542 من: ( باب النَّهي عن مخاطبة الفاسق والمُبتدع ونحوهما بِسَيِّد ونحوه)

 
321- باب النَّهي عن مخاطبة الفاسق والمُبتدع ونحوهما بِسَيِّد ونحوه
1/1725- عن بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ: سَيِّدٌ، فَإِنَّهُ إِنْ يكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ رواه أبو داود بإِسنادٍ صحيحٍ.

322- باب كراهة سبِّ الحُمَّى
1/1726- عَنْ جَابرٍ : أَنَّ رسُول اللَّهِ ﷺ دخَلَ على أُمِّ السَّائبِ –أَوْ: أُمِّ المُسَيَّبِ- فقَالَ: مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائبِ –أَوْ: يَا أُمَّ المُسيَّبِ- تُزَفْزِفينَ؟ قَالَتْ: الحُمَّى، لا بارَكَ اللَّه فِيهَا، فَقَالَ: لا تَسُبِّي الحُمَّى، فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايا بَني آدَمَ كَما يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الحدِيدِ رواه مسلم.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
في هذه الأحاديث التحذير عن سبِّ الحمى، فإنها يمحو الله بها الخطايا، ويُكفِّر بها السيئات، والنهي عن تسمية المنافق ومَن أظهر المعاصي: سيدًا، أو كريمًا، أو ما أشبه ذلك من صفات التزكية؛ لأنه جدير بضدِّ ذلك، فمَن تظاهر بالبدع والمعاصي والنِّفاق لا يُقال له: سيد، ولا يُزَكَّى، بل يُنْصَح ويُوَجَّه إلى الخير، ويُحذَّر مما هو فيه من الباطل، ولا يُزَكَّى، فتزكيته إغضابٌ لله؛ لأنَّه وصفٌ له بما لا يليق، فلا ينبغي للمؤمن أن يُسمِّي مَن عُرِف بالنفاق والبدعة أو المعصية الظاهرة: سيدًا، أو كريمًا، أو يا فلان بالعبارات الرفيعة، كل هذا لا يليق.
أما الحمى فيُكفِّر الله بها الخطايا، وهي أيضًا تُصيب الأنبياء والأخيار، ولهذا قال النبيُّ ﷺ: لا تسُبِّيها، فإنَّ الله يمحو بها خطايا بني آدم كما يمحو الكِيرُ خَبَثَ الحديد.
وهكذا لا ينبغي سبّ مَن لا يستحق السبّ: كسب الحمى، أو سب الأمراض الأخرى، لا، ولكن يسأل الله العافية، وإنما يستحق السبَّ مَن أظهر الكفر والشر ودعا إليه، كما سبّ النبيُّ ﷺ دُعاة الكفر، مثل: أبي جهل، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وغيرهم من صناديد الكفر، ولعنهم على رؤوس الأشهاد، أمَّا مَن سالمنا وكفَّ شرَّه عنا فلا يُسَبّ.
هكذا المسلم لا يسُبّ أخاه، يقول النبيُّ ﷺ: ليس المسلم بالطَّعَّان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء، ويقول ﷺ: سِباب المسلم فسوقٌ، وقتاله كفرٌ، ويقول ﷺ: إنَّ اللاعنين لا يكونوا شهداء ولا شُفعاء يوم القيامة.
فلا يليق بالمؤمن أن يكون سبَّابًا ولا لعَّانًا، ولكن مَن كان مُظهرًا للفسق والبدعة لا يُلقَّب بالألقاب الرفيعة: كالسيد ونحوه.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: أحيانًا يُطلقون على مرض السرطان: خبيث؟
ج: ما أعلم فيه شيئًا، مثلما يقال: تمر خبيث، وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ [البقرة:267] يعني: رديء، هذا هو، يعني: مرض مخيف.
س: ما يكون من السبّ؟
ج: لا، ما هو سبّ.
س: "السيد" ثبت أنه اسم من أسماء الله؟
ج: جاء في الحديث الصحيح لما قالوا له: أنت سيدنا، قال: السيد الله تبارك تعالى يعني: الرئيس، يعني: الكامل.
س: سواء كان كلمة: سيد، أو سيدي؟
ج: لا يُقال: سيدي، أما "سيد" فما يُخالف: "سيد بني فلان"، مثلما قال ﷺ عن الحسن: إنَّ ابني هذا سيِّد، أما التعريف "السيد" فيُترك، لما قيل: يا رسول الله، أنت سيدنا، قال: السيد الله تبارك وتعالى، أما إذا قال: سيد بني جُمح، سيد بني عدنان، سيد عتبان، سيد ........ مثلما قال النبي ﷺ للأنصار: قوموا إلى سيِّدكم يعني: سعد بن معاذ، بالإضافة، أو سيِّد مُقيَّد: سيد جهينة، سيد قريش.
س: ما حكم اتّخاذ المحراب في المسجد؟
ج: لا بأس به؛ لأنَّه درج عليه المسلمون، وهو علامة على المساجد، وعلى توسُّط الإمام، وهو من العهد الأول، والناس دارجون على هذا.
س: ظهر في بعض البلدان مَن يقول: اتِّخاذ المحراب في المسجد نوعٌ من البدعة، حتى صاروا يبنون المسجد دون محرابٍ؟
ج: لا، غلط، لا محذور فيه، درج عليه المسلمون من العهد الأول والعهد الثاني: عليكم بسنتي وسنة ....، خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، درج عليه المسلمون؛ لأن فيه مصلحةً، كتمييز المسجد من غيره، وتوسُّط الإمام، وقد يُحتاج إليه عند ضيق المسجد.
س: هل كان هذا موجودًا في عهد النبي ﷺ؟ وهل كان في مسجد النبي ﷺ محراب؟
ج: لا، حدث في العهد الأول، في المئة الأولى، فبنايته الظاهر أنها كانت في القرن الأولى، في المئة الأولى، بعد الخلفاء الراشدين.
س: طيب، هؤلاء الذين يفعلون هذا الفعل هل في إمكانهم أن يحتجوا بقولهم: "لم يكن في مسجد النبي ﷺ محراب"؟ هل تكون حجتهم مقبولةً أم تُرد عليهم؟
ج: الأمر فيها واسع، فهي من باب المباحات للمصلحة، وليست من باب السنن، فهي مثل البناء المسلح الموجود الآن ونحوه، فهذا لم يكن موجودًا في عهد النبي ﷺ، فهذه أمور عادية.
س: هل مَن تركه يأثم؟
ج: مَن فعله فلا بأس، ومَن تركه فلا بأس، الأمر واسع.
س: الحديث في أمور الدنيا في المسجد؟
ج: إذا كان شيئًا يسيرًا يُعْفَى عنه، مثلما قال النبي ﷺ لكعب بن مالك لما تقاضى هو وابن أبي حدرد في الدَّين الذي عليه، قال: ضع الشطر، ومثل ما يكون من خصوماتٍ في المسجد في بعض الأشياء، يعني: الشيء الذي لا يشغل وهو قليلٌ يُعْفَى عنه.