374 من حديث: (كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه..)

 
11/1170- وعنْ أَنَسٍ ، قالَ: كَانَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ يُفطِرُ منَ الشَّهْرِ حتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يَصُومَ مِنهُ، ويصَومُ حتَّى نَظُن أَن لاَ يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكانَ لاَ تَشَاءُ أَنْ تَراهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلا رَأَيْتَهُ، وَلا نَائمًا إِلا رَأَيْتَهُ. رواهُ البخاريُّ.
12/1171- وعَنْ عائِشة رضي اللَّه عنْهَا، أَنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ كَان يُصلِّي إِحْدَى عَشرَةَ رَكْعَةً تَعْني في اللَّيْلِ يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذلكَ قَدْر مَا يقْرَأُ أَحدُكُمْ خَمْسِين آيَةً قَبْلَ أَن يرْفَعَ رَأْسهُ، ويَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْل صَلاةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأَيمْنِ حَتَّى يأْتِيَهُ المُنَادِي للصلاةِ، رواه البخاري.
13/1172- وَعنْهَا قَالَتْ: مَا كَانَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ يَزِيدُ في رمضانَ وَلا في غَيْرِهِ عَلى إِحْدى عشرةَ رَكْعَةً: يُصلِّي أَرْبعًا فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطولهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبعًا فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطولهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثًا. فَقُلْتُ: يَا رسُولَ اللَّهِ أَتنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوترَ،؟ فَقَالَ: يَا عائشةُ إِنَّ عيْنَيَّ تَنامانِ وَلا يَنامُ قَلْبِي متفقٌ عَلَيْهِ.
14/1173- وعنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يَنَامُ أَوَّل اللَّيْل، ويقومُ آخِرهُ فَيُصلي. متفقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الأربعة كلها تتعلق بصلاة الليل، كان النبي ﷺ يتهجد من الليل ما يسر الله له، ويحافظ على ذلك، فإذا شغله نوم أو مرض صلى من النهار ما يقابل ذلك، وكان ﷺ في الغالب يوتر بإحدى عشرة كما قالت عائشة رضي الله عنها، الغالب عليه أنه يوتر بإحدى عشرة يسلم من كل ثنتين، فإذا فاته هذا الورد من الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، زاد ركعة يعني، ست تسليمات يسلم من كل ثنتين، فيقضي الوتر مشفوعًا.
ويقول أنس : كان النبي ﷺ يسرد الصوم حتى نقول لا يفطر، ويسرد الفطر حتى نقول لا يصوم، هذا المعنى جاء أيضا من حديث عائشة ومن حديث ابن عباس وغيرهم على حسب أشغاله عليه الصلاة والسلام، تارة تكثر أشغاله فيسرد الإفطار ليتقوى على حاجات الناس وأعمالهم، وتارة تقل الأشغال فيسرد الصوم عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن المؤمن ينتهز الفرص، إذا وجد فرصة صام تطوعا، وإذا شغل أفطر، ولا تشاء أن تراه ليلا يصلي إلا رأيته، ولا تحب أن تراه نائمًا إلا رأيته، دل على أنه ينام ويقوم، ما يقوم الليل كله بل يصلي بعض الليل وينام بعضه، هذا هو السنة، ولهذا قال: ولكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني ولما عرف أن عبدالله بن عمرو يحيي الليل كله نهاه عن ذلك وقال: إن لنفسك عليك حقا، ولزوجك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، فصم وأفطر ونم وقم هكذا السنة، وكان ﷺ إذا سجد السجدة طول، يطول في صلاته: في قيامه وركوعه وسجوده، قالت عائشة رضي الله عنها: إنه يسجد السجدة بقدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية هذا يدل على أنه يطول في صلاته عليه الصلاة والسلام، يقرأ كثيرًا ويطول في ركوعه وسجوده عليه الصلاة والسلام، والمؤمن حسب طاقته يصلي ما يسر الله له ولا يطول تطويلا يشق عليه، بل يصلي الصلاة التي فيها الخشوع والخضوع والتدبر والتعقل، على حسب ما يسر الله له.
