199 من: (باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر)

 
66- باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر
1/581- عن بُرَيْدَةَ قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيارَة القُبُورِ فَزُوروها رواهُ مسلم.
2/582- وعن عائشَةَ رضي اللَّهُ عنها قَالَتْ: كَانَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ كُلَّما كَانَ لَيْلَتها مِنْ رسول اللَّه ﷺ يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلى البَقِيعِ، فَيَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤمِنينَ، وأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ، غَدًا مُؤَجَّلُونَ، وإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَهْلِ بَقِيعِ الغَرْقَدِ رواهُ مسلم.
3/583- وعن بُرَيْدَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعَلِّمُهُمْ إِذا خَرَجُوا إِلى المَقابِرِ أَنْ يَقُولَ قَائِلُهُم: السَّلامُ عَلَيكُمْ أَهْلَ الدِّيارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ والمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّه لَنَا وَلَكُمُ العافِيَةَ رواه مسلم.
4/584- وعن ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عنهما قال: مَرَّ رسُولُ اللَّهِ ﷺ بِقُبورٍ بالمَدِينَةِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بوَجْهِهِ، فقالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ القُبُورِ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَنا وَلَكُمْ، أَنْتُم سَلَفُنا ونَحْنُ بالأَثَرِ رواهُ الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الأربعة كلها تدل على شرعية زيارة القبور، وأنه يُستحب للمؤمن أن يزور القبور؛ لما فيها من التَّذكير بالآخرة، والتذكير بالموت، وأنك صائرٌ إلى ما صاروا إليه؛ ولهذا قال ﷺ: زوروا القبور، فإنَّها تُذَكِّركم الآخرة.
وكان يزورها ﷺ كما تقول عائشة في ليلتها، فكان يزورها في آخر الليل، ويدعو لهم، ويقول عليه السلام لأهل البقيع: يغفر الله لنا ولكم، غدًا مُؤَجَّلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد.
وكان يُعَلِّم أصحابَه أن يقولوا إذا زاروا القبور: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، وفي اللفظ الآخر: يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين.
ولما مرَّ على قبور المدينة قال: السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر.
هذه السنة للزائر، أن يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية يعني: من النار، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، ويدعو لهم بالمغفرة: اللهم اغفر لهم وارحمهم.
وهذه السنة في الليل أو النهار، متى تيسر ذلك، ليس لها وقتٌ محدد، سواء زارهم في الليل، أو في النهار، أو في أول النّهار، أو في آخر النهار، أو في أول الليل، أو في آخره، متى تيسرت الزيارة فهي سنة، للرجال خاصَّةً، أما النساء فلا؛ لأنَّ الرسول ﷺ نهى عن زيارتهن للقبور؛ لأنهن فتنةٌ وعورةٌ، فلا يُشرع لهن زيارة القبور، أمَّا الرجال فإنَّهم يزورون القبور، وهي سنة بين وقتٍ وآخر.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
س: الاستثناء هنا في قوله: وإنا إن شاء الله بكم لاحقون؟
ج: للتَّبرك.
س: قوله ﷺ: كنتُ نهيتُكم؟
ج: كان أولًا نُهي عن زيارة القبور، ثم نُسخ النهي، فإنهم لما كانوا حديثي عهدٍ بالإسلام نُهوا عن الزيارة؛ لئلا يقع شيءٌ من الشرك، فلما استقرَّ الإسلامُ في قلوبهم وعرفوا الإسلام رخّص لهم في الزيارة؛ لأنها مصلحةٌ بلا مضرَّةٍ، ففيها ترقيق القلوب، وتذكيرٌ بالموت والآخرة.
س: من أين أُخِذَ نهي النّساء عن زيارة القبور؟
ج: من أحاديث أخرى: ففي حديث ابن عباسٍ قال: "لعن رسولُ الله ﷺ زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسُّرج"، وحديث أبي هريرة، وحديث حسان بن ثابت، كلها فيها النهي عن زيارة القبور للنساء.
س: إذا مرَّ أمام المقبرة هل عليه أن ..؟
ج: الأفضل، وليس هو بلازم، فهي سنة، مستحبّ، فلو وقف على الجدار وسلَّم فهذا طيّب.
س: إن كان بعض الناس ............... هل لهذا أصل؟
ج: لا، ما له أصل، .............. في القبور ما لها أصل.
س: يُرقق القلوب؟
ج: لا، هذا ما له أصل.
س: سائلٌ يقول: سماحة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أُشهد الله أني أُحبّك في الله، فما حكم الدعاء بـ"اللهم يا مالك الملك، تُؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، أسألك ملكًا لا يفنى"؟
ج: أما الحب في الله فهو من القُربات، فنقول: أحبّك الله الذي أحببتنا له، أما الملك في الدنيا فليس هناك ملك لا يفنى، ولكن إذا قصد الجنة فلا بأس، أما إذا كان يقصد ملكًا في الدنيا لا يفنى فهذا ليس بصحيحٍ، فكل الدنيا فانية: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ [الرحمن:26]، أما إذا أراد ملكًا في الآخرة -يعني: في الجنة- فلا بأس.
س: يكون من الاعتداء في الدعاء؟
ج: نعم.
س: رفع اليدين عند القبر للدعاء للميت؟
ج: لا بأس به، تقول عائشةُ أنه ﷺ رفع يديه لما زار القبور.
س: ويجعل القبر بينه وبين القِبلة؟
ج: من أي جهةٍ، الأمر واسع.
س: بعض الشيعة يأتون عند البقيع ويجلسون، والرجل هنا يتكلم، ويبكون مع النساء والرجال؟
ج: الشيعة لا يُقتدى بهم، فالشيعة الرافضة غلاة في الأموات، وغلاة في آل البيت، فلا يُقتدى بهم، والسنة أن تقف وتسلم وأن تمشي، وإذا كان عاجزًا وجلس لا بأس، فالنبي جلس عند قبر أمه ودعا لها حتى مُنِعَ من ذلك.
س: بعض الذين يزورون القبور –كأن يزور قبر أبيه أو أمه- يُخصص يوم الجمعة، ويأتي إلى القبر، ثم يجلس عنده، وربما لا يدعو ويجلس ساعةً؟
ج: هذا ما له أصل، فتخصيص الجمعة لا أصل له، فزيارة القبور تكون في أي يومٍ -والحمد لله.
س: بعضهم إذا زار القبر يُصلي على نفس القبر؟
ج: يُصلي الصلاة المعروفة؟
س: لا، الصلاة على الميت.
ج: لا، هذا ما يجوز.
س: هؤلاء رجال يُريدون الزواج من خارج المملكة، وقالوا: لا يأتينا الإذن إلا بدفع خمسة آلاف ريـال لبعض الموظفين، فهل يجوز لنا هذا؟
ج: ننصحهم ألا يتزوجوا من خارج المملكة، ليتزوجوا من الداخل.
س: وفعلهم هذا؟
ج: ما ينبغي، فاتّخاذ زوجة من خارج المملكة فيه أخطار، وفيه شُبَه.
س: بعضهم فعل هذا، فيقول: هل آثم؟
ج: المقصود أن ترك هؤلاء لهذا الأمر أحوط، فننصح بألا يُتَزَوَّج من خارج المملكة.
س: وماذا عن دفع خمسة آلاف ريـال؟
ج: هذا من جهة الدولة؟
س: نعم.
ج: هذا للمسؤول عن الدولة.
س: المشي حافيًا هل يكون عند دخول المقبرة أو بين المقابر؟
ج: بين المقابر فقط، أما قبلها فلا بأس.