240 من: (باب استحباب التَّبشير والتَّهنئة بالخير)

 
95- باب استحباب التَّبشير والتَّهنئة بالخير
قَالَ الله تَعَالَى: فَبَشِّرْ عِبَادِ ۝ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ [الزمر:17، 18].
وقال تَعَالَى: يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ [التوبة:21].
وقال تَعَالَى: وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت:30].
وقال تَعَالَى: فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ [الصافات:101].
وقال تَعَالَى: وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى [هود:69].
وقال تَعَالَى: وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ [هود:71].
وقال تَعَالَى: فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى [آل عمران:39].
وقال تَعَالَى: إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ [آل عمران:45] الآية.
والآيات في البَابِ كَثيرةٌ مَعلُومَةٌ.
وَأَمَّا الأحادِيثُ فَكَثيرَةٌ جدًّا, وهي مشهورةٌ في الصحيح, مِنْهَا:
1/708- عن أَبي إِبراهيمَ –وَيُقَالُ: أَبُو محمد، ويقال: أَبو مُعَاوِيةَ- عبدِاللَّه بن أبي أَوْفى : أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ بَشَّرَ خَدِيجَةَ رضي اللَّه عنها بِبَيْتٍ في الجنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لا صَخَبَ فِيه، وَلا نَصَبَ. متفقٌ عَلَيْهِ.
2/709- وعن أَبي موسى الأشعريِّ : أَنَّهُ تَوضَّأَ في بيتهِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: لأَلْزَمَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ، ولأَكُونَنَّ معَهُ يَوْمِي هَذَا، فجاءَ المَسْجِدَ، فَسَأَلَ عَن النَّبِيِّ ﷺ، فقَالُوا: وَجَّهَ ههُنَا، قَالَ: فَخَرَجْتُ عَلى أَثَرِهِ أَسْأَلُ عنْهُ، حتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَريسٍ، فجَلَسْتُ عِنْدَ الْبابِ حتَّى قَضَى رسولُ اللَّه ﷺ حاجتَهُ وتَوضَّأَ، فقُمْتُ إِلَيْهِ، فإذا هُو قَدْ جلَس على بئرِ أَريسٍ، وتَوسَّطَ قُفَّهَا، وكَشَفَ عنْ ساقَيْهِ، ودلَّاهمَا في البِئْرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ فجَلَسْتُ عِندَ البابِ فَقُلتُ: لأكُونَنَّ بَوَّابَ رسُولِ اللَّه ﷺ اليَوْم، فَجاءَ أَبُو بَكْرٍ فدفَع الْبَابَ، فقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَبُو بكرٍ، فَقلْتُ: عَلَى رِسْلِك، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُلْتُ: يَا رسُول اللَّه، هذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِن، فَقال: ائْذَنْ لَه، وبَشِّرْه بالجنَّةِ، فَأَقْبَلْتُ حتَّى قُلتُ لأبي بكرٍ: ادْخُلْ، ورسُولُ اللَّه ﷺ يُبَشِّرُكَ بِالجنَّةِ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ حتَّى جلَسَ عَنْ يَمِينِ النبيِّ ﷺ معَهُ في القُفِّ، ودَلَّى رِجْلَيْهِ في البِئْرِ كما صنَعَ رَسُولُ الله ﷺ، وكَشَف