وتقول رضي الله عنها: «إنه كان أوتر من أول الليل ومن أوسطه ومن آخره ثم استقر وتره في آخر الليل» عليه الصلاة والسلام استقر وتره وهو أفضل، إذا تيسر آخر الليل فهو أفضل، وإلا أوتر ما تيسر في أوله أو في وسطه حسب التيسير، وتقدم في حديث جابر يقول ﷺ: من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل وكان في الغالب يصلي إحدى عشرة، يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، يعني تسليمتين ثم يصلي تسليمتين أخرى، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثمان، ثم يوتر بثلاث عليه الصلاة والسلام، يقرأ بسبح، والغاشية، وقل هو الله أحد، التسليمة الأولى: سبح والغاشية، والأخيرة: قل هو الله أحد، تمام إحدى عشرة، وربما صلى ثلاث عشرة ست تسليمات وأوتر بواحدة، وربما صلى ثلاث عشرة يوتر بخمس، يصلي ثمان يسلم من كل ثنتين، ثم يسرد خمسا ويوتر بها، وربما سرد ثلاثا وأوتر بها عليه الصلاة والسلام، كل هذا من باب التنوع في العبادة، ولا حرج أوتر بإحدى عشرة، وإن شاء أوتر بثلاث عشرة، أوتر بخمس أو بسبع حسب التيسير، قد ينشط وقد يقوم مبكرًا فيطول ويكثر العدد، وتارة يضيق به الوقت فيختصر، والمؤمن يجاهد نفسه ولا يكلفها ما لا يطيق، بل يجتهد في أن تكون صلاته معتدلة متقاربة ليس فيها مشقة؛ لأنه إذا شق على نفسه قد يترك، يهون فينبغي له أن يتوسط حتى لا يشق على نفسه وحتى لا يمل، وكان ﷺ إذا طلع الفجر صلى ركعتين سنة الفجر ثم اضطجع على شقه الأيمن ينتظر بلالا المؤذن، فإذا جاء بلال وآذنه بالوقت المعتاد خرج عليه الصلاة والسلام وصلى بالناس، هذا يدل على أنه يستحب بعد سنة الفجر -إذا صلاها في البيت- يستحب له أن يضطجع على شقه الأيمن، أما إذا صلاها في المسجد فيصف مع الناس في صفوفهم، إنما يضطجع إذا صلاها في البيت كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام.
وفق الله الجميع.

الأسئلة:
س: إذا كان الرسول ﷺ يقوم في آخر الليل، فكيف يخرج قول أنس كان لا تشاء أن تراه من الليل مصليا؟
الشيخ: يعني تارة وتارة، يعني يختلف ما هو بدائم، قد يصلي من أول الليل مثل ما قالت عائشة: من كل الليل قد أوتر من أوله وأوسطه وآخره، وأنس في الغالب يطلع عليه في السفر، في الأسفار، ونساؤه أعلم به في البيوت، والصحابة أعلم به في السفر.
س: قول الرسول ﷺ: أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم يقصد به عاشوراء أو نفس الشهر؟
الشيخ: الشهر كله، وإذا ما صامه كله وصام العاشر والتاسع أو العاشر والحادي كله خير إن شاء الله.
س: المتنفل هل له أن يطيل السجود أكثر من إطالته للقيام؟
الشيخ: لا، تكون صلاته معتدلة يقول البراء: رمقت صلاة النبي ﷺ فوجدت قيامه فركوعه فاعتداله بعد الركوع فسجدته فجلسته بين السجدتين قريب من السواء، تكون صلاته معتدلة متقاربة .
س: هل ينكر على من فعل ذلك؟
الشيخ: الأمر واسع لا، ما في إنكار، الأمر واسع ما في تشديد.
س: بعضهم يقول النبي ﷺ أوتر بسبع وخمس وإحدى عشر وثلاثة عشر، ما يعارض أنه كان عمله ديمة؟
الشيخ: ديمة لكن حسب التيسير.
س: قنوت الوتر سنة؟
الشيخ: مستحب مستحب، علمه النبي ﷺ الحسن بن علي.
س: من تركه؟
الشيخ: لا حرج، مستحب.
س: في رمضان أحيانا يتركون القنوت وأحيانا يقنتون، ويقولون: النبي ﷺ كان يقنت يوم ويترك القنوت يوم؟
الشيخ: ما له أصل، لكنه مستحب، من تركه فلا بأس، الصحابة فعلوه تارة يقنتون وتارة لا يقنتون، والنبي ﷺ علم الحسن، ما قال افعله تارة وتارة، علمه القنوت كيف يقنت، فإذا داوم عليه فلا بأس، فعله جماعة من الصحابة، وإذا ترك بعض الأحيان فلا بأس، مستحب نافلة، وإذا تركه بعض الأحيان ليعلم الناس أنه ليس بواجب من باب التعليم.