216 من: (باب الحلم والأناة والرفق)

 
74- باب الحلم والأناة والرِّفق
قَالَ الله تَعَالَى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:134].
وقال تَعَالَى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف:199].
وَقالَ تَعَالَى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ۝ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت:34- 35].
وقال تَعَالَى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [الشورى:43].
1/632- وعن ابنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ لأَشَجِّ عبْدِ الْقَيْس: إِنَّ فيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الحِلْم، وَالأَنَاة رَواهُ مُسلم.
2/633- وعن عائِشةَ رضيَ اللَّه عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: إِنَّ اللَّه رفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّه متفقٌ عَلَيْهِ.
3/634- وعنها أَنَّ النبيَّ ﷺ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ رواه مسلم.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الآيات الكريمات والحديثان الشّريفان وما جاء في معناهما كلُّ ذلك يدل على شرعية الرِّفق والحلم والأناة وعدم العجلة في الأمور، فينبغي للمؤمن أن يكون حليمًا، صفوحًا، عفوًّا، كريمًا، رفيقًا في أموره كلها، وتقدّمت في هذا أحاديث كثيرة.
قال الله جلَّ وعلا في وصف المتَّقين: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ، وقال جلَّ وعلا: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ، وقال جلَّ وعلا: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ.
فالمؤمن مشروعٌ له الرفق والصبر والحلم والتّحمل؛ لأنه بهذا تجتمع القلوبُ ويحصل التّعاون، أما مع الشدة والغِلظة وعدم الحلم يحصل التنافر.
يقول النبيُّ ﷺ لأشجِّ عبد القيس: إنَّ فيك خصلتين يُحبّهما الله: الحلم، والأناة، فهذا مما يحبّه الله، فهذا خلقٌ طيبٌ: الحلم والأناة، لكن لا بد من الأخلاق الأخرى والصِّفات الأخرى، لكن هاتين الخصلتين محبوبتان إلى الله، فإذا كانتا في مؤمنٍ فذلك نورٌ على نورٍ، وإذا كانتا في فاجرٍ فهما خصلتان في فاجرٍ، الحلم وعدم العجلة بالغضب، والأناة في الأمور، والرفق وعدم العجلة.
فهذا يدل على أنه ينبغي للمؤمن أن يجتهد في أسباب الحلم والأناة وعدم العجلة.
ويقول ﷺ: إنَّ الله رفيقٌ يُحبّ الرفقَ في الأمر كله، وفي اللفظ الآخر: إنَّ الله يُحبّ الرِّفقَ، ويُعطي على الرِّفق ما لا يُعطي على العنف، وما لا يُعطي على ما سواه.
فهذا كله فيه الحثّ على الرفق في الأمور، والرفق في الأمور أخذها بالصبر واللّين وعدم العجلة، سواء كان ذلك فعلًا أو قولًا، فيحلّ المشاكل بالرفق وعدم العجلة، بالفعل الطيب، والكلام الطيب؛ لأنَّ الشدة في الأمور قد تُفضي إلى الضدّ، وقد تُفضي إلى الشّحناء والعداوة والبغضاء.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
س: إذا كانت مكتسبةً تكون أفضل أو إذا كانت جبليّةً؟
ج: إذا كان خُلُقًا له جبله الله عليه فهو أكمل وأفضل، وإذا تخلَّقهما فهو مأجورٌ؛ لأنه تعاطى أسبابهما.
س: سياق قول الله : إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ [التحريم:4]، ثم بعد ذلك: عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ [التحريم:5]، هل يدل ذلك على جواز التَّهديد بالطلاق؟
ج: نعم، فالطلاق مملوكٌ له، وإذا هدّد به لا بأس؛ لعلها تستقيم.
س: هل من أسماء الله تعالى: الرفيق؟
ج: نعم، من أسماء الله تعالى: إنَّ الله رفيقٌ، مثل: جميلٌ يُحبّ الجمال.
س: قيادة السّيارات تدخل في الرِّفق؟
ج: نعم، في السيارات، والإبل، والخيل، والحمير، والبغال، حتى مشيه بنفسه، والعطاء مع أهله، ومع عياله، ومع جيرانه.
س: بعض الناس تكون صفةً دائمةً فيه، فإذا قيل له: ارفق، أو: ترفّق أو كذا ..؟
ج: لا بد من تعاطي العلاج، فيُجاهد نفسه حتى يُعالج أخلاقه الرَّديئة بأخلاقٍ طيبةٍ.