230 من: (باب حث السلطان والقاضي وغيرهما من ولاة الأمور على اتخاذ وزير صالح..)

 
82 - باب حَثِّ السلطان والقاضي وغيرهما من ولاة الأمور على اتِّخاذ وزيرٍ صالحٍ وتحذيرهم من قُرناء السُّوء والقبول منهم
قَالَ الله تَعَالَى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67].
1/678- عن أبي سعيدٍ وأبي هريرةَ رضيَ اللَّه عنهما: أنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ مِن نَبِيٍّ وَلا استَخْلَفَ مِنْ خَليفَةٍ إلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وتَحُضُّهُ عليهِ، والمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ رواه البخاري.
2/679- وعن عائشة رضي اللَّه عنها قالَتْ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: إِذَا أرَادَ اللَّهُ بالأمِيرِ خَيْرًا جَعَلَ لَهُ وزيرَ صِدْقٍ، إنْ نَسِيَ ذكَّرهُ، وَإن ذَكَرَ أعَانَهُ، وَإذا أَرَاد بهِ غَيرَ ذَلِكَ جعَلَ لَهُ وَزِيرَ سُوءٍ، إنْ نَسِيَ لَمْ يُذَكِّرْه، وَإن ذَكَرَ لَمْ يُعِنْهُ رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ عَلَى شرط مسلمٍ.

83- باب النَّهي عن تولية الإِمارة والقضاء وغيرهما من الولايات لمَن سألها أَو حرص عليها فعرَّض بها
1/680- عن أَبي موسى الأَشعريِّ قَالَ: دخَلْتُ عَلَى النَّبيِّ ﷺ أنَا وَرَجُلانِ مِنْ بَنِي عَمِّي، فَقَالَ أحَدُهُمَا: يَا رسولَ اللَّه، أمِّرْنَا عَلى بعضِ مَا ولَّاكَ اللَّه عزَّ وجلَّ، وقال الآخرُ مِثْلَ ذلكَ، فَقَالَ: إنَّا واللَّه لا نُوَلِّي هذَا العَمَلَ أحَدًا سَأَلَه، أَوْ أحَدًا حَرَص عليه متفق عليه.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث مع الآية الكريمة فيها الحثّ على الأصحاب الطّيبين، والوزراء الطّيبين، والحذر من أصحاب السّوء، ووزراء السّوء، وعدم تولية الإمارة مَن طلبها وحرص عليها.
يقول الله جلَّ وعلا: الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ، الأخلاء أي: الأحبَّاء، وهذا فيه الحرص على خلّة الطيب، والبعد عن خلّة السَّقيم العاصي، فينبغي أن يكون أصحابُك وأخلَّاؤُك من أهل الخير والتَّقوى والاستقامة، وأن تحذر أخلَّاء السوء.
وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: المرء على دين خليله، فلينظر أحدُكم مَن يُخالل، ويقول ﷺ: مثل الجليس الصَّالح كحامل المسك: إمَّا أن يُحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً، والجليس السّوء كنافخ الكير: إمَّا أن يحرق ثيابك، وإمَّا أن تجد منه ريحًا خبيثةً.
وفي هذا أن الله جلَّ وعلا إذا أراد بالأمير خيرًا جعل له وزيرَ صدقٍ: إذا ذكر أعانه، وإن نَسِيَ ذكَّره، وإذا أراد له بخلاف ذلك جعل له وزير سوءٍ: إن ذكر لم يُعنه، وإن نسي لم يُذكّره، وهكذا كل رئيسٍ وأميرٍ له بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحثّه عليه، والأخرى بخلاف ذلك.
فينبغي للأمير ورئيس القبيلة وأشباههم أن يكون لهم وزراء صدقٍ، وأخلَّاء صدقٍ؛ حتى يُذكّروهم بالخير، ويُعينوهم عليه، ويجب على الأمير ورئيس القبيلة وأشباههم الحذر من جُلساء السّوء، ومن أخلاء السوء، ووزراء السوء.
