558 من: (باب النهي عن إضاعة المال في غير وجوهه التي أذن الشرع فيها)

 
356 - باب النهي عن إضاعة المال في غير وجوهه التي أذن الشرع فيها
1/1781- عَنْ أبي هُريْرةَ قَالَ: قَال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إنَّ اللَّه تَعَالى يَرضى لَكُمْ ثَلاَثًا، وَيَكْرَه لَكُمْ ثَلاثًا: فَيَرضى لَكُمْ أنْ تَعْبُدوه، وَلا تُشركُوا بِهِ شَيْئًا، وَأنْ تَعْتَصِموا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا، ويَكْرهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤالِ، وإضَاعَةَ المَالِ رواه مسلم.
2/1782- وَعَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ المُغِيرَةِ بن شُعْبَة قالَ: أمْلَى عَلَيَّ المُغِيرَةُ بنُ شُعبةَ في كِتابٍ إلَى مُعَاويَةَ ، أنَّ النبيِّ ﷺ كَانَ يَقُول فِي دبُرِ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّه وَحدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَله الْحَمْد وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مانِعَ لِمَا أعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ ينْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ" وَكَتَبَ إلَيْهِ أنَّهُ "كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيل وقَالَ، وإضَاعَةِ المَالِ، وَكَثْرةِ السُّؤَالِ، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأمهَّاتِ، ووأْدِ الْبَنَاتِ، وَمَنْعٍ وهَاتِ متفقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذان الحديثان فيهما النهي عن إضاعة المال، المال له فوائد جمة، وبه يتعامل الناس في هذه الدار في حاجاتهم من مأكل ومشرب وملبس ومركب ومسكن، فلا تجوز إضاعته، ولا الإسراف فيه، ولا التبذير، ولهذا قال جل وعلا: وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا [الإسراء:26]، وقال: وَلَا تُسْرِفُوا [الأعراف:31] ونهى عن إضاعة المال، فالواجب على المؤمن وكل مسلم أن يتقيد بالشرع في التصرفات في ماله، وألا يصرف المال في وجه لا يبيحه الشرع المطهر، وكان ﷺ إذا سلم من الصلاة استغفر ثلاثًا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، وكان يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ثبت هذا عنه ﷺ من طريق ابن الزبير، ومن طريق المغيرة، ومن طريق ثوبان في الاستغفار ثلاثًا.
وقوله: اللهم أنت السلام فالسنة للمؤمن هكذا بعد كل فريضة، والمؤمنة كذلك، أول شيء يستغفر ثلاثًا، ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، المأموم والإمام والمنفرد، والإمام بعد هذا يلتفت إلى الناس يعطيهم وجهه بعدما يقول: اللهم أنت السلام، ثم يقول كل منهم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وإذا كررها ثلاثا كان أفضل، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ويستحب أن يزيد على هذا في المغرب والفجر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، عشر مرات في الفجر وفي المغرب مع الذكر المذكور.
وكان عليه الصلاة والسلام ينهى عن عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات، عقوق الأمهات من أقبح الكبائر، وعقوق الوالدين من أقبح الكبائر، والأمهات أشد، ووأد البنات -وهو قتلهن- كانوا في الجاهلية يأدون البنات من كراهة البنت، يكرهونها ويقتلونها وهي صغيرة، وهو الوأد كما قال تعالى: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ۝ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9] وهكذا منع وهات، ينبغي للمؤمن ألا يكون هكذا، منع وهات يعني يكون شحيح بخيل يحرص على المال ويبخل، يطلب المال من كل طريق من حل وحرمة ويبخل به، لا يليق بالمؤمن هذا، بل يطلب المال من حله وينفقه في وجوهه، هذا هو المشروع، أما أنه يكون بخيلًا حريصا على المال من كل طريق ولو حرامًا هذا منكر عظيم، نسأل الله العافية.
وكان ينهى عن قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال، وفي اللفظ الآخر: يسخط لكم قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال لأن قيل وقال تفضي إلى الغيبة والنميمة والكلام الفارغ، ولهذا يقول ﷺ: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت كثرة القيل والقال تفضي إلى ما لا تحمد عقباه: إما إلى كذب، وإما إلى غيبة، وإما إلى نميمة، فالحزم والمشروع للمؤمن أن يقول الخير أو ليصمت، وأن يحفظ ماله ولا يضيعه إلا فيما أباح الله له، وهكذا كثرة السؤال، كثرة السؤال عن العلم على وجه فيه تعنت أو إيذاء للمسؤول هذا هو المنهي عنه، أو كثرة السؤال فيما يتعلق بالدنيا، يسأل قدر حاجته، يسأل قدر الحاجة ولا يسأل الزيادة، إذا كان مضطرًا ما عنده شيء يسأل قدر حاجته وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ۝ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج:24-25]، وهكذا سؤال العلم، يسأل ولكن من دون تعنت ومن دون إحراج للمسؤول مع القصد الصالح مع النية الطيبة، يقول ﷺ: «إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة -يعني للإصلاح أو لحاجته- فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله -يعني سيل أو حرق اجتاحت ماله- فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش -حتى يجد ما يسد حاجته-، والثالث: رجل كانت عنده سعة ثم أصابته فاقة -تناقص ماله وتناقص حتى نزلت به الفاقة- وأشهد له ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصابته فاقة فحلت له المسألة حينئذ، وما سواهن سحت» رواه مسلم عن قبيصة .
