321 من حديث: (كان رجل يقرأ سورة الكهف وعنده فرس مربوط بشطنين فتغشته سحابة..)

 
8/998- وعنِ البُراء بنِ عَازِبٍ رضيَ اللَّه عَنهما قَالَ: كَانَ رَجلٌ يَقْرَأُ سورةَ الكَهْفِ، وَعِنْدَه فَرسٌ مَربوطٌ بِشَطَنَيْنِ فَتَغَشَّته سَحَابَةٌ فَجَعَلَت تَدنو، وجعلَ فَرسُه ينْفِر مِنها. فَلَمَّا أَصبح أَتَى النَّبِيَّ ﷺم. فَذَكَرَ له ذلكَ فَقَالَ: تِلكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلتْ للقُرآنِ متفقٌ عَلَيْهِ.
9/999- وعن ابن مسعودٍ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: منْ قرأَ حرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فلَهُ حسنَةٌ، والحسنَةُ بِعشرِ أَمثَالِهَا لاَ أَقول: ألم حَرفٌ، وَلكِن: أَلِفٌ حرْفٌ، ولامٌ حرْفٌ، ومِيَمٌ حرْفٌ رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
10/1000- وعنِ ابنِ عباسٍ رضيَ اللَّه عنهما قال: قالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: إنَّ الَّذي لَيس في جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ القُرآنِ كالبيتِ الخَرِبِ رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
11/1001- وعن عبدِاللَّهِ بنِ عَمْرو بن العاصِ رضي اللَّه عَنهما عنِ النبيِّ ﷺ قَالَ: يُقَالُ لِصاحبِ الْقُرَآنِ: اقْرأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَما كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا، فَإنَّ منْزِلَتَكَ عِنْد آخِرِ آيةٍ تَقْرَؤُهَا رواه أَبو داود، والترْمذي وَقالَ: حديث حسن صحيح.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الأربعة كالتي قبلها في بيان فضل القرآن والحث على تلاوته والإكثار من تلاوته والعمل بما فيه، وهو كتاب فيه الهدى والنور، من استقام عليه فله السعادة، ومن حاد عنه فله الهلاك، وقد قال الله جل وعلا: قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ۝ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:123، 124]، وتقدم قوله ﷺ: ... ما لم تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله كتاب الله فيه الهدى والنور إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، وتقدم قوله ﷺ: اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه يوم القيامة، وتقدم أنه يؤتى بالقرآن، يدعى بالقرآن يوم القيامة بأهله العاملين به تقدمهم سورة البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما، وتقدم قوله ﷺ: خيركم من تعلم القرآن وعلمه من حديث عثمان: خيركم من تعلم القرآن وعلمه، وحديث عائشة: الماهر في القرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق فله أجران، وحديث أبي مالك الأشعري: والقرآن حجة لك أو عليك حجة لك إن عملت به، وعليك إن لم تعمل به، وفي حديث البراء بن عازب المذكور هنا أن إنسانا كان يقرأ القرآن يتهجد فنزلت عليه سحابة وجعلت تدنو، وكان عنده فرس مربوطة بشطنين -يعني بحبلين- وجعلت تنفر الفرس من هذه الغمامة، وسأل النبي ﷺ عن ذلك في الصباح فقال: تلك السكينة تنزلت لقراءتك السكينة علم على بعض الملائكة، وفي رواية أخرى أنه أسيد بن حضير هذا الذي يقرأ، وفي رواية أنه كان له ولده حوله خاف عليه من الفرس، المقصود أن الملائكة مثل ما أن الصالحين من الإنس بني آدم يرغبون في سماع القرآن، وهكذا الملائكة تستمع القرآن وترغب في سماعه ولاسيما من الصوت الحسن المستقيم، فينبغي للمؤمن أن يعنى بقراءة القرآن، أن يحسن صوته ويتخشع فيه، والمؤمن يحرص على أن ينصت ويقرأ ويستمع له، وقال: لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود يعني صوتا حسنا ... صوتا حسنا من أصوات آل داود، وقال أبو موسى: لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرا، يعني لزدته تحسينا في القراءة، وفي الحديث الصحيح: زينوا القرآن بأصواتكم ينبغي للقارئ أن يزين القرآن بصوته ويحسن صوته حتى يخشع ويخشع من يستمع له، وذاك بالترتيل وبيان الحروف وإعطائها حقها.
وهكذا حديث ابن مسعود يقول النبي ﷺ: من قرأ حرفا من القرآن فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرم ولام حرف وميم حرف إذا قلنا ألم ثلاثة أحرف بثلاثين حسنة، هكذا حم حرفين بعشرين حسنة .. هذا فضل عظيم في قراءة القرآن .. الإخلاص لله هذا خير عظيم .
كذلك حديث عبدالله بن عمرو أنه يقال لقارئ القرآن في الجنة: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها يعني أنه ترفع درجاته ويحصل له المنازل العالية حسب تلك الآية التي يقرأها، ويصعد درجات في الجنة، وهكذا الحديث .. يقول ﷺ: الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب هذا يدل على الشر، حال موحشة، وحديث آخر: مثل الذي لا يذكر الله والذي لا يذكره كمثل الحي والميت فهذا يدل على أنه ينبغي للمؤمن أن يحفظ ما تيسر ولو الفاتحة حتى لا يكون كالبيت الخرب، الفاتحة وما تيسر معها من السور يحفظها ويدرسها حتى يقرأ بها في الصلاة، ويقرأ بها في بيته، يدرسها يكررها ولو ما عنده إلا سور قليل، يحصل له بكل حرف عشر حسنات، هذا خير عظيم، إذا قرأ الفاتحة وكررها في بيته أو في أي مكان يحصل له هذا الخير العظيم، كل حرف بعشر حسنة، أو كان معه مع ذلك قل هو الله أحد، والمعوذتين، يقرأها ويكررها دائما إذا كان عنده زيادة تَبَّتْ و إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وغيرها يقرأها في صلاته، في دروسه، في بيته يكررها، في هذا خير عظيم، وفي هذا فضل عظيم. وفق الله الجميع.