، لَيْسَ فِي المَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ، ولَكِنْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ.
492 -، وأَنَّ عَبْدَاللَّهِ رضي الله تعالى عنه، حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَيِ الجَبَلِ الَّذِي بَيْنَهُ وبَيْنَ الجَبَلِ الطَّوِيلِ، نَحْوَ الكَعْبَةِ، فَجَعَلَ المَسْجِدَ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ يَسَارَ المَسْجِدِ بِطَرَفِ الأَكَمَةِ، ومُصَلَّى النَّبِيِّ ﷺ أَسْفَلَ مِنْهُ عَلَى الأَكَمَةِ السَّوْدَاءِ، تَدَعُ مِنَ الأَكَمَةِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ أو نَحْوَهَا، ثُمَّ تُصَلِّي مُسْتَقْبِلَ الفُرْضَتَيْنِ مِنَ الجَبَلِ الَّذِي بَيْنَكَ وبَيْنَ الكَعْبَةِ.

الشيخ: مثل ما تقدم، أن هذا من اجتهاده رضي الله عنه.
أما نزوله عند دخول مكة فهذا ثبت عنه ﷺ فإذا نزل فيه إنسان فلا بأس؛ لأنه فعله النبي غير مرة، قَصَدَه عليه الصلاة والسلام.
 
بَاب سُتْرَةُ الإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ
493 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما، أَنَّهُ قَالَ: أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلاَمَ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْتُ، وأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، ودَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ.

الشيخ: وهذا يدل على أن المأمومين سترتهم سترة إمامهم، فإذا مر بين أيديهم شيء لا يضرهم، كما مر الحمار بين يدي بعض الصف، والسترة للإمام.
 
494 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر رضي الله تعالى عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ العِيدِ أَمَرَ بِالحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا والنَّاسُ ورَاءَهُ، وكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ، فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الْأُمَرَاءُ.

الشيخ: وهذا هو السنة: إذا صلى الإمام يكون أمامه شيء، الحربة تُركز، أو حجر كبير، أو ما أشبه ذلك مما يكون سترة له، كان النبي ﷺ تُركز أمامه الحربة فيصلي إليها، وقال ﷺ: إذا صلَّى أحدُكم فليصلِّ إلى سُترةٍ وليدنُ منها.
س: إذا كان يصلي في حجرة، ولا أحد يقطعه؟
الشيخ: ولو في حجرة، الجدار اللي في الحجرة يكفي، جدار الحجرة سترة له.
س: الخط هل هو ثابت؟
الشيخ: ثابت نعم، إذا ما تيسر شيء يخط خطًا.
س: سائل يقول: أعلم أن السترة للصلاة هل يجوز أن........ المصحف الشريف ليكون سترة لي أو بعض كتب العلم؟
الشيخ: أما المصحف فالأوْلى أن يكون في محل مرتفع ما يُمتهن، فإذا جعل شيئًا من كتب العلم أمامه، ما عنده سترة، فالظاهر لا أعلم في هذا بأسًا إن كان المحل نظيفًا فلا بأس به، أما المصحف محل نظر.
495 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي رضي الله تعالى عنه: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى بِهِمْ بِالْبَطْحَاءِ، وبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ، الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، والعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ المَرْأَةُ، والحِمَارُ.

الشيخ: هذا في حجة الوداع.
 
بَاب قَدْرِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ المُصَلِّي، والسُّتْرَةِ؟
496 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُالعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: كَانَ بَيْنَ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وبَيْنَ الجِدَارِ مَمَرُّ الشَّاةِ.
497 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: كَانَ جِدَارُ المَسْجِدِ عِنْدَ المِنْبَرِ مَا كَادَتِ الشَّاةُ تَجُوزُهَا.