المقصود: أن المؤمن ينبغي له أن يتورع عن السؤال إلا في هذه المسائل: إذا تحمل حمالة للإصلاح أو لحاجته وحاجة أهله، أو أصابته جائحة، أو اشتدت حاجته وشهد له ثلاثة من ذوي الحجى -من ذوي الديانة والعقل والبصيرة- من قومه، وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: في العصر الحاضر هناك من يفسر (وأد البنات) بتصعيب الزواج ومنع البنات من الزواج، يقول: أن هذا وأد معنوي؟
الشيخ: لا ما هو بوأد، لكن يجب على الأولياء أن يساعدوا في تزويج مولياتهم، وإلا ما يسمى وأد، لكن منعهن من حاجتهن من أسباب كثرة الفواحش، نسأل الله العافية.
س: العشر مرات في الفجر والمغرب وقتها هل هو في أول الذكر ...؟
الشيخ: بعد الذكر المعتاد، قبل التسبيح والتحميد.
س: بالنسبة في بعض الناس يتناولون حبوب منع الحمل بحجة أنها يريد أن ينظم حياتهم، هل هذا يدخل في قتل العيال؟
الشيخ: لا هذا إذا دعت له الحاجة ترضع تعاطت هذا، أو معها مرض أو في رمضان للصوم للحاجة فلا بأس إن شاء الله، وإلا ما هو من الوأد، ليس من الوأد.
س: بعضهم يأخذ هذه الحبوب يقولون ننظم حياتنا عنده مثلا اثنين أولاد أو ثلاثة ويوقف الحمل؟
الشيخ: ما ينبغي له، ينبغي له إذا كان لحاجة أو علة أو مرض أو للرضاع، الشريعة جاءت بالحث على الأولاد وتكثير الأمة: تزوجوا الودود الولود يقوله ﷺ: فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة فكون الرجل والمرأة يحتسبان الأجر ويصبران حتى تكثر الأمة، ولعل الله يرزقه أولادًا صالحين، أما إذا كان لعلة المرأة، مريضة يشق عليها، أو الرضاع يشق عليها أن تحمل وترضع، هذا شيء مؤقت.
س: ما حكم من يفعل هذا؟
الشيخ: شيء مؤقت إذا كان للحاجة فلا بأس .
س: ما حكمه؟
الشيخ: ما ينبغي أقل أحواله الكراهة.
س: من ينكر على من يرفع الصوت بالذكر بعد الصلاة ما رأيكم فيه؟
الشيخ: السنة رفع الصوت بالذكر، كان يفعل على عهد النبي ﷺ، قال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرف الناس من سماع الذكر، أصوات الناس بالذكر.
س: يقول السائل: إمام أتى بالركعة الخامسة في صلاة الظهر فسبح المأمومون وأكمل الإمام الخامسة فاختلف المصلون، منهم: من تابع الإمام وأتى بالخامسة، ومنهم من جلس والمسبوق بركعة، ومنهم من أتى بركعة بعد سجود السهو والمسبوق بركعة، ومنهم من أتى بركعة بعد سجود السهو والتسليم، ومنهم من سلم مع الإمام بعد السجود، ولم ينكر أحد على الآخر، فما حكم صلاة كل واحد من هؤلاء؟
الشيخ: الواجب على المأمومين يتابعونه إذا قام إلا من عرف أنها زائدة فلا يتابع، من عرف أنها زائدة يسبح ولا يتابع، وإذا سلم سلم معه، ومن لم يعرف لأنه قد يكون متأكد هو قد يكون غلطان -من سبح- وقد يكون هو متأكد أنها ما هي خامسة، فالمأمومين يتابعونه إلا الذي عنده علم أنها خامسة لا يتابع يجلس، فإذا سلم معه، هذا المشروع لهم، والمسبوق لا يعتد بها، إذا سلم إمامه قام وقضى ما عليه إذا عرف أنها زائدة.
س: والذي متأكد؟
الشيخ: أما إذا لم يعرف أنها زائدة ..
س: يتابعه في سجود السهود المتأكد أنها هي الخامسة؟
الشيخ: يجلس لا يقوم.
س: ما يتابعه في سجود السهو؟
الشيخ: يسجد معه للسهو، لكن لا يتابعه للقيام ويجلس معه للسهو، لأن السهو عام للجميع نقص على الجميع.