عَنْ ساقَيْهِ، ثُمَّ رَجَعْتُ وجلَسْتُ، وَقَدْ ترَكْتُ أَخي يتوضَّأُ ويَلْحقُني، فقُلْتُ: إنْ يُرِدِ اللَّهُ بِفُلانٍ -يُريدُ أَخَاهُ- خَيْرًا يَأْتِ بِهِ، فَإِذا إِنْسانٌ يُحرِّكُ الْبَابَ، فقُلتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقال: عُمَرُ بنُ الخطَّابِ، فقُلْتُ: على رِسْلِك، ثمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَسَلَّمْتُ عليْهِ وقُلْتُ: هذَا عُمَرُ يَسْتَأْذِنُ؟ فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ، وبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ، فَجِئْتُ عُمَرَ فَقُلْتُ: أَذِنَ وَيُبَشِّرُكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالجَنَّةِ، فَدَخَل فجَلَسَ مَعَ رسُول اللَّهِ ﷺ في القُفِّ عَنْ يسارِهِ، ودَلَّى رِجْلَيْهِ في البِئْر، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ: إنْ يُرِدِ اللَّهُ بِفُلانٍ خَيْرًا –يَعْني: أَخَاهُ- يأْتِ بِهِ، فَجَاءَ إنْسَانٌ فحرَّكَ الْبَابَ، فقُلْتُ: مَنْ هذَا؟ فقَال: عُثْمانُ بنُ عفَّانَ، فَقلْتُ: عَلى رِسْلِكَ، وجِئْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرْتُه، فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ، وبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ مَعَ بَلْوَى تُصِيبُهُ، فَجِئْتُ فَقُلْتُ: ادْخُلْ، وَيُبَشِّرُكَ رسُولُ اللَّه ﷺ بِالجَنَّةِ مَعَ بَلْوَى تُصِيبُكَ، فَدَخَل، فَوَجَد القُفَّ قَدْ مُلِئَ، فَجَلَس وجَاهَهُمْ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ. قَالَ سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ: فَأَوَّلْتُها قُبُورهمْ. متفقٌ عَلَيْهِ.
وزاد في روايةٍ: "وأمَرني رسولُ اللَّه ﷺ بحِفْظِ الباب"، وَفِيها: أَنَّ عُثْمانَ حِينَ بَشَّرهُ حَمِدَ اللَّه تَعَالَى، ثُمَّ قَال: "اللَّه المُسْتعَانُ".

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الآيات الكريمات والحديثان فيها الدلالة على تبشير المؤمن بما يسُرُّه؛ فإذا علم شيئًا يسُرُّ أخاه بشَّره به: كولدٍ جديدٍ، أو أمرٍ ينفعه في أُخراه ودُنياه، أو زوجةٍ صالحةٍ، أو ما أشبه ذلك، فيقول: هنيئًا لك كذا وكذا، وأُبَشِّرك بكذا وكذا، أو: بارك الله لك بكذا وكذا؛ لهذه الآيات التي فيها التَّبشير.
ومنها: حديث تبشير خديجة ببيتٍ في الجنة من قصبٍ، يعني: من اللؤلؤ، لا نَصَبَ فيه، ولا صَخَبَ: لا تعب فيه، ولا كلامًا فارغًا.
وكذلك قصة دخول النبي ﷺ بئر أريس، وما حصل فيها من حضور الصّديق وعمر وعثمان، وأن الرسول ﷺ قال لأبي موسى: بَشِّرهم بالجنَّة، فبشَّرهم بالجنة رضي الله عنهم وأرضاهم، وأن عثمان لما قال له: على بَلْوَى تُصيبه قال: "الحمد لله، والله المستعان"، والله أعلم إنَّها إشارةٌ إلى ما جرى عليه من الفتنة والحصار حتى قتلوه، فهذه من البلوى، ولكنه من العشرة المشهود لهم بالجنة رضي الله عنهم وأرضاهم جميعًا.