وينبغي لولي الأمر ألَّا يُولِّي الإمارات مَن حرص عليها، ولا مَن سألها؛ لأنَّه حريٌّ ألا يُوفَّق، بخلاف مَن أُكره عليها، ولم يحرص عليها، فهذا حريٌّ أن يحرص وأن يجتهد وأن يُوفَّق، أمَّا مَن حرص عليها أو طلبها فقد يُخذل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
س: ألا يُستثنى من ذلك الكُفْءُ كما حصل ليوسف عليه السلام؟ فإذا كان الإنسانُ كفؤًا ويرى من نفسه أنه يستطيع ..؟
ج: هذا قد يقع، وإذا وقع فلا مانع منه؛ لقوله ﷺ لمن قال: اجعلني إمامَ قومي، قال: أنت إمامهم، ولقوله جلَّ وعلا في قصة يوسف: قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ [يوسف:55] لما رأى يوسف من نفسه القوةَ على هذا الأمر، والمقصود أنَّ الإنسان إذا رأى أنَّ الإمارة تحتاج إليه، وأن المسألة فيها خيانات، وفيها فساد، ورأى الإصلاح؛ فهو مأجورٌ.
س: ألا يكون من تزكية النَّفس؟
ج: لا، ما قصد التَّزكية إذا رأى من نفسه أنه قادرٌ على الإصلاح.
س: ما المقصود بـالمعصوم مَن عصم الله؟
ج: أي: سلَّمه الله، فالتَّسليم بيد الله، يعني: مَن وفَّقه الله وسلَّمه، فالأمر بيد الله جلَّ وعلا.
س: كتابة الفوائد أثناء خطبة الجمعة؟
ج: الذي يظهر لا، ما ينبغي، عليهم الإنصات، وإذا أرادوا الكتابةَ يكتبون بعد ذلك.
س: هل كانت للرسول ﷺ بطانةٌ تأمره بالسُّوء؟
ج: ظاهر الحديث العموم، وأنه يُبتلى الأنبياء وغيرهم، لكن الله يعصمهم ويكفيهم: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة:67]، فقد يُبتلون ويكفيهم الله.
س: بالنسبة لتسجيل الفوائد كما ذكر الأخ: لو كان الأولى تسجيلها لا بأس؟
ج: لا يُسجّلها والإمام يخطب، لا، يُنْصِتْ ويُقْبِل على الخطبة.
س: من خلال المُسَجِّل؟
ج: في المسجّل ما يُخالف.
س: رجلٌ في أشهر الحج اعتمر، ثم رجع إلى بلده، ثم ذهب إلى الحج مرةً أخرى، فيقول: هل عليَّ هديٌ أم لا؛ لأني سافرتُ سفرين؟
ج: المعروف عند العلماء أنه لا هديَ عليه إذا رجع لأهله، وإن فدى احتياطًا على ظاهر كلام ابن عباس فلا بأس.
س: هل لا يزال متمتعًا؟
ج: ما دام قد رجع إلى أهله فإنه يصير مفردًا إذا رجع بحجٍّ.
س: وما الصواب؟
ج: الأحوط له أنه يفدي؛ خروجًا من الخلاف، وهذا طيب.
س: مَن أتى والإمام يخطب الجمعة، هل يُكلم الشخصَ الذي بجانبه قبل أن يدخل المسجد أم يجب عليه أن يُنْصِت؟
ج: الله أعلم.
س: الأفضل للمأموم في صلاة التراويح في رمضان: أن يُوتِر مع الإمام أم يقوم ويأتي بركعةٍ ويُوتر في آخر الليل؟
ج: يُوتِر مع الإمام، ويُصلي ما تيسر في آخر الليل بدون وترٍ، فلا يُكرر الوتر.
س: الأفضل أن يُوتِر مع الإمام؟
ج: الأحسن: مَن قام مع الإمام حتى ينصرف كتب اللهُ له قيامَ ليلته.