الشيخ: يعني يكون قريبًا من السترة، يكون موضع سجوده قريبًا من السُّترة، لكن يبعُد عنها شيئًا قليلًا حتى لا يصطدم فيها، يكون بينه وبينها شيء يسير، العصا المنصوبة، أو الكرسي، أو ما أشبه ذلك، أو الجدار، يكون بينه وبينها شيء يسير موضع سجوده، ولما صلى في الكعبة كان بين قدميه وجدار الكعبة نحو ثلاثة أذرع.
س: ما يميل عنها؟
الشيخ: لا، السنة ما يميل، الأحاديث............ ضعيفة.
س: ........................
............................
س: هل السترة واجبة يا شيخ؟
الشيخ: سُنة، يقول ﷺ: إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها، وثبت في النسائي وغيره أنه صلى في بعض الأحيان إلى غير سُترة، عليه الصلاة والسلام.
الطالب: شيخ، معي كلام نقلته عن مسألة سعد بن معاذ، وما قيل فيه؟
الشيخ: من جهة الضمة يعني؟
الطالب: الضمة، والبول، يقول في السير: أبو معشر: قال الذهبي رحمه الله تعالى: أبو معشر عن سعيد المقبري أن رسول الله ﷺ قال: لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا منها سعد، ولقد ضم ضمة اختلفت منها أضلاعه من أثر البول.
الشيخ: هذا ضعيف؛ لأن هذا مرسل ضعيف.
الطالب: قال الذهبي: هذا منقطع، وفي البداية والنهاية قال ابن كثير: وقد ذكر البيهقي رحمه الله بعد روايته ضمة سعد رضي الله عنه في القبر أثرًا غريبًا فقال: حدثنا أبو عبدالله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس قال: حدثنا أحمد بن عبدالجبار قال: حدثنا يونس عن ابن إسحاق قال: حدثني أمية بن عبدالله أنه سأل بعض أهل سعد ما بلغكم من قول رسول الله ﷺ في هذا فقالوا: ذكر لنا أن رسول الله ﷺ سئل عن ذلك، فقال: كان يقصّر في بعض الطهور من البول، وفي الفتح عند حديث صاحبي القبرين..
الشيخ: تقدم أن هذا ضعيف؛ لأن بعضه مجهول، هذا ضعيف، وإنما هي ضمة المحب لحبيبه.
الطالب: وفي الفتح عند حديث صاحبي القبرين قال: وما حكاه القرطبي في التذكرة، وضعَّفه، عن بعضهم أن أحدهما سعد بن معاذ؛ فهو قول باطل لا ينبغي ذكره إلا مقرونًا ببيانه، ومما يدل على بطلان الحكاية المذكورة أن النبي ﷺ حضر دفن سعد بن معاذ كما ثبت في الحديث الصحيح، أما قصة المقبورين ففي حديث أبي أمامة عند أحمد أنه ﷺ قال لهم: من دفنتم اليوم هاهنا؟ فدل على أنه لم يحضرهما. قال ابن حجر أيضاً: وإنما ذكرت هذا ذبًّا عن السيد الذي سماه النبي ﷺ سيدًا، وقال لأصحابه: قوموا إلى سيدكم، وقال: إن حكمه قد وافق حكم الله، وقال: إن عرش الرحمن اهتز لموته، إلى غير ذلك من مناقبه الجليلة؛ خشية أن يغتر ناقص العلم بما ذكره القرطبي فيعتقد صحة ذلك.
وأخيرًا قال الذهبي في السير: هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء، بل هو أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقد ولده وحميمه في الدنيا، وكما يجد من ألم مرضه، وألم خروج نفسه.
الشيخ: هذا من ضم المحب لحبيبه؛ كون الأرض يَقْدَمُ إليها المؤمن تضمه ضمة المحب، لا يضره، ما هي بضمة عذاب، ضمة محبة.
الطالب: وألم سؤاله في قبره، وامتحانه، وألم تأثره ببكاء أهله عليه، وألم قيامه من قبره، وألم الموقف، وهوله، وألم الورود على النار، ونحو ذلك؛ فهذه الأراجيف كلها قد تنال العبد، وما هي من عذاب القبر، ولا من عذاب جهنم قط، ولكن العبد التقي يرفق الله به في بعض ذلك، أو كله، ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه، قال الله تعالى: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ [مريم: 39]، وقال: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ [غافر: 18] فنسأل الله تعالى العفو، واللطف الخفي، ومع هذه الهزات فسعد رضي الله عنه ممن نعلم أنه من أهل الجنة، وأنه من أرفع الشهداء رضي الله عنه، كأنك يا هذا تظن أن الفائز لا يناله هول في الدارين، ولا رَوْع، ولا ألم، ولا خوف، سل ربك العافية، وأن يحشرنا في زمرة سعد رضي الله عنه!