والمقصود أنَّ المؤمن أخو المؤمن، يسُرُّه ما يسُرُّ أخاه المؤمن، ويُؤلمه ما يُؤلمه؛ ولهذا يقول ﷺ في الحديث الصحيح: المؤمن للمؤمن كالبُنيان، يشُدُّ بعضُه بعضًا وشبَّك بين أصابعه، ويقول ﷺ: مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم مثل الجسدِ؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَر والحُمَّى، ويقول ﷺ: مَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ويقول ﷺ: والله في عون العبدِ ما كان العبدُ في عون أخيه، فإذا بشَّره بما يسُرُّه فهذا من مُقتضى الأخوة الإيمانية.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
س: إذا فرح الإنسانُ ببَلْوَى تُصيب مسلمًا بقضاء الله؛ لأنَّه شديد الأذى والتَّمرد والمعاصي؟
ج: هذا ينصح له، ويُوجِّهه إلى الخير، يقول له: اتَّقِ الله، يقول الله: وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر]، ويقول النبيُّ ﷺ: الدين النَّصيحة، فإذا علم من أخيه نَقْصًا نصحه ووجَّهه إلى الخير بالأسلوب الحسن.
س: إذا كان يرفض كلَّ أنواع النَّصيحة؟
ج: ولو، هذا الذي عليك: النصيحة، فإن قَبِلَ وإلا فقد أدَّيْتَ ما عليك.
س: وإذا كان يستخدم هذه النّعم في الشر والمعاصي؟
ج: تدعو له بالهداية.
س: ما شروط صلاة الإنسان جالسًا؟
ج: إذا عجز عن القيام جاز له؛ فالنبي ﷺ قال لعمران: صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنبٍ، فإن لم تستطع فمُسْتَلْقِيًا.
ج: هل يدخل فيه النّعاس؟
س: لا، النعاس ما هو بعذرٍ، وعليه أن يُجاهد نفسَه.
س: تأويل سعيد بن المسيب للحديث: "فأوَّلتُها قبورهم"؟
ج: هذا أمرٌ وقع، دُفِنوا في الحجرة، هذه ما هي رؤية، هذه واقع.
س: رجلٌ نوى صيامَ يومٍ قضاءً، لكنَّه ما أكمل الصيام وأفطر، فهل عليه شيء؟
ج: ما يجوز له أن يُفطر إلا من عِلَّة مرضٍ أو ...
س: كأن يكون في وليمةٍ وأُلْزِمَ؟
ج: لا، الفريضة ما يُفطر فيها، يعتذر ويقول: إني صائم، فعليه أن يُجيب الدعوة ويقول: إني صائم، يقول ﷺ: إذا دُعِيَ أحدُكم فليُجِبْ، فإن كان صائمًا فليُصَلِّ يعني: فليدعو، وإن كان مُفْطِرًا فليطعم.
س: يُعيد هذا اليوم؟
ج: إذا أفطره يُعيده.
س: يقضي هذا اليوم مرةً أخرى؟
ج: لا، يُعيد اليوم الذي كان عليه، ما صار شيء.
س: لكن يأثم هذا الرجل؟
ج: يأثم إذا أفطر في الفريضة بغير عذرٍ شرعيٍّ.
س: مَن نقل البشارةَ لكن يشترط مثلًا أن يُعْطَى مبلغًا من المال أو هديةً ممن نقل إليه البشارة؟
ج: إن أعطاه هديةً يَقْبَل، وإن لم يُعطه فما هو بلزومٍ.
س: التَّبشير بالمُناسبات السَّعيدة والنَّجاح؟
ج: نعم، نُهَنِّئك أو نُبَشِّرك بنجاح الولد، أو: بنجاح أخيك، أو: بنجاح ابنك، ما يُخالِف، طيب.
س: شخصٌ يقول أن أباه يأتي دائمًا بأموالٍ من القِمار؟
ج: ينصحه ويُبين له أنها حرام، وأنها مَيْسِر.
س: يسأل عن النَّفقات: الأكل والشّرب؟
ج: لا يأكل منها إذا علم أنها مَيْسِر.
س: علمًا بأنَّ ما عندهم إلا هذا؟
ج: ولو، يسأل الناسَ إذا اضْطُرَّ ولا يأكل الحرام.
س: قولك في الاستِنْسَاخ البشري؟
ج: ما أعرف فيه شيئًا، ما لها أصلٌ، كل هذه خُرافات.